ترجمة: علي زين العابدين برهام
مشاريع نقل المياه من بحر عمان أو الخليج العربي ليست جديدة، فقد طُرحت مثل هذه المشاريع تقريبا في جميع الحكومات، وكان هدفها الرئيسي هو الهضبة المركزية في إيران. لكن الآن يجري دراسة مشروع جديد لنقل المياه من بحر عمان بوجهة مختلفة.
حول هذا الموضوع نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الثلاثاء 4 فبراير/شباط 2025 حوارا مع علي أرواحي، الخبير البيئي، حول مشاريع نقل المياه لتأمين مياه الشرب، وتداعياتها وتأثيراتها على البيئة وعلى السكان. وفي ما يلي نص الحوار:
بعد منطقة السهول الوسطى في إيران، هل يُخطط الآن لنقل المياه من جنوب إيران إلى طهران؟
نعم، لكن مشاريع نقل المياه تُعتبر من بين أغلى المشاريع، وأثناء تنفيذها ونقل المياه، تُلحق أضرارا كبيرة بالأراضي والبيئة.
لكن يبدو أن المسؤولين مهتمون بمثل هذه المشاريع، أليس كذلك؟
نعم، لكن في الحالات السابقة، فشلت هذه المشاريع، حيث شهدنا فشل مشاريع نقل المياه في محافظات أصفهان، ويزد، وخوزستان، وكاشان.
لماذا فشلت هذه المشاريع؟
فشلت لأنها تسببت في عواقب مثل جفاف الأهوار والأنهار وتلوث المياه الصناعية، كما أن النتائج كانت تشمل الهجرة غير المتوازنة والتوترات الاجتماعية في مختلف المحافظات. كانت التوترات ناتجة عن أخذ مصادر المياه من الأشخاص الذين كان من الممكن أن تسهم هذه الموارد في التنمية المستدامة في مناطقهم الأصلية. للأسف، تجربتنا مع كل مشروع لنقل المياه أظهرت أن استهلاك المياه لم يتم تحسينه، بل على العكس، أدى إلى زيادة الطلب على المياه.
هل يجب أن نبتعد تماما عن فكرة نقل المياه؟
يُوصى بنقل المياه بين الأحواض المائية فقط في الحالات التي تكون فيها منطقة المقصد خالية تماما من المياه، لأن ذلك يؤدي إلى آثار سلبية مثل تآكل التربة، وتغير المناخ المحلي، وتقليل تغذية المياه الجوفية، وملوحة التربة، بالإضافة إلى التوترات الاجتماعية في منطقة المصدر. من جهة أخرى، يجب التأكد من أن الموارد المائية في منطقة المقصد تُستهلك بشكل أمثل.
كما أن هذه المشاريع يجب أن تكون مبررة اقتصاديًا، وأن تكون النظم البيئية في كل من المصدر والمقصد متوافقة قدر الإمكان. الآن، إذا نظرنا إلى نقل المياه من بحر عمان إلى مناطق مختلفة من البلاد، مثل الهضبة الوسطى، هل تلتزم هذه المشاريع بتلك الشروط؟
قال محافظ طهران إن استهلاك مياه الشرب في هذه المحافظة مرتفع بسبب الضغط السكاني، ويبدو أن الهدف من هذا النقل هو تأمين مياه الشرب. فهل تكون هذه المشاريع مبررة في هذه الحالة؟
إذا كانت المياه المنقولة ستُستخدم للشرب، فإن تكلفة المياه ستكون مرتفعة للغاية ولا تكون مبررة، حيث يُقدّر استهلاك المياه اليومي لكل فرد بحوالي 200 لتر، وتُقدّر التكلفة الأولية لتحلية كل متر مكعب من المياه بنحو 3 إلى 5 دولارات، وعند احتساب فرق سعر الدولار مقابل الريال، تصبح تكلفة كل متر مكعب من المياه المحلاة مرتفعة جدا.
ماذا إذا كان النقل مخصصا للاستخدام الزراعي أو الصناعي؟
إذا كان الهدف من نقل المياه هو استخدامها في الزراعة أو الصناعة، يبقى السؤال: ما هو المنتج الزراعي أو الصناعي الذي يمكن أن يُنتج ويُبرر نقل المياه بهذه الطريقة؟
في إيران، غالبا ما تؤدي مشاريع نقل المياه إلى زيادة الطلب، خصوصا في القطاع الزراعي، ثم في القطاع الصناعي، على سبيل المثال، نسمع عن مشاريع نقل المياه لحل مشكلة نهر زاينده، لكن يمكنكم أن تكونوا واثقين أن هذه المشاريع تُقدم تحت ذريعة الحفاظ على البيئة، ولكن في الواقع نجد أن الاستثمارات تُوجه نحو الزراعة والصناعة.
ومثال على ذلك، مشروع نقل مياه نهر زاب إلى حوض بحيرة أورميا، حيث كان من المفترض أن تُنقل هذه المياه لصالح البحيرة، لكن، كما سمعنا مؤخرا، للأسف، يتم صرف هذه المياه في مكان آخر.
ما هو الحل البديل لمشاريع نقل المياه؟
الحل لتعويض نقص المياه يكمن في تحسين استهلاكها. في إيران، يُستهلك سنويا نحو 105 مليار متر مكعب من المياه بشكل غير أمثل، حيث يُستهلك حوالي 90 مليار متر مكعب في الزراعة، و10 مليار متر مكعب في الشرب، وحوالي 5 مليار متر مكعب في الصناعة.
في القطاع الزراعي، يتراوح الفاقد من المياه بين 40% إلى 60%، وإذا تم تحسين استهلاك 20% فقط من المياه في الزراعة، يمكننا توفير حوالي 22.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا كما أن شبكات توزيع المياه في بلادنا تعاني من التهالك، حيث يُقدّر الفاقد منها بنحو 30% في المتوسط.
إذا قمنا بتحديث هذه الشبكات، يمكننا تخزين حوالي 3 مليار متر مكعب من المياه الصالحة للشرب. في ظل هذه الإمكانيات، وفي الوقت الذي نتحمل فيه هدر المياه بهذا الحجم، هل من المنطقي أن نركز على تحسين استهلاك المياه أم أن نتجه نحو مشاريع نقل المياه من بحر عمان أو الخليج العربي؟