كتبت: شروق السيد
أثار افتتاح “عيادة علاج عدم الالتزام بالحجاب” في العاصمة الإيرانية طهران، ضجة كبيرة بين المتخصصين في علم النفس.
وبينما تم تقديم فكرة العيادة رسميا كمبادرة لدعم النساء للالتزام بالحجاب عبر تقديم استشارات نفسية واجتماعية، يرى بعض الأكاديميين والمختصين في العلاج النفسي أن هذه المبادرة تمثل تدخلا غير مبرر في الحياة الشخصية للأفراد، محذرين من استغلال علم النفس في قضايا اجتماعية وثقافية.
قال المفكر الإيراني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، صادق زيبا كلام، في مقال له بصحيفة “سازندگي” يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مذكرا الرئيس الإيراني بوعوده الانتخابية التي لم تتحق: “السيد الرئيس، لقد وعدتم بشكل واضح بشأن دوريات الإرشاد والرقابة على الإنترنت بأن هذه الأمور سيتم إزالتها، لكننا نرى أن هذين الوعدين البسيطين والقابلين للتنفيذ لم يتحققا بعد”.
وحول “عيادة الحجاب” قال: “سمعنا عن افتتاح متجر تحت عنوان (عيادة لعلاج عدم الالتزام بالحجاب) هذه إهانة لنساء وفتيات بلدنا”.
وطالب بزشكيان بعدم الإنفاق من ميزانية الدولة على هذا المشروع قائلا: “يجب أن يكون للرئيس موقف واضح في هذا الأمر، ويجب أن لا يصمت، ويتدخل بصفته الرجل الثاني في قيادة الدولة، ويعلن أنه لا ينبغي إنفاق ذرة من الميزانية أو الأموال العامة على مثل هذه الأمور” .
وأضاف: “يجب أن لا تسمح الحكومة بأن يتم التعامل مع نساء إيران كمجرمات أو مرضى يجب إرسالهن إلى عيادات ومخيمات للعلاج”.
جمعيات علم النفس ترفض عيادة الحجاب
أصدرت جمعيات علم النفس والتحليل النفسي بيانا رافضا لافتتاح “عيادة علاج عدم الالتزام بالحجاب” في طهران، وجاء في البيان:
“إن خبر افتتاح (عيادة علاج عدم الالتزام بالحجاب) قد تسبب في تكدير الرأي العام، وأثار دهشة وقلق خبراء الصحة النفسية”.
وأضاف البيان: “إن مسألة ارتداء الحجاب أو عدمه ظاهرة اجتماعية وثقافية وليست مرضا يحتاج إلى علاج، ومثل هذه القرارات والإجراءات الضارة تضع الأفراد غير المرضى في مواجهة مع وصمة المرض، نأمل أن يتنبه المعنيون إلى حساسية الموضوع والأضرار الجسيمة الناتجة عن سوء استخدام علم النفس والطب النفسي، وأن يتوقفوا عن اتخاذ مثل هذه الإجراءات، وأن يمتنعوا عن تكرارها في المستقبل”، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “اطلاعات“.
كما كتب ساسان توكلي، الأخصائي النفسي، منشورا على حسابه بمنصة إكس، قال فيه: “مشاريع مثل (عيادة علاج عدم الالتزام بالحجاب) ليس لها أي صلة أو علاقة بعلم النفس، واستخدام مصطلحات مثل (عيادة)، (الإقلاع)، (العلاج) وما شابهها يُعتبر استغلالا و(استخداما استغلاليا لعلم النفس)، فعلم النفس العلمي والمهني لا يُصنف أسلوب حياة الأفراد واختياراتهم وتفضيلاتهم الشخصية كأمراض، فكيف به أن يسعى لعلاجها أو إقناعهم بالإقلاع عنها؟ والعواقب السلبية لمثل هذه المشاريع غير المدروسة كثيرة جدا”.
وأضاف: “إذا كان هناك فعلا مختصون وخبراء في علم النفس قد شاركوا في تصميم أو تنفيذ هذا المشروع، فيجب أن يتم تقديم هؤلاء الخبراء إلى المجتمع والمختصين، وأن يتم إعلان الأسس والمفاهيم التي استندوا إليها علنا وبشكل صريح، ليطلع عليها الجمهور ويقوم المتخصصون بنقدها” .
وتابع: “من الضروري أن تُعلن الجمعيات العلمية-المهنية والأقسام الجامعية لعلم النفس وغيرها من المجالات المتعلقة بالصحة النفسية عن موقفها العلمي والمِهني والأخلاقي من هذه الإجراءات، فمن البديهي أن أي تدخل أو إنشاء مركز في مجالات الصحة النفسية يتطلب الحصول على تصاريح من الجهات القانونية المعنية، وبالطبع، يجب الحصول على ترخيص من جهة مثل وزارة الصحة لإنشاء مراكز بهذا العنوان”.
وقال الدكتور وحيد شريعت، أستاذ الطب النفسي بجامعة العلوم الطبية في إيران، لصحيفة «اعتماد»:
“الاعتقاد بأنه يمكن تغيير أسلوب الحياة أو علاجه من خلال إنشاء عيادة اعتقاد خاطئ، ومن المؤكد أن هذه السلوكيات لن تحقق الأهداف التي صُممت من أجلها، ولكن الأخطر من ذلك هو أن هذا الاستغلال للغة والمصطلحات العلمية سيضر بالعلم نفسه، فلا يمكن استخدام الأسس العلمية بطريقة عشوائية واعتبار أي شيء كمرض أو اضطراب”.
وأضاف: “ما زال غير واضح بالنسبة لنا من سيعمل في هذه المراكز، ولكن ما نصر عليه هو أن الحديث عن العلاج يجب أن يستند إلى معايير علمية واضحة”.
وصرح الدكتور حميد بورشريفي، رئيس جمعية الطب النفسي الإيراني، في هذا الصدد: “مشاريع مثل عيادات الحجاب هي استغلال لعلم النفس، فحجاب الناس ليست له علاقة بمشاكل صحتهم النفسية، وهو اختيار فردي، وعندما يُستخدم مصطلح (علاج) في هذا السياق، فإن ذلك يعني استغلال علم النفس، وفعليا يثير القلق لدى الناس، لأنه يجعلهم يشككون في خدمات الصحة النفسية”، وذلك حسبما نقل عنه الموقع الإيراني “عصر إيران“.
عيادة “عدم الالتزام بالحجاب”
أعلنت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر یوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في إيران، عن افتتاح “مركز علاج عدم الالتزام بالحجاب” في العاصمة طهران، بهدف دعم النساء والفتيات للالتزام بالحجاب من خلال الاستشارات النفسية والاجتماعية.
وقالت مهري طالبي دارستاني، رئيسة إدارة شؤون المرأة والأسرة في هيئة الأمر بالمعروف بمحافظة طهران، يوم الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024: “في هذه العيادة، نسعى إلى تقديم الوعي والدعم الفكري للأفراد الذين قرروا الالتزام بالحجاب أو الذين يتعرضون لضغوط بسبب بيئات معينة، وذلك لمساعدتهم على تعزيز الدافع والثقة بالنفس لاختيار الحجاب بحرية”، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “عصر إيران“.