كتبت: لمياء شرف
تعمل كل من إيران وروسيا على تعزيز العلاقات بين البلدين، وذلك من خلال إبرام اتفاقية تعاون استراتيجي شامل تهدف إلى تعزيز الشراكة الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية.
ورجح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في تصريحات له، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، حسب صحيفة دنياى اقتصاد، أن توقع طهران وموسكو اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال زيارة ثنائية بين البلدين في يناير/كانون الثاني 2025.
وقد التقى الرئيس الإيراني مسعود بازشكيان مع نائب رئيس الوزراء الروسي فيتالي سافيليف، الذي وصل إلى طهران، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، لإجراء مشاورات حول متابعة جدول أعمال “اتفاقية التعاون الاستراتيجي الشامل” بين البلدين.
وتعد هذه المشاورات خطوة تحضيرية لزيارة مرتقبة للرئيس الإيراني إلى موسكو، خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع الاتفاق، حيث ترددت خلال الأشهر الماضية تقارير روسية تشير إلى إحراز تقدم في صياغة الاتفاق.
في يوليو/تموز 2024، صرحت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، بأن موسكو تعمل على “معاهدة كبيرة” مع إيران، في إشارة إلى التعاون الثنائي الشامل.
كما أكدت الخارجية الروسية في يناير/كانون الثاني 2024 أن العمل على معاهدة حكومية دولية جديدة يعكس مستوى غير مسبوق من تعميق العلاقات الإيرانية الروسية، وقد دخلت هذه المعاهدة مراحلها النهائية.
وفي سياق الاتفاقية، أكد بزشكيان، خلال لقائه مع نائب رئيس الوزراء الروسي، أن “تنفيذ مشروع “استارا – رشت” السككي يأتي ضمن أولويات إيران.
وشدد على أن إيران ملتزمة بنصوص الاتفاق، وستبدأ الإجراءات الموكلة إليها في الوقت المحدد، بينما يستطيع الجانب الروسي أن يباشر على وجه السرعة إجراءات مسح الطرق وتمهيد الأرضيات لتنفيذ هذا المشروع.
من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء الروسي أن انضمام إيران كعضو مراقب في الاتحاد الأوراسي الاقتصادي سيفتح أمامها أسواق الدول الأعضاء الكبيرة في هذا الاتحاد.
وأشار إلى أن الحكومة الروسية تعمل على تنفيذ اتفاقية خط سكك الحديد (آستارا – رشت) ضمن ممر شمال – جنوب، مؤكداً “تأمين الاعتبارات اللازمة من الجانب الروسي”، ومطالباً طهران بتنفيذ هذه الاتفاقية.
وفي سياق متصل، قال المحلل السياسي الإيراني محمد صالح صدقيان، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، إن الاتفاقية التي عمرها 25 عاماً كان من المفترض أن تُوقع في عهد الرئيس الإيراني الراحل ابراهيم رئيسي، لكنها تأجلت.
ويُنتظر أن تكون الاتفاقية الجديدة امتداداً لاتفاقية سابقة مماثلة، لكنها أخذت بنظر الاعتبار الظروف المستجدة واحتياجات البلدين المشتركة في المجالات المختلفة، بما في ذلك الاقتصادية والعسكرية والأمنية.
تاريخ الاتفاقية
يعود تاريخ التعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا إلى عام 2001، حين تم توقيع اتفاقية استراتيجية لمدة 20 عاماً، والتي جرى تمديدها تلقائياً لخمس سنوات إضافية في عام 2020، إلى أن بدأ الطرفان منذ العام نفسه تحضير وثيقة جديدة لتحل محل الاتفاق السابق.
في أواخر يناير/كانون الثاني 2021، وبعد زيارة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي إلى موسكو، تم وضع مسودة اتفاق شامل للتعاون الاستراتيجي على جدول الأعمال بشكل جدي.
ويذكر أن البلدين بدآ إعداد الاتفاق في أعقاب مباحثات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني آنذاك إبراهيم رئيسي، على هامش قمة “منظمة شنغهاي للتعاون” في سمرقند في سبتمبر/أيلول 2022.
وأشار كاظم جلالي، سفير إيران في روسيا، الذي التقى في 24 ديسمبر/كانون الأول 2024 مع المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، حسب صحيفة إرنا، إلى أن العلاقات بين البلدين شهدت نقطة تحول في العلاقات، حيث زاد التعاون وتوسعت الأنشطة المشتركة في كافة المجالات، مستشهداً بمجموعة البريكس.
وأوضح السفير الإيراني لدى موسكو أن العلاقات بين البلدين تتوسع في مجالات التعاون الإعلامي، وتطوير استراتيجية إعلامية، وخارطة طريق للتعامل مع الهجمات الدعائية والإعلانات الإعلامية السلبية.
ومن جانبها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية توسيع التعاون بين إيران وروسيا، واصفة العلاقات مع إيران بأنها مهمة بالنسبة لروسيا.
أعد الجانب الإيراني مسودة الاتفاق، إلا أنها تطلبت المزيد من الوقت لإجراء المحادثات والتفاهمات بين البلدين.
وأعرب جلالي، في تصريحات سابقة، عن أمله في أن ينهي الجانب الروسي عمله على الوثيقة لتحقيق نتائج ملموسة في الوقت المناسب.
وقد سبق أن أكد نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، عدم وجود أي عوائق سياسية أمام توقيع المعاهدة حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران، مشيراً إلى أن الاتفاق يعتبر فرصة جيدة للبلدين، وأن كل شيء متوقف على سرعة إتمام الإجراءات اللازمة.
أسباب تأخير الاتفاق
ويرجع تأخير إبرام الاتفاق بين طهران وموسكو إلى وفاة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، حيث صرح السفير الإيراني لدى موسكو خلال مقابلة مع وكالة “نوفوستي” الروسية كاظم جلالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بأنه تم تأجيل التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي الشامل بين إيران وروسيا، بسبب وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي.
وأوضح جلالي أن “الاتفاق كان جاهزاً بالفعل، لكن للأسف، تم تأجيل توقيعه بسبب وفاة الرئيس رئيسي، وبعد ذلك تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة بزشكيان”.
وفي وقت سابق، قال النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، إن إيران تعتزم جدياً تعزيز العلاقات مع روسيا، مؤكداً أن التعاون مع روسيا هو إحدى أولويات السياسة الخارجية الإيرانية.
بنود الاتفاقية
نشر معهد جيمس تاون للأبحاث، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، مذكرة تضم البنود المتوقعة للاتفاق، حيث إن المحتويات الدقيقة لما ورد في هذا العقد غير معروفة حتى الآن، ولكن مقارنة بالمعاهدة السابقة التي وقعها البلدان قبل أكثر من عشرين عاماً، يمكن القول إن هذه الاتفاقية ستشمل على الأرجح علاقات سياسية واقتصادية وثقافية أوسع بكثير بالإضافة للتعاون العسكري والأمني.
تهدف الاتفاقية الجديدة إلى توسيع التعاون في مجالات التجارة والإعلام والتعليم واستكشاف الفضاء والتبادل الثقافي ونظام الدفع المشترك.
كما تحرص موسكو وطهران على حل النزاعات المتعلقة بإنشاء خطوط أنابيب الغاز الرئيسية في إيران، وتنفيذ مشاريع الغاز الطبيعي المسال وعمليات المبادلة التي تشمل الغاز الطبيعي والمنتجات النفطية.
ويعتبر تحسين البنية التحتية من بين القضايا الأخرى التي تمت مناقشتها بين البلدين، وقد حاولت موسكو وطهران توسيع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، حيث يربط هذا الممر، الذي يقع على طول بحر قزوين، روسيا بالموانئ الجنوبية لإيران، ويوفر الوصول إلى أسواق المحيط الهندي وجنوب آسيا.