ترجمة: نوريهان محمد البهي
في عالم تتصارع فيه القوى الكبرى على موارد الطاقة، تبرز مشاريع خطوط أنابيب الغاز كأدوات استراتيجية تعيد تشكيل التحالفات وتحدد ميزان القوى، بين خطي أنابيب “تاپي” و”آي پي آي” ، کما تسعى دول جنوب ووسط آسيا إلى تعزيز أمنها للطاقة، لكن التحديات الأمنية والسياسية تظل عقبات كبرى في طريق تحقيق هذه الأحلام.. فمن سيفوز في معركة الطاقة هذه؟
أهمية نقل الغاز في الجيوسياسية العالمية وتأثير مشاريع خطوط الأنابيب
نشرت صحيفة فرهيختكان 11 يناير/كانون الثاني 2025 تقريراً حول الدور المحوري لنقل الغاز الطبيعي في الجيوسياسية العالمية، حيث صرح سعيد سيفي، الخبير والمحلل في القضايا الاستراتيجية، في حديثه للصحيفة قائلاً: إن نقل الغاز الطبيعي يلعب دوراً محورياً في الجيوسياسية العالمية، خاصة في منطقة جنوب ووسط آسيا، حيث يُعتبر أحد المحاور الرئيسية لتحولات الطاقة في العقود الأخيرة.
وأوضح التقرير أن مشاريع خطوط أنابيب الغاز العابرة للحدود، مثل “تاپي” و”آيبيآي”، لا تهدف فقط إلى تلبية احتياجات الطاقة للدول المستهدفة، بل تعمل أيضاً كأدوات لتعزيز النفوذ الجيوسياسي.
وأشار سعيد سيفي إلى أن إيران، بوصفها واحدة من أكبر دول العالم امتلاكاً لاحتياطيات الغاز الطبيعي، تحتل مكانة استراتيجية في هذه المنافسة. ومع ذلك، فإن هذه المشاريع تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك العقبات الأمنية والإقليمية، التحديات المالية، والعقوبات الدولية، والضغوط الأمريكية.
وأضاف: رغم هذه التحديات، فإن الحاجة المتزايدة للطاقة والعوائد المالية الكبيرة تجعل الدول المعنية تسعى جاهدة لتفعيل هذه المشاريع.
وفقاً لتحليل سيفي، فإن الطاقة تُعتبر مورداً استراتيجياً يلعب دوراً حاسماً في توزيع القوى العالمية. وأوضح أن خطوط نقل الطاقة، مثل خطوط الأنابيب، تعزز القدرة التفاوضية للدول وتقوي مكانتها في النظام الدولي.
وأضاف أن هذه الخطوط ليست مجرد بنى تحتية اقتصادية، بل هي أدوات تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية وتعزز قوة الدول المصدرة والمستفيدة.
وفي ظل التطورات الإقليمية والدولية، أشار سيفي إلى أن مشروع “تاپي” يواجه تحديات أمنية في أفغانستان، بالإضافة إلى التوترات بين الهند وباكستان.
وفي المقابل، يواجه مشروع “آيبيآي” عقبات مثل العقوبات الدولية على إيران والضغوط الأمريكية على الهند.
وعلق قائلاً: رغم هذه التحديات، فإن العوائد الاقتصادية والاستراتيجية تجعل تنفيذ هذه المشاريع أمراً حيوياً للدول المشاركة.
وأضاف أن انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون هذه الخطوة قد تفتح آفاقاً جديدة للدبلوماسية الإيرانية، وتعزز فرص التعاون في مجال الطاقة مع الدول الأعضاء، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة للغاز الطبيعي عالمياً.
كما أكد سيفي أن تفعيل خط “آى بي آى” سيعود بفوائد جيوسياسية واقتصادية كبيرة على إيران.
وأشار إلى أن تحقيق هذا المشروع سيعزز مكانة إيران الإقليمية، ويحسن علاقاتها مع جيرانها، خاصة في ظل التحديات الدولية الحالية.
كما أشارت الصحيفة استناداً على تصريحات سيفي الخبير والمحلل في القضايا الاستراتيجية، إلى أن تنفيذ مشروعي “تابي” و”آي بي آي” يواجه تحديات وفرصاً في ظل التطورات الإقليمية والدولية. انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي قد يعزز دبلوماسيتها وقوتها الإقليمية، ويتيح فرصاً لقطاع الطاقة الإيراني.

خط أنابيب “تاپي”.. مشروع طموح يواجه تحديات
وفي هذا الصدد أشارت الصحيفة في تقريرها إلى مشروع خط أنابيب الغاز تاپي هو خط الأنابيب (الذي يربط بين تركمانستان – أفغانستان – باكستان – الهند).
وأكدت الصحيفة أن هذا المشروع يعد واحدة من أبرز المبادرات الطموحة في مجال نقل الطاقة على مستوى العالم. يهدف المشروع إلى نقل 33 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً من حقل “غالكينيش” الغازي في تركمانستان، مروراً بأفغانستان، وصولاً إلى باكستان والهند.
وأشارت الصحيفة إلى أن خط الأنابيب، الذي يبلغ طوله 1814 كيلومتراً، يواجه تحديات جسيمة، خاصة في أفغانستان، التي تعاني من عدم استقرار سياسي وأمني منذ عقود.
وأضافت أن فكرة المشروع، كانت منذ عام 1997 أثناء حكم طالبان، والذي بدأ بناؤه في 15 ديسمبر/كانون الأول 2015، وكان من المقرر أن يكتمل بحلول عام 2019، لكنه تأخر بسبب العقبات الأمنية والمالية.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات بعض الخبراء بأن خط الأنابيب تاپي ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل هو أيضاً أداة جيوسياسية يمكن أن تعيد تشكيل تحالفات الطاقة في المنطقة. ومع ذلك، فإن نجاحه يتطلب تعاوناً إقليمياً ودولياً لتجاوز التحديات الأمنية والسياسية.
خط أنابيب “تاپي”.. التحديات الأمنية والمالية
تطرقت الصحيفة إلى الموانع والمشكلات التي يواجهها المشروع خاصة التحديات الأمنية والمالية، مشيرة إلى المشاكل الأمنية وهي أن هناك مناطق أفغانية مثل هلمند وقندهار، الواقعة على مسار الخط، تشهد نشاطاً مكثفاً لجماعات مسلحة مثل طالبان.
وعلى الرغم من إعلان طالبان دعمها للمشروع عقب سيطرتها على الحكم، فإن الانقسامات الداخلية وتهديدات الجماعات المعارضة كداعش تبقى مصدراً دائماً للقلق.
وأضافت الصحيفة أنه في عام 2018، شهد المشروع هجمات استهدفت العمالة والبنية التحتية في جنوب أفغانستان، مما يزيد من تردد المستثمرين.
كما أشارت الصحيفة إلى الموانع المالية التي تعيق تنفيذ المشروع، موضحة تقديرات الخبراء لتكلفة المشروع التي تصل إلى نحو 10 مليارات دولار، كما تواجه الدول المشاركة، لا سيما أفغانستان وباكستان، صعوبات اقتصادية تجعل تمويل حصصها أمراً معقداً.
وأضافت الصحيفة أن بنك التنمية الآسيوي قد ربط دعمه لتحسين الأوضاع الأمنية في أفغانستان، بينما تعاني باكستان من أزمات مالية تدفعها إلى الاعتماد بشكل أكبر على واردات الغاز المسال من قطر ودول أخرى.
التوترات الهندية الباكستانية
أبرزت الصحيفة في تقريرها حول مشروع خط أنابيب الغاز تاپی، أن التوترات السياسية المزمنة بين الهند وباكستان تُعد واحدة من أبرز العقبات التي تعترض تنفيذ المشروع.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التوترات لم تؤدِّ فقط إلى تقليل التعاون الفني بين البلدين، بل جعلت أيضاً من الممكن استخدام المشروع كأداة للضغط السياسي.
وأشارت الصحيفة وفقا لمصادرها إلى أن بعض المسؤولين الهنود عارضوا المشروع بسبب مخاوفهم من أن تستخدم باكستان خط الأنابيب كأداة لتعزيز نفوذها الإقليمي.
وأضافت الصحيفة أن هذه المخاوف دفعت بعض المسؤولين الهنود إلى التغيب عن اجتماعات مهمة متعلقة بالمشروع، رغم الاتفاقيات المسبقة بين الدول المشارك.
“تاپي” وتحدي الأمن.. وعود طالبان تحت المجهر
وفي هذا السياق، حول مشروع خط أنابيب الغاز ” تاپی”، أشارت الصحيفة إلى أن طالبان، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بحكومتها في أفغانستان، تُظهر دعماً قوياً للمشروع بسبب الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها منه.
وأضافت الصحيفة أن حركة طالبان قد وعدت بتأمين الأمن اللازم لتنفيذ المشروع، لكن هذا الوعد يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى قدرة طالبان على الوفاء به.
وأوضحت الصحيفة أن الوضع الأمني في أفغانستان، الذي يشهد تقلبات كبيرة، يصعب التنبؤ بمستقبل المشروع.
وعلى الرغم من محاولات طالبان تنفيذ المشروع، فإن الأمن المستقر الذي يحتاجه لا يبدو قريباً في ظل الظروف الحالية.
كما أوضحت الصحيفة أن تاريخ أفغانستان الحافل بالنزاعات وتهديدات الجماعات المعارضة يثير شكوكاً حول قدرة طالبان على تأمين المشروع.
إضافة إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن حكومة طالبان تعاني من ضعف هيكلي، مما يعقّد قدرتها على إدارة المشاريع الكبرى مثل “تابي”، وتزيد الشكوك في قدرة طالبان على جذب الاستثمارات أو ضمان استقرار داخلي كافٍ؛ كما أن غياب الشفافية في اتخاذ القرارات يعرقل تقييم قدرتها على تنفيذ المشروع.
وبحسب ما ذكرته الصحيفة، يعتمد نجاح “تابي” على دعم الدول الإقليمية والدولية، لكن المصالح المتباينة قد تعيق هذا الدعم، كما أن طالبان، التي تحتاج للاستثمار الخارجي لتنفيذ المشروع، تواجه تحديات بسبب الوضع السياسي الراهن.
وأشارت الصحيفة إلى أن طالبان تفتقر إلى الخبرة في إدارة مشاريع ضخمة مثل “تابي”، مما يضيف إلى تعقيد الموقف. وبالتالي، تظل المخاطر المرتبطة بالمشروع عالية جداً، مما يجعل تنفيذ المشروع في المستقبل القريب أمراً صعباً.
لذا، فإن مشروع “تابي” يبقى محاطاً بتحديات أمنية وسياسية، مما يجعل تفاؤل تنفيذه في المستقبل القريب أمراً بعيداً.
خط أنابيب “آى بي آى”.. مشروع طموح يواجه عقبات سياسية
وفقاً لتقرير الصحيفة، فإن خط أنابيب “آي پي آي” بين إيران وباكستان والهند، الذي يهدف إلى نقل الغاز من حقل بارس الجنوبي إلى باكستان والهند، يُعتبر أحد أكثر المشاريع الاقتصادية جدوى في المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن خط الأنابيب، الذي يبلغ طوله حوالي 2700 كيلومتر، يُعرف أيضاً باسم “خط أنابيب السلام”، نظراً لدوره المحتمل في تعزيز التعاون الإقليمي. ومن المتوقع أن يوفر المشروع مصدر دخل مستدام لإيران، بالإضافة إلى تلبية احتياجات الطاقة في باكستان والهند.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من المزايا الفنية والاقتصادية الكبيرة التي يتمتع بها المشروع، فإنه ظل متوقفاً لسنوات عديدة بسبب العقبات السياسية والضغوط الدولية.
وأضافت الصحيفة وفقاً لمصادرها أن العقوبات الدولية على إيران والعلاقات المتوترة بين الهند وباكستان هي أبرز التحديات التي تعيق تنفيذ المشروع، وأن نجاح مشروع “آى بي آى” يمكن أن يعود بفوائد جيوسياسية واقتصادية كبيرة على إيران، لكنه يتطلب تعاوناً إقليمياً ودولياً لتجاوز العقبات الحالية.
خط أنابيب “آى بي آى”.. العقوبات الأمريكية والمنافسة الإقليمية
وفي السياق حول مشروع خط أنابيب الغاز “آى پی آى”، أشارت الصحيفة إلى أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران تُعد واحدة من أبرز العقبات التي تعيق تنفيذ المشروع.
وأوضحت الصحيفة أن هذه العقوبات لم تمنع فقط نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى إيران، بل أدت أيضاً إلى تردد دول أخرى، مثل باكستان، في الاستثمار في المشروع.
وبحسب ما ذكرته الصحيفة وفقاً لمصادر، فإن باكستان ظلت تحت الضغوط الأمريكية منذ عام 2013، واضطرت إلى تقليل مشاركتها في المشروع، حتى أنها واجهت تهديدات بفرض عقوبات أمريكية إذا استمرت في التعاون مع إيران.
ومن جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى أن المنافسة مع الغاز الطبيعي المسال (LNG) قد ساهمت في تقليص اهتمام باكستان والهند بمشروع “آى پيآى”، فقد تمكنت قطر والولايات المتحدة، باعتبارهما من الموردين الرئيسيين للغاز المسال، من جذب أسواق هذين البلدين من خلال عروض تعاقدية مغرية.
وعلى سبيل المثال، وقعت الهند في عام 2019 اتفاقاً طويل الأمد مع قطر لاستيراد الغاز الطبيعي المسال بقيمة مليارات الدولارات.
وفي إطار تحليلها للأوضاع، أوضحت الصحيفة أن هذه التحديات يمكن فهمها من خلال نظرية الألعاب (Game Theory)، التي تدرس القرارات الاستراتيجية بين عدة أطراف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهند وباكستان، رغم الفوائد الاقتصادية المحتملة من التعاون في المشروع، تواجهان تحديات تاريخية واستراتيجية، مثل انعدام الثقة والمخاوف من انقطاع الإمدادات.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة تحاول من خلال تهديدات العقوبات وزيادة التكاليف على باكستان، تغيير قرارها بشأن المشاركة في المشروع.
وأكدت الصحيفة أن مشروع “آى پي آى” يواجه تحديات جسيمة، لكنه يظل مشروعاً استراتيجياً يمكن أن يعود بفوائد اقتصادية كبيرة على الدول المشاركة إذا تم تجاوز العقبات السياسية والأمنية.
منافسة “آى پي آد” و”تاپي”.. من سيفوز في معركة الطاقة؟
أشارت الصحيفة وفقاً لتقريرها حول مشروعي خطوط أنابيب الغاز “آی پي آی” و “تاپي”، إلى أن كلا المشروعين يواجه تحديات فريدة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أي منهما لديه فرص أفضل للتنفيذ في ظل الظروف الحالية؟
وأوضحت الصحيفة أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب مقارنة بين المشروعين من حيث الأمن، والخلافات السياسية، والبنية التحتية.
وأشارت الصحيفة، أولاً، إلى الناحية الأمنية، حيث إن مسار “آي پي آى” يمر عبر مناطق أكثر أماناً مقارنة بمسار “تاپي”، الذي يعبر أفغانستان، وهي واحدة من أكثر المناطق اضطراباً في العالم.
وأضافت الصحيفة أن مسار “آى پي آى” من إيران إلى بلوشستان في باكستان، رغم وجود تحديات أمنية، إلا أنه يمكن إدارتها بسهولة أكبر مقارنة بأفغانستان.
ومن حيث الخلافات السياسية، أوضحت الصحيفة أن كلا المشروعين يتأثر بالتوترات بين الهند وباكستان، لكن “آي پي آى” يتمتع بفرص أكبر للتنفيذ بسبب اعتماده الأقل على التعاون بين الهند وباكستان في المراحل الأولية.
ومن حيث البنية التحتية، أبرزت الصحيفة أن إيران قد أكملت جزءاً كبيراً من البنية التحتية المطلوبة لخط “آى پي آى” داخل أراضيها، مما يقلل من التكاليف الإضافية على الدول الشريكة ويسرع من تنفيذ المشروع.
وأكدت الصحيفة أن “آی پي آی” يتمتع بفرص أفضل للتنفيذ مقارنة ب “تاپي” في الوقت الحالي، نظراً لظروفه الأمنية الأكثر استقراراً، واعتماده الأقل على التعاون بين الهند وباكستان، وتقدمه في البنية التحتية.
إيران وباكستان.. من الماضي إلى الحاضر
وفي سیاق العلاقات بين إيران وباكستان، أشارت الصحيفة إلى أن مشروع خط أنابيب الغاز “آى پی آى” يتمتع بفرص أفضل للتنفيذ مقارنة بمشروع “تاپي”، مما يجعل العلاقات بين إيران وباكستان أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وأوضحت الصحيفة أن البلدين، اللذين يتشاركان روابط ثقافية ودينية عميقة، لديهما تاريخ طويل من التعاون الثنائي.
وأضافت أن الحدود المشتركة الطويلة بينهما في منطقة مكران توفر إمكانيات هائلة لتعزيز التعاون الاقتصادي.
وأضافت الصحيفة أن المشاريع المشتركة مثل خط أنابيب السلام، والاتصالات البحرية في خليج جوادر، والعضوية المشتركة في منظمة إكو ومنظمة شانغهاي للتعاون، هي دليل على قوة هذه العلاقات.
وأشارت الصحيفة إلى أن سياسة البلدين الخارجية تركز بشكل متزايد على أهمية الجوار، ونقلت عن قائد الثورة الإسلامية في إيران تأكيده على “تفضيل الجار على البعيد”، كما أبرزت أن الرئيس الإيراني الحالي والسابق أكدا أهمية الجوار في سياسة إيران الخارجية.
وأوضحت الصحيفة أن باكستان تسعى وفقاً لاستراتيجية “الجوار السلمي” التي اقترحها معهد الدراسات الاستراتيجية في إسلام أباد عام 2020، إلى تعزيز التعاون مع إيران في مجالات مختلفة.
وأضافت الصحيفة أن باكستان، نظراً لعدد سكانها الكبير واحتياجاتها المتزايدة للطاقة، تُعد شريكاً اقتصادياً مثالياً لإيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن كلا البلدين، رغم التحديات في المناطق الحدودية، يسعيان إلى تحويل الحدود المشتركة إلى منطقة مزدهرة من خلال زيادة التجارة والاستثمار والتعاون في مجال الطاقة.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه في نهاية زيارة الرئيس الإيراني الراحل إلى باكستان في مايو/أيار الماضي، أصدر البلدان بياناً مشتركاً من 28 مادة يؤكد ضرورة تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي وتحويل الحدود المشتركة من “حدود سلام” إلى “حدود ازدهار”.
وأكدت الصحيفة أن العلاقات بين إيران وباكستان تقوم على أسس ثقافية واقتصادية قوية، وأن هناك إمكانيات كبيرة لتعزيز التعاون بين البلدين، خاصة مع انضمام إيران الدائم إلى منظمة شانغهاي للتعاون، مما يوفر منصة جديدة وقوية للتعاون المشترك.
كما أكدت الصحيفة أن المستقبل يبدو مشرقاً للعلاقات بين إيران وباكستان، خاصة مع الجهود المشتركة لتعزيز التعاون وزيادة التفاعل بين البلدين.
منظمة شنغهاي.. منصة جديدة لتحقيق مشروع “آى پي آى”
وفي هذا الصدد، أوضحت الصحيفة أن إيران انضمت مؤخراً إلى منظمة شنغهاي للتعاون كعضو دائم، مما يجعلها واحدة من أكبر وأكثر المنظمات الإقليمية الدولية اكتظاظاً بالسكان.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت هناك فرصة مهمة لإيران للاستفادة من إمكانات هذه المنظمة في مجال الطاقة، وهذا قد يكون أحد الأسباب وراء اقتراح إيران إنشاء مركز طاقة بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي، وهو المقترح الذي تمت مناقشته أثناء زيارة عراقجي ولقائه مع الأمين العام الجديد للمنظمة.
لكن السؤال هنا هو: كيف يمكن لعضوية إيران في منظمة شنغهاي أن تساهم في تعزيز مشروع خط الأنابيب آي پی آي؟
تعزيز العلاقات مع باكستان
أوضحت الصحيفة أن باكستان كعضو آخر في منظمة شنغهاي، يمكن لإيران استخدام هذه المنظمة لزيادة التفاعل السياسي والاقتصادي مع باكستان وتقليل تأثير الضغوط والعقوبات الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أنه يمكن أن تساعد الاجتماعات المشتركة ضمن إطار شنغهاي في تخفيف الضغوط الأمريكية وتشجيع باكستان على الاستمرار في التعاون في مشروع “آي پي آي”.
دعم الصين
ووفقا لتقرير الصحيفة أوضحت أن كون الصين إحدى القوى الرئيسية في منظمة شنغهاي، فإنها تعلب دوراً مهماً في دعم إيران، خاصة أنها سترأس المنظمة في عام 2025.
وأفادت الصحيفة بأنه يمكن للصين أن تساهم في تأمين تمويل المشروع، وتوفير التكنولوجيا اللازمة، وتشجيع باكستان على دعم ومتابعة المشروع.
وبالنظر إلى حاجة الصين إلى مصادر طاقة مستدامة، فقد تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في دفع مشروع آي پي آي للأمام.
الفوائد الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية لمشروع آي.بي.آي
وأشارت الصحيفة إلى أن تنفيذ خط أنابيب آي پی آي، المعروف أيضاً بخط أنابيب السلام، یجلب فوائد متعددة من الناحية الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية.
فمن الناحية الاقتصادية، أوضحت الصحيفة أن تنفيذ المشروع سيعزز عائدات إيران من صادرات الغاز، ويوفر طاقة أرخص لباكستان والهند، ويقوي البنية التحتية الاقتصادية في المنطقة.
كما أوضحت الصحيفة، من الناحية السياسية، سيساهم المشروع في تعزيز التعاون الإقليمي، وتقليل التوترات بين إيران وباكستان، وتعزيز علاقات إيران مع دول جنوب آسيا.
وأضافت الصحيفة أن التعاون بين إيران وباكستان والهند في مجال الطاقة يعزز الاعتماد المتبادل الاقتصادي، مما يقلل من التوترات السياسية، وهو ما تؤكده نظرية الاعتماد المتبادل المعقد.
أما من الناحية الجيوسياسية، فقد أوضحت الصحيفة أن تنفيذ المشروع سيسهم في تعزيز القوة الإقليمية لإيران وزيادة نفوذها في سوق الطاقة العالمية، مع تقليل اعتماد الدول المجاورة على مصادر الطاقة البديلة.
الدروس المستفادة من المشاريع العالمية في تنفيذ خطوط الأنابيب الدولية
أشارت الصحيفة إلى أن مشاريع خطوط الأنابيب الدولية تواجه العديد من التحديات، وقد تمت الاستفادة من التجارب العالمية لتحديد الحلول الممكنة لهذه التحديات، ومن الأمثلة على ذلك:
- خط أنابيب بحر قزوين: هذا المشروع، الذي يهدف إلى نقل الغاز من تركمانستان إلى أوروبا عبر بحر قزوين، واجه مشاكل قانونية وجيوسياسية كبيرة مع دول مثل روسيا وإيران.
- خط أنابيب سخالين-الكويت: هذا المشروع، الذي كان يهدف إلى نقل الغاز من روسيا إلى الكويت، تم إيقافه بسبب خلافات سياسية واقتصادية.
- خط أنابيب عبر الصحراء الكبرى: يهدف هذا المشروع لنقل الغاز من نيجيريا إلى الجزائر ثم إلى أوروبا، ولكنه لم يتم تنفيذه بسبب مشكلات أمنية واقتصادية.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه يمكن الإستفادة من خلال تعزيز الأمن الإقليمي في نجاح المشاريع، والدور الحاسم للدبلوماسية الاقتصادية عبر المنظمات الإقليمية مثل شنغهاي وأهمية المشاركة متعددة الأطراف في تمويل المشاريع، وضرورة الاهتمام بالجوانب البيئية والشعبية لتسريع التنفيذ.
جدير بالذكر، إن مشروع خط أنابيب “آي پي آي”، على الرغم من التحديات التي يواجهها، يعد فرصة استراتيجية مهمة لإيران، باستخدام الدبلوماسية متعددة الأطراف والاستفادة من إمكانات المنظمات الإقليمية والدولية، يجب على المسؤولين الإيرانيين أن يعطوا الأولوية لهذا المشروع كجزء من استراتيجيتهم الكبرى لتعزيز النفوذ الإقليمي والعالمي في مجالات الطاقة.