حوار مصطفى أفضل زادة، مراسل زاد إيران في طهران
ترجمة: علي زين العابدين برهام
عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، وجلس على سدة حكم أقوى دولة في العالم، وأمامه ملفات وقضايا كثيرة ينبغي له التعامل معها، ومن أبرزها إيران. فما مستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية؟ وهل اختلف ترامب عن السابق؟ وهل سنشهد حربا ضد إيران؟ أم سنشهد مفاوضات بنّاءة؟
أجرى موقع زاد إيران حوارا مع كوروش أحمدي، الدبلوماسي الإيراني السابق في الولايات المتحدة، للإجابة على هذه الأسئلة، وفي ما يلي نص الحوار:
دخل دونالد ترامب البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية. برأيك، كم سيكون ترامب اليوم مختلفا عن ترامب قبل أربع سنوات؟
لقد اكتسب المزيد من الخبرة، لديه خبرة فترة ولايته الأولى، وهذا يُعتبر إنجازا شخصيا مهما. الاختلاف الآخر هو أن الولايات المتحدة في هذه الفترة تتمتع بموقع أقوى مقارنة بالفترة السابقة. الأغلبية في كلا المجلسين، الكونغرس ومجلس الشيوخ، جمهورية. كما أن أغلبية حكام الولايات جمهوريون، كل هذه العوامل تمنحه الفرصة ليكون رئيسا أقوى هذه المرة مقارنة بالفترة السابقة، وتمكنه من التعامل بسهولة أكبر مع القضايا الداخلية والخارجية.
هناك تحليلات مختلفة بشأن رغبة ترامب في التفاوض مع إيران. ومن الملاحظ أن ترامب، على الأقل ظاهريا، وفقا للتصريحات التي أدلى بها والفريق الذي عيّنه، لا يظهر رغبة في التفاوض مع إيران. فما هو برنامج ترامب تجاه إيران؟
ترامب لديه رغبة في التفاوض مع إيران، ويعتبر التفاوض مع إيران جزءا من خططه، وكان يسعى في فترة رئاسته السابقة للتفاوض مع إيران أيضا. قد يكون المحيطون بترامب وأعضاء حكومته من المتشددين ضد التفاوض مع إيران، كما كان الحال في فترة ولايته الأولى حيث كان شخصيات مثل بومبيو وجون بولتون، لكن ترامب كان مصرا على التفاوض، وسعى من خلال قنوات متعددة، مثل اليابان ومن خلال الرئيس الفرنسي ماكرون، للاتصال بإيران.
هذه المرة، أعتقد أن ترامب سيسعى للتفاوض، حتى إذا كان محيطه لا يوافق على ذلك. ترامب شخص يتميز بأنه لا يتأثر بشكل كبير بمحيطه ولن يكون كذلك، وإذا عارض محيطه التفاوض، فسيظل ترامب يسعى لتحقيق ذلك. لكن المشكلة هي أن ترامب قد يشترط هذه المرة ظروفا أصعب، بمعنى أنه قد يرغب في فرض مطالب إضافية على إيران في المفاوضات.
في فترة ولايته السابقة، كان يفكر في تعديل الاتفاق النووي، ويقدمه كاتفاق جديد لمؤيديه في أمريكا، أما في هذه الدورة، فقد تكون مطالبه أكبر وقد يرغب في الحصول على تنازلات إضافية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقد يسعى للتفاوض حول البرنامج الصاروخي الإيراني أو القضايا الإقليمية، ربما في الجولة السابقة لم يكن يسعى لمناقشة هذه الأمور، ولكن مع التغيرات التي حدثت، من الممكن أن يسعى لمناقشة هذه القضايا الآن.
ولا شك أن ترامب سيظل يسعى للتفاوض، ولتحقيق هدفه في التفاوض مع إيران وإجبارها على ذلك، سيزيد من الضغط بالعقوبات الاقتصادية، ومن الممكن أن يفرض عقوبات أكثر قسوة. أما فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالحرب، فأعتقد أن ترامب سيبذل جهدا كبيرا لتجنب الحرب، إلا إذا حصل على معلومات تفيد بأن إيران قد بدأت بصنع قنبلة نووية، وهو أمر لا تسعى إليه إيران، لذلك لا ينبغي تصور حدوث حرب. بل يعتقد ترامب أنه من خلال الضغط الاقتصادي يمكنه دفع إيران للتفاوض، وبدء المفاوضات معها.
هل تعتقد أن ترامب يستخدم نظرية “الرجل المجنون” في قضايا العالم، وبشكل خاص في التعامل مع إيران؟ وكيف ينبغي لإيران أن تتعامل مع سلوك ترامب؟
نظرية “الرجل المجنون” قد تكون مفيدة في حالات معينة عندما يتعلق الأمر بتوترات عسكرية أو تهديدات باستخدام القوة العسكرية، ولكن عندما لا يكون الحديث عن مواجهة عسكرية، أعتقد أن هذه النظرية لا تكون فعّالة في المدى البعيد أو في ظل الظروف العادية.
لقد كان رأيي دائما أن إيران يمكنها تحقيق أهدافها من خلال التفاوض مع أمريكا وترامب، فليس هناك سبب يمنع إيران من التفاوض. فالتفاوض بحد ذاته ليس أمرا ضارا، وحتى إذا لم يحقق التفاوض نتائج ملموسة أو لم يكن ناجحا، فإنه يمكن أن يساعد في تقليل التوترات؛ لذلك، أعتقد أن التفاوض هو الحل الأمثل للمشاكل التي نواجهها.
هل الشائعة حول محاولة اغتيال ترامب، التي تُثار من وقت لآخر، قد تكون جزءا من استراتيجية إيران لتشويش الرئيس الأمريكي الجديد؟
منشأ هذه الشائعة يعود إلى الولايات المتحدة، حيث ادعت بعض الشخصيات الرسمية مثل المتحدثين باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن إيران كانت وراء محاولات اغتيال في شهري أكتوبر ونوفمبر. هذه الادعاءات تأتي من الجانب الآخر، بينما نفت إيران تماما أي تورط في هذا الموضوع. هذه القضية تظل قائمة وتضيف مزيدا من التعقيد للمشاكل بين البلدين. على أي حال، كان لدى ترامب تصور بأن إيران قد تكون وراء محاولة اغتياله، وهذا أثر عليه بشكل ما.
من جهة أخرى، إيران كانت قد أبدت استياء كبيرا من عمليات اغتيال مثل اغتيال الشهيد قاسم سليماني، وهو ما شكل مسألة حساسة جدا بالنسبة لها، وأثارت ردود فعل كبيرة. هذه القضية لا تزال قائمة وتؤثر على العلاقة بين البلدين. لكن مع مرور الوقت، ستظهر مشاكل أخرى يمكنها أن تجعل الوضع أكثر تعقيدا، وإذا استمر الحال على هذا المنوال، فإن المزيد من هذه الخلافات سيصبح الوضع أسوأ.
إذا اختار ترامب قاعدة العُديد في قطر كأقرب موقع لإيران في الخليج العربي لشن هجوم على إيران، فهل سيكون رد فعل إيران مشابها لعمليتي الوعد الصادق ضد إسرائيل؟ وكيف سيكون رد إيران على هذه القاعدة؟
لا أعتقد أن لدى الولايات المتحدة خطة لاستخدام قواعدها في المنطقة لشن هجوم عسكري ضد إيران. إذا كان لدى أمريكا نية للقيام بتحرك عسكري ضد إيران، فهي لا تحتاج إلى استخدام قواعدها في المنطقة. قطر جارة لإيران، وهناك علاقة صداقة وأخوة بين شعبي قطر وإيران، ومن غير المرجح أن تسمح قطر لأمريكا باستخدام قاعدة عسكرية على أراضيها لشن هجوم على بلد مجاور.
والقادة القطريون والشعب القطري أذكياء جدا، وقطر لديها دبلوماسيون حكماء، وهم يعرفون أن السماح باستخدام قاعدة في بلادهم لشن هجوم على بلد مجاور سيكون له تأثيرات سلبية على المنطقة ومستقبلها، وسيؤثر بشكل كبير على العلاقات بين البلدين؛ لذلك لا أعتقد أن المسؤولين القطريين سيسمحون باستخدام أراضيهم للهجوم على أي دولة جارة، سواء كانت إيران أو أي دولة أخرى.
وفيما يتعلق بحصار قطر من قبل الإمارات والبحرين والسعودية، فإن إيران قدمت مساعدات كبيرة لقطر وطلبت من تلك الدول ألا تفرض ضغوطا كبيرة على قطر وشعبها. لذلك، لا أتصور أن السيناريو الذي يطرحه الأمريكيون قد يحدث، والقطريون لن يقبلوا بذلك على الإطلاق.
ما هو مفهوم الحرب في إطار تفكير ومنطق ترامب؟
إحدى الخصائص التي تميز ترامب أنه كان دائما معارضا للحرب، وكان ينتقد رؤساء أمريكا السابقين بسبب شن الحروب وجر الجنود الأمريكيين إلى الصراعات العسكرية، لقد كان يبدي دائما ترددا كبيرا تجاه الحرب، وتوجهه السياسي يعتمد على تحقيق مصالح أمريكا من خلال طرق غير مباشرة، مثل استخدام الدول الصديقة في المنطقة لتنفيذ مصالح أمريكا دون الحاجة للدخول في حروب مباشرة.