ترجمة: يارا حلمي
في افتتاحيتها الجديدة، نشرت صحيفة “كيهان” الإيرانية الأصولية، المقربة من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، مقالة للصحفي الإيراني الأصولي حسين شريعتمداري، الذي يتولى في الوقت نفسه رئاسة تحرير الصحيفة، الجمعة 11 أبريل/نيسان 2025، تناول فيه توقعاته لنتيجة المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، معتمدا في ذلك على أدلة واعترافات.
قال حسين شريعتمداري إن المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة عكس ضجيج الإصلاحيين وإفراطهم في التفاؤل، ليست حدثا جديدا، بل حدثت مرارا في السابق، حيث تم التواصل مع روبرت ميلي (المبعوث الخاص للولايات المتحدة في الشؤون الإيرانية في ذلك الوقت) في أبريل/نيسان 2021، وفي أغسطس/آب 2022 تم التواصل معه مرة أخرى.
وتابع أن موضوعات كلتا المفاوضات غير المباشرة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وفي أغسطس/آب 2023 تم التواصل مع بريت ماكغورك (منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا) حول مسألة الإفراج عن الأموال المجمدة لإيران، وفي مايو/أيار 2024 جرت مفاوضات مع أبرام بيلي (مساعد المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون إيران) حول مواضيع أخرى.
وأضاف أن هذه المفاوضات لم تؤد إلى نتائج ملموسة بسبب ابتزاز الولايات المتحدة وإصرار إيران على تحقيق شروطها.
أشار حسين شريعتمداري إلى أن موقف المرشد الأعلى علي خامنئي، في المفاوضات غير المباشرة التي ذكرتها، كان مشابها للموقف الحالي، حيث كان دائما يشدد على أن الولايات المتحدة غير موثوقة، وعلى الرغم من تأكيده أهمية السعي لرفع العقوبات، فإنه كان يصر على أن رفع العقوبات هو مسؤولية الولايات المتحدة وليس إيران، وأن إيران لن ترضخ لها.
وتابع أن المرشد الأعلى، في يوليو/تموز 2024، وخلال لقاء مع رئيس وممثلي البرلمان الإيراني الثاني عشر، قال: “يمكننا رفع العقوبات باستخدام أدوات شريفة، وكما قلنا مرات عديدة، إنّ رفع العقوبات ليس من مسؤوليتنا، بل يجب التفكير في تدابير لرفعها، ولكن تحييد العقوبات من مسؤوليتنا”.
وأضاف المرشد الأعلى: “وهناك طرق جيدة لذلك، وقد اتبع المسؤولون الحكوميون بعض هذه الطرق وكان لها نتائج جيدة، ويمكن للبرلمان أيضا أن يلعب دورا في هذا المجال”.
إنتاج السلاح النووي
أوضح شريعتمداري أن الولايات المتحدة تدرك تماما أن إيران لا تسعى لإنتاج سلاح نووي (ليس لأنها لا تستطيع، بل لأنها لا ترغب)، ومنع إيران من إنتاج سلاح نووي ليس هو السبب الفعلي للعقوبات، بل هو مجرد ذريعة.
وتابع بالإشارة إلى أن جورج فريدمان، مدير وكالة المعلومات والمراقبة الاستراتيجية الأمريكية، وهو مستشار سابق للجيش والحكومة الأمريكية في مجال الدفاع والأمن الوطني، وكان أيضا أستاذا في العلوم السياسية لمدة عشرين عاما في كلية ديكنسون الأمريكية، ذكر في رده على سؤال لمراسل صحيفة «يو.إس.إيه.توداي» الأمريكية حول التوتر النووي بين إيران والولايات المتحدة.
حيث قال: “إن المشكلة الأمريكية مع إيران لا تكمن في الملف النووي، بل في أن إيران أثبتت أنها قادرة على أن تكون أكبر قوة عسكرية وتقنية في المنطقة، حتى دون إقامة علاقات مع الولايات المتحدة، بل حتى في حالة العداء مع الولايات المتحدة”.
وأوضح فريدمان أن هذا النموذج غير مقبول للولايات المتحدة، وأنه أدى إلى حدوث ما سُمّي بالربيع العربي، وأشار إلى هذه النقطة في كتابه «العقد القادم»، الذي نُشر في عام 2012.
قال شريعتمداري إن هناك العديد من الأدلة والمواثيق التي تشير إلى أن الولايات المتحدة قد فقدت الثقة بفعالية سلاح العقوبات ضد إيران، ومن ثم اختارت المفاوضات كأداة للابتزاز.
وأضاف أن ريتشارد نفيو، الذي يعرف بأنه مصمم العقوبات ضد إيران، قد أعرب في مقال له نشر في مجلة «فارن أفيرز» للشؤون الخارجية الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول 2023، عن خيبة أمله إزاء فعالية العقوبات ضد إيران.
كما أشار نفيو في مقاله إلى أن “الهجوم العسكري على إيران ستكون له عواقب وخيمة، وقد يؤدي إلى فشل الولايات المتحدة وفقدان مصداقيتها، حيث إن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون غير مجدٍ، لأن التكنولوجيا النووية في إيران محلية وليست مستوردة”.
كما أكد نفيو أن “المفاوضات هي السبيل الوحيد لمواجهة إيران والسيطرة عليها”، في إشارة إلى أنه يقصد السيطرة عليها وليس حل المشاكل كما يدعي الإصلاحيون.
القوة الشاملة
شريعتمداري قال إنه في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022، قال المرشد الأعلى الإيراني في حفل تخرج طلاب الأكاديمية العسكرية للقوات المسلحة، بشأن دوافع أعداء البلاد لإثارة الفتن (خريف 2022): “ما أشعر به هو أن أعداءنا يعتقدون أن إيران في طريقها إلى التقدم نحو القوة الشاملة، وهذا ما لا يستطيعون تحمله، هم يشعرون ويرون ذلك، يرون أن بعض العقد القديمة بدأت تُحل، بالطبع، لدينا العديد من المشاكل في البلاد، وبعض هذه المشاكل مضى عليها سنوات”.
واستدرك المرشد الأعلى: “لكن هناك تحرك جاد لحل هذه المشاكل وفتح هذه العقد، حيث إن الحركة نحو التقدم تزداد سرعة في البلاد، وهذا أمر حقيقي، في جميع المجالات، نشهد تحركا سريعا، وهو ما يراه الأعداء أيضا، ولا يريدون أن يحدث هذا”.
وأضاف: “فهم يرون أن المصانع شبه المتوقفة قد بدأت في العمل، ويرون أن الشركات المعتمدة على المعرفة قد أصبحت نشطة، ويرون أن الإنتاج المتقدم في بعض المجالات بدأ يظهر يوما بعد يوم، ويرون أن هناك أعمالا تُجرى يمكن أن تحيد هجوم العقوبات -التي هي سلاح العدو الوحيد الآن- وهذا ما يلاحظونه. ولهذا السبب، جلسوا وقاموا بالتخطيط لوقف هذه الحركة”.
قال شريعتمداري، وبناءً على ما تقدم، والذي أثبتته وثائق وأمثلة واعترافات عديدة أخرى، فإن الولايات المتحدة تستخدم العقوبات كأداة ضغط على إيران، وبما أن عداء الولايات المتحدة مع إيران ينبع من طبيعة الصراع بين الطرفين، وبالتالي لا يمكن أن ينتهي، لذلك، لا يتوقع أن تتخلى الولايات المتحدة عن سلاح العقوبات.
وأضاف أنه “إذا كانت المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة يوم السبت تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني -كما هو الحال- وإذا كان شرطنا هو رفع العقوبات -كما هو معلوم- فإنه يمكن التنبؤ منذ الآن بأن هذه المفاوضات، مثل المفاوضات غير المباشرة السابقة، ستظل بلا نتائج”.
كما تابع أن فائدة الولايات المتحدة من هذه المفاوضات غير المباشرة، هي الفشل في فرض تطلعاتها التوسعية، وما سيبقى لإيران هو تجربة أخرى في إعلان عدم موثوقية الولايات المتحدة أمام الرأي العام العالمي، لذلك، يمكننا الآن التنبؤ بأن نتيجة المفاوضات غير المباشرة يوم السبت مع الولايات المتحدة ستكون: 1-0 لصالح إيران”.