كتبت: أسماء شاكر
ممر زنجزور هو قضية حساسة واستراتيجية بالنسبة لإيران، لأنه يمكن أن تكون له تأثيرات كبيرة على العلاقات الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية لإيران في جنوب القوقاز.
يشير ممر زنجزور إلى منطقة في جنوب القوقاز تلعب دوراً مهماً في الاتصالات الجغرافية والنقل بهذه المنطقة. هذا الممر في الواقع طريق يربط جمهورية أذربيجان عبر أرمينيا إلى نخجوان، وأخيراً إلى تركيا.
نخجوان هي منطقة مستقلة تابعة لجمهورية أذربيجان، وهي غير متصلة براً بالأراضي الرئيسية لأذربيجان وتفصلها عنها أرمينيا. يمر هذا الممر عبر الجزء الجنوبي من أرمينيا، أي مقاطعة سيفنيك التي تسمى أحياناً نخجوان.
وفقاً لتقرير “أرمان ملي أون لاين” بتاريخ 1 سبتمبر/أيلول 2024؛ وكما ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية في إشارة إلى ممر زنجزور، قال إن هذا الممر هو طريق يمكن أن يربط الأراضي الرئيسية لأذربيجان بنخجوان عبر طريق سيفنيك بأرمينيا. وعلى الرغم من أن زاخارو -مديرة إدارة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية- أكدت أن روسيا اطلعت على مخاوف الجانب الإيراني بشأن ممر زنجزور، إلا أنه قال إنه سيتم التواصل مع طهران للتوضيح.
قبل نحو أسبوع، أكد بوتين ووزير خارجيته، في لقاء مع نظيرهما الأرميني، ضرورة اهتمام باشينيان -رئيس وزراء أرمينيا- بطلب موسكو، ووصف هذا الموضوع بأنه عاجل.
كل هذا يحدث في ظل موقف أبلغت فيه إيران الأطراف مسبقاً بمعارضتها وقلقها بشأن هذا الممر بطريقة شفافة وعلى أعلى المستويات. وفي ظل هذه الظروف، تثار أسئلة، من جملتها: لماذا تصر روسيا كثيراً على مواقفها تجاه زنجزور؟ وما عواقب هذه الضغوط؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى علي بيجدلي، الخبير الأعلى للسياسة الخارجية ومحلل العلاقات الدولية، حواراً:
روسيا تريد أن تُخرج زنجزور من العزلة
قال علي بيجدلي: “إن روسيا تخضع حالياً للعقوبات، ونتيجة لذلك، فهي تبحث عن الظروف التي يمكن أن تخلق مساحات جديدة وتتخلص من العزلة”. كانت زيارة بوتين لأرمينيا وأذربيجان رحلة متسرعة وغير رسمية لكسب أسواق جديدة. يحتاج بوتين إلى أموال بعض الدول في المنطقة. ومن المثير للاهتمام أن أرمينيا طلبت مؤخراً المساعدة من فرنسا (باعتبارها الداعم التقليدي للدول المسيحية في العالم)، كما طلبت فرنسا من باشينيان أن ينأى بنفسه عن بوتين. كان هذا أحد أسباب زيارة بوتين لأرمينيا. ولكن في ما يتعلق بزنجزور، فهذه المنطقة حساسة للغاية، ولأجل العبور كانت الشاحنات والعربات تذهب إلى أرمينيا وأذربيجان، ثم قره باغ وجورجيا، وأخيراً أوروبا”.
وأضاف: “منذ فترة، كان من المفترض أن تدخل البضائع إلى إيران من تركيا وأرمينيا ثم تذهب إلى أذربيجان وأوروبا. ونتيجة لذلك، كان من المفترض أن تحصل إيران على رسوم نقل البضائع مقابل عبورها. ولكن مع خسارة مرتفعات قره باغ من يد أرمينيا، تغير الوضع. في ذلك الوقت، بالطبع، على الرغم من العلاقات الوثيقة للغاية مع أرمينيا، دافعت إيران عن أذربيجان إلى حد ما، وحتى إن المتحدثين باللغة التركية في إيران كانوا أكثر دعماً لأذربيجان. كان هدف إيران في التحرك نحو أذربيجان هو خفض مستوى التوترات الداخلية. الآن وفي هذا الوضع، إذا واجه زنجزور مشكلة، فسيتم قطع اتصالنا بأوروبا، وإذا تم فتح طريق جديد، فلن يكون هذا الطريق من اختيارنا بالتأكيد؛ لذلك، فإن الطريق الذي كان موضع اهتمامنا منذ الماضي البعيد أصبح الآن خارج أيدينا”.
ممر زانجزور هدية بوتين لأذربيجان وتركيا
وتابع المحلل السياسي: “إن محاولة إجراء النفوذ على ممر زنجزور هي هدية بوتين لأذربيجان وتركيا على وجه الخصوص. تستطيع تركيا إرسال بضائعها إلى أذربيجان عبر زنجزور والوصول إلى آسيا الوسطى عبر بحر قزوين. هذه خطة حساسة للغاية لأردوغان ويناور بها، وقد أعلن منذ فترة، أننا وأذربيجان بلدان منفصلان، ورغم أننا نمتلك جسدين منفصلين، فإننا نمتلك رأساً واحداً. والآن، بهذه الخطة، تستطيع تركيا إرسال بضائعها إلى أذربيجان والذهاب إلى آسيا الوسطى وباكستان عبر أذربيجان. قبل نحو 5 سنوات، أجرت أذربيجان وتركيا وباكستان مناورة بحرية في بحر قزوين، والتي كانت مصحوبة بانتقادات. وفقاً للبروتوكولات الدولية، فإن بحر قزوين ملك للدول الساحلية، وليس للدول الأجنبية. ومع ذلك، نرى أن روسيا تفصل مصالحها عنا في المواقف الضرورية”.
وأضاف: “صحيحٌ أن روسيا قالت إنها ستصدّر بعض السلع عبر إيران، لكن من الأفضل لنا أن نتعلم من هذه التجربة ولا نعتمد على دولة أو دولتين كحلفاء ونطور علاقاتنا مع أوروبا. إن إلقاء نظرة على الخطابات الأخيرة للسيد عراقجي وجوزيف بورل وممثلي فرنسا وألمانيا وإنجلترا يُظهر أن إيران تتعرض لضغوط للامتناع عن التعاون العسكري مع روسيا، خاصة في حرب أوكرانيا. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الوضع في الشرق الأوسط يزداد تعقيداً بسرعة، وروسيا، بغض النظر عن مصالح إيران، مهتمة في المقام الأول بمصالحها الخاصة. ومن غير المرجح أن تتخلى روسيا عن قرارها، كما أنشأ أردوغان تقارباً خاصاً مع بوتين، وبالنظر إلى أنه اشترى أسلحة من بوتين وفي المقابل يقوم بوتين ببناء موقع نووي لتركيا، فمن المتوقع تماماً أن يدعم كل منهما الآخر في هذا الصدد ويحاولا إنشاء سوق جديدة لأنفسهما وتوسيع سوقهما إلى الصين”.