كتبت: لمياء شرف
الموقف الروسي من الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل يتسم بالحذر والتوازن، إذ تسعى موسكو للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط دون الانحياز إلى أي طرف بشكل صريح.
وتمتلك روسيا علاقات وثيقة مع كل من إيران وإسرائيل، مما يجعلها في موقف دقيق يتطلب توازنا دبلوماسيا. في الوقت الذي تقدم فيه روسيا دعما سياسيا وعسكريا للحكومة السورية، الحليف المشترك لإيران، تحافظ موسكو على علاقات اقتصادية وأمنية قوية مع تل أبيب.
هذا الواقع يجعل من الصعب على روسيا اتخاذ موقف علني مباشر لصالح أحد الطرفين.
وتخشى روسيا من التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران؛ حتى لا تدمر إنجازاتها الدبلوماسية التي حققتها في سوريا، إضافة إلى خوفها من تأثير أي صراع كبير على أسواق الطاقة العالمية، مما قد يضر بالاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز.
وربما تسعى روسيا في الأيام المقبلة، إلى لعب دور الوسيط في المنطقة، داعية إلى ضبط النفس والتهدئة.
وحذرت روسيا إسرائيل، من التورط في ضرب منشآت نووية في إيران، جاءت هذه الرسالة في سياق غير واضح.
وبحسب رويترز، نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء، عن نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، رسالة موسكو قال فيها: “لقد حذرنا مرارا، ونواصل تحذير إسرائيل من حتى التفكير افتراضيا في إمكانية توجيه ضربة لمنشآت نووية إيرانية”.
واعتبر أنه في حالة قصف المنشآت النووية الإيرانية سيكون ذلك تطورا كارثيا وإنكارا تاما لجميع المبادئ القائمة في مجال ضمان السلامة النووية.
وتعمل روسيا على الاتصال الدائم بإيران بغض النظر عن مستوى التوتر في المنطقة، كما أنها عززت علاقاتها مع إيران منذ بدء حربها في أوكرانيا، وتستعد لتوقيع اتفاقية شراكة كبيرة مع طهران.
في حين التزمت الرئاسة الروسية بموقف حذر تجاه احتمالات تطور موقفها، حذّر معلقون روس من أن تكبّد طهران هزيمة استراتيجية سيشكل “خسارة لا يمكن تعويضها” بالنسبة لموسكو.
وحذر “الكرملين” من أن الوضع في الشرق الأوسط يتطور في الاتجاه الأكثر إثارة للقلق، محملا واشنطن مسؤولية تصعيد التوتر في المنطقة، لدعمها غير المشروط لإسرائيل.
وردَّ الناطق الرئاسي الروسي، ديمتري بيسكوف، على سؤال عما ستفعله موسكو في حال تدهور الموقف أكثر، وما إذا كانت ستدعم إيران في حالة دخولها في صراع شامل مع إسرائيل، بأن لدى روسيا وسائل اتصال مع جميع الأطراف في هذا الصراع، داعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
ونفى في الوقت ذاته، حسب جريدة “الشرق الأوسط”، صحة معطيات إسرائيلية عن احتمال ترتيب اتصال هاتفي لبوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رغم أنه قال إن بلاده تحافظ على اتصالات مع الأطراف في المنطقة.
في سياق متصل، نقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، أن موسكو تدرك أن إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة إلى حرب في الشرق الأوسط، بينما يتصرف القادة الإيرانيون بمسؤولية كبيرة.
وكتب المحلِّل السياسي لإيغور سيميفولوس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، أن الإيرانيين يدركون جيدا أن المهمة الرئيسية للإسرائيليين هي التأثير على إيران استراتيجيا، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جر الولايات المتحدة إلى الحرب.
وأشار سيميفولوس إلى أن إيران ما زالت مترددة في الإنجرار لحرب شاملة، مؤكدا أن فترة التردُّد ستنتهي بعد قمة مجموعة “بريكس” المنتظَرة في مدينة كازان الروسية بين 22 و24 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف الخبير حسب “الشرق الأوسط”: “تحتاج إيران إلى اتفاق مع موسكو، حيث يجب ضمان الأمن الإيراني، فإضعاف إيران لا يصب في صالح روسيا، وقد تخسر روسيا حليفا مهما في حرب أوكرانيا”.