كتبت: لمياء شرف
أجرى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، زيارة شاملة لإيران لمناقشة القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
زار غروسي، الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، اثنتين من أهم المنشآت النووية الإيرانية وهما “نطنز” و”فوردو”، اللتين يصل فيهما معدل تخصيب اليورانيوم إلى 60%، لمساعدته في الحصول على صورة كاملة للبرنامج النووي في إيران.
تأتي هذه الزيارة في جولة من اللقاءات والمحادثات بين غروسي والقيادة الإيرانية بطهران والتي بدأت فور وصوله يوم الأربعاء الماضي، وذكرت وكالات الأنباء الإيرانية، أنه من المقرر أن يزور محطة “نطنز” النووية التي تقع بمحافظة أصفهان وسط إيران، كما سيزور محطة “فوردو” بالقرب من مدينة قم، وهي منشأة نووية تحت الأرض، وكانت منشأة “نطنز” النووية عرضة للهجمات من قبل إسرائيل.
رافقه خلال هذه الزيارة بهروز كمالوندي، وكيل الشؤون الدولية والقانونية البرلمانية بمنظمة الطاقة الذرية، وكاظم غريب آبادي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون القانونية والدولية.
وعلق على هذه الزيارة عضو لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية بالبرلمان الإيراني، أبو الفضل ظهروند لـ”إرم نيوز”، معتبرا موافقة إيران على زيارة غروسي أهم موقعين نوويين، ما هي إلا دليل قوي على حسن نيتها.
وأكد أن إيران تحاول إقناع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بحسن نيتها، وقد تشير هذه الخطوة إلى احتمالية وجود اتفاق بين إيران والوكالة، أو لمواجهة صدور قرار ضد إيران أو على الأقل تعديل لهجة القرار المحتمل.
وأوضح النائب الإيراني أن هذه الزيارة مؤشر على جهود طهران لتخفيف التوترات والتوصل إلى اتفاق مشترك، يعتمد نجاحه على التعاون الحقيقي بين الأطراف.
وتأتي الزيارة فيما تشير تقارير إلى أن الترويكا الأوروبية تحاول تمرير قرار ضد إيران في الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين، حسب وكالة رويترز.
وأعربت إيران خلال هذه الزيارة عن رغبتها في إزالة الغموض والشكوك بشأن برنامجها النووي، مع تأكيدها أنها لن تفاوض تحت الضغط والترهيب، حسب رويترز.
ورأى غروسي أن العمل المشترك مع طهران يبعد المنطقة في الدخول في حرب محتملة، لكونها تأتي في توقيت وظروف متوترة “تقلص مجال المناورة”، بحسب ما قاله غروسي قبل الزيارة.
وتعتبر المحادثات في طهران مع مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، إحدى الفرص الأخيرة للدبلوماسية قبل عودة دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني المقبل إلى البيت الأبيض.
لقاء إسلامي
التقى غروسي مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، وتباحث الجانبان خلال هذا القضايا المتعلقة بالملف النووي الإيراني والتعاون بين الجانبين، والذي وصفه الطرفان بأنه “بناء”، وذو أهمية كبيرة، خاصة في هذا التوقيت الذي يدعم فيه الاستكبار العالمي الكيان الصهيوني بلا قيد أو شرط.
وحذّر إسلامي من أن إيران ستتخذ تدابير فورية ضد أي قرار يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتعارض مع برنامجها النووي، في إشارة إلى قرار محتمل من لندن وبرلين وباريس في مجلس محافظي الوكالة الذي يعقد في وقت لاحقٍ هذا الشهر، حسب وكالة الأخبار الروسية.
وأضاف: “إننا لن نسمح بممارسة الضغط علينا، وسنواصل برنامجنا وفق ما يقتضيه أمننا القومي”، مضيفا أن العمليات النفسية التي يمارسها الكيان الإسرائيلي تهدد مصداقية المنظمات الدولية ووجهتها.
تعاون نووي إيراني
ومن جانبه، قال رئيس الحكومة الإيرانية، مسعود بزشكيان، خلال لقائه مع غروسي: “كما أثبتنا مرارا حسن نياتنا، نحن مستعدون للتعاون والتقارب مع هذه المنظمة الدولية من أجل إزالة جوانب الغموض والشكوك المزعومة حول الأنشطة النووية السلمية لبلادنا”، مؤكدا أن إيران على استعداد تام للتعاون مع الوكالة الدولية، وفق ما جاء في بيان للرئاسة الإيرانية.
واعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن لقاءه مع بزشكيان، شكل جزءا مهما من زيارته لطهران، حيث أوضح خلال اللقاء جهوده للتقدم في إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل على جدول أعمال القسم الدولي.
وكتب غروسي حسب وكالة مهر للأنباء، منشورا على منصة “إكس”: “لقائي مع بزشكيان، كان جزءا مهما من زيارتي لإيران”، مضيفا: “أتيحت لي الفرصة للقاء أرفع مستوى في الحكومة الإيرانية الجديدة، واستمعت إلى وجهات نظرهم”.
من جهته، أكد وزير الخارجية عباس عراقجي، خلال تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، أن “إيران على استعداد للتفاوض، على أساس مصالحنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف”، مستدركا: “لكننا لسنا مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب”.
والتقى غروسي، وزير خارجية إيران، في إطار جولته بطهران، ووصف عراقجي حسب وكالة “إرم” المحادثات الثنائية بأنها “صريحة وبناءة”، وقال: “نأمل أن تساعد المحادثات الأخيرة في تقليل التوترات، وأن نتمكن من بدء المفاوضات مرة أخرى وإيجاد حل معقول للمشاكل”.
وحذر عراقجي من اتخاذ قرار ضد الجمهورية الإسلامية في الاجتماع المقبل للوكالة، وقال: “إن القرارات لم تساعد في حل القضية فحسب، بل جعلت القضايا أكثر تعقيدا وأكثر قلقا بالنسبة للوكالة”.
وخلال اللقاء، أكد أن إيران والوكالة بينهما تعاون طويل الأمد، وقال: “نحن بحاجة إلى نتيجة ملموسة في الوضع الحساس الحالي”
والجدير بالذكر أن عراقجي قام عام 2015 بدور كبير في التفاوض عن الجانب الإيراني في المحادثات مع القوى الكبرى التي أفضت إلى إبرام الاتفاق النووي في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وأتاح الاتفاق رفع العقوبات الدولية عن إيران مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها، حيث نفت طهران حينها بشدة أن تكون لديها طموحات نووية عسكرية.
وفشل هذا الاتفاق بسبب الضغوط القصوى التي مارسها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن فترة 2017 إلى 2021، والمرشح الفائز للفترة الرئاسية القادمة، على إيران تمثّلت بالانسحاب الأحادي من الاتفاق بشأن برنامجها النووي وفرض عقوبات قاسية عليها عام 2018 .
وبناء على هذه العقوبات الصارمة، تراجعت طهران تدريجيا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت خطوات توسعية في برنامجها النووي بشكل.
ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3.67%، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60%، وهو مستوى قريب من 90% المطلوب لتطوير سلاح ذري.
وأكد غروسي خلال زيارته طهران، ضرورة ألا تتعرّض المنشآت النووية الإيرانية للهجوم، وذلك بعد تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أن طهران باتت أكثر عرضة من أي وقت مضى، لضربات على منشآتها النووية.
كما أعرب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أمله في رفع الحظر عن دخول عدد من مفتشي الوكالة إلى إيران.
وتعد هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها غروسي إلى إيران منذ بداية رئاسة مسعود بزشكيان في يوليو/تموز الماضي،
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، الخميس، أن الملياردير إيلون ماسك المقرب من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة في محاولة لنزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن.