ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشر موقع “الوقت” التحليلي الإخباري الإيراني تقريراً، 24 ديسمبر/كانون الأول 2024، أفاد فيه بأنه مع تغير النظام في سوريا، تحاول الدول الإقليمية توفير الأرضية للتفاعلات السياسية مع الحكام الجدد من خلال زيارات دبلوماسية إلى دمشق.
أشار الموقع إلى أنه بينما أخذت تركيا زمام المبادرة في إقامة العلاقات مع الحكومة الانتقالية، وتوجه هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، إلى دمشق للمرة الثانية، فقد وصلت الوفود العربية إلى سوريا الواحدة تلو الأخرى، والسبب إقامة علاقات ثنائية مع الحكومة الجديدة وتخفيف عبء المخاوف التي تراودهم من بعض الجماعات المسلحة.
وأضاف أنه بجانب هذا القلق من هذه الجماعات هناك قلق يتعلق بتوسيع النفوذ التركي في العالم العربي.
أول زيارة عربية
ذكر الموقع أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وصل إلى دمشق 23 ديسمبر/كانون الأول 2024 ، كأول وزير عربي، للقاء السلطات السورية الجديدة. بحث الصفدي خلال لقائه مع أحمد الشرع “الجولاني” مكافحة الإرهاب ودعم جهود بناء سوريا والعملية السياسية الشاملة.
مساعي قطر
وأشار الموقع إلى مساعي قطر التي أنفقت أكثر من جميع الدول الأخرى خلال الأزمة السورية المستمرة منذ 13 عاماً، لتعزيز نفوذها في سوريا الجديدة من خلال عدة إجراءات. ومنها أن الوفد القطري أعلن استعداده لبدء استثمارات واسعة النطاق في سوريا في قطاعات الطاقة والموانئ والمطارات.
جدير بالذكر أن قطر هي الدولة الثانية بعد تركيا التي أعادت فتح سفارتها رسمياً في دمشق لتسهيل عملية التبادلات الثنائية بين البلدين.
ترقب زيارة أردوغان
أوضح الموقع في تقريره أن زيارات المسؤولين العرب للتواصل مع المعارضة السورية، تأتي فيما يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة دمشق خلال الأيام المقبلة، وفي هذه الحالة سيصبح أكبر مسؤول سياسي يزور سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
تركيا أردوغان والعرب
أما عن المنافسة بين تركيا أردوغان والعرب فقد أشار الموقع إلى أنه بالرغم من أن تركيا والعرب يرحبون بصعود المعارضة في سوريا، فإن أياً من الأطراف ليس لديه نظرة إيجابية لأهداف الآخر في سوريا الجديدة. إلا أن تركيا، وبسبب دعمها الواسع للجماعات المسلحة، بدأت مسار التفاعل مع دمشق دون أي اعتبارات أو مخاوف، لكن من المرجح أن تستغرق الحكومات العربية بعض الوقت لمراقبة سلوك هيئة تحرير الشام قبل أن تقرر كيفية التعامل مع السلطات السورية الجديدة.
قلق العرب
وأكد الموقع أن الدول العربية رغم دعمها للجماعات المسلحة في الحرب السورية، فإنها في السنوات الأخيرة اعتبرت مجموعات مثل هيئة تحرير الشام، ذات النزعة الإسلامية والتبعية لتركيا، تهديداً لأمنهم القومي. والآن يساورهم القلق وتنتابهم المخاوف من صعود هذه الجماعات للحكم في سوريا.
وأوضح أن قطر وتركيا، وهما من أكبر الداعمين لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، تعتبران وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في دمشق ميزة، ويمكنهما مواءمة حكام سوريا الجدد مع سياساتهما، والحصول على أكبر قدر من الفوائد وفق مصالحهم.
وأشار الموقع إلى أن دعم تركيا للجماعات المسلحة في سوريا، وباعتبارها الرابح الأكبر من هذه التطورات، فهذا الأمر يشكل مصدر قلق لجميع الدول العربية، بما في ذلك السعودية والإمارات ومصر.
فمن وجهة نظر الحكام العرب، فإن ظهور الإسلام الراديكالي في سوريا، وخاصة بدعم من تركيا، يعد تطوراً خطيراً للغاية؛ لأنه يعكس وضعاً جديداً قابلاً للانفجار يزيد من أبعاد التهديد الأمني، ويغير موازين القوى في العالم الإسلامي، ويؤثر على مستقبل سوريا ومصير المنطقة برمتها.
وأشار الموقع إلى أنه في العقد الماضي، خاضت تركيا والعرب حروباً بالوكالة في دول مثل ليبيا، ونشأ نوع من المنافسة بين الجانبين لإيجاد موطئ قدم في شمال إفريقيا. وعلى الرغم من أن الحكومة السورية المستقبلية لم يتم تشكيلها بعد، وليس من المعروف ما هي السياسات التي سيتبناها القادة الجدد، إلا أن بعض الدول العربية تشعر بالقلق إزاء الأيديولوجية والأفكار السلفية الجهادية للمعارضة في ظل تركيا.
وتابع الموقع الحديث عن قلق السعودية والإمارات ومصر من أن تركيا وقطر ستهددان مصالحهم في المنطقة من خلال حكم حركات الإخوان في سوريا. ولذلك طلبت السعودية والإمارات من الولايات المتحدة توخي الحذر في تقييم رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام، لأنه لا يزال من غير الواضح ما هو النهج الذي ستتبعه الحكومة المقبلة.
وعلى الرغم من أن تركيا قامت بتحسين علاقاتها مع مصر ودول الخليج العربي في العامين الماضيين، إلا أن سوريا قد تكون مكان ساحة أنقرة الجديدة مع العرب المناهضين للإخوان المسلمين.
وأشار الموقع إلى حوار دبلوماسي مصري مع موقع ميدل إيست آي، إذ صرح قائلاً: “من الواضح أن قوة تركيا تتزايد، وهذا يمكن أن يمهد الطريق أمام جماعة الإخوان المسلمين لزيادة قوتها”.
ووفقاً لآراء المحللين، فإن فشل الاستراتيجية السعودية والإماراتية في إحياء حكومة الأسد، لن يكون أمام دول الخليج العربي سوى التعامل مع هيئة تحرير الشام والتكيف مع النفوذ التركي.
وزعم الموقع أنه بالنظر إلى أن سوريا جزء من العالم العربي، فإن الدول العربية تخشى بشدة نفوذ تركيا ومحاولتها قيادة العالم الإسلامي. فما يقلق الحكومات في العديد من دول العالم العربي، خاصة في أبوظبي والقاهرة والرياض، هو أن الجماعات الإسلامية والجهادية في الشرق الأوسط اكتسبت المزيد من الجرأة بسبب نجاح هيئة تحرير الشام وبدأت في معارضة حكام بلدانهم.
وأشار إلى أنه بالنسبة إلى الإمارات والسعودية، اللتين تحكمهما عائلات، فإن انتصار الإخوان المسلمين في سوريا يمكن أن يلهم الجهاديين في هذه الدول، ومن الممكن أن تحدث اضطرابات. كما ترى الرياض وأبوظبي، بحسب بعض المحللين، أن وصول جماعة الإخوان إلى السلطة في سوريا يمثل تهديداً خطيراً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، الأمر الذي سيضر بمشاريع شيوخ الخليج.
وانتقل الموقع للحديث عن مصر التي قمعت جماعة الإخوان المسلمين بقوة، وأوضح أنها تخشى من أن يؤدي صعود جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى إعادة تنشيط خلايا الإخوان المسلمين النائمة بها، وهذا يشكل تهديداً خطيراً لحكم عبد الفتاح السيسي.
واستطرد الموقع مبيناً أن المخاوف بالنسبة للأردن أكبر من الدول الأخرى، لأن تعدد الأطراف ذات النفوذ في الداخل السوري وتضارب مصالح الدول التي تتقاتل على حصتها من “الكعكة السورية” يمكن أن يهدد الأمن القومي الأردني ويفرض تكاليف اقتصادية كبيرة على هذا البلد.
وأوضح أن قادة عمّان يشعرون بالقلق حيال القوى الجهادية الأردنية التي من الممكن أن تتأثر بما جرى في سوريا وتحاول تنفيذه بالأردن.
إعادة الإعمار
أشار الموقع إلى أنه على الرغم من أن تركيا تتمتع بنفوذ سياسي كبير بين المعارضة السورية، إلا أنها لا تملك الكثير من الناحية الاقتصادية تجاه إعمار سوريا، فسوريا تحتاج الآن إلى 500 مليار دولار لإعادة الإعمار، ولا تستطيع تركيا المساعدة في حل مشاكل إعادة الإعمار بسبب المشاكل الاقتصادية، وهذه فرصة ثمينة للحكومات العربية للمشاركة بفاعلية في سوريا ودعم السلطة الانتقالية بشكل ما.
واختتم الموقع مبيناً أنه إذا أخذ المنافسون السابقون في الشرق الأوسط زمام المبادرة للتعاون والعمل من أجل استقرار سوريا ، فإن ذلك يمكن أن يلعب دوراً مهماً في توحيد هذه البلدان، ولكن إذا فشلت الجهود الأوسع لتحقيق الاستقرار في سوريا، أو إذا ساءت الأوضاع فإن علاقاتها ستتأثر سلباً.
جدير بالذكر أنه لا يزال هناك أمل في أن تتمكن السعودية والإمارات وقطر وتركيا، بدعم من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، من مواصلة العمل معاً للمساعدة في تشكيل مستقبل مستقر وموحد لسوريا لفترة طويلة.