ترجمة: شروق السيد
أكد المحلل السياسي الإصلاحي محمد عطریانفر، أن التفاوض مع الغرب بهدف رفع العقوبات وسيلة ضرورية للوصول إلى خيارات استراتيجية.
صرح يانفر بذلك خلال حوار مع وكالة “خبر أونلاين” يوم الجمعة 27 ديسمبر/كانون الأول 2024، جاء فيه:
هل تعتقد أن هناك مجالا للتفاوض مع الغرب بهدف رفع العقوبات؟
مفهوما “المواجهة” و”التفاهم” وجهان مختلفان لعملة واحدة، للوصول إلى خيار المقاومة أو المواجهة، أو خيار التفاهم والاتفاق، هناك مسار تمهيدي يُطلق عليه اسم “التفاوض”، لذلك، بالنسبة لنا، التفاوض ليس هدفا بحد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غاية.
لأنه إذا كان التفاوض هدفا أصيلا، فلن ينتج عنه شيء سوى التفاوض بحد ذاته، بمعنى أننا عبر التفاوض مع مراكز القوة المحيطة إما أن نتحدث للوصول إلى اتفاق أو للتصدي والمقاومة، وعلى أي حال، للوصول إلى إحدى هاتين النظريتين، نحن بحاجة إلى السير في الطريق المؤدي إليهما، وهو التفاوض.
ومن هذا المنطلق، يجب أن نوجه خطابنا إلى من يعارضون مبدأ التفاوض، ونقول لهم إن التفاوض بحد ذاته ليس شيئا سيئا أو جيدا، بل هو أداة تساعدنا على تحقيق المهمة والمسؤولية التي نحملها.
كل نظام يجب أن يخطط لمسار التفاوض من أجل تحقيق مصالحه.
إضافة إلى أن كل نظام أو مجموعة في إطار تأمين مصالحها يجب أن تصمم مسار التفاوض الخاص بها، فإن إيران، نظرا إلى الظروف الخاصة بها من حيث الموقع الإقليمي والدولي وأيضا مع التركيز على القدرات والوضع الداخلي داخل الحكومة، ملزمة بتصميم الإطار اللازم لتأمين المصالح الوطنية.
أعتقد أن هناك مقاومة غير مرغوب فيها قد تشكلت، والتي تثير الشكوك حول مبدأ التفاوض من أجل تحقيق مصالح إيران، أول آثار هذه النظرة السلبية هو أننا نعتقد أننا سنخسر في التفاوض، فلماذا نتفاوض إذا؟ ولذلك، هناك مشكلة في هذا السياق.
يجب على صانعي السياسة الخارجية أن يمتلكوا قدرات مهنية كافية ليتمكنوا من تأمين المصالح الوطنية من خلال التفاوض، بالطبع، لدينا تجربة ناجحة في هذا المجال، ففي فترة رئاسة حسن روحاني، تم إدارة الملف النووي من قبل محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني آنذاك، والذي نظم وقاد المفاوضات بما يتماشى مع الخطوط الحمراء والإطارات والقواعد والمبادئ التي حددها القائد، وتمت المفاوضات بشكل جيد وأدت إلى تحقيق نتائج هامة.
هذه الإنجازات أظهرت أنه بعد وصول ترامب إلى السلطة في ولايته الأولى، اعترف بأن مصالح أمريكا لم تتحقق في هذه المفاوضات.
هذا يدل على أن إيران حققت النجاح في هذه المفاوضات، ومن هذا المنطلق، إذا كان لدينا مفاوضون ذوو كفاءة، يمكننا تأمين مصالحنا بشكل جيد.
هل تعتقد أنه يجب إجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي (برجام) أم سيتم التوصل إلى اتفاق جديد؟
نظرا إلى أن الاتفاق النووي (برجام) تأخر وتوقف تنفيذه عمليا، فإن الفوائد والآثار التي كان من الممكن أن يعود بها في الماضي قد تقلصت وتراجعت، من المفترض أن نحل قضية العقوبات المفروضة على إيران على مستوى عالمي وبالقدرات المناسبة، إذا لم نتبع هذا المسار، ستكون هناك تبعات وخيمة على المستوى الداخلي.
من الناحية الاقتصادية، والعلاقات، والتنمية العلمية، وكذلك في مجالات الابتكار والتقدم، نحن بحاجة إلى توسيع العلاقات، بغض النظر عن التركيز على الفوائد الاقتصادية للاتفاق النووي، يجب أن نركز على أنه يجب علينا الخروج من قوقعة العقوبات.
لذا، فإن أي شخص يدعو إلى التفاوض مع العالم المحيط بنا، إذا تمكن من حشد الدبلوماسيين الفاعلين والمفاوضين المحترفين في هذا المسار، فإن البلاد ستحقق بالتأكيد مصالحها الجوهرية والقسرية.
إلى أي مدى من الضروري متابعة قضايا مثل FATF والعقوبات في الوقت نفسه؟
هذه القضايا تمثل منظومة مغلقة ومتجانسة، علاقتنا مع العالم المحيط ليست أحادية البُعد ولا معادلة مجهولة، علاقات إيران مع العالم المحيط مثل علاقات مكونات عضو حي، حيث يجب أن تتناغم جميع الأجزاء معا وتعمل بالتعاون من أجل تحقيق مهمة واحدة وهي استمرارية الحياة.
في مجال المفاوضات والعلاقات الدولية، جميع العوامل تشكل مجموعة مترابطة يجب إدارتها معا لتحقيق مصالح الأمة.
في قضية انضمام إيران إلى FATF، يتم الحديث عن نفوذ المتطرفين، وبالنظر إلى أن هؤلاء الأفراد موجودون في المؤسسات التي تتخذ القرارات، إلى أي مدى يعد نفوذهم في منع الانضمام إلى FATF أمرا جادا؟
التطرف في البلاد دائما ما يكون محكوما عليه بالفشل، يجب أن نعزز العقلانية السياسية ونطلب من المسؤولين الكبار في النظام أن يلتزموا بالسياسات الردعية، وألا يسمحوا للأفكار والأساليب المتطرفة بأن تؤثر على السياسات المعتدلة وتخرجها من دائرة التأثير. من هنا، فإن النهج الراديكالي بطبيعته غير فعّال ويقيّد يد المعتدلين والعقلاء.