ترجمة: علي زين العابدين برهام
جاءت استقالة محمد جواد ظريف، النائب الاستراتيجي للرئيس الإيراني، بعد ساعات قليلة من استجواب وزير الاقتصاد عبدالناصر همتي، مما شكل صدمة كبيرة في المشهد السياسي وأثار تداعيات داخل حكومة الرئيس مسعود بزشكيان. في ظل هذه التطورات، عاد الجدل حول استقالة رئيس الجمهورية إلى الواجهة، حيث يحلم الكثير من المعارضين بإسقاط حكومة بزشكيان.
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الثلاثاء 4 مارس/آذار 2025 تقريرا ذكرت فيه تصريحات حسين مرعشي، السياسي البارز وأمين عام حزب كوادر البناء، حول هذا الملف الشائك، إذ صرح بأن جبهة بايداري، التي قادت استجواب وزير الاقتصاد عبدالناصر همتي، كانت تحظى بدعم مباشر من رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف وأصدقائه.
وأضاف بأن قاليباف، رئيس البرلمان وأعضاء البرلمان، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كانوا يسعون إلى تقديم استجابة لهذه التحديات، لكن هذه الإجراءات لن تؤدي إلى أي حل فعلي.
وتابع أنه لدينا تجارب عديدة تثبت ذلك، فعلى سبيل المثال، عندما ارتفع سعر الذهب إلى 50 مليون ريال، قامت إيران بإعدام رجل الأعمال وحيد مظلومين المعروف بـ “سلطان الذهب” ، لكن الأسعار واصلت ارتفاعها، واليوم تجاوز سعر الذهب 750 مليون ريال.
وأضاف مرعشي أن هذا الأمر له مساره الخاص، وليس من صلاحياتي التنبؤ بسعر الذهب في المستقبل، لكن في بلد يعاني من أكثر من 40% تضخم سنوي، من الطبيعي أن تتغير أسعار العملات وترتفع. والآن، حتى بعد إقالة وزير الاقتصاد لن يتوقف ارتفاع سعر الصرف.
وأكد أنه إذا تراجعت صادرات النفط الإيرانية – لا قدّر الله – نتيجة الضغوط القصوى التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن ذلك سيترك آثارا مدمرة على الاقتصاد الإيراني. لذا، فإن تعامل البرلمان مع واحدة من أعقد القضايا الاقتصادية في البلاد كان سطحيا وغير مدروس.
وتساءل السياسي الإصلاحي عن ازدواجية المعايير في تنفيذ القوانين، مشيرا إلى استقالة محمد جواد ظريف نائب الشؤون الاستراتيجية لرئيس الجمهورية، وقال:
“فيما يخص استقالة محمد جواد ظريف، هناك مسألتان أساسيتان: منذ البداية، سعت جبهة بايداري للإطاحة بظريف بذريعة أن أبناءه يحملون جنسية مزدوجة. لكن في الواقع، حصلوا على الجنسية الأمريكية تلقائيا بحكم ولادتهم هناك، أثناء عمل ظريف ممثلا لإيران في نيويورك، إلى جانب جنسيتهم الإيرانية. وهذه ليست حالة فريدة تخص ظريف وحده”.
وأضاف أنه إذا كانت السلطة القضائية ترى أن هذا الأمر غير قانوني، فلماذا تم تطبيقه على ظريف فقط، بينما لم يُطبق على آخرين في الحكومة؟ إذا كان الهدف هو تنفيذ القانون بعدالة، فيجب أن يسري على الجميع دون استثناء.
إقالة ظريف تمت بقرار من السلطة القضائية وليس من رئيس الجمهورية
أكد حسين مرعشي أن إقالة محمد جواد ظريف، النائب الاستراتيجي للرئيس، لم تكن استقالة طوعية، بل جاءت بقرار من السلطة القضائية، وليس بأمر من الرئيس بزشكيان، معتبرا أن هذه الخطوة تثير العديد من التساؤلات السياسية.
وأشار إلى أن استبعاد ظريف يُلحق ضررا بالأطراف الساعية للتوسط بين إيران والغرب، موضحا أن هذا القرار يضعف فرص إجراء حوار قوي وشريف بين إيران والغرب، ويعطي انطباعا بأن التيار الحاكم في إيران غير راغب في الحوار. ظريف كان رمزا للدبلوماسية الإيرانية، وحتى لو لم تكن هناك نية للتفاوض، لم يكن من المصلحة إقصاؤه في هذه المرحلة الحساسة من العلاقات الدولية.
وأضاف أن ظريف لم يكن يشكل أي تهديد، بل كان مجرد شخصية سياسية تجلس في زاوية، تتناول طعامها وشايها، وتقدم المشورة عندما يُطلب منها ذلك. لم تكن هناك أي ضرورة لاستبعاده في هذه الظروف الدقيقة.
تحذير من هيمنة جبهة بايداري على البرلمان
حذر مرعشي من تمدد نفوذ جبهة بايداري داخل البرلمان، قائلا إنه إذا تمكنت هذه الجبهة من فرض سيطرتها، وفقد قاليباف والتيار المعتدل زمام الأمور، فسيؤدي ذلك إلى ضغوط شديدة على الحكومة، مما قد يعطل دور الرئيس بزشكيان ويحدّ من قدرته على قيادة البلاد بفعالية.
واتهم جبهة بايداري بالسعي لإضعاف الرئيس بزشكيان وإحباطه موضحا أن هؤلاء لا يرون سوى أنفسهم، ولا يعترفون إلا بأفكارهم ومصالحهم الخاصة. إنهم لا يكترثون بإيران، ولا بمصلحة إيران، ولا حتى بتوجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي.
وفي ختام حديثه، وجّه تحذيرا شديد اللهجة إلى كبار المسؤولين في إيران، ورؤساء السلطات، وقادة البرلمان، قائلا: “يجب عدم السماح لجبهة بايداري بمواصلة هذا النهج الخطير. إنهم يلعبون في ميدان إسرائيل، ويدفعون البلاد نحو مستقبل محفوف بالمخاطر. هذا التوجه يمثل تهديدا للأمن القومي، ولا يمكن التغاضي عنه”.