ترجمة: أسماء رشوان
نشر موقع “فرارو” الإصلاحي، حوارا يوم الاثنين 24 فبراير/شباط 2025، مع عبدالرضا فرجي راد، خبير في الشؤون الجيوسياسية ومحلل بارز في السياسة الخارجية، ناقش فيه طبيعة الاتفاقات الدولية التي تجمع بين إيران والصين وروسيا والمخاوف الناتجة عن مفاوضات ترامب وبوتين.
بحسب تقرير موقع “فرارو”، فإن الاتفاقية التي تمتد لـ 25 عاما مع الصين تشمل اتفاقا سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا ذو أبعاد واسعة، حيث يهدف جزء كبير منها إلى تعزيز الاستثمارات الأجنبية في صناعة النفط الإيرانية، وشركة تصدير الغاز الوطنية الإيرانية، والشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية، والبنية التحتية الإيرانية، إضافة إلى التعاون في المجالات العسكرية والأمنية والثقافية والقضائية.
وأضافت أن وزير الخارجية الإيراني السابق، حسين أمير عبداللهيان، كان قد أعلن في ديسمبر 2021 أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ، إلا أنه بعد مرور حوالي 3 سنوات، ولا تزال المخرجات العملية لهذا الاتفاق غير ملموسة بشكل واضح. ومع ذلك، صرّح علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، في برنامج تلفزيوني أن مفاوضات حديثة جرت مع الرئيس الصيني بشأن النفط، موضحا أن عدم الإعلان عن تفاصيل الاتفاقية يعود إلى رغبة الجانب الصيني، مشيرا إلى أن العلاقات بين إيران والصين لمدة 25 عاما ليست فهي ليست عقدا بل خارطة طريق.
وأردفت أنه مع تقارب روسيا وأمريكا في محادثات وقف إطلاق النار بشأن الحرب في أوكرانيا، بدأت تثار مخاوف بشأن الاتفاق بين روسيا وإيران. وفي هذا السياق، قام عبدالرضا فرجي راد، أستاذ الجغرافيا السياسية والمحلل البارز في السياسة الخارجية، بمناقشة وتحليل هذه الاتفاقيات وكيفية تنفيذها خلال حوار له مع موقع “فرارو”.
قال عبد الرضا فرجي راد :
“الهدف من إبرام الاتفاقيات الدولية هو عادة تعزيز التعاون بين الدول، سواء كان هذا التعاون اقتصاديا، أو استراتيجيا، أو سياسيا، أو عسكريا، أو ثقافيا. فاتفاقية الـ 25 عاما بين إيران والصين، التي تضمنت استثمارات بقيمة تقارب 400 مليار دولار، وُضعت على أساس أن تقوم الصين باستثمارات واسعة في إيران خلال هذه الفترة. وقد تم توقيع هذه الاتفاقية في عهد الرئيس السابق حسن روحاني، وكان الجميع حينها يعتقد أن العقوبات التي فرضها ترامب خلال فترة روحاني الثانية سيتم رفعها من قبل الرئيس الأمريكي القادم، مما سيتيح فرصا أوسع لتعزيز العلاقات مع الدول الأخرى. ولكن هذا لم يحدث، إذ لم تُرفع العقوبات، ولم تصل مفاوضات إيران مع أمريكا وأوروبا إلى نتيجة. إضافة إلى ذلك، تسببت الحرب في أوكرانيا، وتغير الحكومة في إيران مع تولي الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، في تغييرات جعلت الشركات الصينية غير قادرة على التعاون مع إيران بسبب العقوبات. فلو دخلت هذه الشركات في شراكات مع إيران، لواجهت عقوبات أمريكية، وهذا ما جعلنا غير قادرين على الاستفادة من الاتفاقية بالشكل المطلوب خلال السنوات الأخيرة. هذه الاتفاقية كانت شاملة، تغطي مختلف المجالات من الاستثمارات إلى الاستراتيجيات الثقافية والاقتصادية، لكن للأسف، ما كان يجب تحقيقه، خاصة في مجال التنمية، لم يُنفّذ حتى الآن.”
وأضاف: ” المستثمرون الصينيون يخشون أن يؤدي دخول شركاتهم إلى إيران إلى تعرضهم لعقوبات أمريكية قد تعيق أنشطتهم في الأسواق الأمريكية والأوروبية. أما الاتفاقية الاستراتيجية بين إيران وروسيا، فهي امتداد لاتفاق سابق تم توقيعه في عهد هاشمي رفسنجاني، وكان حينها اتفاقا عسكريا استراتيجيا بالدرجة الأولى. لكن الاتفاق الجديد الذي وقّعه مسعود بزشكيان خلال زيارته لروسيا أكثر شمولا من السابق. رغم ذلك، لا تزال الجوانب الاستراتيجية والعسكرية هي الأكثر هيمنة مقارنة بالجوانب الاقتصادية والثقافية، إلا أنه يحتوي على تنوع أوسع من الاتفاقية السابقة.”
وتابع: “هناك تقارير تفيد بأن إيران استلمت بالفعل بعض طائرات سوخوي الروسية، ومن المتوقع أن تحصل على المزيد مستقبلا. لكن، نظرا لأن الاتفاقية مع روسيا حديثة، فلسنا متأكدين بعد مما إذا كانت ستؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية جديدة مثلما حدث مع الاتفاقية الصينية. كما أنه من غير الواضح ما إذا كنا سنتوصل إلى اتفاق جديد في ظل المفاوضات الجارية بين ترامب وبوتين بشأن أوكرانيا. فترامب يقدم تنازلات مهمة لروسيا، بينما الأوكرانيون تحت ضغط للتوصل إلى اتفاق. في الوقت نفسه، تواجه أمريكا توترات مع زيلينسكي بسبب التكاليف الباهظة التي أنفقتها على الحرب الأوكرانية، حيث يطالب ترامب أوكرانيا بسداد 500 مليار دولار، ويقترح أن يتم الدفع من خلال مواردها الطبيعية النادرة.”
وواصل حديثه قائلا:
“التنازلات التي يقدمها ترامب لروسيا تجعل الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة لعلاقة إيران وروسيا. المشكلة الكبرى التي تواجه روسيا حاليا هي الحرب في أوكرانيا، حيث يسعى بوتين لأن يُنظر إليه على الصعيد الداخلي على أنه المنتصر في هذه الحرب. ومع تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن، التي كانت مجمدة سابقا، هناك خطط لاستثمارات أمريكية واسعة في روسيا. وبالتالي، كما تم تعليق اتفاقية الـ 25 عاما بين إيران والصين بسبب العقوبات، فإن الامتيازات التي يحصل عليها بوتين قد تجعله يركز بالكامل على تحقيق انتصار في الحرب، مما قد يؤدي إلى تعليق أو تأجيل الاتفاقية بين إيران وروسيا أيضا.”
وأضاف:
“زيارة سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إلى إيران خلال الأيام القادمة، وإن كان المعلن أنها ستركز على الملف السوري، فمن المحتمل أيضا أن تتم مناقشة قضايا تتعلق بإيران وأمريكا. هذه الزيارة تحمل أهمية كبيرة من جميع الجوانب. كما أنه بعد زيارة أمير قطر، سيكون من المثير للاهتمام معرفة مدى قدرة إيران وروسيا على التوصل إلى محادثات إيجابية وبناءة.”
أشار فرجي راد الى العقوبات وتأثيرها على الاتفاقيات الدولية مع إيران قائلا:
“في ظل استمرار العقوبات، خصوصا مع تشديدها من قبل الولايات المتحدة، لا يمكن توقع نجاح كبير للاتفاقيات الدولية مع إيران. العديد من الدول لديها مخاوف من علاقاتها مع واشنطن، وتخشى أن يكون التعاون مع إيران محفوفا بالمخاطر بسبب العقوبات. السعودية، والإمارات، وقطر، وروسيا، والصين والدول الأوروبية جميعها لديها مصالح اقتصادية ضخمة مع أمريكا، ولا تريد المخاطرة بهذه الاتفاقيات المربحة.
أما بالنسبة لروسيا، فقبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض، لم يكن بوتين يتوقع حتى في أحلامه أن ترفع أمريكا أو أوروبا العقوبات خلال العقد القادم. ولكن الآن، حصلت معجزة بالنسبة لروسيا، فهي لا تريد تفويت هذه الفرصة لإنهاء الحرب ورفع العقوبات.
وبالنسبة للصين، لديها عقود ضخمة تصل إلى 700 مليار دولار مع أمريكا عبر شركاتها، وهذه الشركات لن ترغب في تعريض مصالحها للخطر بسبب علاقتها مع إيران. وبالتالي، طالما استمرت العقوبات على إيران، فلن تتمكن أي دولة من تنفيذ اتفاقياتها معها بشكل فعلي.”