ترجمة: علي زين العابدين برهام
عاد المتشددون إلى العمل مرة أخرى وبدأوا هجماتهم ضد محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، من عدة جهات، فبعد حوار ظريف على هامش مؤتمر دافوس، شن المتشددون هجمات واسعة ضده.
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين“، الاثنين 27 يناير/كانون الثاني 2025، حوارا مع حميد رضا جلائي بور، الناشط السياسي الإصلاحي، حول هجوم المتشددين على ظريف، وموقف رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وموعد انتهاء هذا الهجوم. وفي ما يلي نص الحوار:
خلال الأيام القليلة الماضية، وتحديدا بعد حضور ظريف في دافوس، بدأت مرة أخرى هجمات منسقة، من قوى المتشددين، ضده، فقد خرج المحتجون إلى الشوارع، وتم التعبير عن مواقف ضده في الفضاء الافتراضي وفي البرلمان. ما تقييمكم لهذه الموجة الجديدة من الهجمات وما وراءها؟
هذه القوة التي أشرتم إليها قوة لا تتردد في التطرف في السياسة الخارجية، هي قوة لا تهتم بحياة 85 مليون إيراني يعانون من ضيق المعيشة، ولا تقلق من العقوبات الطويلة المفروضة على إيران. هذه القوة هي التي تستفيد من العقوبات.
نشاط هذه القوة السياسي يتمثل في إطلاق الشعارات، ولا تهتم بالواقع ولا تشعر بأي مسؤولية تجاه الحياة اليومية للناس. فمنذ عقدين وهي تطلق شعارات مثل “سنخترق العقوبات”، غافلة عن أن منافسي إيران الإقليميين يعملون على “الالتفاف حول إيران عبر الطرق والممرات”.
للأسف، هذه القوى المتطرفة لا تملك فهما صحيحا للأركان الثلاثة للقوة الوطنية (القوة العسكرية لمواجهة العدو، والقوة الاقتصادية لتأمين معيشة الإيرانيين، وقوة الشرعية السياسية لكسب رضا الشعب). القوة الوطنية لا تعني أن تطلق القوى المتطرفة شعاراتها بقلة عددها وأن تطلق وسائل الإعلام المضادة للوفاق صفاراتها باستمرار.
طالب المتشددون بمحاكمة ظريف بل واعتقاله. برأيك، ما هو سبب حقدهم على ظريف؟
هؤلاء المتشددون كانوا يتوقعون أن يقوم مجلس صيانة الدستور برفض تأهيل بزشكيان؛ حتى لا يخسروا في الانتخابات ولا يصلوا إلى هذه المرحلة التي أصبحت فيها الحكومة في الظل. والآن هم يحددون المهام للجهاز القضائي بناءً على أوهام! إن سبب هذه الشعارات هو أنه إذا نجحت جهود عقلاء النظام والحكومة وظريف وأدت إلى تقليل تهديدات العدو وتم العثور على طريقة لتجاوز العقوبات، فإن هذه القوى المتشددة لن تكون سعيدة.
لأنه في ظل ظروف الانفتاح، لن يتمكن هؤلاء المتشددون من إطلاق الشعارات، إنهم يرتعدون من المواقف المبدئية لمحمد جواد ظريف مثل شجرة الصفصاف. للأسف، فهؤلاء يتشاركون الهدف نفسه مع دعاة الإطاحة في وسائل الإعلام في مهاجمة حكومة بزشكيان وظريف.
ما هو تحليلكم لمواقف رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف تجاه ظريف؟
ربما كان قاليباف مفيدا في إدارة قوات الشرطة، لكنه لا يمتلك القدرة على الأداء المتوقع من “سياسي”، فهو عالق بين “التشدد المبدئي” و”البراغماتية”، فخلال الانتخابات الماضية، كان يطلق شعارات براغماتية لإنقاذ البلاد لجمع الأصوات، لكنه الآن رضخ أمام ضغوط المتشددين.
السياسي هو الشخص الذي يعرف الكوارث التي جلبتها السياسات الشعاراتية على عملية التنمية في إيران، ويفهم معنى “التفاف الدول حول إيران”، ويدرك أن عشرة ملايين شخص أضيفوا إلى قائمة الفقراء في إيران خلال عقد واحد. السياسي هو الشخص الذي لا يتردد في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.
الخبير والسياسي الحقيقي هو محمد جواد ظريف، فهو الذي فهم الظروف الصعبة لإيران، وأكد ضرورة عبورها من الأزمة، ووقف بثبات لدعم ذلك ودافع عنها بكرامة على الساحة الدولية دون خوف. قاليباف لا يمتلك القدرة على ممارسة السياسة في ظل الأزمات، فهو يترنح بشكل ضعيف بين هذا وذاك، ولا يعزز قاعدته الشعبية في المجتمع ولا يقدم أي خدمة لإيران.
البرلمان يقول إن تعيين ظريف غير قانوني، ولكن يبدو أن الحكومة حصلت على تصريح ما بشأن وجود ظريف. ما رأيكم؟
ظريف لا يحتاج إلى منصب، بل إن الإدارة الصحيحة للشؤون الاستراتيجية هي التي تحتاج إلى ظريف، فهو لم يكن ولا يزال لا يبحث عن منصب، والنظام في هذه الظروف الحرجة يحتاج إلى القدرة العالمية لظريف. هؤلاء المتشددون يشعرون بغضب شديد من هذا الأمر ومن قيام النظام بالتصرف بحكمة، وهم في حالة من الفوضى والغضب.
لا يبدو أن هذه الهجمات ستنتهي هنا، بل ستستمر. برأيك، ما الطريق الذي يمكن أن يوفر لظريف هامشا من الأمان؟
نعم، منذ ثلاثة عقود وهؤلاء المتشددون يفرضون تكاليف باهظة على إيران. إن أفضل الطرق لمواجهة هؤلاء المتشددين هي: أولا، أن يثبت ظريف على مواقفه المبدئية التي أعلنها للعالم في دافوس. ثانيا، أن يدعم النظام والحكومة المواقف المبدئية لظريف كما فعلوا في السابق. ثالثا، يجب أن نكون واقعيين ونفهم سبب استياء المتطرفين.
إذا تمكنت إيران في مجال السياسة الخارجية من التعامل بحكمة (مثل إنهاء الحرب التي استمرت ثماني سنوات بقبول القرار 598) ومعالجة العقوبات المفروضة على إيران، فلن يكون لدى المتشددين أي مجال لإطلاق الشعارات. لذلك، من المناسب أن يواصل النظام والحكومة وظريف تنفيذ إجراءاتهم بحزم، وأن يتحمل المجتمع المدني والرأي العام صراخ المتشددين وشعاراتهم الصاخبة.
إن التعايش مع المتشددين في إطار سيادة القانون، في الشرق الأوسط المتقلب، هو أحد سبل إنقاذ إيران.