كتب: ربيع السعدني
تسود حالة من الترقب منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد بشأن مستقبل العلاقة بين طهران، والنظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، حيث كانت دمشق أحد أركان ما سُمي بمحور المقاومة.
وفي هذا السياق صرح علي لاريجاني، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، في برنامج “مقابلة خاصة” يوم 2 يناير/كانون الثاني 2025: “لقد حصلنا على تأييدنا في سوريا”، بحسب تقرير تابناك .
كانت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، قد أعلنت يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن مباحثات دبلوماسية تجري؛ من أجل إعادة فتح السفارتين في دمشق وطهران.
وأضافت مهاجراني في تصريحات خاصة لـ”العربية فارسي“: “المهم بالنسبة للجمهورية الإسلامية هو حكومة تعتمد على أصوات الشعب السوري، ومن المهم الحفاظ على وحدة أراضي هذا البلد ومنع تنامي الإرهاب”.
حكومة سوريا الجديدة تحذّر
وفي سياق آخر، أكد أسعد الشيباني، وزير خارجية الحكومة السورية الجديدة، يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، من أنه “يتوجب على طهران أن تغير سياستها تجاه سوريا “بشكل جذري.
وكتب الشيباني على حسابه بمنصة إكس، الثلاثاء 24 ديسمبر/كانون الأول 2024: “يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها”، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
ومع سقوط نظام الأسد، فقدت طهران حليفا مهما وممرا حيويا، والذي كان لسنوات بمثابة طريق لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني، إحدى أقوى أذرع البلاد في المنطقة.
ومن جهته قال لاريجاني الذي كان قد سافر إلى سوريا قبل نحو 20 يوما مامن سقوط نظام الأسد ممثلا خاصا للزعيم الإيراني: “كان هناك شعور بالخطر في سوريا منذ أشهر، لكن لم يتوقع أحد أن تتفاقم الأمور بهذه السرعة”.
وأضاف في تصريحاته للقناة الثامنة يوم 2 يناير/كانون الثاني 2025: “المجتمع السوري مجتمع غير مستقر، بلد يقع جزئيا تحت سيطرة دولة أخرى، بلد من الجانب الآخر، من العالم يحيط بنفطه”، مؤكدا أن الوضع في سوريا ليس طبيعيا وطريقة تعامل إيران مع سوريا تعتمد على سلوك النظام الحالي في هذا البلد”.
تخوفات إيرانية
في الوقت نفسه، أعرب عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، عن تشاؤمه بشأن التطورات في سوريا، حسبما صرح حسام دات بير، محلل قضايا الشرق الأوسط السياسية، في حديث خاص لـ”بي بي سي فارسي” يوم 2 يناير/ كانون الثاني 2025.
وأضاف لاريجاني في تصريحات خاصة لوكالة أنباء “إيرنا” الرسمية: “إذا كان سلوك الحكم الحالي في سوريا عقلانيا فلا مشكلة لدينا معهم أيضا، وإن توقع بوادر العقلانية من التيار الحاكم في سوريا يعني عدم وجود سياسة مبنية على التطورات الجديدة، ومجرد المشاهدة وتكرار المواقف التي لا تسمع في دمشق لن يخدم مصالح طهران”.
وتساءل لاريجاني في تصريح لتلفزيون “Tv.Snn.Ir” “لو أطلقنا سراح الإرهابيين في سوريا منذ البداية، ألن يكون ذلك أكثر تكلفة بالنسبة لإيران؟ ورد قائلا: “لو طلبنا من الأسد الموافقة على الإصلاحات السياسية قبل دخول الإرهابيين إلى سوريا، لكانت التكلفة أقل بالتأكيد، ولما وقعت الحكومة السورية في أيدي الإرهابيين”.
فوائد عودة الحليف السوري
وقال لاريجاني، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام: “من القضايا التي تناقش كثيرا هذه الأيام ما حدث في سوريا، فهل كان سلوك إيران في ما يتعلق بسوريا صحيحا أم لا؟ إنها نقطة دقيقة للغاية أن لدينا مشكلة تتعلق بالأمن القومي في الحرب ضد الإرهاب، أي إذا رأيت شعارات هذه الجماعات الإرهابية فإن سهمها يتجه نحو الجمهورية الإسلامية، وكان العراق، وإلى حد ما، وروسيا يعانيان من نفس المشكلة نفسها؛ أي إن لديهم مشكلة مع هذه الحركة الإرهابية إلى حد ما.
وأكد لاريجاني بحسب تقرير تابناك نقلا عن “وكالة فارس” الرسمية: “سؤالي هو، إذا كانت هذه الدول، رغم كل خلافاتها، لديها همّ مشترك في قضية أمن قومي، فهل هذا صحيح أم يجب أن يقولوا، لأن لديكم خلافا معنا في قضية أخرى، سنعمل معكم في هذه القضية، أليس كذلك؟ حسنا، من المنطقي أن يتحد الجميع في هذا الاتجاه”.
وأضاف: “ما حدث هو أننا قمنا بالتنسيق مع سوريا والعراق وروسيا لمحاربة الإرهابيين، وهذا ليس من أجل موارد إيران فقط، بل من أجل مصالح كل هذه الدول. عندما عملنا معا، ساهمنا جميعا وحققنا نجاحا أكبر. فهل كان من العقل أن نتمكن من صد الإرهابي خلال هذه الفترة بالتنسيق بين الدول؟ لقد استفدنا من حقيقة أننا استثمرنا في سوريا في وقت ما”، موضحا: “أعتقد أنه كان من المنطقي جداً بالنسبة لنا أن نقمع العدو خارج حدودنا. حسنا، عندما تقوم بالقمع خارج الحدود، فإننا أيضا نقدم شهداء، وهذا أيضا يكلف أموالا. إذا أدخلت العدو إلى الداخل وقمت بقمعه، فستكون تكلفتك أعلى بالتأكيد. وبدلا من قتال العدو داخل حدودنا، مما يخلق مشاكل للشعب، قمنا بقمعه خارج الحدود في مكان آخر له مصلحة مشتركة للأمن القومي مع دولة ما”.
مستقبل العلاقات بين البلدين
وفي ما يتعلق بمستقبل العلاقات مع السلطات السورية الجديدة، قال إسماعيل بقائي، وزير خارجية إيران، وفقا لوكالة “إيرنا” الرسمية، إن “العلاقات بين الشعبين تاريخية، كانت لدينا علاقة طويلة الأمد من الناحيتين الحضارية والسياسية مع سوريا. كنا دائما نحرص على مصلحة سوريا، وساعدناهم في مكافحة الإرهاب في المستقبل، سنتخذ قراراتنا بناء على سلوك القوى الحاكمة في سوريا”.
وأشار بقائي إلى أن العلاقات بين البلدين، إيران وسوريا، لها تاريخ طويل جدا، وأوضح: “لقد كانت لدينا علاقة وثيقة مع سوريا سياسيا وثقافيا خلال هذه السنوات السبع أو الثماني أو العشر، كنا دائما إلى جانب سوريا وحاولنا مساعدتها في التغلب على داعش والإرهاب المتطرف، وفي المستقبل سنتخذ قراراتنا وفقا لأداء وسلوك التيارات الحاكمة في سوريا”.