كتبت/ يسرا شمندي
تُعدّ الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي من المناصب الحساسة التي تتطلب توافقًا بين الرئيس الإيراني والمرشد الأعلى، حيث تلعب دورًا محوريًا في اتخاذ قرارات الأمن القومي والسياسة الخارجية. ورغم التكهنات الأخيرة حول تغيير محتمل في هذا المنصب، يثير عدم إصدار مرسوم رسمي حتى الآن المزيد من التساؤلات في الأوساط السياسية، وقد تم تداول بعض الأسماء المرشحة لتولي المنصب، أبرزها علي شمخاني الذي شغل نفس المنصب سابقًا، وما زال الأمين الحالي علي أكبر أحمديان يشغل المنصب مؤقتًا.
من هو علي شمخاني؟
ذكر موقع المعرفة في تقرير نشره وُلد علي شمخاني في 1955 بمدينة الأحواز لعائلة عربية من بني كعب. درس الزراعة في جامعة الشهيد جمران بالأهواز، ثم حصل على ماجستير في الشؤون العسكرية والإدارة. هو قائد عسكري إيراني، يشغل حاليًا منصب المستشار السياسي للمرشد علي خامنئي وعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ مايو 2023، شغل سابقاً منصب وزير الدفاع حتى أغسطس 2005 وقائد القوات البحرية الإيرانية، كما كان أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي من 2013 حتى مايو 2023.
من هو علي أكبر أحمديان؟
أفادموقع المعرفة في تقرير نشره وُلد علي أكبر أحمديان عام 1960 في مدينة بابك بمحافظة كرمان، بعد بدء دراسته في طب الأسنان، انقطع عنها للالتحاق بالخدمة العسكرية خلال الحرب الإيرانية-العراقية، حصل لاحقًا على درجة الدكتوراه في طب الأسنان من جامعة طهران، وماجستير في علوم الدفاع ودكتوراه في الإدارة الاستراتيجية من جامعة الدفاع الوطني، هو قائد عسكري إيراني والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، شغل منصب رئيس المركز الاستراتيجي للحرس الثوري منذ 2006، وهو عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
بناءً على تقرير نشرته وكالة أنباءخبر أونلاين بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2024، فإنه على الرغم من فوز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة الـ14، إلا أن التكهنات ما زالت قائمة حول تغيير أمين المجلس الأعلى للأمن القومي وظهرت أسماء عديدة لشغل هذا المنصب، ورغم مرور ما يقرب من شهر على بدء عمل الحكومة رسميًا، لم يتم نشر أي أخبار عن تغيير أمين المجلس الأعلى أو حتى بقاء الأمين الحالي علي أكبر أحمديان في منصبه. بعبارة أخرى، لم يصدر حتى الآن أي قرار تعيين لأمين هذا المجلس من قبل رئيس الحكومة الرابعة عشرة.
والجدير بالذكر أن أحمديان قد سافر إلى روسيا هذه الأيام لحضور اجتماع لكبار المسؤولين الأمنيين في دول بريكس، ومع ذلك، إذا كان سيستمر في شغل هذا المنصب، فسيتعين على الرئيس إصدار مرسوم جديد له، والذي لم يصدر حتى وقت كتابة هذا التقرير.
والنقطة المهمة أن الرئيس السابق إبراهيم رئيسي عين أحمديان في حزيران/يونيو 2023 ليكون السكرتير الخامس للمجلس الأعلى للأمن بعد استقالة علي شمخاني، وكان عضواً في “مجمع تشخيص مصلحة النظام” وشغل سابقًا منصب رئيس المركز الاستراتيجي للحرس الثوري.
وبحسب المادة 176 من الدستور، ومن أجل ضمان المصالح الوطنية وحماية الثورة الإسلامية ووحدة الأراضي والسيادة الوطنية، يتم تشكيل “المجلس الأعلى للأمن القومي” برئاسة رئيس الجمهورية لاتخاذ أهم القرارات في مجال الأمن القومي، والسياسة الخارجية والدفاعية والأمنية. في إطار هذا المجلس، يحضر كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين والأمنيين، وتصبح قراراته ملزمة بعد موافقة المرشد الأعلى. إن أهم منصب ثابت في المجلس الأعلى للأمن القومي هو مسؤولية الأمانة العامة، والتي يعينها مباشرةً رئيس الجمهورية، ويتولى الأمين العام للمجلس مسؤولية إدارة الأمانة العامة والإشراف على التنفيذ الصحيح لقرارات المجلس وشؤونه الإدارية والتنفيذية، ولأنه لا يملك حق التصويت، يقوم المرشد الأعلى بتعيينه كممثل له في المجلس ليحصل على حق التصويت.
شمخاني يحل محل جليلي
في إطار تولي الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني الرئاسة في عام 2013، عُين القائد العسكري والسياسي علي شمخاني أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي، حيث ظل في منصبه حتى يونيو/حزيران 2023. رغم نقل ملف البرنامج النووي إلى وزارة الخارجية بقرار من روحاني، تصاعدت الخلافات بين شمخاني وروحاني، وامتنع روحاني عن تعيين شمخاني مجددًا في 2017.
وبصدد ذلك تحدث مسؤول مكتب الرئيس في الحكومة الثانية عشرة محمود واعظي مع صحيفة “اعتماد”، وقال: “تحدثت مع (شمخاني) في اجتماع مفصل وقلت إن مصلحة البلاد هي أن تكون هناك علاقة واضحة وشفافة بين السكرتير والرئيس، لكن ذلك لم يحدث وكان فقط يبدي الموافقة على الكلام ظاهريًا، لكن في الواقع كان الأمر مختلفًا، وكان روحاني يتابع مسألة الاتفاق النووي شخصيًا، ولو كانت الأمانة العامة مترابطة ومنسجمة مع الرئيس، لكان الاتفاق قد تم توقيعه في الحكومة الثانية عشرة. كما أن تغيير الأمين دائمًا يكون باتفاق بين رئيس الجمهورية والمرشد الأعلى، وقد حاول السيد روحاني عدة مرات تغيير أمين المجلس ولم ينجح.”
والجدير بالملاحظة أنه في مذكرات حسن روحاني حول اختيار أعضاء مجلس الوزراء، ذكر: “أنه كان يبحث عن أمين للمجلس الأعلى للأمن القومي يتمتع بالسلطة والتنسيق مع الحكومة، وقد عرض أولاً المنصب على السياسي ناطق نوري لكنه رفض، ثم على السياسي العسكري محمد فروزانده وأيضًا لم يقبل، وفي النهاية، اقترح علي شمخاني الذي تردد في البداية، لكنه وافق بعد إصرار روحاني، وقد شعر روحاني بالندم بعد ذلك.”
وتبعًا لذلك مع رحيل حسن روحاني عن الرئاسة عام 2021 ووصول إبراهيم رئيسي إلى السلطة، تزايدت همسات استقالة علي شمخاني من منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي وعودة السياسي والدبلوماسي سعيد جليلي إلى منصبه السابق، ولكن ظلت قضية تغيير أمين هذا المجلس مفتوحة حتى عام 2023. أيضا، بعد الاحتجاجات التي عمت البلاد في عام 2022 وإعدام أحد مسؤولي وزارة الدفاع في عهد شمخاني علي رضا أكبري، وصلت همسات إقالة شمخاني إلى ذروتها، وأخيرًا، في يونيو/حزيران 2023، أعلنت “نور نيوز”، وهي وسيلة إعلامية مقربة منه، عن رحيل شمخاني من المجلس الأعلى للأمن القومي.
في ضوء ذلك عندما تولى مسعود بزشكيان السلطة، كانت هناك شائعات حول تعيين رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، لكن هذه المسألة بقيت غير مؤكدة. الآن، مع سفر أحمديان إلى روسيا، تنتشر بعض الأخبار في الأوساط السياسية تشير إلى أن شمخاني وأنصاره يسعون للعودة إلى المكتب الرئاسي، في وقت أصبحت فيه قضية أنشطة أبنائه موضوعًا ساخنًا في الأوساط السياسية والإعلامية. لكن هذه الأخبار على مستوى التكهنات الإعلامية والسياسية. وبالنظر إلى أن أهم أجندة سيكون لدى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الحكومة الرابعة عشرة هي مشاركة وزارة الخارجية في الملف النووي والمفاوضات حول رفع العقوبات، فمن غير المرجح أن يهتم بزشكيان بوجود شمخاني بسبب مواقفه من خطة العمل الشاملة المشتركة والملف النووي الإيراني.