كتبت ـ آية السيد
يواجه مجموعة من الصحفيين الإيرانيين تعطيل شرائحهم الهاتفية بسبب نشرهم محتوى سياسياً أو محتوى لا يتوافق مع القيم الثقافية والدينية للبلاد، وتعود أسباب إيقاف شرائح الهواتف المحمولة لعدد من الصحفيين والنشطاء السياسيين إلى منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشير عديد من المحامين إلى أن السبب الرئيسي لتعطيل هذه الشرائح هو أنشطة هؤلاء الأفراد، مثل كتابة مقالات نقدية عن الوضع السياسي، أو نشر منشورات تتعلق بالاحتجاجات السياسية، أو قضايا المرأة ومواقفهم المعارضة لسياسات الحكومة.
غالبا ما تعطل السلطات الإيرانية شرائح الهواتف بسبب نشر محتويات تعتبر “مخالفة” أو “تحريضية”، حيث تشمل هذه المحتويات انتقادات للحكومة أوصورا ومقاطع فيديو لا تتناسب مع القيم الثقافية والدينية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة شرق الإيرانية 19 سبتمبر 2024
التبعات الناتجة عن تعطيل شرائح الهواتف
و أشار التقرير إلى أن تأثير تعطيل شريحة الهاتف لا يقتصر فقط على الحرمان من خدمات الاتصال، بل يمتد ليشمل العديد من الخدمات الإلكترونية الأخرى التي تعتمد بشكل رئيسي على رقم الهاتف مثل المعاملات البنكية، وتحويل الأموال، والدخول إلى الحسابات الإلكترونية الحكومية والخاصة، حيث یتم إيقاف جميع الخدمات في حال تعطيل شريحة الهاتف.
شهادات بعض النشطاء حول تعطيل شرائح الهواتف
واستعرض التقرير ما قالته الصحيفة سبيده( اسم مستعار) حيث تم ايقاف شريحتها في يونيو، بسبب نشر محتوى سياسي على وسائل التواصل الاجتماعي وتروي سبیده: “في أبريل نشرت محتوى على تويتر ، ثم تلقيت اتصالا من رقم خاص لكنني لم أرد، بعد ذلك اتصلوا بأحد أفراد عائلتي وطلبوا مني عدم الكتابة عن السياسة مؤكدين أنهم يعرفون مشكلات البلاد، ولم أنشر أي شيء حتى يونيو”.
وتابعت:” حين انقطع الإنترنت والإشارة عن هاتفي توجهت إلى مكتب الحكومة للاستفسار عن سبب قطع خط 0912، فأخبروني أنه يجب علي تقديم شكوى في النيابة العامة، لأنهم لم يعرفوا الجهة المسؤولة عن قطع الخط، وبعد المتابعة قيل لي إن القرار جاء من الجهات العليا، وأعطوني رقما للاتصال لمتابعة الأمر، وعند الاتصال أرشدوني إلى مكان أخر لاستكمال الإجراءات”
وأضافت:”لم يتعاملوا معي بشكل سيء، لكنهم طلبوا مني حذف بعض المنشورات السياسية وصوري بدون حجاب، بعد ذلك وقعت تعهدا، وفي اليوم التالي تم إعادة تفعيل خطي لكنه كان معطلا لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا.”
وأضاف التقرير أيضا ما ذكر ناشط طلابي يدعى “شهرام” (اسم مستعار) أنه استيقظ مؤخرا ليجد أن هاتفه لا يتصل بالإنترنت ولا توجد إشارة، وبعد محاولات عديدة للتواصل أخبره صوت آلي أن شريحته مغلقة، وعندما اتصل بشركة إيرانسل(أكبر شركات الاتصالات في إيران)، قيل له إنه يجب أن ينتظر بين 24 ساعة وثمانية أيام لمعرفة سبب إغلاق خطه، وأعرب شهرام عن استغرابه من هذا الوضع، مؤكدا أنه لا يرى سببا سوى تدخل جهات معينة، كما أضاف أنه لو كان هناك انقطاع في الشبكة أو مشكلة تتعلق بالديون، لكانت الشركة قد أبلغته بذلك.
التدابير القانونية وردود الفعل
وجاء في التقرير ما أشار إليه المحامون من أن تعطيل شرائح الهواتف المحمولة في إيران يعد إجراء غير قانوني، حيث يقول المحامي “بيام درفشان” إن هذا الإجراء غيرعادل لأنه لا يوجد قانون يسمح للسلطات القيام بذلك كعقوبة، ويضيف درفشان أن هذه الإجراءات تتعارض مع الدستور الإيراني الذي يحمي حقوق المواطنين في التواصل.
وذكر التقرير أيضا ما تقوله المحامية “شهلا أروجی” محامية بارزة وعضو نقابة المحامين المركزية لا توجد عقوبات مثل هذه منصوص عليها في القانون، مشيرة إلى أنه وفقا للمادة 36 من الدستور يجب أن تصدر العقوبة عن المحكمة المختصة وبموجب القانون، ولا يحق للضباط القضائيين فرض عقوبات.
كما توضح أن هذه العقوبات غير موجودة في قوانيننا ولا يمكن اعتبارها كعقوبات تكميلية، وتعد هذه الإجراءات انتهاكا للحقوق وتتنافى مع القانون، ووفقا للمادة 22من الدستور فإن حقوق الأفراد محمية من التعرض إلا في الحالات التي يسمح بها القانون.
لذا، حتى إذا كانت هذه الإجراءات تستند إلى أمر قضائي فهي غير قانونية. يمكن توقيف خط الهاتف فقط في حالات معينة مثل إذا كان ملكا لشخص مدين لاستعادة الديون، أو في قضية تتعلق بنفس الشريحة حيث يمكن إصدار أمر بتوقيفها، أو حكم بنقل ملكية الشريحة إلى شخص آخر.
وعلق المستشار القانوني” موسى برزين” على فرض عقوبات مثل تقييد الخدمات الاجتماعية ضد معارضي الحجاب الإلزامي بقوله: “تطبق هذه العقوبات منذ عام أو عامين، ولا توجد أي شكاوى جنائية ضد هؤلاء الأفراد، أي أنه لا توجد قضايا جنائية مسجلة حيث تسجل الشكاوى لدى شرطة الإنترنت أو شرطة الأمن الأخلاقي فهذه الإجراءات تعتبر غير قانونية تماما في غياب الشكاوى الجنائية.
وتابعقائلا: إذا كانت هناك شكوى جنائية يمكن لشرطة الإنترنت أن تصدر أمرا حسب الحالة بحظر صفحة إنستغرام أو شريحة هاتف شخص معين، لكن هذا يحدث فقط إذا كان هناك سبب مشروع مثل ارتكاب احتيال عبر إنستغرام أو إزعاج شخص ما عبر الهاتف، وفي هذه الحالة يمكن إصدار مثل هذا الحكم.”
ويؤكد المستشار القانوني أيضا أنه من الصعب متابعة الإجراءات القانونية المتعلقة بالسلطات التي منحت صلاحيات غير قانونية لشرطة الأمن الأخلاقي وشرطة الإنترنت قائلا:”مع ذلك ننصح المواطنين بتقديم طلب مكتوب إلى مكتب المدعي العام في مكان إقامتهم لرفع القيود المفروضة على شرائح الهواتف وحساباتهم البنكية”، وفقا لتقرير نشره موقع إيران وايرن 13 سبتمبر 2024.
و ذكر التقرير ما يقوله أحد المطلعين في هذا الصدد دون ذكر اسمه :”قبل أبريل 2024 كانت هذه الإجراءات غير قانونية، ولكن بعد تأكيد وإصدار وثيقة تحول السلطة القضائية أصبحت إجراءات مثل حظر الحسابات البنكية وشرائح الهواتف تمارس كإجراء وقائي ضد الجرائم، لكنها في الواقع تهدف إلى مزيد من السيطرة على النشطاء”.
هذه الوثيقة التي تم اعتمادها من قبل رئيس السلطة القضائية في أبريل من هذا العام، وينص بوضوح على أن الوقاية من الجرائم المتعلقة بشرائح الهواتف المحمولة أو المعرفات الاتصالية المعادلة لها تشمل حظرا أحاديا أو تعطيل شرائح الهواتف للأجانب ذوي الإقامة المؤقتة خارج البلاد، والسجناء خلال فترة وجودهم في السجن، والأشخاص الاعتباريين الذين تم حلهم أو إغلاقهم، والمتوفين حتى يتم تحديد وضعهم من قبل المالك القانوني.