كتبت: شروق السيد
شهدت الساحة الإعلامية الإيرانية، مؤخرا، هجوما لاذعا من صحيفتين أصوليتين بارزتين على تصريحات رئيس الجمهورية حول “الملاطفة مع الأعداء”، حيث اعتبرت صحيفة “جوان” هذه التصريحات غير واقعية ومتناقضة مع التاريخ الطويل للعلاقات العدائية مع الولايات المتحدة. وفي سياق آخر، وجهت صحيفة “كيهان”، التي تعتبر لسان حال المرشد، انتقاداً حاداً للسياسات الاقتصادية للرئيس، مشيرة إلى تناقضها مع ما أعلنه حول الحرب الاقتصادية الشاملة.
هجوم صحيفة “جوان” -التابعة للحرس الثوري- على بزشكيان: لماذا قلتم “الملاطفة مع الأعداء” في مواجهة أمريكا؟ هل تنوون التفاوض سراً مع ترامب؟
كتبت صحيفة “جوان” أنه على الرغم من أن تصريحات رئيس الجمهورية لم تُعتبر يوما، سواء من قِبل أصدقائه ومؤيديه أو من قِبل منتقديه، تصريحات نظرية أو فكرية، إلا أن موقعه يُجبر المستمع على التمعن في الأبعاد اللغوية، والقانونية، والسياسية لبعض الكلمات والمصطلحات.
من بين هذه المصطلحات ما قاله مؤخرا: (الملاطفة مع الأعداء). كأننا نحن من كنا نتشدد مع العدو طوال الوقت، والآن حان وقت المداراة!.
وتابعت: هذا التصريح يبدو موجهاً أكثر إلى عدونا الأساسي، الذي بدافع الحقد والطمع والصفات اللاإنسانية، لم يظهر لنا أي تسامح أو رحمة، والآن، بدلاً من أن يستشهد الرئيس الملمّ بنهج البلاغة بمضامين من هذا الكتاب الشريف، لجأ إلى حافظ الشيرازي الذي يقدم نصائح أخلاقية ضمن إطار المجتمع الداخلي، وليس توجيهات سياسية للتعامل مع أعداء مثل أمريكا.
وأضافت: التعامل مع الأعداء يجب أن يستند إلى العقلانية، وأساس هذه العقلانية هو التجربة والمنطق، وليس الشعر الأخلاقي، فرغم أن كل شعر جيد يحمل في طياته منطقا، فإنه يجب أن يُستخدم في موضعه الصحيح.
عقلانيتنا، التي تستند إلى نصف قرن بل ربما سبعة عقود من التجربة، تؤكد أن أمريكا لم تظهر لنا تسامحا أبدا، وأن تسامحنا معها الآن تعبير خاطئ، في غير محله ولا معنى له.
وأضافت: وكما أُشير، لا نتوقع من الرئيس الطبيب أن يتناول أبعاد الكلمات بدقة كسياسي متمرس، لكن ماذا نفعل؟! أي شخص يسمع أن أمرا قد صدر بالتسامح مع العدو، دون أن يكون على دراية بتفاصيل العلاقات العدائية الطويلة بين أمريكا وإيران، قد يعتقد أننا نحن من نضغط على عنق أمريكا وأن خصمنا، الذي يوشك على الاختناق، بحاجة إلى بعض الرفق والتسامح!
وإذا اعتبرنا أن تصريحات الرئيس تمهيد لمفاوضات سرية مع ترامب حتى قبل تسلمه السلطة، فإن الأمر يزداد سوءا، التجربة تعلمنا أنه لا يمكن الوثوق بأمريكا أو بيمينها على الإنجيل.
وتابعت قائلة: السيد بزشكيان نفسه بدأ أولى تجارب حكومته مع اغتيال هنية وخيانة أمريكا بوعودها بإنهاء الحرب مقابل عدم انتقام إيران، وهو أمر اعترف به عدة مرات، لسنوات، أكدت إيران أنه إذا أرادت أمريكا التفاوض، فيجب أن تبدأ برفع العقوبات بالكامل عبر إجراءات عملية، لكن هذا لم يحدث أبدا، لأن نية أمريكا من المفاوضات لم تكن يوماً حل نزاع أو إنهاءه؛ فمصالحها تكمن في استمرار هذه النزاعات والعداوات.
إنها تفعل الشيء نفسه مع الصين، وروسيا، وحتى مع أوروبا والعرب، أوروبا تعلن استياءها من محاولات أمريكا استعبادها عسكرياً واقتصادياً، أما العرب، فهم يخدعون من قبل أمريكا، وبسبب افتقارهم إلى شجاعة المقاومة والوقوف بوجهها، يقدمون لها الرشاوى والضوء الأخضر حتى عندما تواجه المقاومة من مجموعة صغيرة من الشعب العربي في غزة.
وأضافت الصحيفة الإيرانية: مع مثل هذا العدو، عن أي ملاطفة تتحدثون؟! انظروا إلى الرجال المجانين الذين اختارهم ترامب لأهم مناصب حكومته! هل تعتقدون أن سماعهم عبارتكم عن التسامح مع الأعداء سيؤدي إلى أي تأثير إيجابي عليهم؟ أو أن رد فعلهم سيكون غير السخرية والمزيد من العداوة؟
وتابعت: في مواجهة المجنون، يجب أن يكون المرء عاقلا، ومع عدو يملك دوافع لبدء العداوة منذ الأزل وللاستمرار فيها في زمننا الحالي، فإن التسامح يعني تشجيعه على مزيد من العداوة، الرئيس لا ينبغي أن ينخدع بأصدقاء جاهلين ينصحونه بالتخلي عن الصراع مع أمريكا، هل نحن من بدأنا العداوة أصلا؟! ربما تكون هناك “خدعة” استراتيجية فعالة وراء طرح فكرة المداراة، لكن عليكم أن تقبلوا ديوان حافظ وتضعوه على الرف، وتستعينوا بدفتر العقل وتجارب الشعب الإيراني إذا كانت هناك عزيمة حقيقية.
هجوم صحيفة “كيهان” على بزشكيان: أي قائد اقتصادي في خضم الحرب يستورد هواتف أمريكية-إسرائيلية؟!
كتبت صحيفة كيهان: السيد بزشكيان، رئيس الجمهورية المحترم، صرّح بأننا في خضم حرب اقتصادية شاملة.
وأضافت: تصريح رئيس جمهورنا صحيح تماما، لكن سياساته الاقتصادية تتناقض مع كلامه، حقا، أي قائد اقتصادي في خضم حرب اقتصادية شاملة مع الأعداء يخصص العملة الصعبة المخصصة للسلع الأساسية للفئات المستضعفة لشراء هواتف باهظة الثمن تحمل علامات تجارية أمريكية-إسرائيلية موجهة للفئات المترفة؟!