كتب: زينب بيه
تزامنا مع زيارة رئيس الجمهورية الإيرانية، مسعود بزشكیان، لنيويورك لحضور الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، أشارت بعض الصحف الإصلاحية، مثل صحيفتي “سازندجي” و”اعتماد”، أن الرئيس سيلتقي خلال هذه الزيارة ترامب وكامالا هاريس ومسؤولين أمريكيين آخرين، وقد وصفت هذه الجهات تلك اللقاءات بأنها “حل للعقدة في نيويورك”، مما يعكس توصيات مُهينة تُوجه للرئيس، وفقا لما نشرته صحيفة “كيهان” الإيرانية بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2024.
وذكر حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان، أنه قلق بشأن مواقف وأقوال ونهج بزشکیان خلال زيارته لأمريكا، واصفاً أي لقاء مع المسؤولين الأمريكيين بأنه استسلام لمؤامرة حقيرة، بحسب موقع “رويداد 24” بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2024.

كما انتقدت صحيفة “كيهان” بشكل مباشر، صحيفة “سازندجی” بسبب طرح فكرة لقاء بزشكیان مع ترامب وهاريس، مشيرةً إلى أن “بعض الإصلاحيين إما لا يفهمون حقائق النظام الدولي وإما يتعمدون إنكارها وتجاهلها”، واعتبرت “كيهان” أن السياسة الخارجية لحكومة روحاني، الرئيس الإيراني السابق، كانت مثالا على فشل التواصل مع الولايات المتحدة، مضيفةً: “إن تكرار الخطأ نفسه هذه المرة ليس عن غفلة، بل يعزز الشكوك حول الخيانة بين بعض منتمي التيار الإصلاحي”، وفقا لموقع “رويداد 24”.
وأضافت “كيهان”، أن الولايات المتحدة متهمة بارتكاب جرائم متعددة ضد إيران، حيث لم تفِ بالتزاماتها الدولية، وكان الاتفاق النووي مثالا بارزا على ذلك، إذ أقر مسؤولون إيرانيون بأن المفاوضات التي كانت تهدف إلى رفع العقوبات قد أدت فقط إلى زيادتها. ويُعتبر الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مسؤولا عن اغتيال الشهيد قاسم سليماني.
تساؤلات حول جدوى اللقاء بين بزشكيان وبايدن
وطُرحت العديد من التساؤلات في الصحف الإيرانية حول ضرورة لقاء بزشكیان مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وما إذا كان هذا اللقاء سيساهم في حل مشاكل البلاد أو في تعزيز الدبلوماسية، بحسب ما ذكره موقع “خبر أونلاين” بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2024.
وتضيف “خبر أونلاين” أنها كتبت مُدافعةً عن مكالمات حسن روحاني الهاتفية مع أوباما طوال فترة حكومته، ودعمت فكرة الحوار مع الرئيس الأمريكي في السنوات التالية، إلا أنها ترى أنه لا ينبغي أن يحدث لقاء بين الرئيسين هذه المرة.
عدم اهتمام إيران والولايات المتحدة باللقاءات المحتملة
يبدو أن الحكومة الإيرانية لا تُبدي اهتماما باللقاء المحتمل مع الولايات المتحدة، بينما تشير المعلومات إلى أن إدارة بايدن أيضا ليست متحمسة لمثل هذه المفاوضات. وهذا اللقاء بين إيران والولايات المتحدة، في ظل قيادة بايدن، لا يبدو أنه سيحقق فائدة ملموسة لإيران، فقد انسحبت الحكومة الأمريكية من الاتفاق النووي قبل 6 سنوات، وعلى الرغم من محاولاتها للتفاوض، فإنها لم تتمكن من إعادة إحياء هذا الاتفاق، وعلاوة على ذلك، من المقرر أن يبقى بايدن في السلطة لمدة 3 أشهر فقط، في وقت يتزامن مع الانتخابات، وهذا يجعل التفاوض معه محفوفا بالمخاطر، وإذا تولت كامالا هاريس الحكم، فقد تنشأ قضايا جديدة تتعلق بالعلاقات بين البلدين، بينما إذا عاد ترامب إلى السلطة، فسيتعين إعادة تقييم العلاقات مجددا، وبناءً على ذلك، لا يُعتبر لقاء بزشكیان مع الرئيس الأمريكي مُجديا في ظل هذه الظروف، وفقا لما ذكره موقع “خبر أونلاين”.
وحتى الآن، لم تُقدم الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا) التهاني لـ بزشكیان بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية، وهو إجراء تقليدي حتى بين الدول المعادية، كما أعلنت الحكومة الأمريكية رسميا أنها لا تعترف بشرعية الانتخابات التي أسفرت عن انتخاب بزشكیان، بحسب ما نشرته صحيفة “كيهان”.
وفي سياق آخر، عندما أشار بزشكیان إلى الولايات المتحدة بـ”الأخ” دون انتباه، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، بوقاحة، بأن “الأخوة ليست مجرد كلمات”، مُشيرا إلى ضرورة تغيير إيران سياساتها في قضايا متعددة، مثل الاتفاق النووي والقضايا الإقليمية، ووقف دعمها لـ”حماس” وحزب الله لإثبات “أخوتها” مع أمريكا.
وتضيف صحيفة “كيهان”، أن الإدانة لأمريكا وأوروبا تتزايد بسبب دعمهما للجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام الصهيوني. ورغم ذلك، لا تزال هناك مجموعة من الإصلاحيين الذين يساندون أمريكا ويقبلون بالذل، بينما تُعبر المواقف المعلنة رسميا من بزشكیان في إدانة أمريكا عن عدم استسلامه للذل الذي توصي به هذه الطائفة المُدعية الإصلاح.
انتقاد مسار الإصلاحيين في دعمهم للولايات المتحدة
قامت الصحف التابعة للإصلاحيين بتقديم نصائح للقاء بزشكيان مع ترامب في الأمم المتحدة، وقالوا إن الصداقة والتوافق أفضل من الخلاف، نقلا عن صحيفة “كيهان” بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2024.
وقامت “كيهان” بالرد على تصريحاتهم، حيث ذكرت أنهم لا يدركون أن الاتفاق مع دولة تسعى لجعل الطرف الآخر يتخلى عن استقلاله ومصالحه الوطنية وثرواته الطبيعية، ويخضع للابتزاز، انصياع للذل، وأن هؤلاء إما يتجاهلون الحقيقة وإما أنهم عملاء داخليون للولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإصلاحيين في إيران يسعون مجددا إلى التفاوض مع الغرب، مكررين السيناريو الذي أدى إلى الاتفاق النووي دون مراعاة الدروس المستفادة من التجارب السابقة، كما حملت الإصلاحيين جزءا من المسؤولية عن الفشل في المفاوضات السابقة، حيث يُظهرون إيران كأنها المخطئة بسبب عدم تراجعها عن حقوقها الوطنية، في حين أن الولايات المتحدة لم تُظهر حسن النية في التفاوض.
وأيضا يتعرض الإصلاحيون لانتقادات بسبب عدم إدراكهم الواقع الدولي الراهن، كما أشارت “كيهان” إلى وسائل الإعلام المرتبطة بالإصلاحيين، واصفةً إياها بأنها تساهم سواء عن قصد أو دون قصد، في تهيئة الأجواء لتقديم تنازلات أكبر للغرب، مما يُضعف موقف إيران في المفاوضات.
وتنتقد “كيهان” الإصلاحيين لتجاهلهم فشل الاتفاق النووي وعدم الاعتراف بالنتائج السلبية التي ترتبت عليه، وتذكر الصحيفة أن الإصلاحيين يُعتبرون جزءا من المشكلة من خلال محاولاتهم المتكررة التفاوض دون اعتبار للنتائج السلبية السابقة، مما يثير الشكوك حول مصداقية هذه المحاولات وتأثيرها على المصالح الوطنية الإيرانية.