نشرت صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية، السبت 22 فبراير/شباط 2025، مقالها الرئيس بعنوان “المفاضلة الخاطئة بين الأسد والثعلب”، في إشارة إلى تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في أثناء حديثه عن المفاوضات.
وذكرت أنه عكس ما يقال إن الوضع السياسي الخارجي للبلاد طبيعي وأن كل شيء هادئ تقريبا، فإن الواقع يشير إلى شيء آخر ويُظهر إهمالا تاما لتفاصيل التفاعلات الخارجية.
وأضافت أنه في سبتمبر/أيلول 2023 أُثيرت ضجة كبيرة حول تحرير الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية. وفي مقابلة تلفزيونية مع شبكة NBC الأمريكية، نفى الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، بشكل قاطع، وجود أي شروط أو قيود، وأعلن أن “هذه الأموال ملك للشعب والحكومة الإيرانية. لذلك، فإن إيران ستقرر ما تفعله بهذه الأموال. إن العمل الإنساني يعني أي شيء يحتاجه الشعب الإيراني، وبالتالي، سيتم إنفاق هذه الأموال على الاحتياجات، وسيتم تحديد احتياجات الشعب الإيراني من قبل الحكومة الإيرانية”.
وتابعت أنه بعد عدة أشهر، أفادت وكالة الأنباء الرسمية التابعة لحكومة رئيس بأن “حكومة رئيسي حررت الأموال المجمدة”. وقال وزير خارجية تلك الحكومة: “تم اليوم تحويل 6 مليارات دولار من مستحقاتنا في كوريا الجنوبية إلى بنكين، وتم وضعها تحت تصرف 6 بنوك إيرانية”. ومع ذلك، لم يذكروا في ذلك الوقت سبب فقدان مليار دولار من مستحقات إيران.
وأردفت أنه “إذا تجاوزنا هذه النقطة، يتضح أن تحرير أموال إيران لم يحدث على الإطلاق أو كان مشروطا بطريقة لم تسمح لهم باستخدامها. ولهذا السبب، بعد أحداث أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت مصادر إخبارية أن الولايات المتحدة وقطر اتفقتا على تعليق وصول إيران إلى 6 مليارات دولار من أموالها في البنوك القطرية بشكل مؤقت”.
وأوضحت أنه بعد نشر هذا الخبر، نفى مكتب التمثيل الإيراني في الأمم المتحدة بنيويورك الخبر، كما نفى مسؤولون آخرون في حكومة إبراهيم رئيسي، ومن ضمنهم محافظ البنك المركزي وسفير إيران لدى قطر، هذا الخبر؛ بينما اتضح لاحقا أنه صحيح. ومن ثم، في الواقع، تم فقط تحويل الأموال من كوريا الجنوبية إلى قطر.
وأشارت إلى أن دليل هذا الادعاء هو كلمات المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال لقاء أمير قطر، والتي تُظهر أنه لم يتم دفع أي أموال بعد.
وتساءلت الصحيفة: هل تم الكذب على الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، أم أنه لم يكن على علم بطبيعة وتنفيذ الاتفاق أو الشروط المتفق عليها مع الطرف الآخر؟ في كلتا الحالتين، هذا يُظهر فشلا تاما في الدبلوماسية والحوار، وكان من الأفضل ألا تدخل حكومة رئيسي في أي حوار أو صفقة مع حكومات أخرى، خاصةً الولايات المتحدة.
وأضافت أنه من المثير للاهتمام أنه لم يتم تقديم أي تفسير رسمي في هذا الشأن. حتى عكس الاتهامات الموجهة إلى الولايات المتحدة بعدم الوفاء بالوعود في قضية الاتفاق النووي، فإنهم يصمتون في هذا الشأن.
وتابعت أنه من الواضح أن قطر ليست في موقع يسمح لها بالتصرف خلافا للاتفاق. لذلك، ليس من الواضح كيف كانوا يفكرون في الحصول على أي أموال مقابل الامتيازات والالتزامات المقدمة. الطريف أن المتشددين يصمتون تماما في هذا الشأن، لأنهم لا يستطيعون تحميل أي شخص آخَر المسؤولية غير الحكومة التي يؤيدونها.
وانتقلت الصحيفة إلى الحديث عن الوضع الراهن، فذكرت أن هذا الارتباك واضحٌ الآن أيضا؛ لكنه يُرى بشكل مختلف. كلمات الرئيس مسعود بزشكيان يوم الخميس 20 فبراير/شباط 2025، رغم مظهرها الصحيح، تشير إلى شيء آخر.
وأشارت إلى قوله: “نحن نتفاوض، ولكن ليس بأي ثمن، هل من المنطقي أو المقبول أن يأتي ترامب ويقرر لنا في جميع المجالات ويقول لنا ماذا نفعل وماذا لا نفعل، ألا يكون لدينا أسلحة وصواريخ، وأن نقبل كل ما يقوله، ثم يضع الاحتلال الإسرائيلي فوق المنطقة ليأتي ويطلق الصواريخ أو يقصفنا متى شاء، بينما يدعمه بشكل كامل؟!”.
ثم ذكرت ما قاله بزشكيان بقراءة وترجمة قصيدة باللغة التركية: “إذا كان على الإنسان أن يلجأ إلى عرين الثعلب، فمن الأفضل أن يبقى في الخارج ويأكله الأسد”.
وأوضحت أن كلماته لم تنفِ الحوار بشكل مسبق؛ ولكن من الطبيعي أن الوضع الذي وصفه بزشكيان يعني الاستسلام وليس التفاوض. إذا كان الطرف الآخر قد أبلغ الحكومة الإيرانية بمثل هذه الافتراضات؛ فمن الأفضل نشرها حتى يدعمها جميع الناس. ولكن إذا لم يقولوا أو يكتبوا مثل هذه الأمور، فليس من المنطقي قول عكس ذلك في الخطاب.
واختتمت الصحيفة المقال بالتعليق ردا على بزشكيان بأن “المثل التركي الذي ذكره لا يحمل معنى جيدا؛ لأنه يرسم فقط خيارين، ومن خلال هذا الحساب نستنتج أنه بما أننا لن نذهب إلى عرين الثعلب، فسنبقى حتى يأكلنا الأسد. هل هناك تفسير آخر؟ هذا الخيار الثنائي غير صحيح ولا يتوافق مع الواقع”.