ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “هم ميهن“، السبت 1 مارس/آذار 2025، مقالها الرئيسي تحت عنوان “نحن بحاجة إلى الخوف”، انتقدت فيه تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، والتي أدلى بها في زيارته لعدد من مدن محافظة طهران.
خطابات الرئيس بلا نتائج ملموسة
ذكرت الصحيفة أنه خلال الجزء الثاني من زيارته لمدن محافظة طهران، ألقى الرئيس مسعود بزشكيان عدة خطابات لم تحقق أي نتائج عملية، وليس من المتوقع أن يستمر صمت من عملوا على دعمه، والأهم من ذلك، من سعوا لمنع وصول شخصيات “خطيرة” إلى السلطة.
وأضافت أن هذا يعد خيانة للمسؤولية. لا ينبغي للمسؤولين أن يظنوا أن مثل هذه الخطابات ترفع عنهم المسؤولية أو تحل المشكلات أو تبعث الأمل في نفوس المواطنين، في حين أنها مجرد تكرار للوعود السابقة، ولا تقدم أي حلول واقعية للمجتمع.
ثم أوردت نقدا لأبرز تصريحات الرئيس يوم الخميس 27 فبراير/شباط 2025، آملةً أن تقوم الجهات المعنية بإيصال هذه الملاحظات إليه، وهي على النحو التالي:
قال الرئيس بزشكيان: “نسعى لإزالة العقبات أمام المنتجين. الجميع عازمون على تعزيز الإنتاج في البلاد”. والرد عليه كالآتي:
- المواطنون لا يهتمون بالجهود المبذولة، بل يهمهم النتائج الفعلية، لذا، من الضروري تحديد ما العقبات التي تمت إزالتها، وما العقبات الجديدة التي ظهرت؟
وأضافت قوله: “كما ذكر أحد الإخوة، فقد بدأ من مخبز صغير واستطاع إدارة صناعة الخبز في البلاد. إذا أردنا، يمكننا تحقيق ذلك”.
- الجميع يبدأ من فكرة صغيرة، لكن كثيرين رغم رغبتهم يفشلون. لماذا لا يُطرح السؤال حول سبب عزوف كثيرين عن الدخول في السوق واتجاههم لشراء الذهب والعملات الصعبة؟
- الاقتصاد لا يُحل بالإرادة وحدها، بل يتطلب إصلاحا هيكليا. من غير المنطقي أن تكتفي الحكومة ببث التفاؤل، بل يجب أن تهيئ البيئة المناسبة، وعندها سيندفع المواطنون باستثماراتهم نحو السوق بشكل طبيعي.
وأضافت منتقدةً تصريحات الرئيس حول الاقتصاد وتهريب الوقود..
إذ قال: “نحن في الحكومة لسنا منفصلين عنكم. يمكن لرجال الأعمال المساهمة في حل المشاكل”. والرد عليه كما يلي:
- المواطنون ينتخبون الحكومة لحل مشاكلهم، وليس العكس. مسؤولية الحكومة إدارة الأوضاع الاقتصادية، وليس مطالبة المواطنين بالمساعدة.
- المواطن العادي يساهم في الاقتصاد من خلال العمل والإنتاج ودفع الضرائب، وهذا دوره الطبيعي. لكن هل الحكومة نفسها تسمح لهم حقا بالمشاركة؟
- عندما يصبح الجهاز الحكومي كيانا ضخما ومغلقا، كيف يمكن للمواطنين الاقتراب منه والمساعدة؟
وأشارت إلى قوله: “لن نسمح بتهريب الوقود. يتم بيع الوقود المدعوم بسعر 3000 ريال مقابل 700 ألف ريال في السوق السوداء. هناك من لا يعمل بشيء سوى تهريب الوقود. لماذا نسمح بضياع ثروتنا الوطنية؟”. والرد عليه:
- إذا كان تهريب الوقود بهذا الحجم الهائل، فلماذا لا تُنشر تقارير رسمية تكشف أسماء المهربين وشبكاتهم؟
- لماذا تقتصر المواجهة على التصريحات والتهديدات المتكررة؟ لو كانت هذه التهديدات فعالة، لما استمر التهريب.
- المواطنون بحاجة إلى شفافية حقيقية، لا إلى وعود مكررة. متى سنرى إجراءات فعلية بدلا من التهديدات اليومية؟
- إذا كانت الحكومة جادة في محاربة التهريب، فلتكشف الأسماء، وتعلن الإجراءات، وتوقف النزيف الاقتصادي بقرارات حاسمة.
وتابعت نقدها لتصريحات الرئيس حول العدالة الاقتصادية والتفاوض مع الغرب، وأضافت قوله: “إذا كان هناك دعم، فيجب أن يُمنح للمحتاجين الحقيقيين، وليس للأثرياء الذين يستهلكون مزيدا من المياه والكهرباء والغاز، بينما يتحمل الفقراء أعباء التضخم وارتفاع الأسعار دون أن يتمكنوا من الاستفادة من هذه الثروات الوطنية”. والرد كما يلي:
- كلام جيد، لكن لماذا لم يُنفذ حتى الآن؟ لقد تكررت هذه العبارات كثيرا، ولكن دون أي خطوات ملموسة.
- ميزانية الدولة المقترحة تتعارض مع هذا المبدأ، حيث تم رفع الرواتب بنسبة أقل من معدل التضخم، بينما زادت مدفوعات الحكومة لبعض الفئات غير المنتجة بشكل غير مبرر.
- بدلا من الاكتفاء بالشعارات، لماذا لا تتم مواجهة هذا التناقض بشفافية؟
وذكرت قوله: “لن نركع أمام المتغطرسين، ولا يجب أن نخشى العقوبات. البعض يقول إنه لا خيار لدينا سوى التفاوض، ونحن لم نقل إننا نرفض الحوار، ولكننا لن نستسلم للضغوط. يريدون تخويفنا؛ لقد شددوا جميع العقوبات، ثم يقولون تعالوا لنتفاوض”.
أضافت “هم ميهن” ردا على هذا التصريح كالتالي:
- من الذي طلب منكم الركوع؟ اذكروا الأسماء. حتى لو قال أحدٌ ذلك، فهل يؤثر عليكم؟
- لماذا يتم تجاهل الأصوات الأخرى؟ هناك وجهات نظر مختلفة، فلماذا لا تنقلونها أيضا؟
- ما هي رؤيتكم الواضحة؟
- صحيحٌ أن العقوبات تصاعدت رغم وجود مفاوضات سابقة، ولكن في المقابل إيران رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم. هذا هو منطق التفاوض، حيث يستخدم كل طرفٍ أدواته لتحقيق مكاسب.
- إذا كنتم لا ترفضون الحوار، فلماذا لا تضعون الكرة في ملعب الطرف الآخر؟
- لماذا لا تعلنون شروطا واضحة للتفاوض، مثل وقف التصعيد المتبادل، وتحديد جدول زمني للحوار؟ في النهاية، إما أن يتم التوصل إلى اتفاق، وإما أن يتم رفضه بناء على مضمونه.
- التفاوض يعني الأخذ والعطاء. إذا كانت مطالب الطرف الآخر أكثر مما يقدم بالمقابل، يمكنكم ببساطةٍ إعلان ذلك ورفضها. أما إذا كان الاتفاق ممكنا، فلماذا لا يتم التوصل إليه؟
- من يقول إن الحوار هو الخيار الوحيد لا يقصد الاستسلام، لأن الاستسلام لا يحتاج إلى مفاوضات من الأساس.
وأشارت إلى قوله حول تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “شخص ما في أقصى العالم يدلي بتصريح، وهنا يبدأ الجميع بالذعر. لو كنا مؤمنين بما نفعل، لما خفنا، ولما هرعنا إلى شراء الذهب والعملات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وفي النهاية، يخيف بعضنا بعضا بأن كارثة وشيكة. نحن لا نخاف، سنبقى وسنبني البلاد بقوة”.
وأردفت بالرد عليه على النحو التالي:
- هذا المنطق غير مُجد، فالمسألة ليست أن كارثة ستحدث، بل إن جزءا كبيرا منها قد وقع بالفعل.
- عندما يصل سعر الدولار إلى 940 ألف ريال، فإن عدم تعديل سعر الوقود سيؤدي إلى تعزيز التهريب.
- حتى بأبسط الوسائل، سيكون تهريب الوقود إلى الخارج مربحا، مما سيؤدي إلى تحويل جزء من السكان إلى مهربين أو عمال تهريب.
- هذه ليست مشكلة بعيدة عنكم، بل تحدث أمام أعينكم. العالم لم يعد يُقاس بالكيلومترات، بل بالتأثيرات الاقتصادية الفورية.
- ولماذا لا يشتري الناس الذهب والعملات؟ إذا كان التضخم يتجاوز 40%، فمن الطبيعي أن يبحثوا عن ملاذ آمن لحفظ أموالهم.
واختتمت الصحيفة المقال بإيراد عدد من الأسباب التي يمكنها أن تجعل المواطنين في إيران يشعرون بالخوف، وهي:
- الناس يخافون، لكن الخوف ليس دائما شيئا سيئا. في بعض الأحيان، يجب أن يخاف المسؤولون أيضا.
- فلنخَف من غضب الشعب.
- فلنخَف من أن ينفر منا أبناؤنا وأصدقاؤنا وعائلاتنا.
- فلنخَف من أن يصبح هناك من لا يستطيع تأمين حياة كريمة.
- فلنخَف من أن يصل الأمر بشابين إلى حد ارتكاب جريمة قتل من أجل سرقة جهاز كمبيوتر، ثم يواجهان الإعدام.
- فلنخَف من أن ترتفع معدلات الجريمة بشكل خطير.
- فلنخَف من عدم القدرة على تأمين المياه والكهرباء، ومن إغلاق المصانع وحتى مؤسسات الدولة.
- فلنخَف من أن نبني المدارس بشق الأنفس، لكنها تبقى مغلقة أكثر من 35 يوما خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الدراسي.
- فلنخَف مما قاله مستشار قائد الحرس الثوري: “أموال بيع النفط تُودع في حساباتنا، ولكن بسبب العقوبات، لا يمكننا تحريكها”.
- فلنخَف من أن يضع الناس أملهم فينا، ثم نصيبهم بخيبة أمل وندفعهم للابتعاد عنا.
نحن بحاجة إلى الخوف أكثر من أي شيء آخر.