ترجمة: هاجر كرارة
أثار اللقاء السري الذي عقده “إيلون ماسك”، رجل الأعمال الأمريكي، مع السفير الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، “أمير سعيد إيرواني”، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية الدولية.
حول هذا الموضوع كتبت صحيفة “كيهان” الناطقة بلسان حال المرشد الإيراني علي خامنئي، مقالا نشر يوم الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 جاء فيه:
زعمت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن الملياردير الأمريكي “إيلون ماسك”، الذي كان له دور بارز في فوز “ترامب” بالانتخابات، قد عقد لقاء سريا مع السفير الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، “أمير سعيد ايرواني”. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا اللقاء كان بهدف بحث سبل تخفيف التوتر بين إيران والولايات المتحدة.
ذكرت الصحيفة نقلا عن مصدرين إيرانيين مجهولين، أن هذا اللقاء قد تم بين ممثل إيران و”ماسك”، المستشار المقرب للرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب”، يوم الاثنين في نيويورك.
وفقا لمصادر “نيويورك تايمز”، فإن اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة وعُقد في مكان سري بين “إيلون ماسك” والسفير الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة قد أسفر عن نتائج إيجابية.
وأضافت الصحيفة: وفي السياق ذاته، صرح “استیون شيونغ”، مدير الاتصالات في فريق حملة “ترامب”، ردا على استفسار حول حقيقة عقد هذا الاجتماع، قائلا: “نحن لا نعلق على تقارير تتعلق بلقاءات خاصة سواء أكانت قد حدثت أم لا”.
من جانبه، امتنع “إيلون ماسك” عن التعليق على هذا الأمر. ومع ذلك، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن أحد المسؤولين الإيرانيين قوله إن “ماسك” هو من طلب هذا اللقاء، وإن السفير الإيراني هو من اختار المكان المناسب لعقده.
وتقول صحيفة كيهان: ذكرت الصحيفة الأمريكية أن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة قد أعلنت أنها لن تصدر أي بيان رسمي حول هذا الاجتماع.
تجدر الإشارة إلى أن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة قد قدمت ردا غريبا بشأن هذا اللقاء، حيث إن هذا اللقاء إما أنه قد تم أو لم يتم، وهذا النوع من الرد يشير إلى أن اللقاء قد تم. في الوقت نفسه، نأمل ألا يكون هذا الأمر قد حدث.
تابعت الصحيفة: “ترامب” معروف بمعاداته الشديدة لإيران وحقده عليها. وإذا ما ألقينا نظرة على حكومته، فسنجد أن أعضاءها يتصفون بخصائص معادية لإيران، إذ يدعو بعضهم إلى مهاجمة إيران وتدمير منشآتها النووية. وفي هذا السياق، يعتبر “ايلون ماسك” الرجل الثاني لـ “ترامب” وذراعه اليمنى. يعتبر “ماسك” نفسه الذراع اليمنى لـ”ترامب” وأكثر نفوذا من حكومته. من الجدير بالذكر أن مثل هذه المسائل في السياسة الخارجية تخضع للسياسات العليا للنظام والمجلس الأعلى للأمن القومي، ومن ثم لا يحق لممثل إيران في الأمم المتحدة عقد اجتماعات مع ممثل “ترامب”.
مساعي المطالبين بالإصلاح لتوجيه مسار الدبلوماسية نحو مرحلة جديدة قائمة على الأمل والثقة بالولايات المتحدة
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة كيهان: في ظل هذه الظروف، وصفت وسائل الإعلام المدعية للإصلاح هذا اللقاء بأنه فرصة، مما يدل على وقوع كارثة. ويبين ذلك أنه في الوقت الذي شهدت فيه السياسة الخارجية في ظل حكومة الشهيد “رئيسي” الثورية تحولات جذرية، يسعى التيار الغربي إلى تحويل مسار الدبلوماسية نحو مرحلة من الأمل والثقة بأمريكا، ومنع إيران من الحصول على حقوقها.
بعد أن وقع المدعون للإصلاح على اتفاق غير متوازن على الإطلاق، وخالٍ من الضمانات وآليات الشكوى واسترداد الخسائر، وبتبنيهم نهجا مضادا للمصالح الوطنية يتمثل في “الاتفاق بأي ثمن”، سعوا إلى إضعاف صورة البلاد وإظهارها بحاجة ماسة للمساعدة. وبدلا من الاحتجاج على انتهاك أمريكا وأوروبا للاتفاق النووي، قاموا باتهام إيران، وقد حدث ذلك في الوقت الذي مزقت فيه الولايات المتحدة الاتفاقية في يومها الأول من خلال فرض عقوبات جديدة ضد إيران، وذلك خلال فترة حكم “أوباما”. كما هددت الولايات المتحدة المستثمرين بفرض عقوبات عليهم وضغطت على مشتري النفط الإيراني.
لماذا انسحب “ترامب” من الاتفاق النووي؟
وأضافت الصحيفة: كان التيار الغربي في عهد “ترامب” يحاول تبرئة الولايات المتحدة وأوروبا من أي تقصير في تنفيذ الاتفاق النووي، لدرجة أن “ترامب” انسحب من الاتفاق. وبعد أسبوع واحد من انسحاب “ترامب”، نشرت مجلة “بوليتيكو” أن “فدريكا موكريني”، مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أكدت في مؤتمر للاتحاد: “لقد حصلت من روحاني على ضمان بأن إيران ستلتزم بالاتفاق النووي حتى في حالة انسحاب الولايات المتحدة وإعادة فرض العقوبات”.
تابعت الصحيفة: أما المدعون للإصلاح، فقد دفعوا إيران إلى حافة الهاوية جراء العقوبات، وشجعوا الولايات المتحدة على تشديدها، مما أدى إلى مضاعفة العقوبات. كما أنهم، من خلال سوء الإدارة المتعمد في قطاعات الإسكان والوقود وبيع احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية، وإغلاق مئات المصانع، وعدم إصلاح هيكل الميزانية، وتكديس السلع الأساسية في الجمارك والموانئ، قد زادوا من فعالية العقوبات. لقد كانوا حافزا للعقوبات الخارجية وعاملا داخليا لفرضها، وفي الوقت نفسه، طالبوا بتسليم مصادر قوة البلاد إلى الأعداء بحجة العقوبات! لقد ضيعوا ثماني سنوات من الفرص المتاحة لخلق فرص العمل وازدهار الاقتصاد، وسجل الاقتصاد الإيراني، الذي كان يحتل المرتبة الثامنة عشرة عالميا، تراجعا بمقدار ستة مراكز.
السعي لإعادة التفاوض
انتهاك الاتفاق النووي
على مدار ثلاث دورات لأوباما، وبایدن وترامب
وتابعت الصحيفة: يتجدد حراك التيار المؤيد للغرب بعد فوز “ترامب”، ويضرب مجددا على طبول المفاوضات متجاهلا تماما انتهاكات الاتفاق النووي الإيراني في عهد “أوباما” و”بايدن” و”ترامب”. يسعون مرة أخرى، وبكل ارتياح، إلى قلب الأدوار وتقديم الخدمات للمطالب الأمريكية. لقد وقع اغتيال القائد الشهيد “سليماني” والشهيد “أبو مهدي المهندس” ورفاقهما بأمر من “ترامب”، كما وقع اغتيال “حسن نصر الله” و”الزاهدي” و”هنية” و”هاشم صفي الدين” وآخرين في عهد “بايدن”. في ظل استمرار التخريب الأمريكي وجرائم هذا النظام، وتنامي نفوذ إيران الإقليمي وتوسع شركائها الاقتصاديين وتجاوزها للبعض من العقوبات، فإن الدخول في مفاوضات جديدة مع هذا النظام الإرهابي لا يعني سوى تلميع صورته ووضع إيران في موقف ضعف وإجبارها على التنازل عن قدراتها.
وجاء ذلك في ظل نجاح البلاد في استئناف صادرات النفط وتحقيق نمو اقتصادي بنسبة تتراوح بين 4 و5% خلال فترة رئاسة الرئيس الشهيد “رئيسي”، وذلك رغم استمرار العقوبات وعدم تنفيذ الاتفاق النووي.
أضافت الصحيفة: “بيع الأوهام من قبل المطالبين بالإصلاح، ووصفهم لـ”ترامب” بأنه تاجر، وسعيهم لإجراء مفاوضات معه، في الوقت الذي نشرت فيه مجلة “نيوزويك” الأمريكية مؤخرا أن هناك فجوة كبيرة بين ما يقوله “ترامب” وما يفعله، لا تضيعوا وقتكم في محاولة توقع تصرفاته أو أفعاله.
ـ إنه من الحماقة أن يضيع المرء كثيرا من وقته في التفكير في خطط “ترامب”.
ـ ليس لديه رأي ثابت. فهو يقول أشياء أثناء الحملات الانتخابية، ولكن عندما يتولى المنصب، يتجاهلها أو يغير رأيه حسب الموقف والمحيطين به، إنه يستمتع بكونه لغزا محيرا للجميع.
ـ لا داعي للنظر إلى فترة حكم “ترامب” الأولى. فقد كان معاديا لحلف الناتو، بل ضغط على الأوروبيين لزيادة الميزانية الدفاعية. ومع ذلك، فإن سياساته لم تتوافق مع شعاراته.
ـ ظلت قوات الولايات المتحدة في جميع أنحاء أوروبا ثابتة، وعندما أمر “ترامب” بسحب نحو 10000 جندي من ألمانيا، كان من المقرر إعادة نشر معظمهم في دول أوروبية أخرى.
ـ أو يمكنكم دراسة السياسة الروسية. إن إعجاب “ترامب” الشخصي بـ “بوتين” معروف جيدا، ولكن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا خلال فترة حكم “ترامب” لم تكن على ما يرام.
ـ كانت علاقة حكومة “ترامب” بموسكو أكثر عدائية مقارنة بحكومة “أوباما”. فقد تم ترسيخ وتوسيع العقوبات، وتم طرد عشرات الدبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة، وأُغلقت العديد من القنصليات الروسية، وأرسل “ترامب” صواريخ مضادة للدبابات إلى أوكرانيا، وهو ما لم يقم به “أوباما”.
ـ هناك تناقض بين أقوال “ترامب” وأفعاله
تابعت الصحيفة: يريد الإصلاحيون وضع إيران في موقف المتهم أمام المحكمة الدولية.
على الرغم من ذلك، يسعى الإصلاحيون إلى وضع إيران في موقف المتّهم أمام المحكمة الدولية، وذلك في حين أن إيران هي الطرف المتضرر، والولايات المتحدة الأمريكية هي التي يجب أن تعوضها عن خرقها للاتفاق النووي. ترسل إيران رسائل قوية للعالم، وتعيد تشكيل معادلات المنطقة بقوة، ويعتقد المراقبون الدوليون أن الشرق الأوسط، الذي كان تحت هيمنة أمريكية لفترة طويلة، لم يعد تحت سيطرة البيت الأبيض. لكن هناك طرف داخلي في المعركة الغربية ضد إيران يحلم بإعادة سياسة التسوّل والمناورات الدبلوماسية. فهل تجاهل عدم موثوقية الولايات المتحدة، واللقاءات السرية مع ممثل ترامب، والمساعي المتجددة للمفاوضات، نابع من السذاجة أم من الخيانة؟
وأضافت الصحيفة: ومن الجدير بالذكر هنا أن “إمامنا الراحل” قد وصف أمريكا، بحكمة تامة بأنها “الشيطان الأكبر”، وقد اعتبر القائد الأعلى هذا الوصف بأنه أبلغ تعبير عن هوية أمريكا، مؤكدا أن الفرق بين الحزبين الرئيسيين في أمريكا لا يكمن في طبيعتهما المعادية للإسلام وإيران، بل يكمن فقط في أن أحدهما يغطي قبضته الحديدية بقفاز مخملي.
3ـ ومع ذلك، فإن “دونالد ترامب”، شأنه شأن “جو بايدن” وسائر رؤساء الولايات المتحدة – سواء كانوا ديمقراطيين أم جمهوريين – يعد عدوا لدودا وكارها للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولا يُخفي هذا العداء الشديد، بل يعلنه صراحة كإحدى الاستراتيجيات الرئيسية لحكومته. انظروا إلى تصريحات “ترامب” في حملته الانتخابية! أو، لماذا نذهب بعيدا؟ فقط نظرة سريعة على هوية وسجلات بعض الأعضاء الذين اختارهم وقدمهم حتى الآن لحكومته! ماذا ترون؟! في كل منهم تظهر بوضوح صفتان، العداء الشديد والمتكرر أو المعلن للجمهورية الإيرانية الإسلامية، والدعم والاعتماد المطلق على النظام الصهيوني والدفاع عن جرائمه الوحشية.
تابعت الصحيفة: السؤال الآن موجه إلى الأخ الكريم “بزشكيان”، هو هل تم اللقاء بين ممثل إيران لدى الأمم المتحدة وممثل “ترامب” “سرا” وفي مكان “سري”؟ وتجنب الطرفان الإدلاء بأي تصريح حول هذا اللقاء، هل تم ذلك بإذن من رئيس الجمهورية، أم تم دون علمه؟ وإذا كان بإذنه، أولا: كيف يمكن تفسير التناقض بين هذا اللقاء المهين والذي ينبع من دبلوماسية التوسل وتصريحات وشعارات “بزشكيان”؟ وإذا تم اللقاء المذكور دون علم الرئيس، فبأي تفويض قانوني قام ممثل إيران لدى الأمم المتحدة بمثل هذا الإجراء، وأفسد بذلك سمعة إيران الإسلامية القوية لدى الأجانب وألد أعداء إيران والإيرانيين؟ ولماذا أصرّوا على أن يكون هذا اللقاء سريا وفي مكان سري؟ كلا الطرفين تجنب الإجابة عن سؤال ما إذا كان هذا اللقاء تم أم لا؟ وهذا اللقاء يتناقض بشكل صارخ مع المواقف التي أعلنها مرارا عراقجي، وزير الخارجية الإيراني.
5ـ نظرا إلى عدم تناسق (تعارض) هذا اللقاء مع المواقف التي أعلنها رئيس الجمهورية مرارا وتكرارا، فمن غير المحتمل أن يكون قد تم بإطلاعه. مع ذلك، لا يمكن ولا يجب تجاهل دور بعض المستشارين السيئين ذوي الأفكار المشوهة الذين يحيطون برئيس الجمهورية!
وتابعت الصحيفة: تجدر الإشارة إلى أنه حتى لو تم هذا اللقاء بموافقة وإشراف رئيس الجمهورية، فإنه يبقى إجراء غير قانوني؛ وذلك لأن مثل هذه الإجراءات والمسائل مدرجة ضمن قائمة السياسات الكبرى للنظام، ولا يمكن للحكومة وحدها اتخاذ قرارات بشأنها.
6ـ وأخيرا، من المتوقع أن يعلن الرئيس، من خلال استدعاء سفير إيران لدى الأمم المتحدة، رفض الحكومة الإسلامية الإيرانية القاطع لهذا اللقاء، وأن يعلن رسميا بطلان المحادثات التي جرت والوعود التي تم تبادلها في هذا الاجتماع “السرّي والـخفي”، وأن يعتبرها كأن لم تكن.