ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “همشهري“، الأحد 19 يناير/كانون الثاني 2025، مقالا تحليليا حول اغتيال القاضيين الإيرانيين علي رازيني ومحمد مقيسة، في طهران، السبت 18 يناير/كانون الثاني 2025، مشيرة إلى أنه من الممكن ضلوع جهات خارجية في هذا الاغتيال.
ذكرت الصحيفة أن الدافع في هذا الاغتيال لشخصيتين بارزتين وقديمتين من السلطة لم يكن شخصيا، مثل الانتقام. بل كان هذا الحدث عملية اغتيال مخططا لها بعناية، تقف وراءها منظمة معينة.
وأضافت أن من يقف وراء هذا الاغتيال يريد أن يُحدث شعورا بعدم الأمان، وفي الوقت نفسه أن ينتقم من هذين القاضيين اللذين كانا يتوليان العديد من الملفات المهمة.
وأوضحت أن هذين القاضيين كانا مسؤولين عن ملفات خطيرة خلال الثورة، ولكن ما المنظمة التي تقف خلف هذه الاغتيالات؟ إما أن يكونوا عناصر من آلة الاغتيال التابعة لإسرائيل، أو منظمة المنافقين “الإشارة إلى منظمة مجاهدي خلق المعارضة”. الاحتمال الأكبر هو أن هذا العمل من تنفيذ عناصر تابعة لإسرائيل.
وتابعت مبينة أن هذا أيضا مرتبط بتطورات المنطقة. فالإسرائيليون تعرضوا لضرر سياسي كبير في المنطقة بسبب قضية وقف إطلاق النار في غزة. ومن العوامل المهمة لهذه الهزيمة السياسية للإسرائيليين، إيران ودور إيران.
وبينت أن الإسرائيليين يريدون، ردا على الهزيمة التي تعرضوا لها، أن يوجهوا الأنظار نحو حالة انعدام الأمان في إيران، وأن يجلبوا الاغتيالات وعدم الاستقرار إلى الداخل الإيراني. الإسرائيليون يعتبرون إيران سببا في انعدام الأمان بإسرائيل، ولا يريدون أن تبقى إيران في مأمن. ومن الأهداف التي يسعون إليها، مسألة السلطة القضائية.
وأكدت الصحيفة أن هذين القاضيين كان لهما دور كبير في “ملفات المنافقين” والمجموعات المسلحة بعد الثورة الإيرانية 1979. وبالنسبة لإسرائيل، فإن اغتيال مثل هذه الشخصيات يكون أسهل من الناحية العملية مقارنة بالشخصيات العسكرية. وعلى الأرجح، قام الإسرائيليون بهذا الاغتيال ليكون بمثابة انتقام وفي الوقت نفسه لنقل أجواء التوتر وعدم الأمان إلى الداخل الإيراني.
وأشارت إلى نقطة أخرى جديرة بالملاحظة وهي أن الاغتيال لم يتم في الشارع أو الممرات العامة، بل حدث داخل المجمع القضائي. الرسالة التي يُريدون إيصالها من خلال مكان الاغتيال هي أنهم يريدون إخبار المسؤولين الإيرانيين بألا يعتقدوا أنهم في أمان لمجرد وجودهم في بيئة عمل.
وذكرت أن هذه الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها هي إبلاغ المسؤولين أن إسرائيل يمكنها اغتيال من تشاء أينما تشاء بواسطة عملائها داخل إيران، سواء كان المسؤولون عاملين في الخدمات أو غيرهم من الموظفين. مثل هذا العمل يهدف إلى نشر الخوف في أعماق مسؤولي إيران.
وأشارت أيضا إلى أن هذا الاغتيال يهدف إلى دفع قضاة السلطة القضائية إلى نوع من التحفظ في أحكامهم، وإلى شلّ عمل السلطة القضائية في مواجهة العناصر الإجرامية. مسألة التجسس والعمالة قضية عامة وجدية في البلاد، ومن بين تجلياتها اغتيال القاضي رازيني والقاضي مقيسة.
وانتقلت الصحيفة إلى الحديث عن ملف التجسس والعمالة في الداخل الإيراني، فذكرت أن لدى إيران قضية تجسس، وهذه قضية خطيرة جدا. وأشارت إلى أن منظمات الاغتيال، خاصةً العناصر التابعة لإسرائيل، موجودة في إيران. ويجب على الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في إيران أن تبذل جهودا أكبر بكثير في ما يتعلق بتسلل الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية ووجودها.
واستنكرت الصحيفة أداء الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية وعلقت بأنه يبدو أن هناك تأخيرا زمنيا في الإجراءات الأمنية مقارنة بأنظمة الاستخبارات التابعة لإسرائيل، ويجب على جهاز الاستخبارات الإيراني أن يقوم بتحديث نفسه من الناحية التكنولوجية وتحليلات السياسة والأمن قبل وقوع الأحداث.
واختتمت الصحيفة تحليلاتها بأن ملفات الاغتيالات في السنوات الأخيرة، في الحالات التي كانت إسرائيل مسؤولة عنها، تشير إلى أن جهازهم الاستخباراتي تمكن على ما يبدو، من تحقيق اختراقات يجب تقييمها بجدية لسد الثغرات الاستخباراتية والأمنية لدى إيران، وعلى جهاز الاستخبارات الإيراني أخذ هذا الأمر على محمل الجد وتطوير أدائه.