كتب: زينب بيه
وضعت الحكومة الصهيونية أهدافا محددة تسعى لتحقيقها في ظل الظروف الإقليمية المضطربة، من خلال الدخول في صراع مع حزب الله، بهدف إلحاق خسائر كبيرة بالمقاومة اللبنانية، وعلى الرغم من استشهاد 16 قائدا من حزب الله في هجوم الضاحية الجنوبية، فإن هذا العدد لا يُعتبر ضربة قاسية؛ نظرا إلى حجم القوات المدربة التي تضم أكثر من 100 ألف مقاتل يتمتعون بخبرات تمتد على مدى عشر سنوات، وقد أثبتت التجربة أن حزب الله قادر على التعافي من خلال استبدال القادة الشهداء بقادة آخرين أكثر كفاءة، مما يضمن استمرار المقاومة ضد الاحتلال، وفقا لتقرير موقع “الوقت” الإيراني بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2024.
استراتيجية الاحتلال الإسرائيلي في لبنان: تصعيد وتداعيات عكسية
ويضيف التقرير، أن الحكومة الصهيونية تسعى من خلال عملياتها في لبنان إلى إجبار حزب الله على وقف نشاطاته في الجبهة الشمالية واستعادة السيطرة عليها، ومنع الهجوم المحتمل من قبل المقاومة، كما يهدف الاحتلال إلى تحويل استراتيجيته من الدفاعية إلى الهجومية، خاصةً في ظل القلق من تقدم حزب الله في المنطقة العازلة المعروفة بـ”الخط الأزرق” ونهر الليطاني.
ونتيجة لهذه العمليات، فرّ أكثر من 70 ألف مستوطن من منازلهم؛ خوفا من هجمات حزب الله، مما خلق أزمة أمنية وسياسية، ومع ذلك جاءت هذه الهجمات بنتائج عكسية، حيث لم تتوقف عمليات حزب الله، بل استهدفت مؤخرا مناطق جديدة من الأراضي المحتلة، من ضمنها مدينة “حيفا” وبعض المنشآت العسكرية، إضافة إلى إطلاق النيران على منطقة كريوت، كما أدت التوترات في الحدود الشمالية إلى زيادة عدد النازحين الإسرائيليين.
وأكد حسن نصر الله أن إجراءات الاحتلال ستعزز تهجير الصهاينة وتجعل عودتهم مستحيلة، وهو ما يتفق عليه العديد من المحللين الإسرائيليين.
تعزيز قوة حزب الله وتوسيع نطاق هجماته
ويرى كاتب التقرير أن العمليات الإرهابية الإسرائيلية في لبنان تُعَدُّ من العوامل المهمة التي مهدت الطريق أمام المقاومة لتنفيذ هجمات أعمق داخل الأراضي المحتلة، وفي السابق كان حزب الله يلتزم بقواعد الاشتباك المحدودة، وتنفيذ عملياته على نطاق 50 كيلومترا من الأراضي المحتلة، لكن الظروف الراهنة أوجدت له مبررات جديدة لاستهداف أي نقطة داخل الأراضي المحتلة.
وتُظهر زيادة نطاق هجمات حزب الله في الفترة الأخيرة، أن المقاومة لا تزال واثقة بقدرتها على ردع الاحتلال، وتعتبره عاجزا عن علاج نقاط ضعفه العسكرية والاقتصادية والاجتماعية في مواجهة حرب شاملة مع لبنان.
وأضاف تقرير موقع “الوقت”، أن القوى الغربية ضغطت على المسؤولين اللبنانيين لإيقاف الدعم العسكري الذي يقدمه لـ”حزب الله” لغزة، لكن بعد الاعتداءات الإسرائيلية، أصبح من الصعب على الغربيين توجيه اللوم على الحزب، مما جعل عواقب توسيع عمليات المقاومة تقع على عاتق حكومة نتنياهو.
وعند وقوع الانفجارات، استجاب اللبنانيون بسرعة لمساعدة مواطنيهم، مما ساهم في تقليل عدد الضحايا من المدنيين، وزاد من دعمهم لعمليات المقاومة وثقتهم بحزب الله لإدارة المعركة بشكل أفضل.
ارتباك إسرائيل في تحديد الأهداف وتزايد الضغوط من المقاومة
وذكر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي بهجماته الأخيرة على لبنان، يكشف جميع أوراقه ضد حزب الله دون حساب، ويتجلى بوضوحٍ أنه يعاني من ارتباك استراتيجي في تحديد الأهداف الرئيسية للحرب، مما يعكس عجزه عن الخروج من الأزمات الحالية وتحقيق انتصاراته المأمولة، وقد فشلت حكومة نتنياهو في تحقيق أهدافها في الصراعات على مختلف الجبهات، حيث لم تتمكن من القضاء على حركة حماس في غزة، مما دفع نتنياهو إلى تغيير أهداف الحرب، مفضلا احتلال شمال قطاع غزة كخيار وحيد لتحقيق إنجازات ضد المقاومة الفلسطينية.
كما صرح رئيس هيئة الأركان ووزير الحرب الإسرائيليان بأن الحكومة تفتقر إلى خطة واضحة لما بعد الحرب في غزة، وكلاهما يريان أن استمرار الصراع غير مناسب، حيث إن بقاء القوات في محور فيلادلفيا لن يسهم في تحقيق الأهداف، بل سيزيد من تكاليف الجيش، ومع ذلك تدخل نتنياهو وفتح جبهة صراع في لبنان دون تخطيط واضح لتحقيق أهداف ملموسة.
ويضيف التقرير أن إسرائيل قد فشلت في مواجهة المقاومة في نابلس وجنين وتعرضت لخسائر فادحة، كما تواجه تحديات جراء منع أنصار الله الحوثيين للسفن الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر في اليمن، مما أثر سلبا على اقتصاد إسرائيل، إضافة إلى تشكيل جبهة جديدة ضدها في غور الأردن، مما يثير قلقا كبيرا لدى قادة تل أبيب.
والتصادم مع حزب الله، الذي يُعتبر أقوى من باقي فصائل المقاومة في المنطقة، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاحتلال، حيث يمكن أن تتعرض الأراضي المحتلة لقصف بالصواريخ واستهداف البنية التحتية والمرافق الحيوية، مثل الكهرباء والطاقة والمصانع والموانئ والمطارات، مما قد يؤدي إلى أزمة حادة.
ونتيجة لذلك، رفع نتنياهو مستوى التوتر مع حزب الله وباقي فصائل المقاومة؛ في محاولة للتعامل مع الضغوط الداخلية للمعارضة ووزراء حكومته المتطرفين، ولكن تبقى هذه الإجراءات غير كافية لتقليل الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه الاحتلال.