ترجمة: علي زين العابدين برهام
يواجه نظام التعليم في إيران تحديات كبيرة تؤثر على جودته وكفاءته، مما ينعكس سلبا على مستقبل الأجيال القادمة. من أبرز هذه المشكلات نقص الموارد والبنية التحتية، وغيرها من التحديات التي يجب على الحكومة التعامل معها وحلها.
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية، الأحد 23 فبراير/شباط 2025، مقالها الرئيسي تحت عنوان “التربية والتعليم أولا”، منتقدةً الحكومة الإيرانية في سياساتها التي تنتهجها في التعليم، وموضحةً التحديات التي تواجهها الحكومة إزاء هذه القضية الحساسة، وما الحلول التي يجب عليها اتباعها.
قطاع ضخم بإمكانات محدودة
ذكرت الصحيفة أن التربية والتعليم يعتبر أكبر جهاز إداري في إيران، إذ يستحوذ على جزء كبير من الميزانية العامة، لكنه يحصل على نسبة ضئيلة جدا من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضافت أن هناك أكثر من 16 مليون طالب، وما يقارب مليون معلم، إضافة إلى مئات الآلاف من الكوادر الإدارية، ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: ما الذي يحصل عليه أبناؤنا في هذا النظام التعليمي؟ وما هي مخرجاته؟
وتساءلت: “هل يزرع التعليم فيهم الإبداع والحيوية والمعرفة العملية التي تؤهلهم للاندماج في المجتمع؟ أم أنه يعمل بالعكس تماما، فيقيد إمكانياتهم ويحد من تطورهم؟”.
وأوضحت أنه “إذا حاولنا رصد أهم مشكلات النظام التعليمي، فسنجد أن عددها يتجاوز حدود مقال واحد، لكن يكفي القول إنه حتى لو أعددنا قائمة بأكبر 10 مشكلات، فلن يكون نقص المباني المدرسية في المراتب الثلاث الأولى، رغم أنه إحدى القضايا المهمة”.
الحلول السطحية بدلا من الإصلاح الجذري
وتابعت أنه “ورغم ذلك، نجد أن الرئيس يركز جهوده على بناء المدارس، ليس عبر ميزانية الحكومة، بل من خلال تبرعات الخيّرين والمواطنين، في حين أن بناء المدارس مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى”.
وذكرت أن الرئيس أشار إلى بعض أوجه القصور في النظام التعليمي، لكن المسؤولية الأساسية للحكومة ليست مجرد الاعتراف بالمشكلات، بل العمل الجاد لحلها، خاصةً أن العديد منها لا يتطلب ميزانيات ضخمة، بل يحتاج إلى إدارة أكثر كفاءة وتخطيط أكثر واقعية.
وأوضحت أنه حتى الآن، لم تقدّم الحكومة أي تصور دقيق عن واقع التعليم، ولم تحدد الأولويات، ولم تشرح كيف ستعالج المشكلات القائمة، ومن هذا المنطلق، نلقي نظرة سريعة على أبرز التحديات:
- نقص الموارد والبنية التحتية، وضمن ذلك المباني غير المؤهلة، وتهالك العديد من المدارس، وانعدام التجهيزات الحديثة، مما يجعل بيئة التعليم كئيبة ومملة بدلا من أن تكون محفزة وجاذبة للطلاب.
- ضعف جودة المناهج التعليمية، حيث تركز على الحفظ والتلقين بدلا من تنمية التفكير النقدي والإبداعي، بل إن بعض المواد تتضمن معلومات غير دقيقة أو غير مفيدة.
- غياب رؤية تعليمية حديثة، إذ إن النظام الحالي لا يهدف إلى بناء إنسان مستقل وخلاق، بل يسعى إلى قولبته في إطار تقليدي جامد لا يتماشى مع متطلبات العصر.
- انعدام المساواة في فرص التعليم، حيث يظهر التفاوت بوضوح في كل المستويات، حتى بين المدارس الحكومية نفسها. ولهذا نجد أن معظم المسؤولين في الدولة يرسلون أبناءهم إلى المدارس الخاصة، مما يعمّق الفجوة الطبقية بدلا من تقليصها.
- ضعف الدافع لدى المعلمين وانخفاض كفاءتهم المهنية، نتيجة تدني الأجور، وغياب آليات التوظيف الاحترافية، مما أدى إلى إضعاف أحد أهم أركان العملية التعليمية.
- إهمال المهارات الحياتية والاعتماد على التلقين والاختبارات التقليدية، ما جعل التعليم قائما على المنافسة غير الصحية، حيث تحولت البيئة التعليمية إلى سباق مرهق يضغط على الطلاب وأسرهم نفسيا واجتماعيا.
- التعليم القائم على التمييز بين الجنسين، مما تسبب في ركود النظام التعليمي وأدى إلى فجوة بين التعليم العام والتعليم العالي.
- ضعف التعليم المهني والتقني، وعدم توافقه مع احتياجات سوق العمل، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين.
- فرض قيود ثقافية وأيديولوجية من قبل إدارة التعليم، مما خلق تناقضا بين القيم المدرسية والقيم الأسرية، وأدى إلى تضارب بين المدرسة والمنزل، أثر سلبا على الطلاب والمعلمين.
- عدم استقرار المحتوى التعليمي، خصوصا في المواد غير العلمية، حيث يتم فرض رؤى سياسية وأيديولوجية على الطلاب، بعيدا عن الواقع الاجتماعي والتاريخي والفكري، مما أدى إلى اختلال كبير في مخرجات النظام التعليمي، بحيث لم تعد تتناسب لا مع احتياجات المجتمع، ولا حتى مع تطلعات الحكومة نفسها.
وذكرت أنه إذا أرادت الحكومة بناء مستقبل أكثر إشراقا، فعليها أن تستثمر في تطوير نظام تعليمي حديث، وتوظيف أفضل الكفاءات، وتخصيص موارد مالية كافية لهذا القطاع الحيوي.
واختتمت بالقول إن “ما نشهده اليوم هو أن الرئيس يرفع شعار (العدالة التعليمية)، بينما يتم تخصيص ميزانية أقل بكثير للتعليم مقارنة بالمؤسسات غير الفعالة وغير الخاضعة للمساءلة، دون تقديم أي تفسير واضح لهذا التناقض”.