كتبت: شروق السيد
في وقتٍ يتداول فيه الناس أنباء عن فيروس غامض في الصين، يثير القلق والتساؤلات حول مدى خطورته.. فما هو هذا الفيروس؟ وكيف تستعد إيران للتعامل معه؟
وفقا لتقرير نشرته الصحيفة الإيرانية “فرهیختكان” يوم الخميس 9 يناير/كانون الثاني 2025، انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار عن تفشي فيروس جديد في الصين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض الشخصيات التي عادةً ما تفتقر إلى الخبرة الكافية في المجال الطبي، تثير قلق الناس بشأن تفشي هذا الفيروس الجديد.
وتابعت الصحيفة: “مع ذلك، فإن الحقيقة هي أن الفيروس المنتشر مؤخرا ليس جديدا وهو من الفيروسات التنفسية”، وفي أعقاب الشائعات والمخاوف التي أثارها هذا الموضوع، قال وزير الصحة: “لقد قمنا بفحص الفيروس الذي تم تداوله في الصين بشكل منتظم في المختبرات، وتُجرى اختبارات متكررة بشكل يومي”.
وأكد أنه حتى الآن لم يدخل هذا الفيروس إلى إيران، كما أكد حسين كرمانبور، رئيس مركز العلاقات العامة والإعلام بوزارة الصحة، أن إيران لديها اختبارا تشخيصيا لفيروس HMPV، وأنه تتم مراقبته يوميا في البلاد.
وأضاف بشأن بعض المخاوف من تفشي هذا الفيروس: “نظرا إلى الإجراءات الوقائية المتخذة، فإن احتمال حدوث ذلك ضئيل، ولكن من المنطقي أن نكون على استعداد لتجنب المفاجآت، وفي هذا السياق، فإن جميع شبكات الصحة في البلاد في حالة تأهب كامل”.
وقال كرمانبور إن هذا المرض، مثل معظم الأمراض الفيروسية الأخرى مثل نزلات البرد، ليس له علاج قاطع، والطريقة الوحيدة للوقاية منه هي غسل اليدين بانتظام، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة، والتهوية الجيدة في الأماكن ذات الازدحام الشديد، والراحة عند ظهور الأعراض.
كما قال عليرضا ناجي، اختصاصي الأمراض المعدية وعلم الفيروسات، في شرح للوضع الحالي وفي مقابلة مع “فرهيختكان”: “أعلنت وزارة الصحة أنه في الأشهر القليلة الماضية لم يتم اكتشاف أي فيروس من نوع الفيروسات البشرية”.
وأضاف ناجي: “وكان قد تم اكتشاف بعض الحالات من هذه الفيروسات في بداية العام، ولكن في الوقت الحالي لم يتم اكتشاف أي حالة جديدة من الفيروسات في إيران، لا يوجد فيروس جديد، والفيروسات هي نفسها الفيروسات القديمة، التفشي الذي نشهده الآن في الأخبار وفي الصين ليس أمرا غريبا، وفقا للموسم البارد، فإنَّ تفشي الأمراض التنفسية قد زاد”.
وتابع: “كما نرى في إيران، تم اكتشاف عديد من حالات فيروس الإنفلونزا من النوع A في الوقت الحالي، إضافة إلى ذلك، هناك فيروسات أخرى أيضا، وهي تُكتشف بجانب فيروس كورونا، الوضع في الصين مشابه، لكن مزيجها مع ما لدينا في بلادنا مختلف”.
وأشار إلى أن هذه الفيروسات ليست خاصة على الإطلاق، فهي من فيروسات البرد والأمراض التنفسية التي يمكن أن تصيب جميع الأعمار، لكن بالنسبة للمجموعتين السنيتين، أي كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، في ظروف معينة قد تسبب مرضا شديدا يمكن أن يؤدي إلى التهاب رئوي أو عدوى أخرى في الجهاز التنفسي السفلي إلى جانب الأمراض التنفسية الكلاسيكية.
وتابع ناجي: “أعراض هذا الفيروس مشابهة للفيروسات التنفسية الأخرى، ويمكن أن تشمل سيلان الأنف، والسعال، والحمى، وألم الحلق، وفي الواقع، هو مثل باقي الفيروسات التنفسية الأخرى، هذه الفيروسات ليست جديدة، بل هي مجموعة من الفيروسات القديمة، لكن، على أي حال، التفشي الذي نراه في الصين يظهر أن الفيروس التنفسي قد انتشر هناك بشكل كبير، نحن الآن في فصل الشتاء، وهو موسم انتشار الأمراض التنفسية.
وإذا تم الإعلان في الأخبار عن إغلاق الصين بعض المدارس، فهذا الإجراء تم اتخاذه في إطار الجهود للحفاظ على الوضع وتقليل انتشار الفيروس، كما يجب أن نكون نحن أيضا في حالة تأهب؛ لذلك، يجب أن نواصل الاهتمام بالنظافة الشخصية والاجتماعية، ارتداء الكمامات، والراحة إذا مرضنا، ومراجعة الطبيب، وعلينا تجنب الاختلاط بالآخرين، ونلتزم بالإجراءات الوقائية في الأماكن المزدحمة والمغلقة، وأن نغسل أيدينا”.
وتابع المتخصص في الأمراض المعدية قائلا: “من المحتمل أن نواجه ذروة جديدة من الأمراض والعدوى التنفسية في غضون شهر، ويمكن أن يساعد الالتزام بالإجراءات الصحية بشكل كبير في تقليل انتشار الفيروسات، وقد تكون هناك أيضا حالات وفاة نتيجة لذلك”.
انتشار الفيروسات
وفي إجابته عن سؤال: هل يمكن أن يتحول فيروس HMPV إلى جائحة مشابهة لجائحة كورونا؟
أجاب ناجي: “فيروس كورونا كان حالة طارئة لجائحة لا تزال مستمرة حتى الآن، لم يختفِ كورونا، لكنه خرج من حالة الطوارئ وأصبح مرضا فيروسيا مستوطنا موجودا في مناطق مختلفة، مثل الإنفلونزا، ما نراه حاليا يشبه الإنفلونزا التي تنتشر، إلى جانب فيروسات مثل الفيروسات الأنفية (Rhinoviruses)، الفيروسات الغُدّانية (Adenoviruses)، وفيروس RSV.
هذه الفيروسات لم تعد في وضع الجائحة، ما نلاحظه الآن يشبه الفيروسات السابقة، لقد نسينا أنه قبل ظهور كورونا في عام 2019، كنا دائما نشهد في هذه المواسم انتشارا كبيرا للأمراض التنفسية، خاصةً الإنفلونزا، التي كانت دائما موجودة، وكذلك الفيروسات الأخرى، لا شيء خاصا يحدث الآن، والوضع يتبع الأنماط المعتادة التي تنتشر بها الأمراض خلال فصل الشتاء”.
وأضاف عليرضا ناجي المتخصص في الأمراض المعدية: “بالنسبة للفيروسات التنفسية الأخرى، باستثناء كوفيد، لا يوجد لقاح لها، لكن بالنسبة لكوفيد، أعتقد أنه من الضروري أن تكون اللقاحات المحدثة والمتطورة متاحة للفئات الخاصة، مثل كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
هذه الفئات معرضة لخطر الإصابة بأمراض أكثر شدة بسبب كوفيد، لا يزال لدينا مرضى يذهبون إلى المستشفيات بسبب كوفيد ويتم إدخالهم إلى العناية المركزة (ICU)، صحيحٌ أن الإنفلونزا قد انتشرت بشكل أكبر في الوقت الحالي، وأن العديد من المرضى الذين يتم إدخالهم إلى المستشفيات هم بسببها، لكن يجب أن نعلم أن كوفيد لا يزال موجودا ولم يختفِ”.
ولفت إلى أن “كوفيد-19 هو فيروس سيكون معنا، ولهذا السبب، كما هو الحال مع الإنفلونزا، فإن استراتيجية التطعيم السنوي ضد كوفيد أيضا أمر ضروري، وإذا كان الفيروس قد تغير، يجب تحديث تركيبة اللقاح وتوفيره للفئات ذات الأولوية”.
لقاح الإنفلونزا
تابع ناجي قائلا: “يجب أن يكون التطعيم ضد الإنفلونزا من الأولويات، ولكن بسبب محدودية عدد اللقاحات، يجب أن يتم تطعيم الأشخاص الذين يحتاجون إليها، إذا كان شخص ما لديه إمكانية الوصول إلى اللقاح ويستطيع أخذه، يجب أن يتلقى اللقاح، لأنه قد يكون مفيدا، وبالنسبة للقاحات كوفيد المحدثة، أعتقد أنه من الضروري توافرها في إيران، خاصة للفئات المعرضة للخطر التي يجب أن تتلقى اللقاح”.
وأضاف: “إضافة إلى اللقاح، هناك أدوية مضادة للفيروسات جديدة لعلاج أمراض مثل الإنفلونزا وكوفيد، بالنسبة إلى الإنفلونزا، لدينا أدوية متوافرة، ولعلاج كوفيد هناك أدوية أكثر فعالية يجب أن تكون متاحة.
لذلك، من الضروري أن تولي وزارة الصحة اهتماما أكبر لتوفير هذه الأدوية واللقاحات المحدثة؛ حتى نتمكن من الاستفادة منها في حالة حدوث تفشٍّ جديد لكوفيد أو الإنفلونزا، نرى حاليا أن هذين الفيروسين ينتشران، وقد يشهدان زيادة في التفشي في الأشهر المقبلة، لذلك يجب أن تكون هذه الأدوية واللقاحات متوافرة للفئات المعرضة للخطر”.
إنفلونزا الطيور
تابع قائلا: “ما يجب أن نكون أكثر قلقا بشأنه الآن هو النظر إلى فيروس إنفلونزا الطيور، من الممكن أن تكون الجائحة القادمة بسبب إنفلونزا الطيور، لأن هذه الفيروسات قد انتشرت بين البشر بشكل أكبر في العقود الأخيرة، إحدى خصائص هذه الفيروسات هي أنها تسبب أمراضا شديدة، ولكن انتقالها إلى البشر لم يكن فعالا جدا ولا ينتقل بسهولة من شخص لآخر”.
وأضاف: “يبدو أن الفيروس قد تغير وزادت قدرته على الانتقال، هذا قد يكون جرس إنذار، لأنه من الممكن أن يزيد انتقاله إلى البشر؛ رغم أنه قد يتغير الفيروس بما يكفي ليتمكن من الانتقال بسهولة بين البشر، لكنه قد لا يسبب مرضا شديدا، نأمل ألا تحدث مثل هذه التغيرات وألا يستطيع الفيروس الانتقال بسهولة من شخص لآخر”.