ترجمة: نوريهان محمد البهي
نشرت صحيفة فرهيختگان، 30 ديسمبر /كانون الأول 2024، تقريراً استعرضت فيه ما وصفته بإحدى أخطر الاستراتيجيات طويلة الأمد التي ينفذها أعداء إيران ضدها، وهو السعي لتقويض رأس المال الاجتماعي للنظام بين مختلف شرائح الشعب.
ذكرت الصحيفة أنه في سياق هذا الهجوم الممنهج، لا تقتصر محاولات الأعداء على نشر الشكوك في هياكل النظام فحسب، بل يسعون أيضاً إلى تصوير الحكومة الإيرانية على أنها عاجزة عن حل المشكلات وتقديم الحلول اللازمة، مما يؤدي إلى تعزيز صورة مفادها أن جميع مؤسسات النظام تعاني من الفساد، كما أنه يهدد استقرار البلاد داخلياً.
وبالتالي، فإن هذا التصعيد المنظم لا يهدف فقط إلى إضعاف النظام، بل يهدف إلى زرع فكرة راسخة في أذهان المواطنين مفادها أن الإصلاح من داخل إيران أمر غير ممكن.

تآكل رأس المال الاجتماعي للنظام الإيراني
وأشارت الصحيفة إلى أن نتائج بعض الاستطلاعات الوطنية أظهرت أن جوانب متعددة من رأس المال الاجتماعي في البلاد تواجه تآكلًا حادًا وأساسيًا. فبينما تضاف محاولات الأعداء إلى الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات في العقدين الماضيين، تمكنت هذه العوامل من التسبب في تراجع ملحوظ في ثقة المواطنين في النظام، مما ساعد في تثبيت الآثار السلبية لهذه المحاولات.
وأضافت: فاليوم، يظهر خطر أكبر يهدد رأس المال الاجتماعي للنظام، حيث يواجه القلب النابض لداعمي النظام والمؤيدين للثورة الإيرانية تهديداً حقيقياً، فكل هؤلاء كانوا دائماً داعمين للنظام، أما الآن فباتوا يعانون من ضغوط قوية نتيجة كثرة الأخبار والتحليلات التي تُظهر لهم أن الثقة في هياكل النظام الإيراني قد أصبحت مستحيلة.
وذكرت أنه في سياق الهجوم المستمر على استقرار النظام، تُستخدم الأحداث المختلفة كذريعة لهدم الثقة العامة في مؤسسات النظام الأساسية ومسؤوليها؛ حيث يتم تشويه صورة الحكومة المنتخبة، التي تأتي من هياكل النظام الرسمية وأصوات الشعب، بشكل كامل، وكأنها حكومة غير مرتبطة بإيران وتشكل تجسيداً للنفاق.
وفي الوقت ذاته، يتم تصوير القوى الثورية المتحالفة مع هذه الحكومة على أنها “وفاقية”، بهدف التأكيد على أنها فقدت نقاءها الثوري وانفصلت عن مبادئها الأساسية.
استهداف الحرس الثوري
وأشارت الصحيفة إلى أن أخطر ما في الأمر، هو الهجوم على الحرس الثوري الإيراني بكل الأوصاف السلبية الممكنة، فقد تم وصف قادته، الذين تمت إعادة تأكيد صلاحيتهم من قبل القيادة العليا، بأنهم “دبلوماسيون”، في محاولة لتصويرهم على أنهم قد تخلوا عن الجهاد.
واستطردت الصحيفة زاعمة أنه في إطار حملة مستمرة لتقويض المؤسسات الأساسية للنظام الإيراني، ظهرت محاولات جديدة تهدف إلى استهداف القيادة ومحيطها المباشر، فإن بعض الأصوات تتجاوز في الوقت الراهن حدود النقد المعتاد، حيث تقوم بشن هجوم أكثر خطورة على القيادة الإيرانية ومحيطها.
وأضافت: علاوة على ذلك، فإن هؤلاء الذين يواجهون القيادة مباشرة، يستهدفون المحيطين بها ويحاولون تصوير مكتب القيادة كهيئة مستقلة تقوم بفرض الرقابة على القائد.
كما يتم تصوير القوات المسلحة الإيرانية على أنها في حالة تمرد ضد القيادة، مع الادعاء بأن المرشد الإيراني علي خامنئي يطالب بالمساءلة، بينما لا يتجاوب العسكريون مع هذا النداء.
وبحسب الصحيفة، فإن أبرز ما يميز هذه العقليات هو تصوّرها لمسألة “ولاية الفقيه”، حيث يظهر اختلاف شاسع بين مفاهيمهم الشخصية لولاية الفقيه وبين ما تمثله هذه المسألة في الواقع السياسي والديني الإيراني.
وأردفت الصحيفة: في ظل الأزمة الحالية داخل النظام الإيراني، تظهر آراء متباينة بين مختلف أفراده حول قدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها، بينما يرى البعض أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من النظام، وبدأ يظهر شك عميق في قدرتهم على الثقة بأي مؤسسة أو شخص ضمن هذا النظام.
وأضافت أنه كما يبدو أن ولاءهم للنظام نفسه أصبح غير واضح، حيث يشيرون إلى أن جميع مؤسسات الدولة تعمل بشكل غير صحيح؛ في نظرهم، كل المسؤولين لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة، بل يصفونهم بالضعف والتمسك بالرفاهية، موجهين انتقادات حادة للابتعاد عن مبادئ الثورة الإسلامية.
تآكل الثقة في النظام
وذكرت الصحيفة أنه في وقت تتصاعد فيه التحديات الداخلية للنظام الإيراني، تنكشف محاولات جديدة تهدف إلى تقويض الثقة في القيادة والمؤسسات، حيث لا تكمن المشكلة في حجم أو عدد هؤلاء الأفراد، بل في قدرتهم المتزايدة على الوصول إلى منصات إعلامية مؤثرة في الرسائل المحلية، وهي ميزة لم تكن متوفرة لهم في الماضي.
كما أن هذه المنصات أصبحت أداة رئيسية لنشر أفكار تهدف إلى تدمير الثقة بين المواطنين والنظام، مما يؤدي إلى تآكل رأس المال الاجتماعي بين مؤيدي الثورة الإسلامية.
بينما الهدف النهائي لهذه الحملة بات واضحاً وهو دفع أكثر المؤيدين ولاء إلى التشكيك في قدرة النظام على تلبية احتياجاتهم، وتهديد استقرار المؤسسات التي تشكل الأساس الذي يقوم عليه النظام.
محاولات تشويه النظام من خلال “إيتا”
أشارت الصحيفة، وفقاً لتقريرها، إلى أنه في الوقت الذي تتعدد فيه المحاولات الخارجية للتأثير على الداخل الإيراني، تكشف التقارير الأمنية عن دور جهاز الموساد الإسرائيلي في استخدام منصات التواصل المحلية كأداة للنفوذ.
وذكرت أنه قد أفاد تقرير أمني صدر مؤخراً بأن الموساد استغل بعض الحسابات على تطبيق “إيتا” في مجموعات واسعة للتسلل إلى هذا الفضاء الرقمي، بهدف تحقيق أهدافه تحت ستار متابعة المطالب الثورية.
ووفقاً لتقرير الصحيفة، ففي ظل التحديات الداخلية التي يواجهها النظام الإيراني، يبرز السؤال الأساسي حول مدى قدرة النظام على الدفاع عن نفسه في ظل تآكل رأس المال الاجتماعي.
وتساءلت الصحيفة: كيف يمكن توقع أن يظل المؤيدون الدائمون للنظام الإيراني مستعدين للدفاع عن إيران في مواجهة التهديدات المختلفة إذا اختفت الثقة في النظام؟ أي أن الطريق الذي يسلكه البعض تحت الراية الثورية لا يؤدي إلا إلى إضعاف قدرة النظام الداخلية فحسب.
كما أن هناك أيضاً سؤالاً يطرح نفسه وهو: كيف لأولئك الذين يزعمون أنهم يدافعون عن النظام والثورة أن يساهموا في تقويضهما؟ وعليه، فإن هذا خطر عميق يجب أن يُؤخذ بجدية، ويتطلب اتخاذ تدابير حاسمة.
واختتمت الصحيفة أن جزءاً من هذه التدابير يتعلق بتقليص تأثير هذه الأصوات السلبية، لكن الحل الرئيسي يكمن في تعزيز العقلانية المبنية على ثورية حقيقية وولاء للنظام.
جدير بالذكر أن مستقبل النظام الإيراني يظل مرهوناً بقدرته على إعادة بناء الثقة الداخلية والتصدي لهجمات الأعداء، مما يتطلب استراتيجيات فعالة للحفاظ على استقرار رأس المال الاجتماعي وتعزيز قدرة النظام على الصمود.