ترجمة: شروق السيد
عارضت صحيفة “كيهان“، في تقرير لها، انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي (FATF)، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تصب في مصلحة إسرائيل التي تسعى لمراقبة أنشطة حزب الله من خلال هذه المنظمة، وتشير الصحيفة إلى أن المسؤولين الإيرانيين قد أعربوا عن عدم وجود ضمانات لحل المشاكل الاقتصادية من خلال الانضمام إلى مجموعة العمل المالي، إليكم نص التقرير:
كتبت “كيهان”: لو كان من المفترض أن تُحل المشاكل الاقتصادية للشعب من خلال الانضمام إلى مجموعة العمل المالي FATF، لكان من المتوقع أنه عندما نفذت حكومة روحاني 39 بندا من أصل 41 بندا من توجيهات مجموعة العمل المالي FATF بشكل كامل ودون نقصان، كانت العقوبات سترفع تماما؛ فهل حدث ذلك؟!
وتابعت: وأثار المتحدث الرسمي باسم الحكومة في مؤتمره الصحفي الأربعاء وفي وسط مجموعة من الصحفيين، تساؤلا مثيرا للتأمل حول موقفه تجاه مجموعة العمل المالي FATF.
المتحدث باسم الحكومة: موضوع مجموعة العمل المالي (FATF) يهدف إلى تقليل الضغط على الشعب إلى أدنى حد!
قالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، بخصوص عملية حل مشاكل مجموعة العمل المالي: “بعض العمليات تستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى مسار طويل، فليعلم الشعب الإيراني العزيز أن زملاءنا في الحكومة والمؤسسات الأخرى يبذلون جهدا لتقليل آثار هذا الأمر إلى أدنى حد ورفع الضرر عن الشعب”.
وأضافت: “تتركز كل جهود الحكومة على تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للشعب، ولن تتوانى في بذل أي جهد لتحقيق ذلك”.
وتابعت: “وإن قضية مجموعة العمل المالي هي إحدى هذه القضايا، وقد شرح وزير الاقتصاد والمالية بالتفصيل هذه القضية في وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقابلاته، مشيرا إلى أنهم يعملون على تقليل الضغط على الشعب إلى الحد الأدنى:.
وأضافت صحيفة كيهان: وفي الرد على تصريحات المتحدثة باسم الحكومة، يمكن الإشارة إلى عدة نقاط سيتم تناولها باختصار في ما يلي:
وتابعت: FATF، أو “فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية”، هي آلية حكومية دولية أُسست عام 1989 من قِبل مجموعة السبع( مجموعة الدول الصناعية السبع، أي كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي)، وكان الهدف من تأسيس FATF هو مراقبة عملية غسل الأموال عالميا.
وأضافت قائلة: ويُروّج مؤيدو FATF بأن هذه المنظمة كيان دولي، ومع ذلك، فإن FATF هي مجموعة إجراءات مالية وليست منظمة أو كيانا دوليا مثل بقية المنظمات الدولية، هي في الواقع جهاز يراقب الوضع المالي للدول ويحدد المعايير والمقاييس لكل دولة بشأن وضعها المالي.
ظريف: “لا أنا ولا رئيس الجمهورية نضمن أن تُحل المشاكل بالانضمام إلى مجموعة العمل المالي!”
صرّح محمد جواد ظريف، وزير الخارجية في حكومة روحاني، خلال جلسة علنية في البرلمان حول الانضمام إلى مجموعة العمل المالي، قائلا: “لا أنا ولا رئيس الجمهورية نضمن أن تُحل المشاكل بالانضمام إلى مجموعة العمل المالي”. وفي مثال آخر، ينبغي الإشارة إلى أن محمد رضا بور إبراهيمي، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الحادي عشر، قال: “سألت السيد ظريف وقلت له: إذا قبلت إيران جميع الالتزامات، فهل هناك أي ضمان للخروج من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي أو أن شيئا آخر قد يحدث؟ فأجاب ظريف: لا، لا يوجد أي ضمان أو التزام”.
وتابعت الصحيفة: هذا الكلام صدر من شخص كان يُعدّ من أبرز الداعين إلى الانضمام إلى مجموعة العمل المالي؛ شخص كان يعد بتحسين الأوضاع الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى ينفي أي تحسن ولم يقدم أي ضمان!
وأضافت: كما أعلن عبد الناصر همتي، رئيس البنك المركزي السابق ووزير الاقتصاد الحالي، في 21 فبراير/شباط 2020، بعد إدراج إيران في القائمة السوداء لـFATF، بوضوح: “وضع إيران في القائمة السوداء لـFATF لن يشكل مشكلة للتجارة الخارجية الإيرانية ولن يؤثر على استقرار سعر الصرف”.
وتابعت: يجب تذكير الحكومة الرابعة عشرة (الحكومة الحالة برئاسة مسعود بزشكيان) بأن إيران تفاوضت مع الولايات المتحدة حول العقوبات وتقدمت في هذا المسار، وفي النهاية، انتهكت أمريكا جميع التزاماتها وانسحبت من الاتفاق النووي من طرف واحد، مع أن إيران كانت ملتزمة بجميع تعهداتها، وفقا لشهادات غربية.
وأضافت: بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بدأت إيران بالبحث عن طرق لتحييد العقوبات الأمريكية الظالمة، وهي عقوبات لم تستهدف الشعب الإيراني فقط، بل طُبقت دون رحمة أو إنسانية ضد مرضى الأمراض النادرة والسرطان وغيرهم من المحتاجين.
وتابعت قائلة: كما حذّر المرشد الأعلى بإيران بشأن الاتفاق النووي، مؤكدا: “لا شك في أن الحفاظ على اليقظة تجاه النوايا العدائية للحكومة الأمريكية، والمواقف الصارمة التي اتخذها المسؤولون في إيران خلال مسار المفاوضات، قد حال دون وقوع خسائر كبيرة، ومع ذلك، فإن نتيجة المفاوضات التي تشكلت في إطار الاتفاق النووي تنطوي على غموض ونقاط ضعف هيكلية وأمور متعددة، يمكن في حال غياب الرقابة الدقيقة والمستمرة أن تؤدي إلى خسائر كبيرة لبلادنا في الحاضر والمستقبل”، وذلك بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
ما هي نتائج تنفيذ مجموعة العمل المالي؟
وقالت: رغم كل هذه التفسيرات والنقاط، حاولت حكومة روحاني الثانية ووزير الخارجية في ذلك الوقت، محمد جواد ظريف، مرة أخرى الانضمام إلى المجموعات والهيئات الغربية، وهذه المرة في منظمة الحكومة المالية.
وأضافت: خلال فترة حكومة روحاني الثانية، أجاب بيلنجسلي، رئيس مجموعة العمل المالية، عن سؤال من أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي حول كيفية الحفاظ على الضغط على الحكومة والكيانات المالية الإيرانية، قائلا: “يجب علينا أن نطلب منهم بشدةٍ أن يوافقوا على قوانين مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال المتعلقة بمجموعة العمل المالية في إيران!”.
وتابعت: ومع ذلك، نفذت حكومة روحاني 39 من أصل 41 بندا من توجيهات مجموعة العمل المالي، ولم تسفر عن أي نتيجة سوى كشف طرق تحييد العقوبات وزيادة الضغط الأمريكي على بعض البنوك ومزيد من المشاكل في مجال المعاملات البنكية وتضاعف العقوبات.
وأضافت قائلة: لقد وضعت جماعات التوجه نحو الغرب جميع إيران أمام الولايات المتحدة، وقد تحدثوا مرارا عن أنه إذا انضممنا إلى مجموعة العمل المالي، فإننا نزيل الذريعة من الغرب، يجب أن نذكّر مرة أخرى بأن الدول الغربية لم تعتبر إيران ملتزمة ببنود الاتفاق النووي، فما الذي حدث في النهاية؟ هذه الذرائع الغربية والأمريكية لا تنتهي ولن تنتهي، وفقا للوثائق المتعددة، فإن نتيجة الانضمام إلى مجموعة العمل المالي لم تكن سوى عقوبات ذاتية.
وتابعت: المشكلة الرئيسية في العلاقات البنكية الخارجية، التي يمكن إثباتها تاريخيا وتحليليا، تتعلق بالعقوبات الأحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة على النظام البنكي الإيراني وليست لها علاقة بمجموعة العمل المالي.
وتحدث المرشد الأعلى بإيران حول كيفية تعامل البرلمان مع الاتفاقيات الدولية، قائلا: “تُعد هذه المعاهدات أولا في مراكز التفكير الخاصة بالقوى الكبرى لتأمين مصالحها، ثم تأخذ شكلا دوليا ظاهريا بضم الدول المتوافقة أو الخاضعة أو المهيمنة، وعندما ترفض دولة مستقلة مثل إيران قبولها، تتعرض لهجوم شديد قائلين إن 150 دولة قد قبلتها، كيف يمكنك رفضها؟”.
كما أضاف في بيان الطريقة الصحيحة للتعامل مع مثل هذه الاتفاقيات: “كما تحدثنا بشأن بعض الاتفاقيات الدولية التي تم طرحها مؤخرا في البرلمان، يجب أن يشرع البرلمان، الذي يتمتع بالنضج والعقلانية، بشكل مستقل في موضوعات مثل مكافحة الإرهاب أو مكافحة غسل الأموال”.
وأشار إلى أنه بالطبع قد تكون بعض بنود الاتفاقيات الدولية جيدة، لكن لا يوجد أي ضرورة للانضمام إلى اتفاقيات لا نعرف عمق أهدافها أو نعرف أن بها مشاكل.
لنأخذ العبر من الماضي
وأضافت الصحيفة: نقطة أخرى هي أن إيران كانت في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالية من عام 2009 إلى عام 2016، ثم تم تعليق هذا الوضع، لكنها عادت مرة أخرى إلى القائمة السوداء في عام 2019، كانت حكومة روحاني وظريف تدعي أن إيران إذا لم تنضم إلى مجموعة العمل المالية فلن تتمكن حتى من التجارة والتبادل مع الصين وروسيا، فما كانت النتيجة؟
في تلك السنوات السبع، وكذلك بعد عام 2019 عندما لم تنضم إيران إلى هذه المنظمة وكانت في قائمتها السوداء (لمدة 12 عاما)، أظهرت إجراءات ودبلوماسية الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي والدكتور أمير عبد اللهيان أن العلاقات الإيرانية مع دول المنطقة والجوار قد زادت، وأكدوا أن الطريق الوحيد لضمان مصالحنا ليس بالاعتماد على الغرب، وقد أدركت الحكومة الرابعة عشرة (الحكومة الحالية لمسعود بزشكيان) هذا الأمر أيضا، ولم تقيد نفسها بمفاوضات مع الغرب مثل الحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة (حكومتي حسن روحاني).
تجسس الولايات المتحدة وإسرائيل على حزب الله تحت غطاء FATF
وكتبت الصحيفة: وضعت منظمة مجموعة العمل المالي (FATF) لبنان في القائمة الرمادية خلال اجتماعها الأخير، مما جعلها تحت المراقبة، تتعاون هذه المنظمة مع الكيان الصهيوني، وقد ضغطت على لبنان للحصول على معلومات حول أنشطة حزب الله وأعماله.
وأضافت: من الواضح تماما أنه في ظل الظروف التي فشل فيها الكيان الصهيوني في تحقيق الأهداف التي حددها لنفسه بعد “طوفان الأقصى” وأيضا في مواجهة صعوبات في المعركة البرية مع حزب الله، فإنه يسعى من خلال هذه المنظمة إلى جمع معلومات أكثر عن حزب الله.
هذا الطريق الذي تسلكه يؤدي إلى الضياع
وتابعت الصحيفة: هذه المعاهدة المفروضة التي تم السعي لفرضها على إيران، من الواضح أنها لن تؤدي إلى أي فائدة سوى زيادة الضغط الاقتصادي على البلاد.
وأضافت قائلة: يجب أن نذكّر الحكومة الرابعة عشرة بأن حكومة روحاني سلكت طريقا لم يجلب سوى مزيد من الضغط الاقتصادي على الناس وكشف يد إيران للولايات المتحدة وحلفائها، وزير الخارجية في حكومة روحاني الذي كان يتحدث عن التفاوض مع الغرب وحل المشاكل الاقتصادية، لم يعتبر في النهاية الانضمام إلى هذه المنظمة ضمانا لحل المشاكل الاقتصادية، كيف يمكن للمتحدثة باسم الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية في الحكومة الرابعة عشرة أن يتحدثا بحزم عن حل مشاكل الناس من خلال الانضمام إلى مجموعة العمل المالية؟ كيف يعيدون توجيه مشاكل الناس الاقتصادية مرة أخرى إلى الغرب والولايات المتحدة؟
واختتمت قائلة: هذا الطريق سيخدم الكيان الصهيوني والغرب، وفي النهاية سيزيد من مشاكل الناس، كما شهدنا في الماضي.