ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية تقريرا، الأحد 9 مارس/آذار 2025، حول المسار المعتاد للانتخابات في جميع البلدان، أعده الصحفي الإيراني حميد شجاعي، الذي ناقش في تقريره، أزمة التنافس السياسي داخل إيران.
تقول الصحيفة إنه بعد انتهاء المنافسة الانتخابية وتحديد النتائج، يقوم الطرف الفائز بتشكيل الحكومة، بينما ينسحب الطرف الخاسر ويتجه نحو النشاط السياسي. لكن ليس الأمر بهذه البساطة، حيث ينتهي كل شيء بعد الانتخابات، فيهنئ الخاسرُ الفائزَ ويتمنى له النجاح ثم ينسحب، لأن التنافس الانتخابي في الأصل يهدف إلى تحسين الأداء وإدارة شؤون البلاد والمجتمع.
وتذكر أيضا أنه في الانتخابات الأخيرة بإيران، تجلى معنى جديد تماما، وهو أن “المتشددين” لم يكونوا يسعون أساسا لحل مشكلات البلاد والمجتمع، بل تعاملوا مع الانتخابات كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، وإثارة النزاعات، والوصول إلى أهدافهم الخاصة. ولذلك، وبعد مرور ما يقرب من ثمانية أشهر على تولي مسعود بزشكیان رئاسة الحكومة، لا تزال الانتخابات بالنسبة لهم غير منتهية، وبدلا من دعم نجاح الحكومة، يسعون جاهدين لإفشالها وإسقاطها.

وتابعت الصحيفة الإيرانية في تقريرها، أن سعید جلیلي، ممثل المرشد الأعلى في المجلس الأعلى للأمن القومي والمرشح الرئاسي الخاسر أمام بزشكيان في الانتخابات الماضية، والتيار الداعم له، الذي يسيطر على البرلمان ويقف وراء كل محاولات عرقلة الحكومة، وضع منذ بدء حكومة بزشكیان عملها خطة لشنّ هجوم وممارسة ضغوط متواصلة عليها. بناءً على منطقهم القائل: “طالما أن الحكومة ليست في أيدينا، فلن نسمح لها بالعمل!”، فقد جعلوا الأشهر الستة الماضية مليئة بالصعوبات والتحديات للحكومة وفريقها.
وأشارت إلى أن الرئيس مدّ يده للتعاون من منطلق الوحدة الوطنية والحرص على المصلحة العامة، ورغم ذلك فإن المتطرفين وجبهة الصمود الإسلامي الذين لا يهتمون بمشاكل الشعب، لم يرفضوا فقط مبادرة بزشكیان، بل صعّدوا جهودهم لإضعاف الحكومة.
الحقيقة هي أن هدفهم الأساسي هو خلق أزمات وإثارة المشكلات لحكومة بزشكیان، وإفشالها بشتى الطرق، بحيث يُعطى الانطباع بأن الحكومة غير ذات كفاءة.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها، أنه في هذا الإطار، يعمد “المتشددون” داخل البرلمان، بالتنسيق مع أنصارهم خارجه، إلى تقويض الوحدة الوطنية عبر استهداف الحكومة من جهة، ورئيس البرلمان محمد باقر قالیباف من جهة أخرى. ومن الواضح أن فريق سعید جلیلي وأعضاء جبهة بايداري، المعروفة باسم جبهة الصمود، لا يقتصرون على ثلاثة أشخاص فقط، لكن يمكن تحديد أبرز قادتهم داخل البرلمان: حمید رسایي، أمیرحسین ثابتي، ومرتضی آقاتهراني، وهم الذين يروجون لأفكار جلیلي ويسعون جاهدين لإسقاط حكومة بزشكیان.
وأشارت إلى أنه إلى جانب هؤلاء، هناك شخصيات أخرى مثل مهدی کوچکزاده، وکامران غضنفري، وقاسم روانبخش، منان رئیسی، وأمیرحسین بانکیپور، الذين يطرحون قضايا مختلفة بهدف عرقلة الحكومة وتهيئة الأجواء لوصول سعید جلیلی إلى القصر الرئاسي (پاستور). هؤلاء هم الذين زعموا منذ البداية، أن بزشكیان لن يصمد حتى الشتاء، ولن يحصل إلا على 5% من الأصوات، لكنهم اليوم، وبخلاف توجيهات المرشد الأعلى الذي أكد أن “نجاح الحكومة هو نجاح النظام”، يعملون بكل وسيلة لإسقاط الحكومة.
مصير مشترك
ونقلت الصحيفة عن حسين كنعاني مقدم، القائد البارز السابق في الحرس الثوري الإيراني، تعليقه على تحركات “المتشددين” ضد الحكومة، أن المنافسات الانتخابية لم تنتهِ بعد، وما زال منافسو الدكتور مسعود بزشكيان يدقون طبول الانتصار، ولسان حالهم يقولون “أنا الفائز”.
وأضاف مقدم أن “هذه التصرفات لا تتماشى مع مسؤولية نواب البرلمان، وكما قال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي: نجاح الحكومة هو نجاح النظام، وعلينا أن نساعد في نجاح الحكومة، ونجاح الحكومة هو نجاح النظام”.
وذكر أن البعض يعتبر، في إطار المنافسة السياسية، أن الأدوات التخريبية وسيلة لتجاوز الحكومة، ويسعون بدلا من النقد المنصف والواعي والناصح، أو استخدام الأدوات الرقابية التي هي من مهام البرلمان، إلى استخدام بعض القوانين والقرارات كأدوات سياسية لضرب هيكلية الحكومة التي منحوها الثقة في البرلمان.
وتابع أن هذه التصرفات السياسية تشبه الجلوس على الغصن وقطعه، لأنه إذا سقطت الحكومة، فسيسقط البرلمان أيضا، وهذا أمر مؤكد. يجب أن يدركوا أن إيران في هذه الظروف الحساسة في مواجهة مع العدو، وتمر بلحظات حساسة جدا في مواجهة سياسات ترامب الصهيونية والاستكبارية، ويجب أن يظهر الشارع الإيراني في الداخل بقوة واقتدار؛ حتى لا يطمع العدو في إلحاق الضرر بإيران بسبب الخلافات الداخلية.
وأضاف: “بالطبع، يجب على الحكومة أيضا أن تكون حذرة في تصرفاتها؛ حتى لا تعطي ذريعة لأولئك الذين يرغبون في استمرار المنافسة السياسية الانتخابية، ويسعون من خلال تخريب الحكومة إلى إعلان أنفسهم فائزين في الساحة السياسية”.
جهود “المتشددين”
في حين نقلت الصحيفة في تقريرها، عن الناشط الإصلاحي محمد نمازي، أن نية “المتشددين” من هذه الإجراءات هي الضغط على الحكومة وتعطيل كفاءتها؛ لمنعها من العمل بفعالية، وزيادة العراقيل الداخلية لزيادة المصاعب على المواطنين، مما يؤدي إلى زيادة الاستياء. وأضاف نمازي: “لذا، لا يمكن تبرير أن يقوم البرلمان في يوم واحد بعزل السيد همتي بأغلبية الأصوات، وبعد بضع ساعات يُعلن أن السيد ظريف لم يعد يشغل منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية”.
وأشار إلى أن “المتشددين يسعون بالتأكيد إلى زيادة مشاكل البلاد، وقطع أمل الشعب من حكومة الدكتور بزشكيان، وزيادة الضغوط بشكل ملموس وتقليل قدرة تحمل الناس”.
وختم حديثه قائلا إن “المتشددين” يرغبون في أن يتخلى بزشكيان عن مهامه قبل الوصول المحتمل إلى التفاعل وتقليل التوترات، ليتمكنوا من تعيين الأشخاص الذين يرغبون بهم في المناصب.