ترجمة: أسماء رشوان
نشرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، تقريرا لها يوم الخميس 20 فبراير/شباط 2025، تناولت فيه مسألة نشر البرلماني “حميد رسائي” مقطعا له داخل إحدى جلسات البرلمان غير المعلنة.
ذكرت الوكالة أنه تم الإعلان يوم الاثنين 17 فبراير/شباط، أي قبل يوم واحد من حضور الرئيس بزشکیان في البرلمان لمناقشة تقلبات سوق الصرف الأجنبي، أن الجلسة ستُعقد بشكل غير علني.
وبموجب لوائح البرلمان، يمكن عقد بعض الجلسات بشكل غير علني في حالات الطوارئ التي تتطلب مراعاة أمن البلاد، أو بناء على طلب رئيس الجمهورية، أو أحد الوزراء، أو عشرة نواب من البرلمان.
وأضافت أن المادة 102 من النظام الداخلي للبرلمان تنص على شروط عقد الجلسات غير العلنية، حيث يجب على مقدمي الطلب تقديم مبرراتهم حول الظروف الطارئة وأهمية الأمن القومي خلال 15 دقيقة كحد أقصى، سواء بشكل متواصل أو متقطع على فترتين. ثم يُمنح أحد المعارضين فرصة للحديث لمدة 15 دقيقة. وإذا وافق ثلثا الأعضاء الحاضرين، تستمر الجلسة بشكل غير علني، وإلا تعود إلى الوضع العلني.
ومع ذلك، قام النائب المتشدد -بحسب وصف الصحيفة- “حميد رسائي”، في خطوة نادرة بتصوير كلمته خلال هذه الجلسة باستخدام هاتفه المحمول، ثم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقا للفيديو الذي نشره رسائي، فقد زعم خلال خطابه أن سبب ارتفاع سعر الصرف يعود إلى ضغوط وزير الاقتصاد على البنك المركزي، مدعيا أن ذلك كان تحت غطاء قرار حكومي.
وأضاف رسائي أن سوق الصرف الأجنبي شهد تقلبات بقيمة 70 ألف ريال خلال النصف الأول من العام، وذلك في ظل التوترات بين إيران وإسرائيل. لكنه ادّعى أن الأمور انقلبت رأسا على عقب بعد تولي “عبد الناصر همتي” منصبه في حكومة بزشكیان، حيث ارتفع سعر الصرف من 584100 ريال في بداية الحكومة إلى 900.000 ريال، مما يعني أن نطاق تقلبات الدولار خلال 5 أشهر بلغ 320.000 ريال، مقارنة بـ 70.000 ريال سابقا.
كما ذكرت الوكالة في تقريرها، أن رسائي وجه انتقادا حادا لهمتي، قائلا إن هذا التضخم هو نتيجة سياساته، مستشهدا بتصريحات سابقة لهمتي، حيث قال إنه لو كان القرار بيده لرفع سعر الدولار دفعة واحدة. وفي 23 ديسمبر/كانون الأول صرح بأن الحد الأدنى لسعر الدولار يجب أن يكون 730.000 ريال، وأن تثبيت سعر الدولار يؤدي إلى زيادة الفساد وانخفاض الصادرات، مشيرا إلى أن التضخم بنسبة 30% يجعل من المستحيل الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
وأضاف رسائي: “أعزائي، كينز، خبير اقتصاد، يقول إنه لا يوجد وسيلة أكثر فاعلية لتدمير أسس أي دولة من خفض قيمة عملتها الوطنية. لا تكتفوا باستجواب السيد همتي، بل حاكموه!”.
وبحسب الوكالة، فإنه برغم أن النواب يتمتعون بحصانة تتيح لهم التعبير عن آرائهم في القضايا السياسية للبلاد، فإن تصرف “رسائي” اعتُبر مخالفا لقوانين البرلمان الداخلية، حيث إن الجلسات غير العلنية تُعقد للحفاظ على القضايا الأمنية. وقد أثار هذا الموضوع ردود فعل مختلفة حتى الآن.
وفي محاولة لتبرير تصرفه، صرح رسائي بأنه تمت مناقشة عدة قضايا خلال هذه الجلسة غير العلنية للبرلمان. كما تحدث 10 نواب تم اختيارهم بالقرعة. وأضاف: “أنا أيضا تحدثت لمدة ثلاث دقائق، ونشرت كلمتي بشكل علني. بعض وسائل الإعلام وبعض الزملاء قالوا إن هذا التصرف مخالف للنظام الداخلي، وللأسف تم تداول تصريحات غير دقيقة حول الأمر”.
كما قال رسائي: “لم يحدث أيٌّ إجراءات لتصبح الجلسة غير علنية، فلم يقدّم رئيس الجمهورية أو أي وزير طلبا مكتوبا، كما أن 10 نواب لم يطلبوا ذلك. وحتى لو تم تقديم طلب، كان ينبغي أن يتم طرح المبررات خلال الجلسة، وأن يصوّت ثلثا الأعضاء على عقدها بشكل غير علني، لكن هذا لم يحدث. بناء على ذلك، كانت جلسة الأمس غير رسمية، حيث تبادل الأعضاء مخاوفهم”.
وأكد أن نشره للمقطع لم يكن غير قانوني، لأن الجلسة لم تكن غير علنية رسميا، واقترح أن يتم نشر الجلسة كاملة.
وفي هذا الصدد أوضح البرلماني حمید رضا حاجي أن هناك نوعين من الجلسات غير العلنية، الأول هو الجلسة التي تُعقد بشكل غير علني ولكن يجب الإعلان عن نتائج التصويت فيها، أما النوع الثاني فهو الجلسة غير العلنية وغير الرسمية، مثل تلك الجلسة التي عُقدت، حيث لم يتم فيها إجراء تصويت، بل كانت اتفاقا بين الحكومة والبرلمان. وأضاف: “الأخ رسائي، من خلال نشر المقطع، أراد التأكيد على أن هذه الجلسة كانت غير رسمية وغير علنية، ونأمل أن يكتفي الأصدقاء بهذه المسألة حتى تُزال أي شبهات”.
وتابع: “الحصانة السياسية لأعضاء البرلمان لا تعني أنهم مخولون بفعل أي شيء. حيث إن مجلس مراقبة سلوك أعضاء البرلمان هو الآلية البرلمانية المختصة بالنظر في مخالفاتهم. وقد تم إقرار قانون الإشراف على سلوك النواب في الدورة الثامنة للبرلمان، لكنه خضع لتعديلات في البرلمان الحالي، الذي يُعد رسائي أحد أعضائه. هذه التعديلات تضمنت عقوبات أكثر صرامة بحق النواب المخالفين”.
وأشارت الوكالة إلى أنه وفق القانون الجديد، فإن مخالفات النواب، قد تؤدي إلى عقوبات مختلفة حسب أهميتها. وقد تم التصديق على هذا القانون في 4 فبراير/شباط، وتمت الموافقة عليه من قبل مجلس صيانة الدستور في 5 فبراير/شباط. وقد قام بزشكيان بإبلاغ البرلمان بتنفيذ “قانون تعديل بعض مواد قانون الرقابة البرلمانية على سلوك النواب”.
وأضافت الوكالة أن نائب رئيس البرلمان أكد تحقق الشرط الأول من الناحية الشكلية، وهو طلب رئيس الجمهورية لعقد الجلسة غير العلنية، لكنه لم يوضح ما إذا كان الطلب قد قُدم كتابيا وفقا للقانون أم شفهيا، وفي حال كان شفهيا، فإن الشرط لم يتحقق.
وتابعت: “لكن يبدو أن الشروط الشكلية الأخرى لم تنفذ، بل اكتفى رئيس الجمهورية بطلب الجلسة ووافقت هيئة الرئاسة على ذلك. وما ذكره نائب رئيس البرلمان عن حديث 10 نواب لا يشكل مبررا لعقد الجلسة بشكل غير علني، لأن القانون ينص على أن 10 نواب يجب أن يقدموا طلبا كتابيا بهذا الشأن إلى هيئة الرئاسة، كما يجب أن يوافق ثلثا النواب على ذلك”.
وأردفت: “بناءً على ذلك، فإن رسائي كان محقا تماما، ونشره خطابه في هذه الجلسة لم يكن غير قانوني، بل كان تصرف هيئة الرئاسة هو المخالف للدستور واللائحة الداخلية للبرلمان، حيث قامت بعقد جلسة غير علنية دون الالتزام بالإجراءات القانونية اللازمة، رغم أن الجلسة كان ينبغي أن تكون علنية وأن تُبث مباشرة عبر الإذاعة”.
وتابعت الوكالة في تقريرها: “مع ذلك، فإن بعض نواب البرلمان يعارضون هذا الرأي”. فقد صرّح موسى غضنفر آبادي، عضو اللجنة القضائية في البرلمان، بشأن الجلسة غير العلنية المذكورة قائلا:
“أي جزء من الجلسة غير العلنية يتم نشره دون موافقة رئيس البرلمان يُعد انتهاكا للقانون، وهذا أمر غير مقبول. في رأيي، عندما تُعقد جلسة غير علنية، يجب احترام حدودها وضوابطها”.
وأضاف النائب عن مدينة بَم في البرلمان: “الأشخاص الذين يقومون بتسجيل الصوت أو تصوير مقاطع فيديو ونشرها يرتكبون مخالفة واضحة وصريحة. رسائي لا يسعى إلا لإثارة التوتر في البلاد من أجل زيادة عدد متابعيه”.
كما سخر أحمد بيكدلي، النائب عن خدابنده بالبرلمان، في ملاحظة له بشأن تصرف رسائي، قائلا:
“لدي حل لبعض الأصدقاء الذين يسعون إلى زيادة عدد متابعيهم ومشاهداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؛ بدلا من القيام بأعمال مخالفة للقانون، يمكنهم الذهاب إلى الناس وخدمتهم، ومثال على ذلك قضية امتحان القبول الجامعي للشباب”.
وأضاف: “على هؤلاء الأصدقاء حل المشكلات، وليس نشر مقاطع فيديو من جلسة غير علنية للبرلمان على الإنترنت وخلق التوتر في البلاد؛ الجلسة غير العلنية تعني أنها يجب أن تبقى غير علنية، وليس علينا تصويرها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يتسبب في توترات داخل البلاد. فهذا لا يتماشى مع توجيهات المرشد”.
ونقلت الوكالة عن صحيفة “خراسان” انتقادها لتصرف رسائي، معتبرةً أنه كان يهدف فقط إلى لفت الانتباه، حيث كتبت:
“في السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة في عدد النواب الذين، بدلا من المشاركة النشطة في اللجان التخصصية، يفضلون اللجوء إلى الضجة الإعلامية لإخفاء ضعفهم. هذه الظاهرة لا تؤدي فقط إلى تقليل كفاءة البرلمان، بل تجر السياسة الوطنية بعيدا عن التحليلات المهنية إلى التصرفات العاطفية والانفعالية”.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه إذا نظرنا إلى الأشخاص الذين قاموا بتشكيل قوائم المرشحين في الانتخابات الأخيرة، سنجد أن الوضع الحالي ليس مفاجئا. وأضافت:
“عندما يصبح شخص ما، وهو مجرد خطيب في تجمعات خاصة، أمينا عاما لحزب سياسي، ثم يقوم بإعداد قائمة مرشحي البرلمان، ويجبر الأفراد على قراءة قسم الحزب أمام الكاميرا واحدا تلو الآخر، فمن الواضح أن هذه نتيجة طبيعية”.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الوضع أدى الى حلّ العرض الإعلامي محل المهنية والتخصص.
وذكرت أنه لم يتم تشكيل “الهيئة المشرفة على سلوك النواب” في البرلمان الحالي بعد، ومن المحتمل أن يتم تحديد مصيرها يوم الأحد المقبل. لكن هل سيكون رسائي أول من سيتم النظر في قضيته من قبل هذه الهيئة؟
أوضح عثمان سالاري، عضو اللجنة القانونية والقضائية في البرلمان، لوكالة “خبر أونلاين”، أن مثل هذه القضايا تتطلب إحالتها من جهة مختصة إلى الهيئة المشرفة على سلوك النواب.
وأضاف: “إذا تم طرح موضوع ما في جلسة غير علنية وتصرف أحد الأعضاء بشكل يتنافى مع المعايير الأخلاقية والمهنية، فيجب إحالة الأمر إلى هيئة الإشراف للنظر فيه والتحقق من صحته، ثم اتخاذ الإجراء المناسب وفقا لطبيعة وحجم المخالفة التي ارتكبها النائب”
وفيما يتعلق بهذا القانون، قال: “وفقا لبعض البنود الواردة فيه، إذا كان تصرف النائب يحمل طابعا جنائيا، فسيتم إحالته إلى الجهات القضائية. ومع ذلك، فإن دور هذه الهيئة يتركز في معالجة المخالفات الإدارية”.
كما علّق على قيام رسائي بنشر أجزاء من الجلسة غير العلنية للبرلمان، قائلا لوكالة “خبر أونلاين”: “النواب هم خدام الشعب وحماة النظام، ويجب أن يأخذوا في الاعتبار أمرين رئيسيين: الأول هو استغلال كل فرصة لخدمة الشعب دون تمييز، ضمن الإطار القانوني لواجباتهم وصلاحياتهم، والثاني هو مراعاة القيم الأخلاقية أثناء أداء مهامهم، سواء داخل البرلمان أو خارجه، وأحد هذه القيم هو الحفاظ على السرية وصون الأمانات”.
وعند سؤاله عن المرشح الذي ستقدمه اللجنة القانونية والقضائية لعضوية هيئة الإشراف، أجاب: “لم يتم ترشيح أي شخص حتى الآن، لكننا نحاول التوصل إلى قرار بهذا الشأن. أما بالنسبة للأعضاء الآخرين في الهيئة، الذين سيتم اختيارهم من خارج اللجنة، فقد سجل ما بين 40 إلى 50 نائبا أسماؤهم للترشح. علما بأن باب التسجيل سيظل مفتوحا حتى 22 فبراير/شباط”.
وفيما إذا كانت هيئة الإشراف قادرة على التحقيق في مخالفات، مثل ما قام به رسائي قبل تشكيلها، أجاب: “لا توجد أي قيود أو عوائق تمنع ذلك”.