ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “هم ميهن” الثلاثاء 4 مارس/آذار 2025 مقالها الافتتاحي تحت عنوان “الفساد في حكومات الأصوليين” حول ازدياد الفساد في الحكومات الأصولية عن غيرها في إيران.
استهلت الصحيفة المقال بالإشارة إلى أنه قبل ست سنوات، تم إعدام متهم عُرف إعلاميا بلقب “سلطان الذهب” وسط ضجة كبيرة. كان هذا الإعدام من الحالات النادرة التي تمت تحت هذا العنوان. خلال الفترة من عام 2012 إلى 2018، ارتفع سعر الذهب بمقدار 3.5 أضعاف، وهو ما أدى إلى تنفيذ حكم الإعدام بحقه.
وذكرت أنه منذ عام 2018 وحتى نهاية حكومة التيار الأصولي، أي خلال ست سنوات أخرى، تضاعف سعر الذهب عشر مرات، ومع ذلك لم يُتخذ أي إجراء ضد أحد. لكن لاحقا، ولا سيما خلال فترة رئاسة إبراهيم رئيسي للسلطة القضائية، شهدنا محاكمات غير مسبوقة تجاوزت الإجراءات القضائية المعتادة، حيث صدرت أحكام صارمة بحق العديد من المتهمين، لكن تم نقضها لاحقا أو حتى تبرئة بعضهم خلال عمليات المراجعة القانونية.
وأضافت أنه هكذا، أصبح واضحا أن الهدف الأساسي، أو على الأقل النتيجة الفعلية لتلك الإجراءات، كان الترويج الإعلامي الذي تم استغلاله في انتخابات عام 2021 . ولو كانت هذه الدعاية قد أفضت إلى تشكيل حكومة حقيقية مناهضة للفساد والمحسوبية، لما كان الأمر مدعاة للقلق. لكن النتيجة جاءت على العكس تماما، إذ لم يقتصر الأمر على عدم الحد من الفساد، بل تم تسجيل أرقام قياسية جديدة، مما أدى إلى تراجع تصنيف إيران في مؤشرات الفساد العالمية أكثر فأكثر.
وأوضحت أن حكومة رئيسي، في أفضل الأحوال، كانت تعتقد أنها ستكون نموذجا لمكافحة الفساد، لكن المفاجأة كانت أنه خلال عامها الأول والثاني، وُجّهت اتهامات بالفساد إلى وزيرين وعدد من كبار المسؤولين، بل وأدين بعضهم في قضايا فساد مثيرة. أحد الوزراء حُكم عليه أولا في قضية فساد تتعلق بالأعلاف الحيوانية، ثم وُجهت إليه وإلى وزير آخر تهمٌ في قضية فساد مرتبطة بشركة “شاي دبش”، وقد صدر حكم ابتدائي بحقهما، وفي انتظار الحكم النهائي.
وأشارت إلى أنه في حكومة التيار الأصولي برئاسة محمود أحمدي نجاد، أُدين وسُجن عدد من كبار المسؤولين في الرئاسة، بمن فيهم محمد رضا رحيمي، النائب الأول للرئيس وأحد نوابه الآخرين، بتهم مالية. والمفارقة أن كلا الحالتين وقعتا في ظل حكومات أصولية كانت تدّعي محاربة الفساد.
وتساءلت الصحيفة لماذا لم نشهد مثل هذا السلوك، أو على الأقل بهذا الحجم، في الحكومات الأخرى؟ ربما لعبت عدة عوامل دورا في هذا الأمر.
وذكرت أن هذه العوامل على النحو التالي:
أولا، يفتقر المسؤولون والمُعيّنون في حكومات التيار الأصولي غالبا إلى الكفاءة المهنية، إذ يصلون إلى مناصبهم عبر المحسوبية والعلاقات الشخصية، وليس استنادا إلى الجدارة. وبما أنهم لا يمتلكون المؤهلات اللازمة لشغل تلك المناصب، فهم لا يشعرون بأن لديهم ما يخسرونه.
ثانيا، يتعاملون مع السلطة بأسلوب عشوائي، ويضفون على أنفسهم هالة أخلاقية ورسالة سامية، مما يجعلهم يرون أنفسهم مخولين بالتصرف في أموال الدولة وإنفاقها كما يحلو لهم.
ثالثا، يشعرون ضمنيا بأنهم محصّنون ضد الملاحقات القضائية. فهم يمارسون بعض الأنشطة قبل وصولهم إلى السلطة دون أن يتعرض لهم أحد، وحين يدخلون الحكومة، يواصلون نهجهم بنفس العقلية، معتقدين أن حصانتهم دائمة وغير قابلة للكسر. لكن هذا الاعتقاد لا يكون دائما في محله.
رابعا، يعتبرون أنفسهم أيضا في مأمن من رقابة الإعلام والمجتمع المدني. ومن الواضح أن من يبلّغ عن فسادهم غالبا ما يواجه مشكلات جدية، مما يدفع المراقبين المدنيين إلى تجنب الخوض في مثل هذه القضايا.
خامسا، وربما الأهم، هو التلاعب بالقوانين أو تجاهلها تمامًا. فبذريعة “إزالة القيود التنظيمية” و”مكافحة البيروقراطية”، يمنحون مديريهم صلاحيات واسعة، مما يؤدي إلى تفشي الفساد بشكل أوسع وأخطر.
وأضافت الصحيفة أنهم يروجون لأنفسهم باعتبارهم “عشاق العدالة”، ويسعون تحت هذا الشعار إلى توسيع أنظمة الأسعار المزدوجة والتسعير الحكومي، بزعم دعم الفقراء. لكن في الواقع، يؤدي ذلك إلى خلق بيئة خصبة للمحسوبية والامتيازات الخاصة، مما ينتج عنه أسوأ أشكال الظلم.
وذكرت أنه يظهرون ولعا خاصا بالعقوبات، ليس لمواجهتها، بل لاستغلالها في تصوير أنفسهم كمنقذين للبلاد ومحاربين للاستكبار العالمي، بينما تفتح هذه الظروف أبوابًا واسعة لفساد لا يمكن قياس حدوده.
وأوضحت أنه لذلك، سُجلت أرقام قياسية في الفساد خلال حكومتي أحمدي نجاد ورئيسي. البداية كانت مع رجل الأعمال بابك زنجاني خلال فترة أحمدي نجاد، حيث حصل على امتيازات مالية خطيرة بدعم مباشر من أربعة وزراء وكبار المسؤولين في تلك الحكومة.
واختتمت الصحيفة المقال بذكر فضيحة الفساد في “شای دبش”، التي بلغت قيمتها 3.7 مليار دولار، وشارك فيها وزيران وعشرات المسؤولين الحكوميين. ومع ذلك، لا يزال هناك غياب لتقرير رسمي دقيق يكشف تفاصيل وآليات حدوث هذا الفساد.