ترجمة: أسماء رشوان
نشرت صحيفة “فرهيختكان” تقريرا، 22 يناير/كانون الثاني 2025، ذكرت فيه أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، توجه إلى محافظة خوزستان يوم الأربعاء 22 يناير/كانون الثاني 2025، موضحة بعض الاقتراحات التي وجهت للرئيس لتحقیق التنمیة فی المحافظة.
معوقات خوزستان
ذكرت الصحيفة أن محافظة خوزستان تكشف عن مزيج من الإمكانات الكبيرة والتحديات المستمرة. ورغم مكانتها البارزة كمركز لصناعات النفط والغاز والبتروكيماويات في البلاد، فإنها تعاني من الإهمال في تخصيص الميزانيات المناسبة والتخطيط للتنمية، مما يُظهر فجوة واضحة بين أهميتها الاستراتيجية وواقعها الفعلي. أما المشكلة الرئيسية والمعضلة التي تواجهها محافظة خوزستان منذ فترة طويلة فهي عدم كفاءة المحافظين.
وأضافت أن خوزستان تعد رمزا للوحدة الوطنية بتنوعها العرقي، فهى تحتاج إلى نهج تنموي جاد وشامل كتخصيص موارد كافية وتنفيذ خطط طويلة وقصيرة الأمد لتحقيق التنمية المستدامة.
الاهواز تفتقر إلى المرافق الحضرية
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من وضع العديد من خطط التنمية الحضرية لمدينة الأهواز كعاصمة لمحافظة خوزستان، فإن هذه الخطط ساهمت في تعميق التمييز داخل المدينة. يظهر ذلك بوضوح من خلال الاختلاف في مستوى الخدمات الحضرية والتطوير بين مناطقها المختلفة. في مدن كالأهواز، لا يزال سكانها يعانون من تأخر في الاستفادة من المشاريع التنموية الأساسية.
وذكرت الصحيفة أنه من الحقوق الأساسية لكل مواطنٍ الحصول على مياه شرب آمنة، إلا أن خوزستان، التي تضم ثلث المياه السطحية في إيران، تواجه مشكلات مزمنة في إدارة الموارد المائية وتوفير مياه نظيفة للسكان. وخلال السنوات الأخيرة، تعرضت أجزاء كبيرة من مدينة الأهواز للغرق نتيجة الأمطار الغزيرة، مع غياب منظومة فعّالة لتصريف المياه السطحية.
وأفادت عن انتشار صور في وسائل الإعلام تُظهر الأهواز كمدينة تفتقر إلى أبسط المرافق الحضرية. وفي ظل الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن فيضانات الصرف الصحى، فقد تدخلت الحكومة، حيث أعلن رئيس منظمة إدارة الأزمات حينذاك عن تخصيص 40 تريليون ريال من صندوق احتياطي النقد الأجنبي لتحسين أوضاع المياه والصرف الصحي، وذلك بعد موافقة المرجع الديني الايراني.
وأضافت الصحيفة أنه مع ذلك ما زالت الأمطار تمثل تحديا كبيرا للسكان والمسؤولين، حيث كشفت الفيضانات المتكررة، حتى في الأحياء الراقية والمناطق الحيوية، عن غياب التخطيط السليم والتنمية المستدامة في المدينة على مدى السنوات الماضية. ورغم الجهود المبذولة لتحسين شبكات المياه والصرف الصحي، لا تزال الأمطار تُعد مصدر معاناة أكثر من كونها نعمة لسكان الأهواز.
شبح البطالة يحلّق فوق خوزستان
كما ذكرت الصحيفة أنه على الرغم من وجود العديد من الشركات الصناعية في خوزستان، وضمن ذلك شركات الغاز والنفط والبتروكيماويات ومصافي البترول وقصب السكر، فضلا عن القدرات الاستثمارية المختلفة، فإن تقرير مركز الإحصاء الإيراني حول تطورات سوق العمل لصيف هذا العام يظهر واقعا مقلقا.
وأفادت بأن خوزستان تحتل المرتبة الثانية بين المحافظات ذات أعلى معدل بطالة في البلاد، وهو مؤشر يعكس تناقضا صارخا مع إمكاناتها الاقتصادية. حيث إنها تحتل مرتبة متقدمة من حيث معدل البطالة بين الرجال، وتأتي في المرتبة الثانية. بينما تحتل المرتبة الرابعة بين المحافظات من حيث معدل البطالة بين النساء. وبحسب إعلان مركز الإحصاء الإيراني، فإن معدل البطالة في خوزستان وخمس محافظات أخرى شهد ارتفاعا ملحوظا وبنسب مزدوجة، مما يتناقض مع الاتجاه العام لانخفاض معدلات البطالة في بقية أنحاء البلاد.
وأضافت أن معدل البطالة في خوزستان هذا الصيف بلغ 13.1%، وهو ما جعلها تحتل المرتبة الثانية بين المحافظات التي تعاني من البطالة الأعلى. وخلال الزيارة الإقليمية لحكومة بزشكيان إلى خوزستان، كان الاقتراح الأول والأهم هو التحقيق في أسباب هذا الارتفاع الكبير في معدل البطالة، على الرغم من التنوع الصناعي الذي تتميز به المحافظة.
ورغم أن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب مشاريع طويلة ومتوسطة المدى، فإن نتائج هذه الجهود ستنعكس بشكل إيجابي على الأجيال القادمة.
جرح خوزستان المزمن
ذكرت الصحيفة أن التحديات والمشاكل في محافظة خوزستان أصبحت بمثابة جرح عميق ومزمن. كما أن المشاكل البيئية مثل انتشار الغبار وجفاف منطقة هور العظيم وتحول أجزاء كبيرة منها إلى مصادر للغبار، علاوة على التلوث الصناعي والجفاف الذي يؤثر سلبا على المجتمعات المحلية والريفية، كلها تُعد أزمات خطيرة. مشيرة الى أن مخاوف الأمن الغذائي، وبناء السدود، وتدمير سبل العيش في بعض المناطق والقرى، تزيد من تفاقم الأوضاع. ومع مناخ خوزستان الصعب، فإن خطر دمار القرى بات احتمالا متوقعا.
وأشارت إلى أن هذه الأزمات البيئية لا تقتصر على البعد الإنساني فقط، بل قد تتحول إلى تحديات سياسية وأمنية، ما يجعل الوضع في المحافظة أكثر تعقيدا. ورغم الأهمية الكبيرة التي تحظى بها خوزستان لدى الحكومات المتعاقبة، فإن غياب التنمية في مدنها زاد من معاناة سكانها، مما دفع كثيرا منهم إلى الشعور بالتمييز ضدهم مقارنة بمحافظات أخرى.
وأضافت أن أحد أكبر التحديات التي تواجه حكومة بزشكيان اليوم، خصوصا في ظل وعودها الانتخابية، يتمثل في معالجة هذا الشعور بالتمييز والعمل على إعادة دمج المجموعات العرقية والمجتمعات المحلية في النسيج الاجتماعي للمحافظة. إن إزالة التمييز وتحقيق العدالة الاجتماعية في خوزستان ينبغي أن يكونا من الأولويات الأساسية لممثلي الحكومة.
الأمل فى يد حكومة بزشكيان
وأوضحت أن حكومة بزشكيان إضافة إلى أهدافها المتوسطة والطويلة الأجل لخوزستان، تمتلك فرصة فريدة لإعادة الأمل إلى المحافظة من خلال اتخاذ قرارات مستنيرة تستجيب للاحتياجات الحالية. ومن أجل تحقيق ذلك، يمكن للحكومة التركيز على تنفيذ الخطط التنموية السابقة بجدية واستدامة في مختلف القطاعات، مثل الزراعة والرعاية الصحية. أحيانا يمكن لقرار واحد مدروس أن يحقق أهدافا متعددة، مما يسرّع من عملية التنمية.
وأضافت أنه على سبيل المثال، في قطاع الزراعة، كان هناك مشروع يهدف إلى تطوير 550 ألف هكتار من الأراضي في خوزستان وإيلام. وقد تم تنفيذ المرحلة الأولى من هذا المشروع على مساحة 295 ألف هكتار بين عامي 2014 و2017، مما ساهم بشكل كبير في زيادة الإنتاجية الزراعية وتوسيع المساحات المزروعة. إلا أن المرحلة الثانية، التي تشمل 255 ألف هكتار، تأخرت بسبب تحديات تتعلق بموارد المياه والتمويل.
واستطردت الصحيفة أنه في حال نجاح الحكومة في استكمال المرحلة الثانية، فإن هذا الإنجاز سيؤدي إلى حلول فعالة للعديد من المشكلات في المحافظة. أولا، ستنخفض معدلات البطالة بشكل ملحوظ، مما يحد من المشكلات الاجتماعية المرتبطة بها، مثل الإدمان والجريمة. ثانيا، سيساهم المشروع في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، حيث إن خوزستان توفر حاليا نحو 16% من غذاء البلاد، وضمن ذلك الحبوب والبقوليات. ومع إضافة 240 ألف هكتار جديدة، يمكن أن ترتفع هذه النسبة إلى 20%، ما يعزز من مكانة خوزستان كركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي في إيران.
كما أن استكمال هذا المشروع ليس مجرد خطوة تنموية، بل هو استثمار استراتيجي يعود بالفائدة على المحافظة والبلاد بأكملها.
تجاهل الشركات لمبادئ CSR
وتابعت الصحيفة أن المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) تعني التزام الشركات بالعمل بطريقة تراعي تأثيرها على المجتمع والبيئة، إلى جانب تحقيق الربحية. تتضمن هذه المسؤولية أنشطة اجتماعية وخيرية، وتشمل الالتزامات الاجتماعية والبيئية تجاه مختلف أصحاب المصلحة. وفي محافظة خوزستان، تمتلك الصناعات الكبرى مثل النفط والبتروكيماويات وصناعات قصب السكر مسؤولية اجتماعية واضحة تجاه البيئة والمجتمع المحلي؛ نظرا إلى دورها الاقتصادي وموقعها الحيوي في المنطقة.
وأضافت أنه على الرغم من التقارير التي تصدرها هذه الشركات حول التزامها بالمسؤولية الاجتماعية وتخصيصها ميزانيات كبيرة لهذا الغرض، فإن الأثر الملموس على مدن خوزستان لا يزال غير واضح. من بين الأولويات التي تقع ضمن نطاق هذه المسؤولية، حماية البيئة المحلية كالتزام أساسي، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك. مدينة الأهواز، على سبيل المثال، تُعد الأكثر تلوثا في البلاد على مدار العام، بينما تواصل صناعات قصب السكر تلويث مياه الأنهار والأراضي المحيطة، مما يلحق أضرارا مباشرة بالمجتمعات المحلية والبيئة.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أنه في حال كون المحافظ ينوي اتخاذ خطوات للقضاء على التمييز وتعزيز العدالة الاجتماعية، فمن الضروري أن يولي اهتماما خاصا، بالإشراف على التنفيذ الفعلي للمسؤوليات الاجتماعية لهذه الصناعات، وهو أمر تم التغاضي عنه في الحكومات السابقة.