ترجمة: أسماء رشوان
نشرت صحيفة “مشرق”، الأصولية، الأحد 16 فبراير/شباط 2025، تقريرا حول تطور العلاقات اللبنانية – السعودية وتأثيرها على إيران وحزب الله.
ذكرت الصحيفة أنه بعد الحرب الأخيرة بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي، شهدت بيروت تحولات داخلية متسارعة. وبعد سنوات من الفراغ الحكومي، تم أخيرا تشكيل حكومة لبنان بعد تصويت البرلمان، مع الإشارة إلى أن خمسة وزراء في الحكومة الجديدة ينتمون إلى حزب الله أو يمثلونه.
وأضافت أنه كما هو الحال بعد كل حرب، تسعى الدول المختلفة إلى استغلال الأوضاع ما بعد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية داخل الدول المتضررة، ولبنان اليوم ليس استثناءً، إذ يشهد منافسة بين عدة أطراف دولية وإقليمية لتعزيز نفوذها وترسيخ وجودها فيه.
السعودية على الساحة اللبنانية
أشارت إلى أنه إلى جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة ودول المنطقة، برزت السعودية كواحدة من القوى التي تحاول بجديةٍ العودة إلى الساحة السياسية اللبنانية. وقد جاءت زيارة فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، لبيروت خلال الأسابيع الأخيرة، بمثابة إشارة واضحة إلى اهتمام الرياض المتجدد بلبنان وسعيها لتغيير التوازنات الداخلية في البلاد.
أردفت أن السعودية كانت على مر التاريخ تدعم القوى السياسية السنية في لبنان لضمان نفوذها هناك، إلا أنها قلّصت مشاركتها ودعمها المالي خلال العقد الماضي، بسبب تراجع نفوذ حلفائها المحليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري.
وأضافت أنه في ظل التطورات الأخيرة، تم تعيين جوزيف عون رئيسا للجمهورية ونواف سلام رئيسا للوزراء، وكلاهما محسوب على التيار المناهض لحزب الله ويحظى بدعم سعودي. وقد لعبت الرياض، إلى جانب واشنطن، دورا بارزا في دعم جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني، لرئاسة الجمهورية.
وذكرت أنه قبل الانتخابات البرلمانية، أجرى يزيد بن فرحان، مستشار الشؤون اللبنانية في وزارة الخارجية السعودية، عدة لقاءات مع الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية في بيروت، وعقب عودته، أكد أن قائد الجيش جوزيف عون هو المرشح الأبرز للرئاسة. وفي لقاء قصير مع نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، أعلن بن فرحان بوضوحٍ أن السعودية تدعم ترشيح قائد الجيش اللبناني لرئاسة الجمهورية.
جوزيف ينال الدعم السعودي
أشارت الى أن التدخل السعودي بلغ في التطورات الأخيرة في لبنان حدا دفع أحد نواب البرلمان اللبناني إلى التعبير عن احتجاجه بشكل ساخر على تدخل يزيد بن فرحان، مستشار وزير الخارجية السعودي للشؤون اللبنانية، في انتخابات الرئاسة، حيث كتب على ورقة التصويت اسم “جوزيف آموس بن فرحان”، في إشارة ساخرة إلى الدعم الأمريكي والسعودي المطلق لجوزيف عون.
وأضافت أن السعوديين سعداء بهذه التطورات ويرون فيها فرصة لتعزيز نفوذهم في لبنان، وهو ما ظهر جليا في تصريحات فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، قبل زيارته الأخيرة لبيروت، حيث قال:
“بناءً على ما رأيته حتى الآن، ومن خلال المفاوضات الجارية في لبنان، يمكنني أن أكون متفائلا جدا بشأن مستقبل التطورات هناك”.
وقالت إنه لا يمكن تجاهل ميل القادة اللبنانيين الحاليين تجاه السعودية، خاصةً أن وصولهم إلى السلطة جاء بدعم مالي وسياسي سعودي. ولذلك، من الطبيعي أن يكونوا متحمسين لاستئناف المساعدات المالية من الرياض، وليس من المستغرب أن يعلن جوزيف عون أن أول زيارة خارجية له ستكون إلى السعودية.
وذكرت أن الاستثمارات السعودية المتوقعة في لبنان لا ترتبط فقط بالأهداف الجيوسياسية، بل تمثل أيضا ضرورة اقتصادية لكل من جوزيف عون ونواف سلام، حيث إن المصدر الأساسي لقوة السعودية في المشهد اللبناني كان ولا يزال المال.
وأشارت إلى أنه في هذا السياق، يُبدي الاحتلال الإسرائيلي اهتماما واضحا بتعزيز النفوذ السعودي في بيروت، خاصة إذا كان ذلك سيؤدي إلى تحجيم دور حزب الله وإيران في لبنان. في الواقع، الهجمات العسكرية الإسرائيلية على لبنان وحزب الله تمنح السعودية الدافع لتنفيذ مشاريعها الخاصة، والتي تصب في النهاية في خدمة المخططات الإسرائيلية والغربية المناهضة لإيران في المنطقة، على حد قوله.
الإطاحة بحزب الله
وأردفت أن تل أبيب والرياض تشتركان في العداء لحزب الله، إذ إن كليهما تلقّى ضربات قاسية من الحزب في مواجهات متعددة، مما يجعل إضعاف حزب الله داخل لبنان هدفا مشتركا بينهما.
ذكرت أنه في السنوات الأخيرة، كانت السعودية دائما الخاسر الأكبر في صراعاتها الإقليمية مع إيران “على حد وصف الصحيفة”، ويمكن تلخيص فشلها الاستراتيجي في بعض النقاط، أبرزها لفشل في حرب اليمن والاضطرار إلى القبول بالهدنة والسلام مع أنصار الله (2014 – 2022)، وخسارة حليفها الرئيسي سعد الحريري في لبنان بعد خروجه من المشهد السياسي، وعدم قدرتها على إقناع ترامب والدول الأوروبية بشنّ هجوم عسكري على إيران، وأخيرا الجلوس على طاولة المفاوضات مع إيران والتوقيع على اتفاق السلام في بكين عام 2022.
وأضافت أن هذه السلسلة من الإخفاقات المتتالية دفعت السعوديين إلى الاستعانة بإسرائيل والولايات المتحدة، ومحاولة استغلال ورقتهم الوحيدة، وهي الأموال النفطية، لتعويض خسائرهم الإقليمية واستعادة بعض النفوذ المفقود بين الدول العربية.
قالت إنه في هذا الصدد، تأتي محاولات السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتي تحاول تبريرها باشتراط الاعتراف بدولة فلسطينية، لتظهر بمظهر المدافع عن القضية الفلسطينية، بينما الهدف الحقيقي هو إعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة لصالحها.
واختتمت بأن حكام السعودية يدركون جيدا أن نفوذهم في لبنان سيظل مقيدا بوجود حزب الله، الذي لم يتمكن أي طرف داخلي أو خارجي من إقصائه عن المشهد اللبناني. كما أن السعوديين سبق لهم الفشل مرارا في مواجهة الحزب، ومن المؤكد أن أي محاولة جديدة لمزاحمته ستعيد لهم ذكريات الهزائم السابقة، وستكرر تجاربهم الفاشلة في هذا الصراع.