ترجمة: أسماء رشوان
نشرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للثورة الايرانية علي خامنئي، يوم الاثنين 25 فبراير/شباط، تقريرا، حول استفادة دول الخليج من العقوبات المفروضة على إيران.
ذكرت الصحيفة أن العقوبات الأمريكية على إيران، التي اشتدت منذ عام 2018 بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، حوّلت القدرات الاقتصادية في الشرق الأوسط إلى مكاسب لدول الخليج العربي.
هذه الضغوط، التي أثّرت على صادرات النفط والاقتصاد الإيراني، منحت دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك السعودية، والإمارات، وقطر، والكويت، والبحرين، وعُمان، فرصة لاستغلال الموقف لصالحها.
وأضافت أنه بدءا من زيادة إنتاج النفط والغاز، مرورا بتحوّل هذه الدول إلى مراكز تجارية رئيسية، وصولا إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية، أثبتت دول الخليج أنها تستطيع الاستفادة من العقوبات المفروضة على إيران. في السطور التالية، سنناقش لماذا أصبح استمرار الضغط على إيران ميزة استراتيجية لدول المنطقة.
السعودية.. الرابح الأكبر من العقوبات على إيران
وأشارت إلى أن المملكة العربية السعودية، القلب النابض لمنظمة الأوبك، استفادت بشكل هائل من تراجع صادرات النفط الإيرانية. عندما كانت إيران تصدّر قرابة 4 ملايين برميل يوميا، أدت العقوبات إلى انخفاض هذا الرقم، لتسدّ السعودية هذا الفراغ عبر زيادة إنتاجها النفطي.
كما بلغ الإنتاج السعودي للنفط اليوم أكثر من 11 مليون برميل يوميا، مما أدي إلى تحقيق إيرادات نفطية ضخمة تجاوزت 320 مليار دولار خلال العام الماضي وحده. هذه العوائد لم تملأ فقط خزائن الرياض، بل ساهمت أيضا في تمويل مشاريع ضخمة مثل “رؤية 2030″، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط.
وأضافت أن النفط وحده لم يكن هو ما جعل السعودية المستفيد الأكبر. فمع انسحاب الشركات الغربية، وخاصة الشركات الأمريكية العملاقة، من إيران بسبب العقوبات، وجدت هذه الشركات في الرياض بيئة مثالية لإنشاء مقراتها الإقليمية.
وفي السنوات الأخيرة، تضاعفت الاستثمارات الأجنبية في السعودية أكثر من مرتين، لتصل إلى قرابة 13 مليار دولار. ومع استمرار العقوبات على إيران، فإن السعودية تمتلك فرصة لتحقيق حلمها بأن تصبح القوة الاقتصادية المهيمنة في المنطقة.
دبي الملاذ التجاري الجديد
وأشارت إلى الإمارات، فقد استغلّت دبي وأبوظبي العقوبات كمنصة انطلاق لتعزيز سيطرتها على التجارة الإقليمية. في الماضي، كانت إيران شريكا تجاريا رئيسيا للإمارات، ولكن مع تقلص حجم التبادل التجاري الثنائي إلى ربع مستواه السابق، حلت الإمارات محل إيران في سلاسل التوريد.
وأردفت أن قيمة التجارة غير النفطية للإمارات اليوم قد تجاوزت 500 مليار دولار، كما أن ميناء جبل علي أصبح مركز الشحن الرئيسي في الخليج العربي، متفوقا على الموانئ الإيرانية مثل ميناء بندر عباس. ومع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على قطاع الشحن البحري الإيراني، من المتوقع أن تحصل موانئ الإمارات على حصة أكبر من عمليات الاستيراد والتصدير، وربما تصبح بوابة غير رسمية لتجاوز العقوبات الأمريكية عبر استقبال البضائع ثم إعادة تصديرها إلى إيران.
وقد أصبحت دبي وجهة مفضلة للشركات الغربية التي غادرت إيران. حيث ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية في الإمارات إلى أكثر من 22 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، مما عزز مكانة دبي كمركز مالي وتجاري رائد في المنطقة. ومع استمرار العقوبات على إيران، ستحافظ الإمارات على هذه الأفضلية لسنوات عديدة.
تربع قطر على عرش الغاز
وبالنسبة لقطر فقد ذكرت الصحيفة أنها أصبحت العملاق العالمي في تصدير الغاز الطبيعي المسال، واستفادت بشكل كبير من عزلة إيران عن سوق الطاقة. فإيران، رغم امتلاكها احتياطيات ضخمة من الغاز، لم تتمكن من منافسة قطر بسبب عدم تطوير بنيتها التحتية الغازية، ما أجبرها على استخدام معظم إنتاجها لتلبية الطلب المحلي.
وفي المقابل، صدّرت قطر العام الماضي 80 مليون طن من الغاز المسال، محققة إيرادات تجاوزت 130 مليار دولار. ومن خلال توقيع عقود ضخمة مع شركات غربية، أصبحت قطر المورد الرئيسي للأسواق الأوروبية والآسيوية، ومن المتوقع أن يحقق اقتصادها نموًا بأكثر من 4% العام المقبل.
وفي حال استمرار العقوبات على إيران، سيظل حقل بارس الجنوبي الإيراني في حالة ركود، مما سيمنح قطر فرصة لتعزيز هيمنتها على سوق الغاز العالمي.
الكويت نفط قوي واقتصاد مستقر
وقالت أن الكويت، التي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على النفط، قد استفادت من تراجع إنتاج إيران، حيث رفعت إنتاجها إلى قرابة 3 ملايين برميل يوميا. هذا الارتفاع ساهم في زيادة إيراداتها النفطية إلى 90 مليار دولار، كما عزز احتياطياتها من النقد الأجنبي ليقترب من 750 مليار دولار.
وأردفت أن النفط ليس السبيل الوحيد لها، فقد استغلت الكويت أيضا تراجع إنتاج البتروكيماويات في إيران لتعزيز مكانتها في هذا القطاع. بينما شهدت إيران انخفاضا في إنتاجها، رفعت الكويت إنتاجها إلى 13 مليون طن، مما مكنها من السيطرة على أسواق المنطقة.
فبفضل هذه التطورات، بات اقتصاد الكويت أكثر استقرارا، حيث يتوقع أن ينمو بنسبة 4% العام المقبل، مما يعني أن استمرار العقوبات على إيران قد يساعدها على المضي قدما في مسار التنمية.
البحرين مستفيد غير مباشر
وأشارت إلى البحرين فبرغم امتلاكها أصغر اقتصاد في المنطقة، إلا أنها لم تكن بمنأى عن تأثير العقوبات على إيران. فبينما لا تنافس البحرين إيران بشكل مباشر، إلا أنها استفادت من ازدهار جيرانها الخليجيين، لا سيما السعودية والإمارات، اللتين تملكان فوائض مالية ضخمة بفضل ارتفاع أسعار النفط.
وقد أضافت أن المساعدات المالية التي قدمتها السعودية والإمارات إلى البحرين تجاوزت 3.5 مليار دولار، مما ساعد على تقليص عجز الميزانية، كما شهدت الاستثمارات الأجنبية في البحرين ارتفاعا كبيرا، حيث تضاعفت لتصل إلى قرابة 3 مليارات دولار.
ومع استمرار العقوبات على إيران، يمكن للبحرين الاعتماد على دعم حلفائها الخليجيين، مما يساعدها في الحفاظ على استقرار اقتصادها.
عُمان ذكاء اقتصادي صاعد
وأخيرا عُمان، المعروفة بسياستها الحيادية، فقد استغلت العقوبات بطريقة ذكية. فهي تحافظ على علاقات تجارية مع كل من إيران والغرب، وتحولت دورها كوسيط سياسي إلى فرصة اقتصادية مربحة.
أردفت أن قيمة التجارة غير النفطية لعُمان قد بلغت 25 مليار دولار، كما أن موانئها مثل صحار وصلالة استفادت من تراجع أداء الموانئ الإيرانية، لتصبح مراكز رئيسية للنقل والتجارة الإقليمية. ومع توقعات بنمو اقتصادها بنسبة تفوق 3% في العام المقبل، تبدو عُمان في طريقها لأن تصبح لاعبا اقتصاديا مستقلا وقويا في المنطقة.
واختتمت بأن تجربة دول الخليج العربي تُظهر أن العقوبات الأمريكية على إيران ليست مجرد أداة سياسية، بل أصبحت محركا للنمو الاقتصادي في المنطقة. فقد سيطرت السعودية على سوق النفط وأصبحت الإمارات مركزا تجاريا عالميا. بالاضافة إلى قطر التي عززت هيمنتها على سوق الغاز. أما الكويت زاد استقرارها الاقتصادي. حتى البحرين استفادت من دعم جيرانها الخليجيين. واخيرا عُمان التي وظّفت حيادها لتحقيق مكاسب تجارية كبيرة.
كما يعتقد المحللون السياسيون أنه إذا استمرت العقوبات على إيران، فستتمكن دول الخليج من تنفيذ مشاريعها الطموحة بنجاح. في الخليج العربي، يبدو أن العقوبات قد تحولت إلى عدو لإيران، بينما صارت حليفا للعرب!