ترجمة: شروق السيد
في ظل التجاذبات السياسية داخل إيران، يكشف تقرير لموقع “خبر آنلاين” الإيراني كيف يسعى محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، لتثبيت رجاله في المناصب الحكومية.
نشرت وكالة أخبار “خبر آنلاين” يوم السبت 28 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تقريراً ذكرت فيه أن محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني بعيدًا عن الجدل وقصص البرلمان الذي يرأسه، يعمل على إرسال رجاله إلى هيكل الحكومة.
وبحسب تقرير الوكالة، فـ”الأصوليون الجدد” الذين ارتبطت أسماؤهم خلال السنوات الأخيرة باسم قاليباف، تبرز أسماؤهم هذه الأيام في الأخبار المتعلقة بالتعيينات والمناصب المختلفة داخل الحكومة.
وأضاف التقرير : هذه السياسة ليست جديدة، حيث طالب قاليباف بحصته ونالها منذ تشكيل حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ حينما كان اثنان من وزراء الحكومة الرابعة عشرة(الحكومة الحالية لمسعود بزشكيان) يرتبط اسماهما بقاليباف منذ سنوات مضت، وشغلا منصبين في وزارتي الداخلية والرياضة والشباب، على الرغم من أن وزير الداخلية يُوصف أيضًا كشخصية قريبة من بزشكيان نفسه.
وتابع التقرير: مطالبة قاليباف بحصته من حكومة بزشكيان كانت كبيرة لدرجة أنه لم يكتفِ حتى بوزارتين عاديتين، بل اعتبر وزارة الداخلية، التي تُعد “عين الحكومة”، جزءًا من حصته.
وأردف التقرير : حيث أثار تعيين وزير الداخلية الإيراني، مؤمني كشخصية مقربة من قاليباف، تعود علاقتهما إلى فترة عملهما معًا في قوات الشرطة، استياء العديد من مؤيدي بزشكيان، وعلى الرغم من أن الرئيس حاول تبرير هذا التعيين بناءً على معرفته الشخصية بمؤمني، إلا أن هذا التبرير لم يُبعد الأنظار عن مطالبات قاليباف بحصته.
وتابعت الوكالة: لم يكتفِ قاليباف بفرض مؤمني فقط، بل أدرج نائبه أيضا ضمن قائمة الوزراء المقترحين للحكومة، مما جعل وزارة التربية والتعليم فعليا من نصيب نائب مؤمني في لجنة مكافحة المخدرات.
وأضاف التقرير : كانت ثاني وزارة ضمن حصة قاليباف هي وزارة الرياضة والشباب، لكن الشخصية التي قدمها قاليباف لهذه الوزارة – التي كانت من أقدم مؤيديه – لم تخفِ تاريخها في إطلاق التلميحات والتعليقات الساخرة ضد بزشكيان كمرشح انتخابي، ومع ذلك، لم تمنع هذه الأمور دنيا مالي، وزير الشباب والرياضة الإيراني، الشخصية التي كانت دائمًا مرتبطة بقاليباف، من تصدر وزارة الرياضة والشباب.
وتابع التقرير : شغل دنيا مالي منصب معاون الشؤون الفنية والعمرانية لقاليباف في بلدية طهران من عام 2005 حتى 2009، وكان عضوا في مجلس مدينة طهران الرابع بين عامي 2013 و2017.
ورغم دخوله المجلس ضمن قائمة الإصلاحيين، قام، مع نائبة المجلس الهه راستجو، بتغيير تصويتهما في اللحظات الأخيرة لصالح محمد باقر قاليباف بدلًا من مرشح الإصلاحيين محسن هاشمي.
وأضاف التقرير: كان الوقت قد حان لرد الجميل من قاليباف، حيث خصص له وزارة ضمن حصته في الحكومة الرابعة عشرة لتكون بمثابة شكر لهذه الخطوة.
وتابع التقرير : لكن قصة “الشركة المساهمة” التي يديرها قاليباف، والتي يبدو أنها تأسست في حكومة بزشكيان، لم تنته هنا، فالأسماء المعروفة تظهر يومًا بعد يوم في مناصب جديدة، من “الأصوليين الجدد” الذين يدخلون الحكومة تحت مظلة قاليباف وتفسيره لمفهوم الوفاق.
الذراع القوية لقاليباف في المعارك الإعلامية
وبحسب التقرير : في 27 سبتمبر/أيلول من هذا العام2024، بينما لم تستقر حكومة بزشكيان بعد في الوزارات بشكل كامل، نُشر خبر تعيين أحد رجال قاليباف في الحكومة، حيث قام عباس علي آبادي، وزير الصناعة في حكومة إبراهيم رئيسي والذي أصبح وزير الطاقة في الحكومة الحالية، بتعيين مجتبى توانكر، ممثل طهران في البرلمان الحادي عشر، في منصب معاون الشؤون المالية والقانونية وشؤون البرلمان في الوزارة.
وأضاف التقرير : برز اسم مجتبى توانكر تحت مظلة محمد باقر قاليباف في البرلمان الحادي عشر، وكان في كل مواجهة إعلامية مع جبهة بايداري أو الشخصيات المقربة من سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وزعيم دولة الظل ، الجندي الأول لقاليباف في الصفوف الأمامية، ورغم كل ذلك، فإن قتاله منفردًا ضد جبهة بايداري لم يشفع له، حيث تم استبعاده من قائمة “مجلس ائتلاف” لانتخابات البرلمان الثاني عشر.
وتابع التقرير: ويُقال إن استبعاد مجتبى توانكر كان أحد الشروط التي وضعها صادق محصولي، الأمين العام لجبهة بايداري، لتحقيق الوحدة مع مجلس ائتلاف أمام قاليباف، الذي وافق دون أي جدال، وهكذا خرج توانكر، الذي كان يُعرف إعلاميًا بـ”اللسان غير الرسمي لقاليباف”، من القائمة، وبعد مشاركته في الانتخابات، لم يدخل حتى ضمن الستين الأوائل.
وأضاف التقرير: لكن تغيير الحكومة كان فرصة لمصالحة توانكر، بالإضافة إلى أن قاليباف يريد تنفيذ النموذج الذي طبّقه سعيد جليلي في حكومة إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الراحل، وهو الاستيلاء على هيكل الحكومة عبر رجاله.
وأضافت: ورغم أن الاختلافات الشخصية والسياسية بين رئيس الحكومة الثالثة عشرة(حكومة إبراهيم ريسي) والرابعة عشرة (حكومة مسعود بزشكيان) تجعل ذلك مستحيلًا، ومع ذلك، يحاول قاليباف تثبيت رجاله في هيكل الحكومة من خلال نموذج أشبه بـ”شركة مساهمة”، هؤلاء الأفراد هم في الغالب ممن حُرموا من امتيازات قاليباف خلال انتخابات البرلمان الثاني عشر.
وتابعت الوكالة الإيرانية في تقريرها : في 24 نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، عيّن قااليباف وزير النفط محسن بيرهادي نائبًا له لشؤون القوانين والبرلمان في وزارة النفط، حلَّ بيرهادي في هذا المنصب خلفًا لبهروز نعمتي، النائب السابق في البرلمان، الذي أُقيل بسرعة بعد فترة وجيزة من توليه المنصب.
وبحسب التقرير : كان “محسن بيرهادي” من النواب المقربين من قاليباف في الانتخابات البرلمانية الحادية عشرة، حيث دخل البرلمان عبر قائمة مجلس ائتلاف قوى الثورة الإسلامية.
وخلال الدورات الأولى والثانية والرابعة من البرلمان، انتُخب عضوًا مراقبًا في هيئة الرئاسة، كما شغل رئاسة الكتلة البرلمانية للإدارة الحضرية والريفية، وكان نائب رئيس الكتلة الأكبر (كتلة الثورة الإسلامية) في البرلمان الحادي عشر.
وأردف التقرير : كان بيرهادي أيضا من المديرين في بلدية طهران خلال فترة قاليباف، حيث انضم إلى نظام إدارة المدينة عام 2006 وترأس منظمة البسيج في بلدية طهران.
وأضاف التقرير: في فبرایر 2024، “في تصويت مجلس التحالف، حصل سعيد آجرلو، ناشط سياسي أصولي، ومحسن بيرهادي، عضو مجلس الشورى السابق، على عدد متساوٍ من الأصوات، وفي القرعة بينهما، وقع الاختيار على آجرلو للانضمام إلى قائمة مجلس ائتلاف القوى الثورية.
لكن فريق قاليباف امتنع عن التصويت لبيرهادي ، مما أدى إلى تساوي الأصوات بينه وبين آجرلو، وفي مناسبة أخرى، منعت اللوبيات وراء الكواليس مرة أخرى دخول بيرهادي إلى القائمة .
وتابع التقرير : لكن يبدو أن محسن بيرهادي الذي مثل خيبة أمل أخرى من رجال قاليباف، الذي وجد طريقه الآن إلى هيكل الحكومة بتذكرة رئيس البرلمان الثاني عشر.
وبحسب تقرير الوكالة : فإن قاليباف لم يكتفِ بإشغال رجاله في الحكومة فقط، بل وظّفهم في أقسام أخرى، مثل أبوالفضل عمومي الذي أصبح مساعدًا خاصًا لرئيس البرلمان للشؤون الدولية .
وأضافت الوكالة الإخبارية الإيرانية خبر آنلاين: قبل فترة، أصدر محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، قرارات منفصلة عيّن بموجبها كلًا من محسن دهنوي، حسين قربان زاده، و إحسان خاندوزي كأعضاء جدد في هيئة دراسة وتطابق قرارات الحكومة مع القوانين.
وتابعت: من خلال هذا القرار، يبدو أن قاليباف كان يسعى لمصالحة أحد رفاقه الآخرين في البرلمان، خاصة أن دهنوي كان قد استُبعد من القائمة الانتخابية تحت ضغط زاكاني، عمدة طهران، وجبهة بايداري.
وأضافت: بدأت القصة عندما اعترض مالك شريعتي، نائب طهران، على وجود محسن دهنوي، سياسي إيراني، في القائمة النهائية لمجلس الإئتلاف وجبهة بايداري، ليعلن انسحابه واحتجاجه، ورغم ذلك، كان يبدو أن انسحابه لم يكن حقيقيا، بل كان فقط وسيلة ضغط لإبعاد دهنوي، وهو ما تحقق في النهاية.
بعد استبعاد دهنوي، رضخ مجلس الإئتلاف مرة أخرى لضغوط جبهة بايداري ووافقوا على استبداله بنبويان.
المعروف أصبح حقا مكتسبا
وتابعت: لا ينبغي أن ننسى أن الأسماء المذكورة ليست سوى الوجوه البارزة والواضحة القريبة من قاليباف، والتي تشغل مواقعها في “الشركة المساهمة الخيالية” الخاصة به داخل الحكومة.
وأضافت: دون شك، هناك العديد من الأسماء الأخرى التي حصلت على مواقعها في الأجهزة التنفيذية بفضل توصيات واقتراحات قاليباف، بدءًا من مناصب المدير العام وصولًا إلى مناصب أخرى.
ولكن المثال الأكثر غرابة في هذه الفترة كان “مهدي مسكني”، أحد المقربين من قاليباف، والذي شغل منصب رئيس صندوق التقاعد الوطني، حيث تسببت إقالته من قبل أحمد ميدري، وزير العمل، في إغضاب قاليباف بشدة.
وتابعت: هذا الغضب بلغ حدًا جعله فجأة يكتشف أن وجود نائب لرئيس الإيراني “جواد ظريف” في الحكومة غير قانوني، موصيًا بخروجه من الحكومة بطريقة دبلوماسية حتى يتم تعديل القانون.
غضب قاليباف من إبعاد أحد رجاله من صندوق التقاعد الوطني كان عظيمًا لدرجة أنه لوّح بقانون الحجاب أمام الرئيس الإيراني “بزشكيان” كوسيلة انتقام، رغم أنه تراجع عن إصداره في النهاية.
واختتمت خبر آنلاين تقريرها زاعمة أن هذا النهج بلا شك سيستمر في المستقبل، مضيفة أن قاليباف الذي يرأس البرلمان الإيراني، أراد أن يصبح رئيسًا للجمهورية ولكنه لم ينجح، والآن يريد جمع قواه في قلب الحكومة.
وأضافت : الأهم من ذلك أنه يتمتع بقليل من الصبر، ومع أي حركة مخالفة لرغباته، يمكنه استخدام صلاحياته القانونية لإصدار قانون يثير القلق لدى الجميع بشأن تنفيذه، أو دعوة نائب الرئيس للخروج من الحكومة.