ترجمة: يسرا شمندي
وفقا لتقرير نشره موقع فرارو بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني 2025، فقد أكملت حركة طالبان مؤخرا بناء سد باشدان في هراة، بينما طالب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، بتعاون حكومة طالبان لإزالة العوائق التي تمنع تدفق المياه من أفغانستان إلى إيران.
ذكر الموقع أن المتحدث باسم شركة المياه في إيران عيسى بزرك زاده، وصف تعبئة سد باشدان في هرات بأنه استغلال أحادي الجانب لنهر هيريرود، مما يؤدي إلى انتهاك الحقوق العرفية. وقال بزرك زاده: “آثار هذا العمل الأحادي من الجانب الأفغاني لا تؤثر فقط على توفير مياه الشرب والصرف الصحي لعدة ملايين من الأشخاص، بل تؤدي أيضا إلى تدمير البيئة في المناطق المنخفضة”.
وأضاف هيريرود: “لقد تم اتخاذ قرار طالبان في وقت كانت فيه إيران وأفغانستان قد وقعتا معاهدة في عام 1972 بشأن استخدام مياه هيرمند، والتي تحدد كمية المياه السنوية التي تدخل إيران من نهر هيرمند. ومع ذلك، يعتقد مسؤولو حكومة طالبان أن نقص الأمطار وعدم وجود أجهزة لقياس مستوى المياه الوافدة إلى إيران هما السبب الرئيسي في نقص المياه التي تُخصص لإيران بموجب الاتفاق، وادعى البعض أن إيران حصلت على مياه أكثر من الكمية المحددة في المعاهدة بين البلدين في بعض السنوات”.
وتابع الموقع في تقريره: إلا أنه ونظرا إلى هذه الظروف، تُطرح أسئلة بشأن وضع حقوق المياه لإيران والإجراءات الأخيرة لطالبان بشأن حصة مياه إيران.
طالبان ترغب في “بيع المياه” لإيران
ذكر الموقع أن المحلل السياسي عبد الرضا فرجي راد أشار إلى أن قضية المياه في أفغانستان تعود إلى سياسات حكومات هذا البلد، لكن جزءا من هذه المسألة أيضا هو جيوسياسي وسياسي، فمنذ الهجوم الأمريكي وحتى قبل ظهور طالبان، كانت أفغانستان تسير نحو سياسات لتنمية البلاد.
وتابع راد: “إن أفغانستان بلد جبلي ويتساقط فيها ثلوج كبيرة في المناطق الشرقية والشمالية، وتجري فيه العديد من الأنهار، ولذلك قرروا تطوير الزراعة وقرروا بناء السدود على الأنهار. وإضافة إلى بناء السدود على هيريرود وهيرمند، تم إنشاء قناة كبيرة من الشمال إلى مناطق وسط البلاد وهي قيد البناء حاليا”.
وأضاف: “كما بدأ بناء هذه القناة في الحكومة السابقة، وحاولت الحكومة الحالية تمديدها من شمال أفغانستان إلى الوسط لتطوير الزراعة في جميع هذه المناطق. وبالطبع، تعتبر طاجيكستان وأوزبكستان قلقتين من أن القناة تأخذ جزءا من مياه سيحون وجيحون، وتريدان إجراء مفاوضات مع أفغانستان؛ لضمان ألا يتضررا من هذا التقسيم للمياه، لذلك تسعى أفغانستان إلى سياسة تنموية كانت موجودة في الحكومة السابقة”.
وقد سرعت طالبان في هذا الأمر. ولكن إضافة إلى مسألة تنمية الزراعة، تستفيد طالبان من هذه الظروف. بمعنى أنها تريد استغلال المياه التي تتدفق من أفغانستان نحو جبال هيرمند والتي تغذي هيريرود وجيحون وسيحون داخل إيران، وفي النهاية تدخل طاجيكستان وتركمانستان، لتستخدمها سياسيا.
وأردف أن طالبان تريد تجاوز (نظام الأنهار) الذي وافق عليه العالم في إطار القوانين المعتمدة، وتجاهلها. إن طالبان أساسا لا تهتم بهذا القانون الذي ينص على أنه عندما يتم بناء السدود، يجب السماح للدول الواقعة في أسفل النهر بالحصول على ما يكفي من المياه. فمثل تلك السدود التي تم بناؤها على نهر هيرمند وهيريرود، دون الأخذ في الاعتبار أنه يجب تخصيص جزء من مياه هذه السدود للاستخدام الداخلي، وجزء آخر يجب أن يصل إلى مناطق أسفل النهر.
وواصل فرجي راد: “للأسف، جميع المناقشات الودية التي جرت حتى الآن بشأن المياه مع طالبان لم تُسفر عن نتائج. ويجب علينا أيضا أن نحدد أهدافا، ونتبني سياسة نقول من خلالها لاحقا: ماذا يمكننا أن نفعل ضد الضغط الذي تمارسه أفغانستان علينا بسبب القيود.
والحقيقة هي أنه بسبب العقوبات الدولية، يدنا مغلولة. كما أننا في عزلة اقتصادية على الساحة العالمية، وفي هذه الظروف، تعد التبادلات التجارية مع أفغانستان بقيمة 2.5 مليار دولار مهمة بالنسبة لنا”.
واستطرد قائلا: “فعندما يكون اقتصاد إيران مفتوحا ويمكنها إجراء التبادلات بسهولة مع العالم، وتحقق صادرات وإيرادات عالية، عندها يمكنها الضغط بسهولة على أفغانستان. لكن في الوقت الحالي، يعتقد المسؤولون لدينا أن الضغط سيؤدي إلى اتجاه أفغانستان لتبادل السلع مع دول أخرى وتقليل تجارتها مع إيران. كما أنهم قلقون من أن النزاع والتوتر حول القضايا المائية قد يتحولان إلى مشاكل أمنية. وهذه المسائل الأمنية ترجع مرة أخرى إلى العقوبات والضغوط والوضع الذي نكافح من خلاله حاليا”.
وأكَّد: “يجب أن نخرج من العزلة في أقرب وقت ممكن، وأن تكون محادثاتنا مع أوروبا والولايات المتحدة مثمرة. كما أن جذب الاستثمارات الأجنبية إلى إيران يسهل أيضا عملية التخطيط السياسي والإقليمي. وطالما أننا تحت وطأة العقوبات والضغوط، لا يمكننا أن نمارس الضغط اللازم على طالبان لكي تلتزم باتفاقية عام 1972.
وبالنسبة لنهر هيريرود، فإن نظام الأنهار قد حدد حصتنا. ومنذ البداية، كانت إيران تتعامل مع طالبان بحذر، وهناك انتقادات داخل البلاد بخصوص هذا الأمر. سواء كان ذلك في ما يتعلق بدخول المهاجرين الأفغان بكثرة إلى إيران، الذي حسب تصريحات بعض أعضاء البرلمان يشمل ما بين 5 و10 ملايين شخص، أو في ما يتعلق بالتصرفات التي تظهرها طالبان على الحدود. كما أن طالبان ليست حكومة يُنظر إليها على أنها مسؤولة وملتزمة، ويمكن أن تخلق مشاكل لنا في الشرق كما فعلت مع باكستان”.
وختم قائلا: “إضافة إلى أن لدينا تبادلات تجارية مع أفغانستان تقدر بنحو 2 إلى 3 مليارات دولار، ويمكن لأفغانستان أن تخلق مشاكل للشركات الصغيرة وذات الدخل المحدود بقطع هذه التبادلات. وعلى أي حال، فإن الحذر المبالغ فيه من قبل إيران تجاه أفغانستان لا يلقى فهما من كثير من الأشخاص داخل البلاد، ولا نعرف لماذا يجب أن نعطي طالبان هذه الدرجة من الاهتمام. ولكن يجب أن نقبل بأن لدينا مشاكل متعددة، تبدأ من تهديدات أمريكا وإسرائيل وصولا إلى القضايا المعقدة في سوريا”.