ترجمة: شروق السيد
نشرت الصحيفة الإيرانية “هم ميهن“يوم الخميس 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 تقريرا أفادت فيه أنه في أعقاب التطورات الأخيرة في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، أرسلت عدة دول وفودا دبلوماسية رسمية لزيارة البلاد وإجراء محادثات مع قادة الفصائل المختلفة للسلطة في سوريا.
وتابعت: وقد التقى وفد دبلوماسي برئاسة باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، مع قائد فصائل المعارضة السورية أحمد الشرع في دمشق، وخلال هذا اللقاء، تمت مناقشة موضوعات مثل رفع العقوبات عن سوريا وإزالة هيئة تحرير الشام من قائمة الجماعات الإرهابية، وتحتفظ الولايات المتحدة بعلاقات دبلوماسية موازية مع بقية الأطراف المعنية.
وأضافت: كما التقى وفد من وزارة الخارجية البريطانية بأحمد الشرع في دمشق، وفي الوقت ذاته، تواصلت بريطانيا مع الجماعات العرقية والدينية وأجزاء مختلفة من المعارضة السورية.
وتابعت : التقى وفد من وزارة الخارجية الألمانية أيضًا بأحمد الشرع، وقد تم الإعلان أن الغرض المعلن من هذه المحادثات هو التأكيد على ضرورة حماية الأقليات واحترام حقوق النساء، وقد تم طرح هذه القضايا أيضًا كجزء من موقف ألمانيا في تواصلها مع بقية القوى المشاركة في سوريا.
وأردفت: كما حضرت تركيا وقطر، اللتين كانتا من الداعمين الرئيسيين لفاتحي دمشق، على مستوى قادة أجهزتهما الأمنية في سوريا، والتقوا بأحمد الشرع ومحمد البشير، رئيس الحكومة السورية المؤقتة.
وتابعت: وتشهد العديد من الدول الأخرى، سواء الإقليمية أو من خارج المنطقة، تحركات دبلوماسية وتجارية وأمنية مماثلة، حتى روسيا، التي كانت الداعم الأقوى للأسد، واصلت خلال هذه الفترة اتصالاتها المستمرة مع مختلف الجماعات المسلحة والطبقات الاجتماعية في سوريا لضمان مصالحها وسلامة قواتها العسكرية وربما التخطيط للمستقبل.
وأضافت: كما التقى جير بيدرسن، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، مؤخرًا بأحمد الشرع في دمشق، وأكد خلال اللقاء على ضرورة تحقيق انتقال سياسي شامل في سوريا بمشاركة الشعب وقيادة جميع الأطراف المعنية في البلاد.
وتابعت : يبدو أن “الآن” هو الوقت المناسب لكي تخطط الدبلوماسية الإيرانية لعقد لقاء علني مع جميع قادة الفصائل السورية المختلفة (بما في ذلك الشرع)، يجب أن تتغير صورة الدبلوماسية العامة لإيران في سوريا، فلدي إيران مطالب كثيرة من سوريا لا تزال قائمة ويمكن متابعتها حتى بعد سقوط نظام الأسد.
وتابعت قائلة: وفقًا لمبدأ العرف الدولي بشأن استمرارية بعض مسؤوليات “الدولة الخَلف” (Succession of States)، الذي تم إقراره في اتفاقية فيينا لعام 1978، تم قبول هذا المبدأ بشكل عام وقانوني من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتظل العديد من التزامات الدول قائمة حتى بعد تغيير النظام فيها.
و أكدت أن مطالب إيران “قابلة للتحقيق” وفق الأعراف والقوانين الدولية، مشيرةً إلى أن السعي القانوني، بالتوازي مع دبلوماسية فعّالة ومبتكرة تهدف إلى تعزيز العلاقات وتهيئة الظروف لحماية المصالح الإيرانية المستقبلية، يمكن أن يكون له أثر إيجابي. ورغم صعوبة استرداد جميع المطالب فورًا، فإن متابعتها وتأجيل بعضها مقابل تحقيق مصالح حيوية يمكن أن يشكل نهجًا دبلوماسيًا مناسبًا لتقليل التحديات الأخرى وتهيئة بيئة تتيح لإيران تحقيق أهدافها الممكنة في سوريا.
وتابعت : الشرع، أيًّا كان، ليس غبيًا… هو وغيره من القادة والشخصيات المؤثرة في الفصائل المختلفة، وأحيانًا – بشكل محتمل – المتنازعة داخل سوريا، يدركون توازن القوى في البيئة الداخلية، يمكن الاستفادة من هذه الظروف بمزيج من القدرات الأمنية والدبلوماسية والتجارية لتحقيق مكاسب جزئية.
وأردفت: إلى جانب المطالب المؤجلة، تمتلك إيران أيضًا مصالح جيوستراتيجية محددة في سوريا، والتي لا ينبغي التخلي عنها بمجرد انتهاء وجودها العسكري هناك.
الآن، بعد أن عاد العسكريون إلى ثكناتهم، حان الوقت ليعمل الدبلوماسيون على ضمان الحفاظ على مصالح إيران في سوريا قدر الإمكان.
واختتمت الصحيفة : وقد تؤدي المقايضات الدبلوماسية إلى إضعاف إرادة الحكومة البديلة في سوريا لربط المسؤولية القانونية عن “الجرائم ضد الإنسانية” التي ارتكبها نظام الأسد، بإيران.
فيما يتعلق باقتصاد الطاقة، أصبحت سوريا تعتمد تاريخيًا على إيران، بالنسبة لقطر، فإن استبدالها كمصدر للطاقة إلى سوريا سيستغرق وقتًا، والإماراتيون لا يمتلكون البنية اللازمة لتقديم بديل في هذا المجال.
أما السعوديون، فيبدو أنهم بدأوا اتصالات في هذا الاتجاه، بناءً على الأسس التي ترسخت خلال خمسين عامًا في سوق الطاقة، وبالنظر إلى الاحتياجات العاجلة لسوريا، لا يزال هناك إمكانية لخلق مساحة للدبلوماسية التجارية مع إيران، ومع ذلك، قد يتم ملء هذه الفرصة سريعًا من قبل أطراف أخرى، مما يجعل الوقت الحالي مثاليًا للسعي للحفاظ على موقع إيران كمزود للطاقة لسوريا.
من المرجح أن يفكر الاستراتيجيون الإيرانيون في المصالح الحقيقية للبلاد بشكل يتجاوز الأنماط العاطفية والأيديولوجية، فالدبلوماسية هي ساحة للعمل في ظل الظروف الممكنة.