ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت الصحيفة الإيرانية الإصلاحية “هم ميهن“، يوم الخميس 13 مارس/آذار 2025، تقريرا تناولت فيه خطة مؤسسة المستضعفين لإدراج أصولها في البورصة، وتأثير ذلك على وضعها الاقتصادي، ومدى جدوى هذه الخطوة في ظل تراجع مؤشرات البورصة.
ومنظمة المستضعفين هي منظمة اقتصادية شبه حكومية تأسست بعد الثورة الإسلامية، تدير مجموعة واسعة من الشركات والعقارات، وتُعد من أكبر المؤسسات الاقتصادية في البلاد، وتعمل تحت إشراف المرشد الأعلى.
قالت الصحيفة إنه بعد سنوات من الوعود، أعلنت مؤسسة المستضعفين عن خطة لإدراج أصولها وشركاتها في البورصة ابتداء من العام المقبل، في خطوة تُفسَّر على أنها خروج تدريجي من عالم الشركات وريادة الأعمال.
وأضافت أن المؤسسة لطالما لعبت دورا محوريا في الاقتصاد الإيراني، حيث تمتد أنشطتها إلى قطاعات استراتيجية مثل الزراعة، والطاقة، والصناعة الغذائية، والسياحة، والتمويل. ومع ذلك، فإن قرار طرح أصولها في سوق الأسهم يأتي في ظل تراجع مستمر لمؤشرات البورصة، ما يثير تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لهذه الخطوة في التوقيت الحالي.
سيولة جديدة
تابعت الصحيفة قائلة: بينما تسعى المؤسسة إلى استقطاب سيولة جديدة عبر هذا الطرح، تبقى آلية البيع وتوقيته عاملين حاسمين في تحديد مدى نجاح هذه الاستراتيجية، خصوصا مع استمرار الأداء الضعيف لسوق المال وانخفاض المؤشرات الرئيسية من 3 ملايين إلى 2.6 مليون.
ويبقى السؤال الأبرز: هل يشكّل هذا التوجه خروجا استراتيجيا من ريادة الأعمال، أم أنه محاولة لإعادة هيكلة الأصول في ظل تحديات السوق الحالية؟
أزمة في بورصة طهران
قالت صحيفة “هم ميهن” إن بورصة طهران تعيش أصعب أيامها في آخر يوم عمل من عام 2024، بسبب التلاعب والتغييرات التي تشهدها السوق، حيث تتزايد الخسائر يوما بعد يوم في مختلف الصناعات والمجموعات.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع يأتي في وقت يعوّل فيه أعضاء مجلس الشورى الإسلامي على تحسن الأسواق المالية، خاصة سوق الأسهم، بعد عزل عبد الناصر همتي من منصبه كوزير للاقتصاد والمالية. لكن الملاحظات الميدانية تُظهر أن عزل الوزير لم يؤدِّ إلى تحسن الأسواق، بل العكس، واجهت كافة الأسواق المالية معضلة كبيرة.
وأضافت أن مؤشرات سوق الأسهم تشهد تراجعا مستمرا، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب والعملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار. وفي ظل هذه الظروف، لن يكون هناك أمل في تعافي الأسواق حتى نهاية العام، مما يُعزز التوقعات السلبية حول أداء البورصة في العام المقبل.
وأكدت أنه بناء على هذا التوجه السلبي، فإن أي طرح عام أولي أو إدراج أسهم جديدة لن يكون مجديا من الناحية الاقتصادية، حيث لن تحقق الشركات المُصدرة أرباحا تُذكر، ولن يتم إدراج أي شركات جديدة في البورصة إلا تحت ظروف حرجة.
المجموعات الفرعية لمؤسسة المستضعفين
كما أوضحت الصحيفة أن مؤسسة المستضعفين تأسست بعد أقل من شهر من انتصار الثورة الإيرانية في فبراير/شباط 1979، بهدف جمع الممتلكات والأصول المصادرة وتخصيصها لخدمة الفقراء. وتُعد المؤسسة ثاني أكبر كيان اقتصادي في البلاد بعد شركة النفط الوطنية الإيرانية، كما تُعد واحدة من أكبر الشركات القابضة في الشرق الأوسط.
وذكرت أن المؤسسة تمتلك 179 شركة، بينها 11 شركة قابضة و32 شركة مدرجة في البورصة. وتمتلك المؤسسة عديدا من الشركات التابعة التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني وسوق الأوراق المالية في حال إدراجها في البورصة.
وأشارت إلى أن من بين هذه الشركات شركة سينا لتطوير الصناعات الغذائية، وشركة فردوس بارس لتطوير الزراعة والثروة الحيوانية، وشركة سينا لتطوير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومراكز بارسيان للسياحة والترفيه، وشركة كاوه بارس لتطوير الصناعات التعدينية، وبايا سامان بارس، وبايا صنعت سينا للتنمية، وشركة إيران المدنية والإسكان، وشركة سينا للطاقة، وكستار للصناعات الأم المتخصصة، وشركة سبا للكهرباء والطاقة، وشركة سينا للتمويل والاستثمار.
وأضافت أن هناك مؤسسات ثقافية وبحثية تابعة للمؤسسة، منها معهد المتاحف الثقافية، ومعهد دانشمند للبحث والتطوير، ومؤسسة علوي، ومعهد دراسات التاريخ الإيراني المعاصر، ومعهد هادي بينات للتدقيق والتفتيش.
شركات مستقلة
أكدت الصحيفة أن الشركات المستقلة الأخرى، مثل شركة نور تابان للسينما، وطريق طهران الشمالي السريع، واتيه للتجارة الإيرانية، وشركة سينا للتنمية القائمة على المعرفة، وشركة شهيد مطهري للزراعة والصناعة، وبنك سينا، ورهناجار الشرق الأوسط بارس، وسلسلة متاجر سينا بازار للتنمية، تلعب أيضا دورا مهما في اقتصاد البلاد.
كما أشارت إلى أن العديد من الشركات التابعة لمؤسسة المستضعفين تُتداول في البورصة وخارجها، مما يجعلها جزءا أساسيا من حركة السوق، إلا أن الأداء السلبي الحالي للبورصة يُثير تساؤلات حول مستقبل هذه الشركات وتأثيرها على الاقتصاد الوطني.
قالت الصحيفة إنه قبل نحو خمس سنوات، عندما كان برويز فتاح رئيسا لمؤسسة المستضعفين، أعلن عن خطط لنقل فروع المؤسسة المهمة إلى البورصة. وخلال ظهوره في برنامج تلفزيوني، صرح فتاح قائلا: “من خلال دمج بعض الشركات وتشكيل منظمة، تم خلق الجاهزية لنقل الشركات، وسيتم التسعير على أساس مؤشرات البورصة!”.
من هو برويز فتاح؟
جدير بالذكر أن برويز فتاح هو شخصية إيرانية بارزة، كان رئيسا لمؤسسة المستضعفين (Bonyad Mostazafan)، وهي إحدى أكبر المؤسسات الخيرية والاقتصادية في إيران التي تركز على تقديم الدعم للفئات الفقيرة والمحرومة.
قبل توليه هذا المنصب في 2014، كان فتاح قد شغل عدة مناصب في الحكومة الإيرانية. كان يشغل منصب وزير الطاقة في حكومة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، وكان معروفا بتوجهاته المؤيدة للتيار المتشدد في السياسة الإيرانية. خلال فترة عمله في وزارة الطاقة، كان له دور مهم في إدارة مشاريع كبيرة في قطاع الطاقة، وضمن ذلك الكهرباء والسدود.
برويز فتاح يعد أحد المقربين من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، وقد كان له دور في عدد من القرارات الاستراتيجية والسياسية في إيران. يعتبر فتاح أيضا أحد الأسماء البارزة في معسكر التيار المتشدد، وله تأثير كبير في السياسة الإيرانية، خاصة في قضايا تتعلق بالاقتصاد والتنمية الاجتماعية.
تحت قيادته، تمكنت مؤسسة المستضعفين من توسيع نشاطاتها الاقتصادية، حيث تملك العديد من الشركات الكبرى، وضمن ذلك شركات في مجالات البناء، الصناعة، والزراعة. هذه المؤسسة تُعتبر من القوى الاقتصادية الكبرى التي تشارك في العديد من المشاريع الحيوية في إيران.
الرئيس الجديد للمؤسسة
أشارت الصحيفة إلى أنه بعد مرور خمس سنوات، كرر الرئيس الجديد لمؤسسة المستضعفين، حسين دهقان، هذا الوعد، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم تحقيق هذا الالتزام بإدراج المؤسسة في البورصة هذه المرة.
وأضافت أنه خلال ذروة سوق رأس المال في عامي 2019 و2020، عندما كانت شركة “شاستا” تحقق أرباحا ضخمة وتحظى بإقبال واسع، أبدت العديد من الشركات استعدادها للقبول والإدراج في سوق الأوراق المالية.
وفي تلك الفترة، أعلن الرئيس السابق لمؤسسة المستضعفين عن خطط لنقل ملكية الشركات التابعة للمؤسسة، مؤكدا: “سيتم الانتهاء من نقل ملكية أسهم 32 شركة تابعة لمؤسسة المستضعفين بنهاية عام 2020، وسيتم طرح أسهم أكثر من 10 شركات تابعة للتداول الأولي بعد عملية أرديبهشت”.
وأدرفت الصحيفة أن هذا الوعد لم يتحقق، بسبب الظروف الصعبة التي واجهتها سوق رأس المال، حيث تعاني بورصة طهران من أزمات متواصلة منذ صيف 2019، ولم يتم إجراء أي عروض أو تحويلات في قاعة التداول الزجاجية لعدة أشهر.
وأكدت أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت ظروف سوق الأوراق المالية ستتحسن بحلول عام 2025، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت مؤسسة المستضعفين ستطرح شركاتها التابعة في البورصة أخيرا. ومن الناحية الواقعية، في ظل الوضع الحالي لسوق رأس المال، فإن أي طرح عام أولي قد لا يلقى ترحيبا ولن يحقق أرباحا تُذكر.
حصة مؤسسة المستضعفين في سوق الأوراق المالية
أوضحت الصحيفة أن الشركات التابعة لمؤسسة المستضعفين تلعب دورا محوريا في بورصة طهران. وقالت: “وفقا للدراسات، هناك شركات تابعة تعمل بشكل مواتٍ في السوق، ولكن حاليا يقتصر الجدول على الشركات التي تمت عملية الطرح العام الأولي لها، في حين أن العديد من الشركات الأخرى التابعة للمؤسسة لم تخضع لهذه العملية بعد”.
واختتمت الصحيفة تقريرها، بتأكيد أن بورصة طهران تحتاج إلى إصلاحات جذرية وتحسينات مستدامة لتجاوز الأزمات التي تعيشها حاليا. وأضافت أن هذا الأمر سيؤثر في المستقبل القريب على القرارات المتخذة بشأن إدراج شركات جديدة، سواء كانت تتبع مؤسسة المستضعفين أو غيرها.