ترجمة: شروق السيد
ناقشت صحيفة فرهيختكان الإيرانية ما وصفته بمسارات الضغط التي تعتمدها الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة تشكيل مشهد المقاومة في العراق وسوريا.
ذكرت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية، في تقرير لها 5 يناير/كانون الثاني 2024، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على إضعاف أو القضاء على الجماعات المقاومة في العراق.
حيث طلب دونالد ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، في الأيام القليلة الماضية من الحكومة العراقية هذا الأمر، مما يُظهر أن الدولة العميقة في البلاد تسعى للاستفادة القصوى من تهديدات ترامب، حتى في ظل استمرار جو بايدن في الحكم.
وواصلت الصحيفة: اتخذت الولايات المتحدة خطوتين رئيسيتين في المجال العسكري-الأمني لإضعاف سوريا، بدعم من بعض الأطراف، الأولى كانت الضغط لتقليل المستشارين الإيرانيين ومحور المقاومة في سوريا، والثانية كانت محاولة إضعاف القوى العسكرية السورية بشكل أكبر من خلال إضعاف الحشد الشعبي السوري المعروف باسم “قوات الدفاع الوطني”، حيث تم تقليص عدد أفراده إلى أقل من فرقة عسكرية، هذه الاستراتيجية كانت مدعومة من الحكومة والجيش السوري آنذاك، ولم تكن طلباً رسمياً من القوى الأجنبية.
وتابعت الصحيفة: يبدو أن خطة مشابهة تنتظر الحشد الشعبي العراقي، ورغم إعلان المسؤولون العراقيون أن الحشد الشعبي سيبقى، لكنهم أبدوا استعداداً لتقييد الجماعات المسلحة، وتهدف معظم هذه الجهود إلى إعادة صياغة الضغوط الأمريكية لإضعاف الحشد الشعبي العراقي، لحمايته من التهديدات مع التخلص من الضغوط الخارجية، ومع ذلك، هناك تعقيدات كبيرة في السياسات التي تتبناها الجهات الفاعلة الحالية.
مسارات الضغط الأمريكي
وأضافت الصحيفة: تمتلك الولايات المتحدة عدة مسارات لممارسة الضغط على الحكومة والفصائل السياسية في العراق، وهي كالتالي:
1- المالية
حيث خصصت الحكومة العراقية ميزانية تتراوح بين 2 إلى 3 مليارات دولار للحشد الشعبي، ويمكن للولايات المتحدة، من خلال التهديد أو ممارسة الضغط المصرفي، وضع الحكومة في ضائقة مالية لإجبارها على قطع هذه الميزانية.
وتابعت الصحيفة: بدون التمويل، ستبقى فقط الهوية القانونية للحشد الشعبي كقوة رسمية، رغم أن المشكلة المالية ستؤدي فعليًا إلى تقليص حجمه .
2- دبلوماسية
يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل في سياسة العراق وتجعلها وسيطاً في المنطقة مما قد يؤدي إلى تفاقم التدخلات الخارجية بها، يسعى العراق من خلال حضوره في التفاعلات الإقليمية إلى إدارة التنافسات الإقليمية داخل حدوده، يبدو أن أفضل طريقة للتعامل مع الضغوط الأمريكية في هذا المجال هي أن يطلب العراق الاستفادة بشكل أكبر من قدرات محور المقاومة لتحقيق التوازن.
3- الأمنية
قد يؤدي التهديد بتقليص التعاون العسكري، لا سيما في مجال التسليح وتبادل المعلومات، إلى تعزيز قوة الإرهابيين في العراق، في الواقع، التعاون العسكري والمعلوماتي بين الولايات المتحدة والعراق ضد الإرهابيين ليس غايته الرئيسية القضاء على هذه الجماعات، بل تسعى واشنطن لاستخدامها كأداة، فإذا تبعت الحكومة العراقية الأجندة الأمريكية، يتم السيطرة على الإرهابيين، وإذا قاومت بغداد، يتم إطلاق العنان لهذه الجماعات.
وواصلت الصحيفة: كما يمكن للجهود المبذولة لتعزيز القوات المسلحة، ولا سيما الحشد الشعبي، أن تحبط هذا الضغط الأمريكي، قد تحاول الولايات المتحدة من خلال زيادة الضغوط، بما في ذلك التهديدات العسكرية، منع الحشد الشعبي من تعزيز نشاطه في العديد من مناطق العراق، لكن يمكن لإيران والمقاومة أن يملأ جزئيًا هذا الفراغ من خلال تكثيف الأنشطة الاستخباراتية والأمنية.
4- العوامل الداخلية
بحسب الصحيفة: تأمل الولايات المتحدة في دفع بعض الجهات في العراق إلى التحرك وفقًا لمخططاتها من خلال التهديدات وخلق الخوف، بينما تعمل العناصر المباشرة التابعة لها في الساحة السياسية على تنفيذ مناورات ضد المقاومة لإجبار الحكومة على تقييد الحشد الشعبي.
5- التهديد العسكري
وفق تقرير الصحيفة: استخدمت الولايات المتحدة حتى الآن التدخلات العسكرية كوسيلة فعالة للضغط على فصائل المقاومة، توقفت العمليات العسكرية للمقاومة ضد القواعد الأمريكية عندما شنت الولايات المتحدة قصفًا على العراق، كما أن التهديدات العسكرية من قبل إسرائيل ضد العراق دفعت الحكومة العراقية إلى الضغط على فصائل المقاومة لوقف الهجمات على الأراضي المحتلة.
وأضافت الصحيفة: تعتبر الولايات المتحدة وإسرائيل التهديد العسكري المباشر المسار الأكثر فائدة وأسرع تأثيرًا للحد من المقاومة وقمعها في العراق، ولن يتخلوا عن هذا الخيار، الاستراتيجية لمواجهة هذه السياسة هي التهديد بشن حرب استنزاف ضد القواعد الأمريكية في المنطقة واستهداف مراكز ومنشآت إسرائيلية بأسلحة خاصة.
أدوات تقييد الحشد الشعبي
وتابعت الصحيفة: تسعى الولايات المتحدة إلى فرض رؤيتها لتقييد الحشد الشعبي في العراق، إذا تم قبول الفكرة من قبل العراقيين، تبدأ المرحلة التالية، إذا هددت أمريكا باستخدام قدراتها ضد الحكومة العراقية في حال عدم قبول تقييد الحشد الشعبي، فإن قبول التقييد لن يمنع استخدام هذه القدرات بل سيزيد الأمر سوءًا، حيث أن المرحلة الثانية تتعلق بتحديد نطاق التقييد، وتستخدم واشنطن أدواتها لتحقيق ذلك بأعذار متعددة.
وأضافت: المرحلة الثالثة تشمل تكثيف التدخلات الأمريكية للتحقق من تنفيذ التقييدات على الحشد الشعبي، مما قد يؤدي إلى تعزيز الوجود العسكري والأمني الأمريكي في العراق، الذي كان قد تراجع.
وتابعت: المرحلة الرابعة تتعلق بإشعال الفتنة الداخلية في العراق، بعد توسيع وجودها العسكري والأمني المباشر، ستعهد أمريكا بمهام التفتيش والتحقق من التقييدات إلى الوحدات الأمنية العراقية التي تسيطر عليها.
وأضافت الصحيفة: إذا تحققت المرحلة الرابعة، ستعمل أمريكا من خلال القوات العراقية على إضعاف العراق والسيطرة عليه، الهدف من هذه المرحلة هو جعل العراق شبيهًا بالضفة الغربية، حيث ستتحول الحكومة العراقية فعليًا إلى “سلطة ذاتية عراقية” مثل السلطة الفلسطينية التي تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل في قمع المقاومة في الضفة الغربية.
وتابعت الصحيفة: نظرًا لأن خطة أمريكا تنفذ على مراحل ولا يمكن تنفيذها كلها في آن واحد، يمكن تقديم استراتيجية فعالة لمواجهتها، لأن التوقف عند مرحلة واحدة سيؤدي إلى تعطيل تقدم الخطة، ويجب الانتباه إلى أن بعض المراحل، خاصة من الثانية إلى الرابعة، يمكن أن تتم بشكل متوازٍ إلى حد ما، لكن هذا التنفيذ المتوازي سيقلل من تأثيرها.
مسار التراجع
وتابعت الصحيفة: الضغوط الجديدة على العراق هي نتيجة التراجع في المراحل السابقة، في البداية، توقفت العمليات ضد القواعد الأمريكية تحت الضغط، ثم، تسببت هذه الضغوط في وقف الهجمات على إسرائيل.
المرحلة الثالثة كانت مرتبطة بالقضايا السورية، حيث منعت أمريكا دخول قوات المقاومة عبر الحدود المشتركة إلى داخل سوريا، ثم طالبت بتقليل عدد القوات المتمركزة على الحدود،الآن، بعد النجاح في المراحل الثلاث السابقة، تأتي المرحلة الجديدة التي تهدف إلى تقييد أو، الأسوأ من ذلك، تفكيك فصائل المقاومة والحشد الشعبي.
وأضافت: أمريكا طلبت من الحكومة العراقية وبعض الأطراف السياسية الرئيسية في البلاد حاليًا تفكيك بعض فصائل المقاومة، هذا الطلب يبدو ظاهريًا غير موجه ضد الحشد الشعبي، لكنه في الواقع يستهدفه، هذه الفصائل لها جذور تعود إلى فترة القتال ضد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ثم تنوعت وتعززت خلال فترة الاحتلال الأمريكي وهجوم تنظيم الدولة المعروف بداعش.
مسار الحشد الشعبي
وتابعت الصحيفة : في ظل تصاعد الضغوط على الأنشطة العسكرية واستخدام الأسلحة الثقيلة للحشد الشعبي والجماعات المسلحة المقاومة، يجب توجيه هذه القوات نحو تعزيز أنشطتها المحلية، تشكيل قوات المقاومة الشعبية في الأحياء والمناطق الحضرية في العراق لمواجهة هجمات الجماعات الإرهابية والتفجيرات هو أحد هذه التدابير، كما ينبغي على الحشد الشعبي تكثيف أنشطته غير العسكرية.
وأردفت الصحيفة: الأسلحة التي سيحتاجها الحشد الشعبي في المستقبل ستكون بشكل رئيسي خفيفة ومخصصة لمواجهة الإرهابيين، يجب أن يتحرك الحشد الشعبي نحو نموذج غزة ولبنان، وأن يعتمد بشكل كبير على الأسلحة الفردية الفعالة والقابلة للحمل، يجب أن يكون الحشد الشعبي ذا توجه محلي، وأن يلعب دورًا وفاقيًا، استخباراتيًا، وأمنيًا.