ترجمة: أسماء رشوان
نشرت صحيفة “اعتماد“، الأحد 26 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا يناقش آراء مجموعة من الناشطين السياسيين حول التحديات التي تعيق عودة الإيرانيين إلى وطنهم. كما تناول التقرير سبل الاستفادة من خبراتهم ومواهبهم في تعزيز تطور البلاد وتنمية شعور الانتماء الوطني لديهم.
أوضحت الصحيفة أنه في السنوات الأخيرة، تصاعدت الدعوات لعودة الإيرانيين بالخارج، وضمن ذلك المطربون، والممثلون، ورجال الأعمال، والصحفيون، خاصة من المقيمين في لوس أنجلوس، ومع ذلك، يظل غياب الإطار القانوني الشامل يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق هذا الهدف. وقد أشار الرئيس مسعود بزشكيان ورئيس السلطة القضائية إلى الحاجة إلى إيجاد حلول قانونية لهذه المسألة.
وقد ناقشت صحيفة “اعتماد” القضية مع إسماعيل كرامي مقدم، عضو المجلس المركزي لحزب (اعتماد ملي)، وعلي صوفي محافظ جيلان الأسبق، حيث شددوا على أهمية إنشاء أرضية قانونية شاملة تتيح للإيرانيين في الخارج العودة إلى وطنهم بحرية.
في مقابلة مع صحيفة “اعتماد”، قال الناشط السياسي إسماعيل كرامي مقدم، إن الدافع الرئيسي وراء هذه الهجرة هو السعي لتحسين الظروف الاقتصادية وتحقيق الرفاهية.
وأضاف أن الرخاء المتزايد في الدول الغربية، والذي يتيح مستوى مقبولا من الحياة الإنسانية والأسرية، كان له دور رئيسي في جذب أعداد كبيرة من الإيرانيين للهجرة، وفي المقابل أثر ذلك سلبا على المصالح الوطنية من الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
وتابع كرامي أن “نحو 9% من الإيرانيين هاجروا واستقروا في بلدان أخرى”، متسائلا: “ما الأسباب التي أدت إلى خلق هذه الظروف؟ وهل يمكن إيجاد حلول لهذه المشكلات؟
وأوضح أنه “للأسف، ينظر البعض إلى قضية الهجرة الإيرانية من منظور أمني بحت، ويرون فيها تهديدا، ولكن هذا النهج الأمني السلبي لن يساهم في حل الأزمة، بل العكس سيزيد من تعقيدها. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فإن 15% من سكان إيران قد يهاجرون إلى دول أخرى خلال العقدين المقبلين”.
وأضاف أن التخلي عن مطالب الإيرانيين المهاجرين وتجاهلها سيؤديان إلى قطع الصلة بين الإيرانيين في الخارج ووطنهم، مما يعني أن رأس مالهم سواء كان المادي أو المعنوي لن يعود إلى إيران مرة أخرى. وإذا استمر هذا النهج، فإن رأس المال العلمي والاقتصادي والثقافي الإيراني سيُفقد تدريجيا وستستفيد منه دول أخرى.
وأوضح أنه “سواء رضينا أو أبينا، فقد استثمرت إيران كثيرا في هذه الفئة الكبيرة من السكان، من خلال تكاليف التعليم الأساسي والعالي والإعانات المدفوعة وتكاليف الرعاية الصحية وغيرها. هذه الفئة تمثل جزءا كبيرا من استثمارات إيران. لكن المخاوف التي يشعر بها الإيرانيون في الخارج بشأن العودة إلى وطنهم، بسبب النظرة الأمنية أو الادعاءات الكاذبة، أدت إلى تجميد كميات كبيرة من رأس المال الإيراني في الخارج ومنعت عودته إلى البلاد.
وأشار كرامي إلى “أهمية إنهاء النظرة الأمنية تجاه الإيرانيين في الخارج، كما أنه لا يمكننا أن نغفل حقيقة أن إيران تواجه اليوم تحديات كبيرة في جذب رؤوس الأموال الأجنبية لتطوير بنيتها التحتية. وفي هذا السياق، فإن إنهاء التعامل الأمني مع الإيرانيين في الخارج يوفر فرصة ثمينة يمكن أن تسهم في استقطاب هذه الاستثمارات إلى البلاد”.
وأضاف أن كثيرا من الإيرانيين في الخارج من أصحاب رؤوس الأموال، واللافت أن العديد منهم على استعداد لتخصيص جزء من ثرواتهم في سبيل بناء وطنهم.
وأوضح أن كثيرا من الإيرانيين المقيمين بالخارج لديهم أطفال لا تربطهم علاقات وثيقة بوطنهم. لذا، فإن تهيئة الظروف المناسبة لدخول هذه الأسر إلى إيران يمكن أن تسهم في نقل الثقافة الإيرانية والفارسية إلى الأجيال القادمة، مما يحافظ على التراث الثقافي ويعززه.
واختتم كرامي حديثه بالقول: “إن الخطوة الأولى للقضاء على الخوف من إيران الذي عمل الغرب على ترسيخه على مدار السنوات الماضية، هي تسهيل عودة الإيرانيين في الخارج إلى وطنهم.
فعندما يجد الإيرانيون في الخارج صعوبة في السفر إلى بلادهم والعودة منها بحرية، فمن الطبيعي أن تعزز هذه العقبات الصورة السلبية النمطية التي تروج لها الأطراف المعادية لإيران. وعلى الجانب الآخر، إذا لم تتوافر الظروف المناسبة لدخول هؤلاء المهاجرين، فسوف نشهد دون شك، زيادة في معدلات الهجرة”.
وفي سياق متصل قال علي صوفي، محافظ جيلان الأسبق، خلال مقابلته مع صحيفة “اعتماد”، إن الدول التي تشهد ثورات وتغيرات سياسية عميقة، تكون الهجرة ظاهرة لا مفر منها.
فعندما تحدث الثورات، يغادر بعض الأفراد والمجموعات الذين قد يشعرون بالقلق البلاد. لكن الحكومات، بعد فترة من الثورة، تلجأ عادة إلى إصدار قرار بالعفو العام ودعوة جميع المواطنين المهاجرين للعودة إلى الوطن.
وأضاف أن العديد من الإيرانيين في الخارج يمتلكون قدرات علمية وثقافية واقتصادية وتواصلية هائلة، وهؤلاء المهاجرون يحبون وطنهم وعلى استعداد للعمل فيه، واستثمار أموالهم ونقل مهاراتهم الفنية والثقافية والاقتصادية إلى الشباب.
وأشار صوفي إلى أهمية أن تأخذ الحكومة بالمبادرة بدعوة الإيرانيين في الخارج إلى العودة لوطنهم، وإعادة إحياء اهتمامهم بإيران، ويمكن إطلاق مشاريع اقتصادية تتطلب مشاركة هؤلاء المهاجرين.
وأوضح أن هناك العديد من الشخصيات الفنية والمشاهير والممثلين والمغنين ورجال الأعمال الذين يرسلون رسائل مباشرة وغير مباشرة عن رغبتهم في العودة إلى إيران.
وأضاف: “يجب ألا نتجاهل أن هجرة الإيرانيين قد وصلت إلى مستويات مقلقةٍ اليوم، حيث يغادر الشباب البلاد بأعداد متزايدة. وفي الوقت الحالي، لم تعد الهجرة مرتبطة بقضايا الثورة، بل أصبحت نتيجة مباشرة للمشكلات المعيشية والأزمات الاجتماعية ونقص الرعاية الاجتماعية.
وتابع: “اليوم، هناك بعض التعليمات التي توسع المنظور الأمني وتضع عراقيل أمام عودة الإيرانيين. على سبيل المثال، لماذا يتم التعامل مع الإيرانيين في الخارج بشكل سلبي عند وصولهم إلى المطار؟ هذه الحساسية التي خلقها بعض الأفراد والجماعات في البلاد تغذي نار الخوف من إيران، والتي عمل على إشعالها الأعداء”.
وأضاف: “مثال على ذلك، قانون الحجاب والعفة، الذي أوقفته الحكومة، لكنه لا يزال يشكل عائقا كبيرا. علينا التغلب على هذه القيود والعراقيل، والسماح باستغلال إمكانات جميع الإيرانيين لصالح تنمية البلاد. فلكل إيرانيٍّ الحق في العودة إلى وطنه، وأن يختار بحريةٍ المكان الذي يعيش فيه ويعمل فيه ويتطور فيه”.
وقد اختتم صوفي حديثه: “هناك العديد من الشباب الذين يعتبرون أوروبا والغرب بمثابة الجنة الموعودة لهم، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الحريات الاجتماعية التي تتمتع بها تلك البلدان.
وإذا نظرنا إلى تجربة دول مثل الصين، التي تعتبر دولة شيوعية ذات حزب واحد ولها تاريخ طويل من السياسات المغلقة، نجد أنها أدركت أهمية فتح أبوابها للعالم. لقد مهدت الطريق لتقدمها من خلال قبول الحريات الاجتماعية في حدود الأعراف المتبعة، مع التركيز على العمل والإنتاج وخلق القيمة المضافة”.
وذكر أن الصين أوجدت بيئة مشجعة للصينيين المغتربين، وحتى لمواطني الدول الأخرى، للسفر إلى أراضيها والاستثمار والمشاركة في اقتصادها، وعندما تتمكن الصين من تحقيق ذلك، فمن الطبيعي أن تتمكن إيران، بما تمتلكه من إمكانات هائلة، من الاستفادة من قدرات 8 ملايين مهاجر إيراني، كل منهم يتمتع بوضع رسمي ومكانة بارزة في الغرب.