کتب: ناهد إمام – شروق السيد
أعلن المدعي العام في طهران عن رفع دعوى قضائية ضد صحيفة “هممیهن” الإيرانية، وذلك على خلفية نشرها كاريكاتير يتناول موضوع رفع الحظر عن الإنترنت، وقد أثار الرسم، الذي تضمن صورة للنبي الله أيوب عليه السلام، جدلا واسعا في الأوساط العامة، وقد جاء هذا الكاريكاتير ردا على تصريحات المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، التي دعت المواطنين إلى التحلي بالصبر في مواجهة القيود المفروضة على الإنترنت.
رفع دعوى قضائية ضد صحيفة “هممیهن”
ذكرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية، التي تعرف بتوجهها الإصلاحي، أن المدعي العام في طهران أقام ضدها دعوى قضائية، بسبب نشرها رسما كاريكاتيريا بصفحتها الثالثة في عددها الصادر بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للفنان الكاريكاتيري أحمد عرياني الذي يتناول نصيحة فاطمة مهاجراني المتحدثة باسم حكومة بزشكيان، بالتحلي بالصبر.
ويظهر في الرسم الكاريكاتيري إحدى الشخصيات تحت اسم النبي أيوب في مواجهة شخصية مهاجراني، ويسألها: “عذرا! ألم يتم حل مشكلة الفلترة بعد؟”. لترد عليه الشخصية، التي تمثل مهاجراني، بأن الحل لم يتحقق بعد، وتطالبه بمزيد من الصبر.
يشار إلى أن مهاجراني كانت قد صرحت في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ردا على سؤال حول رفع الحجب عن الإنترنت، وما إذا كان يجب انتظار عقد جلسة لجنة الفلترة، وقالت: “لا يمكننا إحداث تغييرات بشكل مفاجئ”، مشيرة إلى أن “عملية مراجعة الفلترة قيد المتابعة”، داعيةً الشعب إلى التحلي بالصبر، بحسب وكالة أنباء “مهر” الإيرانية.
وكتب عبد الجواد موسوي، شاعر وصحفي، في صحيفة “هم ميهن“، ردا على الدعوى القضائية التي رفعت ضد الصحيفة: “رفعت النيابة العامة في طهران دعوى ضد صحيفة (هممیهن) بتهمة الإساءة إلى النبي أيوب، ولكن ما هي الإساءة؟ في كاريكاتير يظهر النبي أيوب، الذي يُعتبر رمزا للصبر والتحمل في جميع الأديان، كأنه سئم من عدم تحقيق بعض الوعود، ولأن الإنسان الحي، خلافا للمثل الشهير، بحاجة إلى محامٍ ووصي أكثر بكثير من الشخص الميت، سأترك الدفاع القانوني لصحيفة (هممیهن) للمحامين، وسأكتفي بإبداء ملاحظة أو اثنتين من منظور صحفي بسيط.
إحدى الكلمات التي أصبحت فارغة تماما من معناها في هذه السنوات هي كلمة (إهانة)، لقد أسأنا استخدامها إلى حدٍّ كبير وبطريقة غير منطقية، يبدو أن هناك مشكلة شائعة، نحن في انتظار أي حدث بسيط، والذي يعد عاديا ومألوفا في جميع أنحاء العالم، لنفسره على أنه إهانة، من نكتة عادية في مسلسل إلى كاريكاتير يُعتبر قالبا فنيا للسخرية، يمكن أن يتحول إلى كارثة أمنية وجدل كبير.
بالطبع، أحيانا تكون السياسة متورطة في هذه الأمور– أخبروني متى وأين لم تكن متورطة؟- والمثير للاهتمام هو أنه بعد أن تهدأ الأمور، يتفق الجميع على أنه لم تكن هناك أي إهانة على الإطلاق.
ولا أعتقد أنها فكرة سيئة أن نجمع كل أعضاء النيابة وغيرهم ممن يصدرون مثل هذه الأحكام التي تُزعج الناس، ويأتي أحد المختصين ليشرح لهم ما هي (الفكاهة)، وما الفرق بين الدعابة والفكاهة والمزاح، والهجاء، وما هو تعريف الكاريكاتير، وأين يندرج في فروع الفن والأدب، وإذا سمحوا لي، يمكنني بصفتي شخصا نشر على الأقل سبعة مجلدات حول السخرية، أن أتولى هذه المهمة، قربة لله”.
رد المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، على رفع دعوى قضائية ضد صحيفة “هممیهن”

ردت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، على رفع دعوى قضائية ضد صحيفة “هممیهن” بسبب نشرها كاريكاتيرا مرتبطا بتصريحاتها حول حل مشاكل الإنترنت والحجب.

وكتبت مهاجراني على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “X”: «الإعلام هو الركيزة الرابعة للديمقراطية، الحكومة ترحب بالانتقادات بصدر رحب، ما يفعله الادعاء العام يأتي ضمن صلاحياته، لكن يبدو أن مصمم الكاريكاتير كان يسعى لمتابعة مطالب المجتمع، ونأمل أن تتعامل السلطة القضائية مع هذا الأمر بسعة صدر، وألا يتضرر نشاط صحيفة (هممیهن)”.
صحيفة “هممیهن”
جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها صحيفة “هم ميهن” دعوات قضائية بعضها تسبب في إغلاقها، فقد صدرت الصحيفة في فترتين، الأولى في عام 1999 والثانية في عام 2008، وفي كلتا الفترتين تم حظرها بعد فترة قصيرة، وبعد رفع الحظر، تمت إعادة إصدار صحيفة “هممیهن” في يونيو/حزيران 2022.
الإيقاف والمخالفات
كانت صحيفة “هممیهن” في ذروة الانتخابات البرلمانية السادسة تُعتبر الناطق غير الرسمي باسم حزب “کارگزاران سازندگی”(أي حزب كوادر البناء، وهو حزب سياسي إيراني ذو توجهات ديمقراطية ليبرالية). وفي ظل تصاعد التوتر السياسي بالبلاد، تم إيقاف صحيفة “هممیهن” مع تسع عشرة صحيفة أخرى بعد خطاب المرشد الأعلى بإيران، علي خامنئي، في مصلى طهران، حيث ذكر أن الصحافة قد تحولت إلى قاعدة للعدو، واستند الإيقاف إلى قانون الإجراءات التأمينية وصلاحيات القاضي لاعتقال الأشخاص قبل ارتكاب الجرائم، وعُقدت محكمة للصحف الموقوفة بعد سبع سنوات، ومن بين جميع الصحف الموقوفة، كانت صحيفة “هممیهن” الوحيدة التي تم رفع الحظر عنها، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “تباناک“.
تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي
تفاعل كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران مع خبر الدعوى القضائية ضد “هم ميهن”.
كتب حساب باسم “فرهاد نظريان” تعليقا على كاريكاتير صحيفة “هم ميهن”: “إلى أي مستوى من الانحطاط قد وصلت إليه إحدى الصحف حتى تقوم برسم كاريكاتير لنبي من أنبياء الله!!؟”.

كما كتب حساب باسم “آدم“: “والخبر الجيد هو أنه تم رفع دعوى قضائية ضد أحمد عرباني الذي رسم الكاريكاتير.
في الوقت الذي يجب أن تركز فيه الحكومة على الاقتصاد وسبل العيش، نُشر هذا الكاريكاتير المسيء في صحيفة “هممیهن” التي تنشر القذارة بهدف تشتيت الرأي العام عن القضايا الرئيسية.

كما كتب حساب باسم “مينا معين“: “في هذه الظروف التي يواجه فيها الناس مشاكل اقتصادية مهمة، لجأ الإصلاحيون كعادتهم للهروب من عدم كفاءتهم بتسليط الضوء على موضوع هامشي مثل الحجب، حيث قاموا بالإساءة والسخرية من خلال نشر كاريكاتير للنبي أيوب في صحيفة هممیهن، نتوقع من السلطة القضائية أن تتعامل بحزم مع المسيئين”.
