كتب: ربيع السعدني
كشف أول وزير للحرس الثوري الإيراني، محسن رفيق دوست، في مقابلة مع برنامج “التاريخ الشفهي لموقع ديده بان إيران“، استمرت أكثر من ساعتين، إشرافه على عدد من عمليات الاغتيال ضد المعارضين الإيرانيين في الخارج وأن تكاليف عمليات الاغتيال التي نفذها النظام الإيراني كانت تُغطى من الأرباح التي تم جنيها من بيع وشراء الأسلحة أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وبحسب موقع وكالة “خبر أونلاين“، هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول إيراني سابق مسؤوليته عن هذه الجرائم.
في المقابلة التي بثت يوم السبت 8 مارس/ آذار 2025 ذكر رفيق دوست، اسم غلام علي أويسي، الجنرال السابق في الجيش الإيراني الذي كان يشغل منصب وزير الحرس الثوري الإيراني بعد الثورة عام 1979، أن تكاليف اغتياله تم تمويلها بهذه الطريقة، ووفقًا لوزير الحرس الثوري الأسبق كانت الوزارة تمتلك حسابًا في بنك “صادرات” في فرانكفورت تحت اسم “ك.م” وكانت الأموال التي يتم إيداعها في هذا الحساب تُستخدم لأعمال يجب تنفيذها خارج البلاد ولا يمكن تنفيذها بأموال عادية، بما في ذلك تمويل اغتيال غلامعلي أويسي، الحاكم العسكري السابق لطهران”.
وأضاف دوست أن تحويل الأموال إلى هذا الحساب بدأ بعد أن استطاع أحد الأشخاص الذين أُرسلوا إلى إسبانيا لشراء الذخيرة أن يعيد 10 آلاف دولار بمهارة في المفاوضات، وكان ذلك بداية لتحويل هذه الأموال إلى الحساب وفي 8 مارس/ آذار 2025، أكد رفيق دوست في مقابلة مع موقع “مرصد إيران” نقلها موقع “عصر إيران” أنه كان مسؤولًا عن قيادة عمليات اغتيال عدد من معارضي نظام طهران خارج البلاد، وتحدث عن اغتيالات أويسي، وشاهبور بختيار، آخر رئيس وزراء في عهد الشاه (محمد رضا بهلوي)، وشهريار شفيق، نجل أشرف بهلوي (ابن شقيقة شاه إيران) وضابط كبير في البحرية الإيرانية سابقا، وفريدون فرخزاد، الفنان والإعلامي الإيراني المعارض للنظام، قائلًا: “قامت مجموعة الباسك الانفصالية في إسبانيا بتنفيذ هذه الاغتيالات لصالحنا كنا ندفع لهم المال وهم ينفذون الاغتيالات”.
وفي المقابلة مع برنامج “التاريخ الشفهي لموقع ديدهبان إيران”، اعترف رفيق دوست بأنه أشرف شخصيا على إصدار وتنفيذ أوامر اغتيال عدد من معارضي إيران في الخارج، كما أكد تورط محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، في هذه الاغتيالات، وتُعدّ هذه التصريحات من بين الاعترافات النادرة لمسؤول رفيع في إيران حول تنفيذ عمليات اغتيال عبر الحدود.
رد السفير الإيراني السابق في ألمانيا
وفي هذا السياق كتب حسين موسويان، السفير الإيراني السابق في ألمانيا (وقت اغتيال فريدون فرخزاد في عام 1992)، على منصة إكس ردًا على كلام محسن رفيق دوست وتحمله المسؤولية عن جرائم القتل والاغتيالات للمعارضين السياسيين في أوروبا: “لقد أصابتني الدهشة والذهول والصدمة بعد قراءتي لمقابلة محسن رفيق دوست”.
تم اغتيال فريدون فرخزاد في منزله في بون بألمانيا في منتصف أغسطس 1992، بحسب موسويان، الذي كان سفيرًا لإيران في ألمانيا وقت اغتيال فرخزاد في عام 1992، كتب أنه كان يعمل على “إعادة الإيرانيين المقيمين في ألمانيا والراغبين في العودة إلى إيران”، وقال إن “فريدون فرخزاد اتصل بالسفارة أيضًا وأعرب عن ندمه على أفعاله السابقة، وطلب العودة إلى البلاد”.
وكتب موسويان أنه هو وزملاؤه في السفارة بذلوا “أقصى جهودهم بصدق وإخلاص وحصلوا في النهاية على موافقة السلطات والأجهزة المعنية في إيران لعودته وتأمين سلامته، ولكن تم الإعلان عن نبأ اغتياله، وقال السفير السابق إنه بعد متابعة الأمر، “أكدت له السلطات المعنية في طهران أن فرخزاد تم اغتياله من قبل المعارضة الإيرانية في الخارج”، وظل يعتقد أن هذه هي الحقيقة حتى مقابلة رفيق دوست.
مكتب رفيق دوست: “مضاعفات الجراحة أثرت على عقله”
على صعيد آخر رد مكتب محسن رفيق دوست، الرئيس السابق لمؤسسة المستضعفين، على المقابلة التي أجراها مؤخراً مع موقع “ديده بان إيران”، شارك من خلالها ذكرياته عن الفترة التي قضاها في منصبه، وفي جزء من هذه المقابلة، تطرق إلى قضايا مثل اغتيال بعض الشخصيات والتي، بحسب مكتبه، تفتقر إلى المصداقية القانونية والتاريخية بسبب حالته الصحية وطول المقابلة، وأفادت وكالة “تسنيم” للأنباء، التابعة للحرس الثوري أن مكتب محسن رفيق دوست قدم الإثنين 10 مارس/آذار 2025 توضيحات بشأن المقابلة الأخيرة، التي بثت يوم السبت 8 مارس/ آذار 2025 ومن المهم أن نلاحظ بعض النقاط حول القضايا التي أثيرت في مقابلة الفيديو الأخيرة:
- السؤال المذكور جاء في معرض الرد على مذكرات أنيس نقاش والتي لم يتطرق إليها المذيع بشكل كامل ومفصل، وبالتالي فإن إجابة رفيق دوست على هذا السؤال في الدقائق الأخيرة من المقابلة لم تكن كاملة ولا يمكن الاعتماد عليها قانونياً.
- رفيق دوست خضع لعملية جراحية في المخ في السنوات الأخيرة أدت إلى مضاعفات واسعة النطاق وربما يكون قد أخطأ في تذكر بعض الذكريات والأسماء، وعلى كل حال فإن التصريحات التي أدلى بها ليست لها أي قيمة قانونية أو تاريخية.
- بعض وسائل الإعلام المتحيزة في الداخل ووسائل الإعلام المضادة للثورة في الخارج حرفت تصريحاته لأغراضها الخاصة، ومن خلال حذف المقابلات المصورة قبل وبعد ذلك، قدمت ادعاءات عنه وعن النظام الإيراني بشأن اغتيال بعض الأفراد، وهي ادعاءات غير صحيحة ويتم إنكارها.
- من المهم أن نتذكر أنه بسبب خدمة رفيق دوست لأكثر من 50 عامًا للنظام وأئمة الثورة، استخدمت هذه المنافذ الإعلامية قضايا وهمية كذريعة لتدميره والنظام ولا شك أن التلاعب بالحوار المذكور يظهر آثار العناصر المنافقة في الخارج في تدمير طهران ودبلوماسيتها إن المحتوى المنشور في وسائل الإعلام المضادة للثورة هو جزء من المقابلة الكاملة معه، ولا يحظى بتأييد مكتبه.
- من المهم أن نلاحظ أنه نظراً لمرضه السابق وطول مدة المقابلة فإن المادة المقدمة في القسم الأخير تفتقر إلى الدقة والاقتباسات القانونية والتاريخية والدولية، وكان ينبغي لوسائل النشر أن تنتبه إلى هذه الأمور قبل النشر وكان من المتوقع أن تقوم وسائل النشر بنشر المحتوى بما يتماشى مع ظروف البلاد والمتطلبات الدولية.
- إن حكم بعض وسائل الإعلام على المحتوى المقترح غير صحيح، بالنظر إلى الحالة الصحية لرفيق دوست بعد العملية الجراحية، وطول مدة المقابلة، واتساع الموضوعات المقترحة، ولا يمكن تأكيد إلا الرواية الرسمية حول الأحداث المقترحة.
- قبل المقابلة، دارت مناقشات حول ذكريات أشخاص آخرين عن بعض الاغتيالات في الخارج والسؤال الأخير من المقابلة يتعلق بهذه المناقشات وأسماء أشخاص آخرين وذكرياتهم. في الحقيقة، هو اقتباس من أشخاص آخرين ومن ناحية أخرى، فإن بعض جرائم القتل، مثل اغتيال فريدون فرخزاد، لا علاقة لها بفترة رفيق دوست في منصبه.
- مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الجوانب المتعلقة برواية محسن رفيق دوست ومصالح النظام الإيراني؛ ينبغي لوسائل الإعلام الامتناع عن إصدار أحكام مسبقة على القضايا التي تثيرها والحصول على الرواية الصحيحة قانونيا من المصادر الرسمية.
تاريخ من الحرب والثورة
يعد رفيق دوست من الشخصيات البارزة في تاريخ الحرب والثورة، بحسب المقابلة التي أجرتها معه وكالة “تسنيم” للأنباء ولا يمكن تجاهل مساهمته في توجيه نشاطات تاريخ الثورة، وكان من أصحاب القرار في العودة التاريخية للإمام إلى البلاد بعد سنوات من المنفى، وبعد انتصار الثورة أصبح اسم رفيق دوست مسموعاً في أجزاء مختلفة من التاريخ، كل هذا يجعل كتاب “أقول للتاريخ” أحد الكتب التي يجب قراءتها للتعرف على تاريخ الثورة، والذي يرويها شخص لعب دورا رئيسيا في بعض قرارات البلاد وهو يخصص قسماً من كتابه لكيفية تشكيل الحرس الثوري بسرد مفصل لتطورات الثورة في العقد الأول، والمجموعات المختلفة، والأفراد المؤثرين، والأحداث التي وقعت في البلاد مع انتصار الثورة، وما إلى ذلك.