كتبت: يسرا شمندي
كشف النائب السياسي للمكتب الأيديولوجي للقائد الأعلى للقوات المسلحة اللواء سنائي راد، في مقابلة صحفية، عن تفاصيل عملية “الوعد الصادق 2″، مؤكدا أنها ليست مجرد رد فعل، بل تُعتبر حقا مشروعا لإيران في المطالبة بالقصاص، تهدف العملية إلى تحييد أوهام العدو وإجباره على إعادة تقييم استراتيجياته، مما يعكس تعقيدات الصراع المستمر ويدعو إلى التفكير في تداعياتها على المشهد الإقليمي.
وبحسب وكالة فارس، فإن نص هذه المقابلة هو كما يلي:
لماذا نفذت القوات المسلحة الإيرانية عملية الوعد الصادق 2؟
قال سنائي: بعد استشهاد الشهيد هنية، تبنى المرشد الأعلى للثورة مطلبا تبعه تأييد شعبي. وفي الوقت نفسه، كان لدى الإسرائيليين انطباع خاطئ بأن جمهورية إيران الإسلامية، بسبب سياستها التي تعتمد على عدم التصعيد، لن ترد بسرعة على أي أعمال يقومون بها.
وفي إطار متابعة القضايا المتعلقة بالمقاومة، وضمن ذلك المفاوضات ووقف إطلاق النار، الذي اعتبره الشهيد حسن نصر الله شرطا لتنسيق الجهود بين حزب الله وغزة، لم يتحقق ذلك، مما أدى إلى تنفيذ عملية “الوعد ابصادق” بعد الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون في الضاحية.
استندت العملية إلى حق إيران في المطالبة بالقصاص، وتمت في وقت كان فيه الإسرائيليون يعانون من وهم وسوء تقدير، حيث اعتقدوا أنهم قادرون على مواصلة الجرائم بكثافة أكبر، وتهدف العملية إلى تحييد تلك الأوهام وإجبار العدو على إعادة تقييم استراتيجياته.
فهل كان الإسرائيليون يتوقعون عملية “الوعد الصادق 2؟”
أشار سنائي إلى أنه لم يتوقع الإسرائيليون مستوى القوة الذي أظهرته إيران في عملية (الوعد الصادق 2) مقارنة بالعملية السابقة، حيث إن إرسال السفن الأمريكية والفرنسية خلق انطباعا خاطئا حول قدرة هذه الدول على مواجهة عمليات مشابهة، وأوضح أن الوجود الأمريكي يتجاوز مجرد تقديم الأسلحة ليشمل دعمل متنوعا، ورغم إعلان الأمريكيين عدم دعمهم للإسرائيليين في الهجوم، أكدوا أنهم سيساعدون النظام الإسرائيلي في مواجهة أي هجوم من إيران، معتمدين على قدراتهم العسكرية وتعزيز أنظمة الدفاع.
قيل إن الإسرائيليين عززوا دفاعاتهم الجوية سبعة أضعاف؟
أوضح سنائي أن الإسرائيليين توقعوا ردا من إيران يتراوح بين 3 إلى 7 مرات، معتقدين أنهم قادرون على تقليل الأضرار، لكن ما حدث تجاوز توقعاتهم، وبينما تم تنفيذ عملية “الوعد الصادق 1” قبل عدة أشهر، فإن “الوعد الصادق 2” شهدت تحسينات في عدد الصواريخ المستخدمة ونوعيتها، وضمن ذلك استخدام صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، مما أدى إلى زيادة في الإصابات. كما اعتبر أن فشل الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، وضمن ذلك راداراتهم، أثر بشكل كبير على نتائج العملية.
وأشار سنائي إلى أن الأضرار الناجمة عن العمليات لا تُعكس بالكامل بسبب الرقابة الإسرائيلية على الأخبار، حيث يتم عرض معلومات مشوهة وانتقائية، وعلى الرغم من استعدادات الإسرائيليين، تم التخطيط لعملية “الوعد تاصادق 2” بعناية، مع مراعاة الأضرار السياسية والنفسية الناتجة.
كما أفاد بأن عدد الصواريخ التي أُطلقت في “وعد صادق 2” كان نحو 200 صاروخ في وقت واحد، مما يدل على قوة الرد الإيراني وثقتها بمخزونها الصاروخي، مشيرا إلى إمكانية تعزيز هذه الترسانة في المستقبل من خلال البحث والتطوير بعد تقييم النتائج.
ما هي الاختلافات بين هاتين العمليتين؟
أجاب سنائي: شهدت عملية الوعد الصادق 2 تحسينات ملحوظة، مثل زيادة عدد الصواريخ والإصابات، واستخدام صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، مع فشل الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية. توقيت العملية تزامن مع وجود شهداء في الأراضي المحتلة، مما أظهر اختلافات واضحة في التصميم والتنفيذ مقارنة بعملية “الوعد ابصادق 1″، وتشير الرقابة الإسرائيلية على الأخبار إلى أن الأضرار العسكرية لا تُعكس بشكل كامل في التقارير، وبعض المحللين يرون أن القدرة الصاروخية الإيرانية تعكس فعالية عالية، حيث أطلقت إيران نحو 200 صاروخ في “الوعد الصادق 2″، مما يُظهر ثقة إيران بمخزونها الصاروخي، ويفتح المجال لتعزيز الترسانة والتخطيط لاستخدام هذه القدرات في البحث والتطوير بناءً على تقييم النتائج.
سبب نجاح الوعد الصادق 2 تقدير دقيق للعدو
في عملية “الوعد الصادق 2″، تم استخدام أربعة أنواع من الصواريخ الباليستية هي “فتاح 1″، و”خيبر بريكر”، و”عماد”، و”قدر”، مع نشر صور تظهر تدمير رادار “إكس باند” في الأراضي المحتلة، وقد تم تصميم العملية لضرب أهداف متنوعة بدقة من خلال تحسين تكنولوجيا توجيه الصواريخ وتطبيق تكتيكات عسكرية متقدمة، وزيادة التنسيق بين وحدات الإطلاق والاستخبارات، وأشار سنائي إلى أن نجاح عملية “فجر 8” يعود إلى الإجراءات الاستخباراتية الدقيقة التي ساهمت في انتصار القوات الإيرانية، كما أظهرت المقاومة خبرات وتجارب واضحة في “الوعد الصادق 2″، حيث أسهمت الضربة التي تعرض لها قسم الرادار الإسرائيلي في ضعف كفاءة دفاعاتهم الجوية، مما أفقدهم القدرة على مواجهة التهديدات.
هل سيرتكب الإسرائيليون هذا الغباء لمهاجمة إيران، وإذا فعلوا ذلك، فماذا سيكون الرد عليهم؟
شدد سنائي على أنه: إذا ارتكب الإسرائيليون أي أذى، فسيكون ردنا أكثر ضخامة وإثارة للدهشة، وبعد عملية الوعد الصادق 2، أعلن اللواء باقري، رئيس أركان القوات المسلحة، أنه إذا أراد الإسرائيليون الرد على العملية، فإن إيران مستعدة لتدمير بنيتهم التحتية، وحذَّر سنائي الإسرائيليين من استهداف المراكز النووية والنفطية الإيرانية، مشددًا على أن ضرب المراكز النووية سيؤثر على المعادلات خلال الحرب وبعدها، مما يتجاوز الخطوط الحمراء الإقليمية والعالمية، كما أوضح أن استهداف مراكز النفط والغاز سيؤثر على أمن الطاقة العالمي وأسعارها، ودعا إلى تجنب الخطوات التي تزيد التوتر، كما أقر بتنفيذ عملية لخداع الإسرائيليين، مؤكدا أن رد إيران سيكون شاملا ومعقدا مع استعدادات مسبقة.
هل يمكننا القول إن سيناريوهات الرد المحتمل على شر الصهاينة قد تم تصميمها؟
قال سنائي: “نعم، إن القوات المسلحة الإيرانية وضعت خططا للانتقام قبل الإعلان الرسمي عنها، مع مراعاة طبيعة الإسرائيليين وقدرتهم على اتخاذ إجراءات محفوفة بالمخاطر، مما يتطلب استعدادات للرد المحتمل”.
اعتراض وتدمير صواريخ إيران فشل في الوعد الصادق 2
أكَّد سنائي قائلا: لقد رأينا خلال عملية “الوعد الصادق 2″، أن حلفاء النظام الإسرائيلي والولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول الإقليمية مثل الأردن، حاولوا اعتراض وتدمير صواريخ إيران، ولكن باءت محاولاتهم بالفشل، حيث أُصيب أكثر من 90% من الأهداف بنجاح.
ما مدى أهمية فشل الحلفاء الصهاينة في اعتراض وتدمير الصواريخ الإيرانية؟
أصرَّ سنائي على أن توازا جديدا قد أُسس بعد العملية، حيث أثبتت الصواريخ الإيرانية أنها غير قابلة للاعتراض أو التدمير رغم المحاولات الإسرائيلية، كما أن النظام الإسرائيلي أصبح عاجزا عن اتخاذ قرارات حاسمة بسبب استعادة الردع الإيراني وخوفهم من العواقب، وفي المقابل، يحاول الإسرائيليون سد الثغرات بناءً على تقييماتهم، بينما تعمل إيران على تحسين تصميم العمليات المستقبلية عبر معالجة نقاط الضعف المكتشفة.
عاصفة الأقصى دفعت القضية الفلسطينية إلى صدارة قضايا العالم
في واقع الأمر أنه بعد عملية طوفان الأقصى، واجه النظام الإسرائيلي تحديات كبيرة، حيث تضرر الردع الإسرائيلي وأصبحت القضية الفلسطينية محور الاهتمام العالمي، إن الصهاينة ارتكبوا جرائم واسعة، مما زاد الكراهية تجاههم على المستوى الدولي، كما أن النخب الأكاديمية في دول حليفة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أصبحت تنتقد هذه الجرائم وتدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مما فاقم أزمة بقاء إسرائيل، وفي الماضي، تمكنت إسرائيل من التغلب على الأزمات، لكن اليوم نتنياهو يعتمد على سياسات قمعية في غزة، مما يعقد الوضع أكثر.
النظام الإسرائيلي يفاقم الأزمة الناجمة عن طوفان الأقصى بارتكاب الجرائم
“أخيرا، استهداف القادة مثل هنية ونصر الله يهدف إلى إضعاف المقاومة، لكن اغتيال هنية لم يكن فعالا، حيث استبدل بشخص أكثر تطرفا. أفعال الإسرائيليين لم تؤثر فقط على التوازن القائم، بل وضعت عقبات أمام المفاوضات وزادت الأمور تعقيدا، إن ارتكاب مزيد من الجرائم عمّق الأزمة، مما أدى إلى تصاعد الكراهية والغضب تجاه الإسرائيليين في لبنان وغزة وحتى في الدول الغربية التي تدعمهم، مما يزيد الكراهية ضدهم في العديد من البلدان.
يعتقد الإسرائيليون أن بإمكانهم السيطرة على الوضع عبر الإعلام والرقابة، ما أدى إلى استشهاد نحو 180 صحفيا في غزة، ومع تغير الإعلام وتوثيق الجرائم بشكل أوسع، يواجه النظام الإسرائيلي أزمة بقاء حقيقية مع تصاعد القضية الفلسطينية عالميا، وهو نجاح لعملية “طوفان الأقصى”، في السابق، كانت اتفاقيات إبراهيم والخطط الدفاعية تُصعّب عدم الانضمام للتحالفات، لكن الوضع اليوم تغيّر بشكل واضح.
هدف الفرنسيين من إعلان عدم دعم الصهاينة في السلاح
لم يعد الأردنيون وحدهم من يحمل السلاح ضد الصهاينة، بل بدأ المسؤولون الأردنيون أيضا باتخاذ مواقف في الأمم المتحدة تدعم القضية الفلسطينية، وفي المقابل، يتجنب الفرنسيون تقديم السلاح للإسرائيليين؛ للحفاظ على نفوذهم في لبنان، حيث خلقت الجرائم الإسرائيلية كراهية كبيرة تجاههم، إن الفرنسيين يخشون أن يُنظر إليهم كداعم للإسرائيليين إذا استمروا في تقديم المساعدات، إن الوضع الحالي للإسرائيليين يُشبه شخصا على حافة الهاوية، حيث قد يسحب معه من يحاول إنقاذه.