كتب: ربيع السعدني
انتقد الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثورة الثقافية، عميد كلية الدراسات الدولية بجامعة طهران، سعيد رضا عاملي مؤخرا الأضرار التي سببتها العقوبات على البلاد في برنامج إخباري بث على وسائل الإعلام الوطنية، قائلاً: “لقد ارتفع حجم هذه الأضرار منذ عام 2012 إلى 1.2 مليار دولار، وقد لحقت هذه الأضرار بالشعب الإيراني وحتى بعض المخدرات تم تضمينها في العقوبات ولحسن الحظ، فإن حوالي 95% من إنتاج المخدرات يتم إنتاجها محليا في إيران، ولكن بعض الأدوية التي لها علاقة بالمرضى يتم استيرادها أيضا وقد تم حظرها واختفت من الصيدليات ما أثر بشدة على هذه الفئة من المرضى.
وفي تقرير سابق لصحيفة “اعتماد أونلاين“، يوم السبت الأول من فبراير/ شباط 2025 قال حسين سلاح ورزي، الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية، إن العقوبات تسببت في خسائر لإيران بلغت 1.2 مليار دولار، ولكن إذا أخذنا التصريحات الأخيرة للأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثورة الثقافية، كمعيار والتي بثت على إحدى وسائل الإعلام الرسمية الهامة كهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، فإنها ستصل إلى رقم فلكي ضخم يبلغ 1.008 تريليون ريال.
وهو رقم مذهل حتى عند قراءته، لكن هذا الرقم يعني أن كل إيراني خسر 11.85 مليار ريال وهذا جزء من الضرر الذي ألحقته العقوبات بإيران.
30 % تحت خط الفقر
ومن جانبه أعلن المستشار السابق لوزير التعاونيات والعمل والرعاية الاجتماعية، روزبه كوردوني في أبريل/نيسان 2024 بحسب تقرير موقع “اپک تایمز فارسی” أن عدد السكان تحت خط الفقر المطلق تضاعف، وأن عدد الأشخاص الذين يعملون تحت خط الفقر زاد خمسة أضعافه في إيران، وفي إشارة إلى الدراسات الإحصائية حول معدلات الفقر في طهران بين عامي 2019 و2021، قال كوردوني: “إن عدد السكان تحت خط الفقر المطلق في البلاد ارتفع من 15 إلى 30% وفي الواقع، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في أقل من أربع سنوات.
وأعلنت مصادر رسمية في إيران عام 2024 أن خط الفقر في البلاد قد وصل إلى دخل شهري قدره 300 مليون ريال، كما تم في العام الماضي (2023) بناء على قرار المجلس الأعلى للعمل، تحديد الحد الأدنى للأجور الشهرية للموظفين والعمال بـ 53 مليون ريال وبحسب حجة ميرزائي، الخبير الاقتصادي والمسؤول السابق في وزارة العمل الإيرانية، فإن الاقتصاد الإيراني سجل أحد أدنى معدلات النمو الاقتصادي في العالم منذ ثورة 1979، وخلال العقد الماضي، انخفض معدل النمو الاقتصادي للبلاد إلى 1.5% حتى وصل المعدل إلى الصفر تقريبا.
متى بدأت العقوبات؟
بدأت العقوبات الأمريكية ضد إيران بعد أشهر قليلة من انتصار الثورة الإيرانية في نوفمبر/تشرين الثاني 1979، واحتلال السفارة الأمريكية تم تنفيذ أول العقوبات ضد طهران من قبل جيمي كارتر، رئيس الولايات المتحدة (1977-1981). وبموجب هذا القرار، حظرت الحكومة الأمريكية استيراد النفط والغاز من إيران، وتم تجميد أصول الحكومة الإيرانية واشتدت حدة العقوبات في السنوات الأخيرة، وتشمل هذه (عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية).
كما شددت فرض عقوبات أخرى على قطاعات الطاقة والبنوك والنقل والشحن الإيرانية منذ أن انسحبت الإدارة الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 8 مايو/ أيار 2018 من الاتفاق النووي الذي أبرم في يوليو/ تموز 2015 (بين إيران ومجموعة 5+1 ودخل حيز التنفيذ في يناير 2016).
وشملت العقوبات 50 بنكا، وكيانات مصرفية تابعة لها وأكثر من 200 شخص وسفينة في قطاع الشحن كما استهدفت الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير)، وأكثر من 65 من طائراتها، بالإضافة إلى إدراج نحو 25 مصرفا إيرانيا، بما يدفع نظام سويفت للتحويلات المالية والمعاملات بين البنوك، ومقره بروكسل إلى وقف التعامل معها بما يضيف المزيد من العراقيل أمام تجارة إيران مع العالم، وقد كان لهذه العقوبات تأثيرا كبيرا ومباشرا على الاقتصاد الإيراني حتى الآن.
كما كانت القيود المفروضة على الوصول إلى التكنولوجيات والسلع ذات الاستخدام المزدوج بمثابة عقوبة أخرى خلال هذه الفترة، وقد عملت عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خاصة القرارات 1696 و1737 و1929، على تقييد وصول إيران إلى التكنولوجيات والسلع التي يمكن استخدامها في الأنشطة النووية والبرامج العسكرية.
عقبة خطيرة أمام الإنتاج والتجارة
لقد تسببت العقوبات التجارية، بحسب تقرير موقع “فرارو” الإصلاحي والتي تشمل حظر أي تجارة مع الحكومة الإيرانية والشركات والمواطنين الإيرانيين وحظر استيراد السلع والخدمات الإيرانية للولايات المتحدة، وحظر استيراد السلع الأمريكية إلى إيران في إلحاق أضرار جسيمة بالفعل بالاقتصاد الإيراني من انخفاض الإنتاج والنمو الاقتصادي إلى البطالة وعدم الاستقرار الاقتصادي، كل ذلك دفع العديد من الشركات والمؤسسات إلى تجنب التعاون مع إيران.
ما هي آثار رفع العقوبات؟
إذا تم رفع العقوبات عن إيران، فإن الدول العربية التي تسيطر على الأسواق العالمية بسبب عقوبات النفط الإيرانية سوف تجد منافسا قويا مثل إيران، وسوف تصبح إيران أكبر منافس لتركيا في السياحة، وسوف يسافر ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم إلى طهران لرؤية المواقع التاريخية وبدون العقوبات، ستصبح إيران أكبر منافس لروسيا في سوق الغاز العالمية، وإذا قامت إيران بتصدير الغاز إلى أوروبا، فسوف تفلس روسيا، وإذا تم رفع العقوبات، فسوف تضاف مئات الطائرات إلى أسطول الخطوط الجوية الإيرانية، ما يجعلها منافسا جادا.
انخفاض الناتج المحلي الإجمالي
أما عن استمرار فرض العقوبات والأضرار التي لحقت بالاقتصاد الإيراني صرح وحيد شقاقي شهري، الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي لموقع “فرارو” الإصلاحي: “لقد حدثت العديد من التغييرات منذ أوائل التسعينات، عندما اشتدت العقوبات على الاقتصاد الإيراني، في ذلك الوقت كان الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 640 مليار دولار بالأسعار الجارية، واليوم، بعد حوالي 12 عاما، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لإيران إلى 400 مليار دولار بالأسعار الجارية، هذا في حين أنه لو لم تحدث العقوبات وتم تنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين الاقتصاد الإيراني، فإنه بحلول عام 2025 كان من المفترض أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نحو تريليون دولار، بمعنى آخر نحن في خلال هذه الفترة خسرنا حوالي 600 مليار دولار (الناتج المحلي الإجمالي).
القضية الثانية وفقا لـ”شقاقي شهري” هي انخفاض عائدات النفط، لأنه قبل العقوبات كنا نصدر نحو مليونين ونصف المليون برميل من النفط سنويا، ولكن بعد العقوبات وفي السنوات الأولى من فترة العقوبات وخلال فترة الرئاسة (خلال عهد باراك أوباما) وفي سنوات الحرب الباردة والعقوبات، وعندما أصبح دونالد ترامب رئيساً في ولايته الثانية، انخفضت صادرات النفط الإيرانية بشكل حاد.
خفض صادرات النفط: مليون ونصف برميل يوميا
وأشار شقاقي شهري إلى أنه في حين كان بإمكان إيران بيع مليونين ونصف المليون برميل من النفط، إلا أن متوسط صادرات البلاد من النفط خلال فترة رئاسة هؤلاء الأفراد التي استمرت نحو سبع سنوات بلغ نحو مليون ونصف المليون برميل من النفط، وتابع: “إذا ضربنا هذه الكمية من النفط وهي برميل ونصف في 7 سنوات فإنها ستكون نحو 10 ملايين برميل من النفط، أي أن صادرات إيران من النفط انخفضت بهذا المقدار، والآن إذا ضربنا 10 ملايين برميل من النفط في 365 يوماً واعتبرنا أن متوسط سعر النفط يبلغ نحو 60 دولارا، فإن الرقم يتراوح بين 300 إلى 400 مليار دولار، وهو نفس المبلغ من عائدات النفط المفقودة.
وبطبيعة الحال، يجب أن نأخذ في الاعتبار الإيرادات الأخرى أيضا، بحسب الخبير الاقتصادي شقاقي شهري، لأنه خلال العقوبات كان بإمكاننا تطوير صادرات البلاد غير النفطية، لكننا فقدناها أيضا، وهذا يعني أن هذا الرقم يمثل انخفاضا قدره من 300 إلى 100 دولار، وإذا أضفنا 100 إلى 200 مليار دولار من الصادرات غير النفطية إلى هذه الأرقام، فإن حوالي 600 مليار دولار قد اختفت من الناتج المحلي الإجمالي، وضاع نفس القدر من عائدات الصادرات النفطية وغير النفطية، ما يجعل هذا الرقم هو 1.2 تريليون دولار.
وأضاف: “خلال الجولة الثانية من العقوبات وعهد ترامب، الذي أصبح معروفا بالضغط الأقصى، انخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى النصف، قبل العقوبات كانت صادرات النفط الإيرانية 60 مليار دولار سنويًا، وبعد تطبيق نظام الضغوط القصوى لعقوبات ترامب، انخفضت هذه الصادرات إلى أقل من 30 مليار دولار، ولقد فقدت إيران نحو 30 مليار دولار من عائدات النفط السنوية، ويبلغ إجمالي الانخفاض في الصادرات النفطية وغير النفطية ما بين 500 و600 مليار دولار، وهو ما حدث منذ أوائل التسعينات، كما أن إيران لديها بالفعل صادرات نفطية تبلغ 1.5 مليار دولار.