كتب: محمد بركات
وصل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى العاصمة الأمريكية نيويورك صباح الاثنين 23 سبتمبر/أيلول 2024؛ وذلك للمشاركة في أعمال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد رافقه في تلك الرحلة عدد من الشخصيات رفيعة المستوى كنائبه ومجموعة من المستشارين، كان على رأسهم محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الأسبق ونائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها الحساب الرسمي للرئيس الإيراني على منصة إكس، صورا تجمع ظريف مع بزشكيان، فمنذ صعود كليهما إلى الطائرة التي أقلتهما إلى مطار جي إف كينيدي بنيويورك وحتى آخر لقاءات اليوم الأول، ظل ظريف ملازما لبزشكيان، بجانب عباس عراقجي وزير الخارجية، في إشارة واضحة إلى دور ظريف البارز في إدارة أمور الرحلة.
الظهور اللافت لظريف بين مؤيد ومعارض:
وقد أثار هذا الظهور اللافت لظريف خلال اليوم الأول من الرحلة حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ففي حين رأى نشطاء إصلاحيون أن العلاقة القوية التي تربط بزشكيان بظريف، والتي بدأت منذ أيام الحملة الانتخابية حتى إعادة تعيين ظريف في منصب مستشار للشؤون الاستراتيجية، والتي جعلته يثق برأيه في ما يتعلق بالشأن الداخلي هي سبب تصدره المشهد، وكذلك ما لظريف من خبرة في الملفات الخارجية. رأى نشطاء أصوليون أن وجود ظريف بجانب بزشكيان حلقة جديدة من حلقات فشل حكومة بزشكيان، فعلى حد تعبيرهم فإن خبرة ظريف لم تنفع إيران، بل أدخلتها في اتفاق مع أمريكا سرعان ما خرجت منه الأخيرة، وجعلت إيران تتقرب إلى الغرب بشكل يهين كرامة البلاد.
تصريحات ظريف:
كان لظريف عدة تصريحات في اليوم الأول للرحلة، فقد أجرى حوارا مع شبكة “إن بي سي” الأمريكية صرح فيه بأن إيران لا تسعى لحرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وأضاف: “نحن نريد التحرك نحو عالم أكثر سلاما واستقرارا، فنحن لا نسعى للحرب، لكننا سندافع عن أنفسنا”.
وخلال الحوار علق ظريف على حادثة اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي كان قد جاء إلى طهران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، قال ظريف: “هذا بوضوح كان عملا من أعمال الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل وانتهاكا واضحا لسيادتنا وسلامة أراضينا”. كما أشار ظريف أيضا إلى المحادثات الفاشلة حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، موضحا أن “المجتمع الدولي طلب منا أن نظهر ضبط النفس تجاه اغتيال هنية لإنهاء حرب غزة، لكن للأسف لم يتحقق هذا الأمر”.
كما صرح ظريف بأن لإيران الحق في الرد على اغتيال هنية وقتما تشاء وكيفما تشاء، وعند سؤاله عند انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، الذي كان هو أحد مهندسيه، قال: “كان ذلك خطأ في حسابات إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي. لقد خلق ذلك وضعا خاسرا للجميع”.
كذلك، فقد كتب ظريف على حسابه بمنصة إكس، نافيا ما تم تداوله من أخبار في الصحافة العبرية تقول إن الرئيس الإيراني يدعو إلى تهدئة الأوضاع مع إسرائيل، في الوقت الذي يشن فيه الجيش الإسرائيلي هجمات متتالية على معاقل حزب الله في الجنوب اللبناني، وكتب: “لقد قدم الدكتور بزشكیان أقوى دفاع منطقي عن مقاومة شعوب فلسطين، لبنان واليمن في نيويورك، وكشف بعبارات صريحة، الجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي والازدواجية التي تمارسها الدول الغربية في قضايا مثل الأسلحة، والحرب وحقوق الإنسان، كذلك أوضح أن إسرائيل، التي تقوم على الإبادة الجماعية، هي المعتدي، وهي التي تمتلك أسلحة نووية وتهدد المنطقة والعالم، وقد تأسست واستمرت على أساس الإرهاب والفصل العنصري، وليس إيران، التي تدافع عن ضحايا الاحتلال والإبادة الجماعية وتدعو إلى السلام وتنادي بنزع الأسلحة النووية في المنطقة والعالم”.
وأكمل منشوره: “دعونا لا نقع في فخ الروايات الملفقة التي تم بناؤها منذ 70 عاما لتشويه صورة منطقتنا، ولنعتمد على إعلامنا بدلا من وسائل الإعلام الصهيونية. اليوم، وبعد أحد عشر شهرا من الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الإسرائيلي، أصبح العالم مستعدا لتمزيق حجب الأكاذيب وقلب الحقائق التي تروجها الرواية الصهيونية عن إيران والمنطقة. كما قال القائد الحكيم، خامنئي، في رسالته التاريخية إلى الطلاب الأمريكيين الذين تظاهروا لأجل غزة: (أنتم الآن تقفون في الجانب الصحيح من التاريخ). ومنطق الدكتور بزشكيان يساهم في هذا التيار الذي يقف في (الجانب الصحيح من التاريخ)، ولهذا تهاجم وسائل الإعلام، التي تعكس مواقف الصهاينة، هذا المنطق”.
وأختتم منشوره قائلا: “دعونا، لمرة واحدة وللأبد، وفي (وفاق وطني) ندمر الرواية الخطيرة والكاذبة التي تحاول إسرائيل من خلالها تحويل إيران والمقاومة إلى تهديد أمني”.
كيف نظر الإعلام الغربي إلى الفريق الدبلوماسي الإيراني؟
وفقا لتقرير نشرته وكالة “عرشه إيران” الإخبارية الإيرانية بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول، فقد نشرت لارا روزن، الدبلوماسية الأمريكية، مقالا في مجلة ” الدبلوماسية” تقول فيه إن أحد أهم نتائج الزيارة الأولى لبزشكیان إلى نيويورك كانت الفريق الدبلوماسي الذي رافقه، فقد قالت إن فريق الدبلوماسيين الإيراني قد ضم مخضرمين مثل محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، وعباس عراقجي ومجيد تخت روانجي، نواب ظريف السابقين، الذين لعبوا دوراً أساسياً في التفاوض حول الاتفاق النووي الإيراني في عام 2016، والذين يشغلون الآن مناصب وزير الخارجية ونائب وزير الخارجية السياسي في الحكومة الحالية. وقد حضر هؤلاء الشخصيات الاجتماع الذي عقده بزشكیان مع الصحفيين في نيويورك”.
وقد أشارت روزن في مقالها إلى أن الرسالة التي أرسلها الفريق الدبلوماسي الإيراني كان مفادها أن طهران تسعى لإعادة إحياء الطرق الدبلوماسية مع الغرب، حينما يكون الطرف الآخر مستعدا. ومع ذلك، فإن روزن ترى أنه من غير المحتمل أن تتخذ إدارة بايدن، قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، خطوات لإجراء مفاوضات مباشرة مع الفريق الإيراني الجديد، لكن هناك احتمالا بأن تتم محادثات مع خبراء وربما بعض المسؤولين السابقين لتبادل المعلومات حول المواقف الجديدة للطرفين، وتمهيد الطريق للمفاوضات المحتملة في المستقبل، والتي قد تجري بعد الانتخابات الأمريكية.