كتبت: لمياء شرف
تتصاعد الخلافات داخل إيران حول قضية حيازة وصناعة الأسلحة النووية، حيث تتباين الآراء بين القيادتين الدينية والسياسية بالبلاد. في حين يستند المرشد الأعلى علي خامنئي إلى فتواه الدينية التي تحرم تطوير الأسلحة النووية، ترى المعارضة أن الحدث يتجاوز الاعتبارات الشرعية.
صرح نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، الثلاثاء 15 أكتوبر/تشرين الأول، أن هناك موقفين مختلفين تجاه الأسلحة النووية في المجتمع الإيراني وعلى المستوى العالمي.
وقال في مقابلة صحفية بشأن الدعوات التي أطلقها بعض النواب من التيار الأصولي المتشدد لتغيير العقيدة النووية الإيرانية وحيازة الأسلحة: “يعتقد البعض أن الأسلحة النووية تخلق الأمن، بينما يعتقد فريق آخر أن هذه الأسلحة تخلق انعدام الأمن على نطاق واسع، ولا تخلق سوى وهم الأمن”.
وأشار إلى أن هذه ليست قضية جديدة، وقد أثيرت للمرة الأولى في تسعينيات القرن الماضي بعد التجارب النووية للهند وباكستان.
وأضاف ظريف أن مرشد الجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، منذ أن أصدر فتوى حرمة استخدام الأسلحة النووية، مشيرا إلى أن له نفس الرأي من الناحية الاستراتيجية، إضافة إلى وجهة النظر الفقهية.
وعن إمكانية تغيير موقف خامنئي بشأن الأسلحة النووية، أكد جواد أن رأي المرشد من الناحية الاستراتيجية لا يختلف عن رأيه الفقهي، وما زال على الموقف ذاته.
فتوى تحريم الأسلحة النووية
ويعود إصدار فتوى خامنئي إلى 12 ديسمبر/كانون الأول عام 2010، حيث أفتى المرشد الأعلى بتحريم صناعة واستخدام الأسلحة النووية، ولذلك علق برنامج تسليح إيران بالأسلحة النووية في نهاية عام 2003.
صدرت الفتوى ردا على ادعاء إسرائيل عزم إيران على بناء سلاح نووي، لما يعتقده خامنئي من أن أسلحة الدمار الشامل تهديد للبشرية ومحرّمة.
تم تسجيل هذه الفتوى في مراكز التحليل السياسي ومراكز الفكر الدولية والأمم المتحدة كوثيقة رسمية، وتمت قراءتها رسميا في إيران عام 2010 بالمؤتمر الدولي لنزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية.
ويأتي في نص الفتوى: “نعتقد إضافةً إلی السلاح النووي، أن سائر صنوف أسلحة الدمار الشامل كالأسلحة الكيميائية والميكروبية تمثل خطرا حقيقيا علی البشرية، والشعب الإيراني باعتباره ضحية لاستخدام السلاح الكيميائي يشعر أكثر من غيره من الشعوب بخطر إنتاج وتخزين هذه الأنواع من الأسلحة، وهو على استعداد لوضع كافة إمكاناته في سبيل مواجهتها. إننا نعتبر استخدام هذه الأسلحة حراما، وإنّ “السعي لحماية أبناء البشر من هذا البلاء الكبير واجب على عاتق الجميع”.
وفي سياق متصل، رفع 39 نائبا في البرلمان الإيراني طلبا إلى مجلس الأمن القومي الإيراني من خلال رسالة؛ لإعادة النظر في العقيدة النووية الإيرانية.
وأكد البرلماني أخلاقي أميري، رجل دين، في حوار مع وكالة إيسنا الإيرانية شبه الرسمية، ضرورة تعزيز الردع الدفاعي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مضيفا أنه اليوم لم يعد بمقدور أي منظمة دولية وحتى الدول الأوروبية والأمريكية كبح جماح الكيان الصهيوني.
وقال: “على أساس ذلك كتبنا مع 39 نائبا رسالة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، وقدمنا طلبا لإعادة النظر في العقيدة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وأشار أخلاقي أميري، وهو رجل دين، إلى فتوى للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، حول تحريم الأسلحة النووية، الذي يعد بمثابة عقيدة دفاعية إيرانية، قائلا إن “الفتوى في مكانها، لأنه في فقه الإمامية (الشيعة) للزمان والمكان دور في تغيير الأحكام، حيث يمكن لأحكام ثانوية أن تحل محل أحكام أولية”.
وأضاف: “إننا اليوم لا ينبغي أن ننظر فقط إلى أنفسنا، بل نحن كانت لدينا ادعاءات بشأن جبهة المقاومة ونحن متمسكون بها، واليوم هذه الجبهة تنظر بأمل إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، معربا عن أمله في أن يقوم مجلس الأمن القومي الإيراني بمراجعة العقيدة الدفاعية.
وطالب بأن يقوم مجلس الأمن القومي الإيراني الذي قال إنه “يعمل تحت إشراف قائد الثورة المعظم”، بمراجعة العقيدة الدفاعية.
ومن الأصوات التي تنادي بتغيير العقيدة الإيرانية لامتلاك سلاح نووي، كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية، حيث قال: “إن بلاده قد تغير عقيدتها في مسألة امتلاك السلاح النووي إذا تعرضت للتهديد بالأسلحة النووية من قبل إسرائيل”.
وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط عالقةٌ اليوم في حرب غزة، مؤكدا أن استمرار الحرب يرجع لدعم أمريكا وأوروبا لإسرائيل فهم يزودونها بالأسلحة الفتاكة.
وأضاف أن “إسرائيل تمتلك الأسلحة النووية، وفي كل عام، نطرح فكرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الجمعية العامة للأمم المتحدة”، مؤكدا أن الحل لهذه القضية هو ألا تمتلك إسرائيل أسلحة نووية.
وحذر من أن “إسرائيل إذا تجرأت وهددت إيران بالأسلحة النووية، فقد نعيد النظر في عقيدتنا النووية.. نحن لا نريد الأسلحة النووية، ولكن إذا هددنا العدو، فسيتعين علينا تغيير عقيدتنا النووية”.