كتبت: لمياء شرف
بادرت إيران بجولة دبلوماسية تهدف إلى تهدئة التوترات الإقليمية وتعزيز الحوار بين إيران وجيرانها العرب.
وتوجه عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، إلى السعودية الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول، كمحطة أولى ضمن جولة خليجية وتليها دولة قطر، وقد سبقتها زيارة كل من دولتي لبنان وسوريا.
تهدف هذه الزيارة لتأكيد ترابط العلاقات الإيرانية الخليجية، وللبحث مع دول الخليج حول موقف موحد ضد “الجرائم الإسرائيلية” في غزة ولبنان.
على الرغم من أن دول الخليج تسعى للحفاظ على الحياد في الصراع، فإن الحوار الذي تقوده إيران يهدف إلى تقليل التصعيد الإقليمي والبحث عن حلول سياسية.
وقال مصدران لـ”رويترز”، إن دول الخليج سعت إلى طمأنة طهران بشأن حيادها في الصراع بين إيران وإسرائيل، خلال اجتماعات في العاصمة القطرية الدوحة، الأسبوع الماضي، وسط مخاوف من أن تصعيدا أوسع نطاقا للعنف قد يهدد منشآت النفط.
وفي سياق متصل، نقلت وكالة رويترز عن مصدر إيراني كبير، قوله إن “طهران أبلغت دول الخليج العربية أن السماح باستخدام مجالها الجوي أو قواعدها العسكرية لشن هجمات على إيران سيكون غير مقبول، محذرة من أن حدوث ذلك سيؤدي إلى رد فعل”.
وفي ظل تراشق التهديدات بين إسرائيل وإيران، بقصف الأولى لمنشآت نووية ووعيد الثانية بالرد العنيف وتدمير البنية التحتية، إلا أن إيران تسعى لتنفيذ سيناريو وقف النار واللجوء للحلول السياسية.
ويشمل هذا السيناريو وقف العدوان على غزة والانسحاب الشامل من القطاع، إضافة إلى وقف القتال مع حزب الله وعودة النازحين من شمال إسرائيل إلى مستوطناتهم.
ويبدو أن هذا السيناريو ضعيف؛ لأنه يشكل هزيمة لنتنياهو واليمين المتطرف ولبرنامجهم السياسي.
وعن تفاصيل لقاء زيارة عباس عراقجي للسعودية، أعرب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن قلقه البالغ إزاء تصاعد الأزمة وانتشار الحرب في المنطقة، وأكد ضرورة قيام جميع دول المنطقة بحماية الاستقرار والأمن الإقليميين.
كما أكد عن ارتياحه للتنفيذ السليم للاتفاقيات بين البلدين خلال العام الماضي، وقيّم التحسن في العلاقات الثنائية بأنه إيجابي وملموس.
لماذا يزور عراقجي الرياض؟
بحسب وزارة الخارجية الإيرانية، فإن الهدف المعلن من هذه الجولة هو تعزيز العلاقات مع دول الجوار، وضمان الاستقرار والأمن، وتطوير التعاون الاقتصادي.
واعتبر وزير الخارجية الإيراني أن هذا اللقاء لتحقيق حسن الجوار وأن هذه هي السياسة النهائية للحكومة الإيرانية، مشيرا إلى استمرار سياسة توسيع العلاقات مع الجيران وزيادة التعاون الاقتصادي، مؤكدا أن التعامل مع دول المنطقة هو إحدى الأولويات الهامة للجمهورية الإسلامية الآن.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن وزيري الخارجية لدى البلدين أجريا مباحثات وصفها بالمفيدة والبنّاءة بشأن آخر التطورات في المنطقة، خصوصا في غزة ولبنان.
ودعا الجانبان إلى وقف الحرب في غزة ولبنان، مؤكدَين أهمية إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى النازحين.
وعن هذه الزيارة، يقول المحلل السياسي الإيراني عماد آبشناس، إن إيران تمد غصن الزيتون لدول المنطقة من أجل السلام والأمن.
ويضيف حسب “بي بي سي”: ” إن زيارة عراقجي تأتي في سياق التنسيق لمشروع سلام عربي إيراني يخص غزة ولبنان والمنطقة برمتها، ويهدف إلى وقف إطلاق النار”.
ويعتقد أنه على دول المنطقة أن تتكاتف من أجل الضغط على الولايات المتحدة، الطرف الوحيد القادر على إيقاف الجنون الإسرائيلي، بحسب قوله.
و أشار إلى أن أكبر مشاكل المنطقة هو تشتت الآراء بين دولها، وإذا ما تم توحيد الرأي فإن هناك أملا في الوصول إلى حل دبلوماسي، وإلا فإن الحرب الشاملة ستحرق الجميع، مؤكدا أن إيران لا تسعى لشن حرب شاملة، لكنها أيضا قادرة عسكريا على مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة.
وجاءت زيارة عراقجي للبنان لتأكيد دعم إيران الكامل لبيروت، وتوقيت الزيارة له معنى قوي، حيث تمت الزيارة ودوي القصف الإسرائيلي على لبنان يصدع في أرجاء بيروت. وأكد خلال زيارته، وقوف إيران إلى جانب لبنان.
وسبق زيارة وزير خارجية إيران للدول الخليجية زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حيث التقى في الأسبوع الماضي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في الدوحة.
ودعا بزشكيان، خلال اللقاء، إلى ضرورة الانسجام والتلاحم بين الدول الإسلامية، خاصة بين إيران والسعودية، داعيا إلى تجنّب الخلافات والتعاون بين البلدين، مشددا على أن إيران لا ترحب بأي شكل من الأشكال بزيادة التصعيد والأزمة في المنطقة.