كتب: علي زين العابدين برهام
أثار وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الجدل في أثناء زيارته للعاصمة المصرية القاهرة يوم الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بحديثه عن رؤية إيران لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
عراقجي وفي حوار صحفي مع صحيفة “المصري اليوم” الخاصة اليومية، تناول كثيرا من القضايا، وكان على رأسها الحديث حول رؤية إيران لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث قال عراقجي: “نعتقد أن حل الدولتين لن يؤدي إلى إرساء سلام دائم في المنطقة، وموقفنا هذا قد يكون مختلفا عن موقف ورؤية العديد من الدول الأخرى، لكن وجهة نظرنا أن أفضل طريقة لإرساء الأمن والسلام الدائم في المنطقة هي حل القضية الفلسطينية على أساس دولة واحدة ديمقراطية على الأراضي الفلسطينية”.
أضاف: “وفي مثل هذه الدولة يتعايش جميع السكان الأصليين الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين جنبا إلى جنب مع اليهود، وعلى أساس استفتاء هؤلاء السكان الأصليين يجرى تقرير مصيرهم ومستقبلهم عبر صناديق الاقتراع الديمقراطية”.
ثم أردف قائلا: “وفي النهاية نحن ندعم أي قرار يتخذه الفلسطينيون، لكننا نقدّم وجهة نظرنا”.
تصريحات عباس عراقجي بخصوص الدولة الواحدة، تناولها البعض بـ”تزييف” و”تغيير” نص كلامه، حيث كتب بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن “عراقجي يدعو الى إنشاء دولة اسرائيلية ديمقراطية”. وأورد كاتب سعودي قائلا على لسان وزير الخارجية الإيرانية: “على الفلسطينيين القبول بحل الدولة الواحدة والعيش تحت مظلة دولة إسرائيل الديمقراطية”.
لكن بمراجعة كامل تصريحات عباس عراقجي التي تناول فيها الدولة الفلسطينية في حديثه مع “المصري اليوم”، وجدنا أن كثيرا ممن تناول تصريحاته على وسائل التواصل الاجتماعي قد تم تحريفها.
رؤية إيران
لكن بالعودة إلى تصريحات عباس عراقجي، بخصوص رؤية إيران حول حل الصراع العربي الإسرائيلي، وجدنا أنه قد طرح ما سبق أن طرحه مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي من قبل، وكان مقترحه أن يتم إعادة كل اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وغيره، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين أم يهودا، ويقرروا أي نظام يحكمهم على هذه الأرض.
الحرب على إيران
جدير بالذكر أن عراقجي قد تناول في حواره كذلك، الحرب الإسرائيلية في المنطقة، وقد أكد أن بلاده لا تريد الحرب، لكنها جاهزة لكل السيناريوهات المطروحة، وفي حال شنت إسرائيل هجوما على إيران ستدرسه طهران بكل دقة وتحدد طريقة الرد عليه.
وأضاف: “ردنا المتبادل جاهز، وبإمكان الإسرائيليين اختبار إرادتنا. نحن لسنا مستعجلين ولن نماطل لكننا جاهزون لأي رد متبادل”، مؤكدا أن لا أحد في المنطقة يريد الحرب الموسعة إلا إسرائيل، فهي التي تبحث عن حرب موسعة، وهذا ما لا نريده بل نريد جلب السلام والاستقرار في المنطقة. لا أحد في المنطقة يؤيد سيناريو الحرب الموسعة سوى نتنياهو، ونحن لن ننجر لفخ نصبه نتنياهو”.
وتابع: “إن الولايات المتحدة فشلت في فرض ما يسمى بـ(الشرق الأوسط الجديد)”، معتبرا أن انحيازها إلى الاحتلال الإسرائيلي يزعزع أمن منطقة الشرق الأوسط، ومعتبرا أنه “لولا الأسلحة الأمريكية والغربية التي جرى تزويد الاحتلال الإسرائيلي بها لما شهدنا معظم الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين ثم اللبنانيين”. وقال: “الصورة اتضحت تماما أمام جميع البلدان التي كانت تنتقد إيران بسبب سياساتها في المنطقة، لأنها باتت اليوم بسبب ممارسات الكيان الصهيوني تدرك تماما أين يكمن الخطر، فالمخططات والمخاطر تطالنا جميعا”.
وتابع الوزير الإيراني متحدثا عن السبيل الوحيد لتعزيز استقرار دائم في المنطقة: “إن توقف الانحياز الأمريكي إلى الكيان الصهيوني ودعم جرائمه، سيكون الخطوة الوحيدة الكفيلة بدعم إرساء الاستقرار والسلام في المنطقة”. وقال: “أرى أن الانحياز الأمريكي إلى الكيان الصهيوني هو ما يزعزع أمن منطقتنا، ولولا تزويد الكيان الصهيوني بالسلاح الأمريكي والغربي ما كان لكثير من الجرائم التي شهدناها في غزة ثم في لبنان أن ترتكب”.
واستطرد: “في حال استمر الكيان الصهيوني في ممارساته الحالية، فإنه وبكل تأكيد بصدد مواجهة مستنقع جديد مثل الذي واجهه عام 2006 (حرب تموز: حين نجح حزب الله في إحباط الأهداف الإسرائيلية واستمر في قدرته على مواجهة إسرائيل، مما أعطى الحرب بعدا رمزيا للصمود في وجه الاحتلال)، وسيضطر إلى الانسحاب من غزة ومن لبنان دون تحقيق أي شيء، ورغم ذلك علينا ألا نسمح بارتكاب مزيد من المجازر والتدمير، ونرى أن على المنطقة ممارسة مزيد من الضغوط على الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، من أجل وضع حد للحرب، ومن أجل حقن الدماء، إنما في حال أراد الاحتلال الاستمرار في جرائمه فسيواجه مصيرا مماثلا للمصير الذي واجهه عام 2006”.
وأكد عراقجي أن بلاده لم تهدد بإغلاق مضيق هرمز، ورغم أن إيران تمتلك قدرات كبيرة في هذا الصدد، فإنها لم تهدد يوما بذلك؛ “تحسبا للعلاقات مع بلدان المنطقة، وعلاقتنا مع السعودية جيدة جدا وهي في طور التطور والتقدم”.