كتبت ـ آية السيد
أبرز مصطفى مير سليم في حوار صحفي، مشاكل الرقابة في بلدية طهران، مشيراً إلى ضعف الإجراءات القانونية وتعقيد اللوائح، مما يفاقم الأزمات البيئية في المدينة.
ووفقاً لشبكة شرق الإيرانية بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول 2024، انتقد مير سليم، الأنشطة غير القانونية لمجلس مدينة طهران برئاسة علي رضا زاكاني (طبيب، سياسي أصولي ورئيس بلدية طهران 2021)، قائلاً: “إن أول جهاز قانوني يراقب البلدية هو مجلس المدينة، إلا أن المجلس لم يتبع مبادئ الكفاءة في اختيار العمدة، بل اعتمد على العلاقات السياسية والصداقة، كما أن بعض أعضاء المجلس لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في الحفاظ على استقلالهم عن البلدية، مما جعلهم غير قادرين على ممارسة الرقابة المناسبة عليها”.
“في لجنة المادة 5 ببلدية طهران تم تبييض المخالفات”.. هذا ما قاله مصطفى مير سليم، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، في انتقاده لأداء إدارة العاصمة.
ورداً على سؤال، ذكرت في تصريحك الأخير أنه “عندما تلجأ البلدية إلى خرق القوانين والتراكم السكاني وبناء المباني الشاهقة بدلاً من توليد الإيرادات القانونية من خلال تقديم الخدمات، فإنها في الواقع تتجاهل القدرات المناخية وتنتهك القدرة الحيوية والحقوق العامة”.. فما المقصود بالقدرة المناخية؟
أجاب مير سليم بقوله: في التخطيط الحضري يجب دراسة المناخ والقيود المناخية، حيث إن مدينة طهران تعتمد على الثلوج في مرتفعات البرز لتغذية المياه الجوفية، والتي تكفي لعدد محدد من السكان، لذا فإن زيادة عدد السكان توجب اللجوء إلى موارد خارج طهران مثل أنهار كرج، هراز، جاجرود، وطالقان، كما أن نقص المياه يؤدي إلى تدهور جودة المياه، وتخفيض الاستهلاك يؤثر على الرفاهية والصحة العامة.
تواجه طهران تحديات بيئية بسبب موقعها الجغرافي، حيث يؤثر البناء الشاهق على تدفق الهواء ويزيد التلوث. الدراسات السابقة حددت الحد الأمثل للسكان بنحو 4 ملايين، بينما تتوقع خطة 2006 وصول العدد إلى 7-8 ملايين بحلول 2026، مما قد يؤدي لتدهور جودة الحياة.
– كم عدد القيود المناخية التي تمت مراعاتها؟
وفقاً لنتائج تعداد السكان لعام 2016، بلغ عدد سكان طهران أكثر من 9 ملايين نسمة بقليل، أما الآن في منتصف عام 2024، فقد بلغ عدد سكان طهران بدون احتساب الأجانب بأكثر من 14 مليون نسمة، مما أدى إلى نتائج سلبية، وسيتسبب ذلك في تبعات أشد خطورة في المستقبل.
خلال لقائي مع عمدة طهران المحترم كان أول طلب قدمته هو وقف التوسع العمراني في طهران، باستثناء عمليات الإصلاح وإعادة بناء المناطق القديمة، ولكن للأسف لم يتم الاهتمام بهذا، بل تم اتخاذ خطوات عكسية مما حول طهران اليوم إلى ورشة بناء ضخمة لا تتوافق مع الخطة الشاملة للمدينة،كما تم تجاهل قواعد البناء في المناطق المختلفة وتم تغيير الاستخدامات العمرانية، وزادت ظاهرة السكن العشوائي، كما تم نسيان تنظيم سفوح الجبال ومنع البناء على ارتفاعات تتجاوز 1800 متر.
– ألا يوجد جهاز رقابي لمنع هذه المخالفات؟
أول جهاز قانوني لمراقبة البلدية هو مجلس المدينة، لكنه لم يلتزم بقواعد اختيار العمدة. مراقبة مقررات المجلس مم مهام محافظة طهران ووزير الداخلية، ولكن لم تتخذ أي إجراءات فعالة على سبيل المثال كان بإمكان وزير الداخلية الامتناع عن توقيع مرسوم تعيين عمدة يفتقر للتخصص الأكاديمي والخبرة في التخطيط العمراني وإدارة المدن.
وربما من المناسب هنا أن أشير إلى نقطة أخرى استنادا إلى ما رأيناه خلال الحملات الانتخابية الأخيرة للرئاسة: عند ترشيح شخص لمنصب مسؤول، يجب أن يركز على متطلبات المسؤولية بدلا من استخدام المنصب كوسيلة للترقي، حيث أن الاستغلال لمصلحة شخصية يؤدي إلى التركيز على الأعمال الاستعراضية لجمع الأصوات مما يضر بالمشاريع الأساسية مثل مراعاة القيود المناخية ويحول المدينة ومواردها إلى وسيلة لتحقيق إيرادات للبلدية.
– هل يوجد استغلال للقدرات المحدودة للعاصمة لتحقيق إيرادات؟
نعم، تشير مراجعة الميزانية السنوية للبلدية إلى أن جزءاً كبيراً من إيراداتها يأتي من الغرامات المرتبطة بزيادة السكان، على سبيل المثال في العام الماضي أقر البرلمان ميزانية 2023 التي شملت بندا يحول قرارات لجنة المادة 100 غير المنفذة إلى غرامات قابلة للتحصيل، بما في ذلك المخالفات البيئية وانتهاك الحقوق العامة، مما جعلها مصدراً للإيرادات.
– هل هناك جهة أخرى للنظر بشأن هذه المخالفات؟
نعم، البلدية تستخدم الأدوات القانونية لزيادة نفوذها، مثل منح تصاريح البناء لأفراد ومؤسسات معينة، مما يجعلهم مدينين لها ويؤدي إلى تجاهل المخالفات التي تقوم بها البلدية.
– هل حدث مثل هذه المخالفات؟
نعم، تستخدم بلدية طهران سلطاتها في لجنة المادة 5 لعقد صفقات مشبوهة مما يؤدي إلى “تبيض المخالفات” رغم تقديم تقارير موثقة للأجهزة القضائية إلا أنه يتم إغلاق القضايا دون اتخاذ إجراءات قانونية، مما يضر بحقوق العامة.
– لماذا تمتاز لجنة المادة 5 في طهران بتركيبة خاصة؟
تعود هذه المسألة إلى قانون تأسيس صدر في مارس 1973 خلال عهد الشاه (محمد رضا بهلوي) حيث كانت هناك علاقات خاصة بين عمدة طهران آنذاك (نيكبي) والشاه، في جميع المدن تم تشكيل لجنة المادة 5 من قانون تأسيس المجلس الأعلى للعمارة والتخطيط الحضري برئاسة المحافظ وعضوية العمدة، وذلك لمنع المخالفات المحتملة، لكن في طهران يتولى العمدة اللجنة بنفسه مما يؤدي إلى تضارب المصالح.
هذه المخالفات تؤدي إلى اضطراب في تقديم الخدمات للمواطنين بسبب نقص الإمكانيات والبنية التحتية، كما تؤثر على خدمات المدينة وإدارة النفايات والمرور، إضافة إلى الهيئات الأخرى مثل هيئة المياه ووزارة الطاقة.
كما أن القرارات غير القانونية تؤدي إلى ظهور مدينة عشوائية، مكتظة، ملوثة وغير آمنة. الحل يكمن في إصلاح القانون وإزالة التمييز، لكن إصلاحات البرلمان الحادي عشر واجهت معارضة من أصحاب المصالح الخاصة المرتبطين بالبلدية الذين خافوا من تأثير الإصلاح على استغلالهم.
ألا توجد رقابة على لجنة المادة 5 في طهران؟
قوانين ولوائح البلديات أصبحت معقدة عمداً، مما يسهل الاستغلال ويؤخر إبلاغ الأجهزة الرقابية مثل المجلس الأعلى للعمارة والتخطيط الحضري. البلدية تصدر تصاريح للمستفيدين، مما يخلق لهم حقوقاً مكتسبة. القضاة، لافتقارهم للتخصص في الأمور البلدية، يعتمدون على مستشارين، وفي بعض الحالات يكون المستشار مرتبطاً بالبلدية، مما يعوق متابعة الشكاوى ضد المخالفات.
أعتقد أنه يجب تعديل القانون الخاص الحالي في أقرب وقت ممكن، لقد نصحت أحد العمداء السابقين بضرورة التصدي للمخالفات، لكنه أجاب بشكل ودي قائلاً إنه يتبع القانون، في الواقع أن كل رئيس في لجنة المادة 5 يمتلك سلطة ونفوذاً يستخدمه، وعادةً ما يتصدى المحافظون في المحافظات لبعض تجاوزات العمداء و المخالفات ويحققون نتائج مرضية إلى حد ما، لكن المشكلة التي ظهرت في طهران تعود إلى التكوين الخاطئ للجنة المادة 5، حيث لا يكون محافظ طهران عضوا ويرأس اللجنة العمدة نفسه. كما يقال: “لا يقطع السكين مقبضه.”