كتب: محمد بركات
لا تزال أحداث لبنان الأخيرة تلقي بظلالها على مجريات الأوضاع السياسية في إيران، فالمخاوف من تكرار أحداث لبنان مرة أخرى على الأراضي الإيرانية أصبحت هاجسا يؤرق السلطة كما أرق رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ بدء الأحداث، فقد نشرت تقارير في الآونة الأخيرة تفيد بفحص الحرس الثوري الإيراني معداته وأجهزته؛ خوفا من تكرار أحداث لبنان، وذلك وفقا لتقرير موقع راديو فردا الإخباري الإيراني، وعلى الرغم من أن هناك وسائل إعلام إيرانية قد نفت ذلك، وقالت إن الحرس الثوري قد توقف عن استخدام تلك الأجهزة منذ ما يقرب عشرين عاما، فإن اجتماع لجنة الأمن القومي في البرلمان قد جاء ليؤكد وجود مخاوف حقيقية لدى النظام الإيراني.
تفاصيل اجتماع لجنة الأمن القومي:
اجتمعت لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، الاثنين 22 سبتمبر/أيلول 2024؛ لمناقشة أبعاد الهجوم السيبراني الذي ضرب لبنان وأسفر عن مقتل العشرات وجرح الآلف، وقد أقيم هذا الاجتماع بحضور ستار هاشمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وعدد من مساعديه، وإسماعيل خطيب، وزير الاستخبارات والأمن القومي، ومهدى شوستري مساعد وزير الخارجية والمدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية، إلى جانب عدد من خبراء وممثلي مركز الأبحاث التابع للبرلمان، وباقي أعضاء اللجنة، وذلك وفقا لتقرير وكالة برنا الإخبارية الإيرانية.
ووفقا لتقرير برنا، فقد صرح إبراهيم رضايى، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي بالبرلمان، بعد انتهاء الاجتماع قائلا: “قدم وزير الاتصالات في هذا الاجتماع شرحا حول أبعاد العملية الإرهابية في لبنان وسبل الوقاية من وقوع حوادث مشابهة في البلاد. وأشار إلى أن هذه العملية كانت معقدة ونتجت عن تلوث صناعي، حيث تم استخدام أجهزة النداء الآلي، أجهزة البيجر، بشكل رئيسي في مجالات الصحة والعلاج”.
وأضاف رضايى: “ذكر وزير الاتصالات أن هناك تحركا نحو توطين المعدات المحلية، ونحن نعمل على هذا الأمر لدعم الإنتاج المحلي، فلقد قمنا بتوطين معدات الاتصال لدعم الصناعة المحلية، وحتى الآن أصبح بإمكاننا تصدير بعض هذه المعدات. وفي ما يتعلق بمعدات الاتصال المستوردة، فقد أكد وزير الاتصالات أن هناك مختبرات لفحص المعدات المستوردة وفقا للمهام المطلوبة، وشدد على ضرورة تعزيز نظام تسجيل الأجهزة بالجمارك”.
وفي إشارة إلى توضيحات الخبراء الأمنيين الذين حضروا الاجتماع حول الحادث الإرهابي في لبنان، قال: “وفقا للتوضيحات المقدمة، فإن الجهة الموردة لهذه المعدات كانت تحت المراقبة الاستخباراتية من قبل الكيان الصهيوني، وقد تم تنفيذ هذه العملية من قبل الكيان الصهيوني بدعم من الولايات المتحدة، فلقد قاموا بإخفاء المتفجرات داخل أجهزة النداء الآلي وفجروها عن بعد باستخدام نظام إشارات لا سلكي”.
وأكد رضائي أنه “في هذا الاجتماع، تم تأكيد ضرورة تحميل الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى المجر وتايوان، مسؤولية هذه العملية، حيث إن الشركة المجرية تحتكر تصنيع هذه المعدات، ومن ثم يجب أن توضح دورها في هذه الحادثة، كما أن الأبعاد الأخرى للحادثة قيد المتابعة والتحقيق من قبل المسؤولين في حزب الله اللبناني”.
وأضاف قائلاً: “لقد نفذ الكيان الصهيوني هذا العمل بوعي كامل، وهو يعلم أن أغلب المستهدفين في هذه العملية من المدنيين، ومع ذلك فقد نفذها بدعم من الأمريكيين”.
وأوضح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان: “كما قدم المدير العام لغرب آسيا وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية تقريرا عن الوضع الإقليمي، وأكد أن العملية الإرهابية الأخيرة في لبنان لن تؤثر على دعم حزب الله والمقاومة لغزة، رغم أن الهدف من هذه العملية كان إبعاد حزب الله عن دعم فلسطين وغزة، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم”.
وأشار رضائي إلى ملاحظات أعضاء لجنة الأمن القومي في الاجتماع، حيث أعربوا عن قلقهم من احتمال حدوث شيء مماثل في إيران، وقد تم تأكيد اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من هذه الحوادث ومنع تكرارها، كما أضاف أن الأعضاء قد عبروا عن أسفهم لاستغلال التكنولوجيا في عمليات القتل الجماعي، حيث تم تحويل أجهزة النداء الآلي إلى أدوات قتل تسببت في إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء”.
كذلك قال رضائي: “أكد أعضاء اللجنة كذلك أهمية حماية المراكز الحيوية والحساسة في البلاد، وضرورة أن تبذل الدبلوماسية الإيرانية أقصى الجهود لإدانة هذه الجريمة الصهيونية وتوضيح حقيقتها. كما تم التشديد على أهمية الحرب الإلكترونية والاستعداد للتصدي لحرب إلكترونية من قبل العدو وتعزيز قدرات الدفاع المدني”.
وأكمل رضائي حديثه: “من بين المواضيع التي أثيرت في الاجتماع تأمين الحدود شرق البلاد، وأهمية اتخاذ زمام المبادرة في القضايا الإقليمية، كذلك ضرورة التعامل بجدية مع دخول الأجانب إلى بلادنا وضرورة تنظيم أوضاعهم، إضافة إلى منع الأفراد ذوي السوابق السيئة من تولي مناصب في الحكومة، كما تم تأكيد ضرورة الرد الحازم على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران”.
وزير الاستخبارات: نحن بصدد العمل على مشروع تأمين الحدود باستخدام التكنولوجيا الذكية
هذا وقد صرح وزير الاستخبارات، إسماعيل خطيب، بأن العدو قد اتخذ قرارا بجعل إيران غير آمنة، كما أنه يريد نقل حالة عدم الاستقرار إلى الداخل. وتطرق خطيب كذلك إلى مسألة الحدود ودخول الأجانب إلى البلاد، حيث أكد أن مشروع تأمين الحدود باستخدام التكنولوجيا الذكية جزء من خطة الوزارة المستقبلي، وأضاف: “إن الوضع الاجتماعي الداخلي جيد، ويجب أن نعمل على الحفاظ على هذا التماسك الاجتماعي وتعزيزه”.
هل البيجر هو ما أوقع طائرة رئيسي؟
وفيلختام هذا الاجتماع، أكد رضائي أن حادثة البيجرات لا علاقة لها بسقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ومرافقيه، كذلك فقد أشار إلى أن جميع أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني قد أكدوا ضرورة الاستعداد لمواجهة مؤامرات العدو، وضمن ذلك في مجال الإرهاب السيبراني والإلكتروني، والتصدي للإجراءات اللاإنسانية التي يقوم بها الكيان الصهيوني.
وجاء هذا التصريح بعدما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور غير مؤكدة تزعم استخدام رئيسي أجهزة بيجر مشابهة لتلك التي انفجرت في لبنان، ورغم أن هذه البيجرات تم وصفها لاحقا على أنها “ساعات” في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك العديد من التكهنات التي طرحت حول احتمال وجود علاقة بين انفجار هذه البيجرات وحادث سقوط المروحية التي كانت تقل إبراهيم رئيسي ووفده المرافق والتي سقطت ظهر يوم 19 مايو/أيار في مرتفعات منطقة ورزقان بمحافظة أذربيجان الشرقية، مما أدى إلى مقتل جميع ركابها.
وفي الوقت نفسه، كان أحمد بخشايش أردستاني، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، قد صرح في لقاء مع وكالة “ديده بان إيران” الإخبارية التحليلية بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول، إلى إصابة السفير الإيراني لدى لبنان بسبب امتلاكه أحد هذه البيجرات، وقال: “استنادا إلى المعلومات التي حصلنا عليها من بعض الجهات الاستخباراتية والعسكرية، فقد كان رئيسي يستخدم جهاز بيجر”، وأضاف خلال حديثه: “ربما كان نوع البيجر الذي استخدمه رئيسي يختلف عن ذلك الذي كان بيد قوات حزب الله، ولكن أحد السيناريوهات المحتملة حول الحادثة التي وقعت للرئيس الراحل هو انفجار البيجر الخاص به”.